فيما استبشر نازحون بمشروع المساكن الجاهزة الذي أعلنت عنه ولاية الجزيرة- وسط السودان، فوجئ الكثيرون بالتكلفة الضخمة للحصول على هذه الخدمة التي بدت وكأنها استثمار تجاري أكثر منها حلاً لأزمة السكن واكتظاظ الولاية بالقادمين!

التغيير- مدني: عبد الله برير

قوبلت خطوة حكومة ولاية الجزيرة- وسط السودان، بتخصيص مساكن استثمارية للنازحين من الحرب في الخرطوم بردود فعل واسعة لدى القادمين والمقيمين في الولاية.

ومع الترحيب بالفكرة من حيث المبدأ، باعتبارها مدخلاً لحل أزمة السكن وتكدس المواطنين مع أقاربهم وفي مراكز الإيواء وغيرها، إلا أن كثيرين تحفظوا على التكلفة التي حددتها السلطات المختصة والتي بلغت ما يعادل 25.000 دولار أمريكي.

واستقبلت الجزيرة التي تحد العاصمة السودانية الخرطوم من الناحية الجنوبية، آلاف الأسر الفارة من الحرب التي اندلعت بين الجيش والدعم السريع منتصف ابريل الماضي، خاصةً في حاضرتها مدينة ود مدني، حيث تنتشر دور إيواء النازحين في عدد من المدارس والمؤسسات والمراكز التي خصصت لاستقبالهم.

نموذج للسكن سكن لأصحاب الدخل العالي

ودشن والي الولاية إسماعيل عوض الله العاقب في 19 سبتمبر الحالي، نموذج للسكن الجاهز الذي تنفذه الولاية بالتعاون مع شركة سوقطرة للتنمية العقارية بمخطط بابل في المنطقة الواقعة جنوب السوق المركزي.

وأعلن أنه تم استيراد 1000 وحدة سكنية لتركيبها بالمخطط لاستيعاب الوافدين من الخرطوم ويقدم للمواطنين بسعر التكلفة وبأقساط لمحاربة الجشع واستغلال الوافدين.

ويحتوي المشروع على 1000 منزل بمساحة 200 متر مربع للوحدة تضم 2 غرفة وصالة والمنافع، بجانب توصيلات المياه والصرف الصحي والردميات بقيمة 25 ألف دولار تسدد 50% فوراً وتقسط الـ50% لمدة عام.

ورغماً عن التقسيط المقترح لمدة عام، إلا أن الكثير من النازحين وحتى غير النازحين، اعتبروا أن التكلفة مبالغ فيها.

ومع انخفاض سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار الامريكي يعد حصول النازحين على مسكن بالمشروع ضرباً من المستحيل.

ةاعتبر الكثيرون أن المخطط السكني يستهدف أصحاب الدخل العالي من سكان الخرطوم الفارين من الحرب في وقت يكابد فيه الأغلبية ظروفاً قاسيةً بدور الايواء.

«التغيير» رصدت ردود فعل سكان وضيوف ولاية الجزيرة في مواقع التواصل الاجتماعي الذين علّقوا على مشروع «مخطط بابل السكني».

تكلفة خيالية

وعقد المواطن محمد النذير، مقارنة بين التكلفة التي حددتها حكومة الجزيرة للمساكن الجاهزة وبين النماذج العالمية.

وكشف النذير أن التكلفة الحقيقية لا تتجاوز 7000 دولار مع التوصيلات والتكييف، مع ضمان الجوده العالية والتسليم في اسبوع واحد فقط- بحسب قوله.

وأضاف: لا يمكن أن تحدد مبلغ 25.000 دولار هذا (حرام عليكم) ما الفرق بينكم وبين تجار الأزمات.

أما المحامية مواهب حسن فتساءلت: لو كان النازحون يمتلكون 25.000 دولار فما الذي يمنعهم من شراء أفخم المنازل في مدني؟

وقالت: مثل هذه المشاريع يجب أن تكون مجاناً وبمواصفات عالمية.

وانتقد المواطن محمد النور حكومة الجزيرة ورأى أنها بدلاً من أن تفرض هيبتها وسيطرتها على تجار الأزمات شاركتهم الجشع.

بدوره تساءل خالد أمين زكي: من أين يتم الحصول على الدولار؟ هل هو بالمقابل المحلي وبأي سعر، السوق أم سعر بنك السودان؟.

وأضاف: مهما كانت المبررات أفضل على الأقل أن نقول بما يوازي سعر العملة القومية حتى لا نفتح الباب للحط من قدر عملتنا المنهارة أصلاً قبل ان نتعامل بالدولار مجبرين.

وكيل وزارة الاستثمار الاسبق عوض بله مشروع غير مدروس

من جانبه، اعتبر وكيل وزارة الاستثمار الأسبق عوض بله، أن المشروع غير مدروس وأن نتائجه لن تكون إيجابية على الإطلاق.

وقال مدير عام الاستثمار الأسبق بولاية الجزيرة: أصحاب المشروع استغلوا فرصة الحرب وهي فترة استثنائية. وأشار إلى أن النازحين لن يستقروا في مدني حتى ولو تم منحهم منازل لأنهم سكان مؤقتون.

وأضاف متسائلاً: إذا انتهت الحرب الحالية قريباً فمن سيشتري الألف مسكن؟ كما أن الشرية المستهدف هم أصحاب الدخل العالي والجميع لا يقدر على 25.000 دولار.

