قال الباحث توماس دي فال، إن الأحداث التي شهدها إقليم ناغورنو قرة باخ، في الأسبوع الماضي تبرز الحاجة إلى تعديل سياسة أوروبا تجاه أذربيجان. ورغم أن الأمر يهم في جوهره قرة باخ، فإنه يتجاوز ذلك بكثير.

أن الآوان آن ليتحدث الاتحاد الأوروبي بلهجةٍ أكثر صرامة مع أذربيجان.

في 19 سبتمبر (أيلول) الماضي، استخدمت أذربيجان القوة العسكرية لاستعادة أراضي الإقليم الذي يسكنه الأرمن، مُتجاوزةً خطاً أحمر رسمه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.


تبعات كارثية وأضاف الباحث في مقال بموقع مركز كارنيغي- أوروبا، أن هذا العمل ستكون له تبعات كارثية، وستصل الخسائر في الأرواح إلى المئات. ويغادر آلاف الأرمن قرة باخ الآن في هجرة جماعية مأساوية من وطنهم إلى أرمينيا.
وأشار الباحث إلى أن كثيرين في بروكسل وواشنطن، يشعرون بالصدمة والخيانة بعد استخدام أذربيجان القوة. وحتى اللحظة الأخيرة، أفادت تقارير بأن الرئيس الأذري إلهام علييف، أكدَ لمسؤولين رفيعي المستوى أنه لن يشن عملية عسكرية. حقوق الإنسان

ووفق الباحث، أمست قضية حقوق الإنسان حاسمة، وتقول باكو إنها تسيطر بالكامل على المنطقة، وأن الأرمن المتبقيين ليس لديهم ما يخشونه. ومع ذلك، هناك تقارير عديدة من مصادر أرمنية عن انتهاكات ارتكبها جنود أذريون.

وبعد أن رفضت باكو، الجهود الرامية إلى إيفاد بعثة مراقبة دولية للمنطقة، أمست تتحمل مسؤولية كبيرة. فليس سهلاً التستر على جرائم الحرب في العصر الرقمي. وإذا تأكدت الفظائع التي اقتُرفت في الحرب، أو ظلت قرة باخ تعاني سوء المعاملة، فيجب أن تكون هناك دعوات لمقاضاة المعتدين، حسب الكاتب.

ممر زانغيزور وتعزز التقارير عن الصدمة الغربية، فرضية إجازة علييف هجومه العسكري، بعد معرفة موسكو، وأنه على وشك إقامة تحالف أوثق معها. وتزيد أهمية ذلك لأن القضية الكبيرة المقبلة هي طريق النقل المنتظر عبر أرمينيا إلى جيب ناختشيفان في أذربيجان، إذ لروسيا، وأذربيجان، وتركيا مصلحة مشتركة في فرض ما تسميه الأخيرتان "ممر زانغيزور" الذي لا يخضع  لسيطرة أرمينيا الكاملة. أذربيجان الغربية

شرع علييف أيضاً في استخدام المصطلح الوحدويّ "أذربيجان الغربية" للحديث عن جنوب أرمينيا المعروف أيضاً باسم "زانغيزور" والذي ضمَّ عدداً كبيراً من السكان الأذريين في أوائل القرن العشرين. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أشار علييف إلى إنشاء "مجتمع أذربيجاني غربي" قائلاً: "لا بد أن يكون بوسعهم العودة إلى وطنهم بسلام".
وقال الباحث: "هناك رواية أيضاً مفادها أن أذربيجان كانت ضحية هي الأخرى. ولدى الأذريين قصص مقنعة يروونها عن تسعينيات القرن العشرين، ولا يعرفها كثيرون، وحاولتُ أن أرويها في كتابي الحديقة السوداء. ففي حرب قرة باخ الأولى، اقترف الجانبان تطهيرا ًعرقياً، غير أن أذربيجان خرجت من الحرب أسوأ حالاً. فمئات الآلاف من النازحين الذي طُردوا من الأراضي التي استولت عليها القوات الأرمينية يستحقون التعاطف".

وأضاف: "ثمة سبب يدعونا لتجنب الخطاب القائم إلى الآن في بعض الدوائر الأوروبية، خاصةً في فرنسا، واليمين المسيحي، الذي مفاده أن الأذرين ينزعون إلى الإبادة الجماعية".
ولكن، بعد حرب 2020، عندما استعادت أذربيجان أراضيها بالقوة، فَقدَ عُذر "الاحتلال" أهميته. وعندما كانت هناك دعوات للحنكة السياسية، ظل الرئيس علييف عدوانياً. وفي مايو (أيار) الماضي، ألقى خطاباً قال فيه للأرمن إن عليهم إما "الاستسلام مخزيين" للهزيمة، وإما مواجهة عواقب وخيمة.
وتابع الكاتب "العدوان مُستمر داخلياً أيضاً. فأذربيجان ترتيبها متدنٍ جداً على مؤشر الديموقراطية حسب منظمة فريدوم هاوس. ففي يوليو  (تموز) الماضي، قبض على الخبير الاقتصادي والمعارض الشهير غوباد إيبادوغولو المرتبط بجامعات أمريكية، وكلية لندن للاقتصاد على خلفية تهم زائفة".
وأوضح الباحث أن موطن القوة الأساسي الذي تستعرضه باكو أمام الغرب يكمن في آفاق الأعمال فيها، وطبيعتها الجغرافية، إذ تُعد دولة وحيدة تقع بين روسيا وإيران، وتتمتع ببنية تحتية للنفط والغاز والنقل تمتد بين الشرق والغرب وتُعد حلقة وصل فيما يُعرف بالممر الأوسط.
وفي إطار عمل دبلوماسي غير مدروس في يوليو (تموز) 2022، سافرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى باكو، وأبرمت صفقة مع أذربيجان شريكة الاتحاد الأوروبي، لتوفير كميات إضافية من الغاز للاتحاد، ولم تأتِ حتى على ذكر كلمات مثل  "الصراع"، أو "السلام"، أو "أرمينيا" علناً.