ونصح الوكيل الأسبق للاستثمار بفكرة السداد على عشر سنوات وزيادة المده بقسط مريح ليتمكن المستهدفون من شراء هذه البيوت.

وختم بالقول: التكلفة الحالية مرتفعة وسوف يكون الطلب عليها قليلاً جداً ومثل هذه المشاريع لا تساعد في التنمية العمرانية.

الخبير الاقتصادي الضو عبد الله تفكير طموح ولكن…

من جهته، وصف الخبير الاقتصادي الضو عبد الله  المشروع بأنه طموح ويعالج احتياجات حقيقية لمجموعة من وافدي ولاية الخرطوم الذين لديهم قدرات مالية ويتطلعون لسكن تتوفر فيه الخدمات المطلوبة، لكن يبقى هناك تحدٍّ.

وقال الضو لـ”التغيير”: المشروع سيواجه عقبات مرتبطة بقدرة الوافدين على دفع المبالغ المطلوبة في ظل الأوضاع المعلومة للوافدين حالياً.

وأضاف: زد على ذلك قدرة حكومة الولاية والشركة المنفذة على تسليم الوحدات السكنية في الوقت الحالي.

وتطرق الضو إلى جانب متعلق بمحاربة المشروع للجشع والطمع وقال: هذا أمر مطلوب أن تقوم به حكومة الولاية في الوقت الحالي من خلال الآليات المتوفرة لديها بالإضافة إلى إيجاد حلول للوافدين من ولاية الخرطوم من الفئات التي لا تستطيع تحمل تكلفة المشروع المطروح.

الوسومإسماعيل عوض الله العاقب الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان النازحين حرب 15 ابريل سوقطرة مدني ولاية الجزيرة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان النازحين حرب 15 ابريل مدني ولاية الجزيرة ولایة الجزیرة 000 دولار

إقرأ أيضاً:

رغبة المواطنين في العودة لكن هذا الحلم يصطدم ببطء العمل التنفيذي في ولاية الخرطوم

■ بدا واضحاً أن إيقاع الجيش السوداني والتشكيلات العسكرية الأخري أكثر سرعة وتنظيماً من إيقاع المؤسسات المدنية وتلك التي يقع علي عاتقها مباشرة العمل الخدمي والمدني

والتأميني في المناطق التي تم تحريرها وتنظيفها من دنس مليشيات وعصابات التمرد .. ولهذا تعلو الأصوات التي تطالب بإتخاذ التدابير اللازمة لحسم ومنع ظاهرة السرقات التي تطال منازل وممتلكات المواطنين في المدن والأحياء التي تم تطهيرها ..

■ التقارير والمعلومات اليومية تفيد بوصول أكثر من 30 بصاً وحافلة يومياً إلي مدينة أم درمان من مصر ومدن أخري مثل بورتسودان وكسلا والقضارف وعلي متنها عائلات اتخذت قرار العودة إلي منازلهم وأحيائهم .. وهو أمر يؤكد رغبة المواطنين في العودة لكن هذا الحلم يصطدم حتي الآن ببطء العمل التنفيذي في ولاية الخرطوم والتي تحتاج الآن إلي ثورة عاجلة في طريقة التعاطي مع التحديات الأمنية والخدمية التي تعيشها مناطق مثل السامراب .. عد بابكر ..الجريف شرق والقادسية وحي النصر وهي مواقع لاتزال منازل المواطنين بها عامرةوتحتاج لحماية أمنية وتوفير الحد الأدني من الخدمات لتسريع عودة قاطني الأحياء إلي دورهم ..

■ الناظم والحارس لكل هذه الرجاءات هو حضور وتواجد قوات الشرطة السودانية التي تشكل حتي الآن حضوراً رمزياً في بحري والحلفايا .. ولقطع سيل الشكاوي من تنامي ظواهر السرقات ومن يقفون وراءها فليس هنالك خيار غير أن تتحمل الشرطة السودانية كامل مسؤوليتها في الوقت الراهن .. هذا هو واجب اللحظة لقطع الطريق علي من يخططون لتبخيس إنتصار الجيش بتصرفات أفراد ومجرمين لاتردعهم إلا قوة القانون الباطشة ..

عبد الماجد عبد الحميد
عبدالماجد عبدالحميد
إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • رغبة المواطنين في العودة لكن هذا الحلم يصطدم ببطء العمل التنفيذي في ولاية الخرطوم
  • «الأغذية العالمي»: 620 مليون دولار لمواصلة دعم النازحين غرب ووسط أفريقيا
  • 300 مليون دولار تكلفة الطلاق المحتمل بين جورج كلوني وزوجته أمل كلوني
  • ولاية الجزيرة تشرع في ترحيل رعايا دولة الجنوب المخالفين لشروط الإقامة
  • ولاية الجزيرة ترحل آلاف اللاجئين من جنوب السودان إلى معبر جودة
  • وضع حجر الأساس لمشروع «دي سيتا» الصينية للإكسسوارات والملابس الجاهزة بالقنطرة غرب
  • الجزيرة ترصد آثار المعارك وأحوال الناس في حي الجريف شرق الخرطوم
  • العدل والمساواة ترد على اتهامات طالتها في ولاية الجزيرة
  • الجزيرة ترصد معاناة المدنيين في حي الجريف شرق الخرطوم
  • قوات الدعم السريع تقتل 23 سودانيًا أثناء محاولتهم الفرار شرق ولاية الجزيرة