صفقة الغاز

وخلص الخبراء إلى أن من المُستبعد أن تضمن صفقة الغاز مع الاتحاد الأوروبي الكميات الكبيرة التي وُعِدَ بها، وأنه لبلوغ مستويات تصدير تتجاوز 3 أو 4 مليارات متر مكعب، يجب تحديث البنية التحتية والإقرار بأن روسيا وإيران صاحبتا مصلحة أيضاً في خط أنابيب الغاز الكائن في جنوب القوقاز.
والاتصال والصراع يرتبطان ارتباطاً لا انفصام فيه. فطريق الممر الأوسط الممتد من الصين عبر آسيا الوسطى، إلى أوروبا، عبر جنوب القوقاز، يمرُّ بالعديد من البلدان، بينها أرمينيا. وهذا الممر في حاجة إلى تعاون إقليمي ليجدي نفعاً، وتمويلاً بكل تأكيد من الحكومات الغربية والمؤسسات المالية الدولية.
وخلص الباحث إلى أن  الآوان آن ليتحدث الاتحاد الأوروبي بلهجةٍ أكثر صرامة مع أذربيجان.
 

 
 

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني قرة باخ الاتحاد الأوروبی مع أذربیجان قرة باخ

إقرأ أيضاً:

مسؤولة أوروبية: سنرد على أميركا حال حدوث توترات تجارية

قالت سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى واشنطن، جوفيتا نيليوبسين، إن التكتل الأوروبي "مستعد للرد" في حال حدوث توترات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة.

ومن المتوقع أن يفرض الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب رسوما جمركية على جهات دولية كثيرة لدى عودته إلى البيت الأبيض.

وقالت نيليوبسين: "نحن في فترة انتقالية بالنسبة الى بروكسل وواشنطن، ونستغل هذه اللحظة للتركيز على المواضيع التي نعتقد أنه يمكننا التعاون بشأنها" مع الإدارة الأميركية الجديدة.

وأكدت أنه مع ذلك، يمكن توقع "أحيانا لحظات من التوتر" مع الولايات المتحدة، و"إذا ظهرت توترات على المستوى التجاري، فسيكون الاتحاد الأوروبي مستعدا للرد".

وتمثل التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكثر من 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وستتأثر بفرض رسوم جمركية.

وقالت جوفيتا نيليوبسين "الأمر بسيط، إذا فرض ترامب رسوما جمركية فسنرد. لكن يجب أن نتعامل معه مثل أي شريك أميركي آخر: التحاور والتأكد من إمكان التوصل إلى جدول أعمال مشترك".

ولم يخف الرئيس المنتخب رغبته في إعادة فرض رسوم جمركية بنسبة 10 إلى 20 بالمئة على كل المنتجات التي تدخل الولايات المتحدة، معتبرا أنها أداة لمفاوضات تجارية مستقبلية ولكنها أيضا وسيلة لتمويل خفض الضرائب الكبير الذي يسعى إلى تنفيذه.

وهاجم ترامب الاتحاد الأوروبي بنحو خاص خلال حملته الانتخابية، وقارنه برمته بـ "صين مصغرة، من دون أن تكون صغيرة إلى حد كبير" و"تستفيد" من الولايات المتحدة من الناحية التجارية.

والاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة من حيث القيمة، ويعتبر العجز التجاري الأميركي مع الاتحاد الأوروبي الثاني من حيث الحجم، بعد الصين.

وأعربت جوفيتا نيليوبسين عن أملها في التمكن من وضع "جدول عمل إيجابي" في حال حدوث توترات، مذكّرة "بأننا هنا لبناء أسس متينة لاستمرار التعاون عبر الأطلسي"، سواء ما يتعلق بقضايا التجارة أو الأمن أو الضرائب.

وقالت: "رغم أننا شهدنا لحظات متوترة في الماضي، إلا أننا تمكنا من إيجاد طريقة لتهدئة الأمور".

ورأت أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أحرزا تقدما، لا سيما في ما يتعلق بمنافسة الصين.

مقالات مشابهة

  • بوادر أزمة بين الاتحاد الأوروبي والنيجر
  • مليشيات الحوثي تفرض جبايات جديدة على الكسارات وتتسبب في أزمة حادة
  • مسؤولة أوروبية: سنرد على أميركا حال حدوث توترات تجارية
  • مخاوف أوروبية من عهد ترمب.. مستعدون لأي توتر
  • انتاج أصناف جديدة لمحصول الأرز الهوائي والمغمور بمحطة البحوث الزراعية بالنيل الأبيض
  • المركزي الأوروبي يحذر: ضعف النمو الاقتصادي يعمق أزمة الديون
  • الاتحاد الأوروبي : ما يحدث في غزة مأساة من صنع الإنسان
  • بعد وصفه بـعابر للقارات.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُطلق على أوكرانيا الخميس
  • “المركزي الأوروبي” يحذر من استدامة أزمة الديون في منطقة اليورو بسبب النمو الاقتصادي الضعيف
  • بعد تعيين سفيرة جديدة للاتحاد الأوروبي بالقاهرة.. أبرز محطات التعاون مع مصر