متى نُصبح أذكى من الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
مؤيد الزعبي **
بما أنَّني من مُناصري نظرية "البقاء للأذكى"، وقد سبق أن كتبتُ مقالًا بذات العنوان، لذا أودُ أن أتساءل معك عزيزي القارئ وربما يكون هذا التساؤل واحدًا من أعقد التساؤلات التي تُطرح في عالم الذكاء الاصطناعي..
متى نُصبح كبشر أذكى من الذكاء الاصطناعي؟ أو بصياغة أخرى متى نكون الأذكى؟!
كثيرًا ما نسمع من هنا وهناك أن الإنسان صنع ما هو أذكى منه، ويجد البعض في هذا الأمر خطورة علينا كبشرٍ، وهذا احتمال وارد أتفهمه وأتفهم أصحابه، لكن من الجيد أن نُفكِّر أساسًا كيف نكون أذكى من الذكاء الاصطناعي نفسه، فبالنسبة لي الذكاء ليس في القدرات؛ بل بالقدرة على توظيف القدرات، وهذه الفلسفة التي علينا أن نتعلمها ونُتقنها.
اليوم.. ربما أنت خائف عزيزي القارئ من أن تفقد وظيفتك بسبب الذكاء الاصطناعي، في حين أنه يمكن أن تكسب أضعاف ما تكسبه اليوم بفضل الذكاء الاصطناعي، وإن استطعت توظيف الذكاء الاصطناعي ليعمل بدلًا عنك أو يقوم بمهام مُضاعفة بدلًا عنك، حينها ستكون أنت الأذكى لتطويعك للذكاء الاصطناعي في خدمة مصالحك! تخيل معي أنه مهما كانت وظيفتك ومهما كان حجم إنجازاتك ستُنجز أضعافها بعشرات المرات لو استخدمت الذكاء الاصطناعي.
ربما لم تصلك الفكرة بشكل كامل؛ لذلك دعني أشرح قليلًا.. لو كنتَ كاتبًا صحفيًا تكتب أو تحرر في الأسبوع 5 أخبار مثلًا، فبالذكاء الاصطناعي تستطيع أن تكتب 20 خبرًا، ولو كنت مصمم جرافيك فبالذكاء الاصطناعي ستستطيع تصميم عشرات التصاميم في يوم واحد. وكذلك الأمر في جميع الوظائف والأعمال تقريبًا؛ إذ إن الذكاء الاصطناعي سيُمكننا جميعًا من إنجاز ما يصعُب علينا إنجازه حِرفةً وكمًا وإبداعًا، وعندما تمتلك المهارة لتفعل ذلك ستصبح أذكى من الذكاء الاصطناعي نفسه.
بذات المقياس والنموذج، نتحدث عن المؤسسات والشركات وحتى الدول؛ فكلما استفدت من قدرات الذكاء الاصطناعي؛ سواءً لتحسين خدمة أو تجربة أو استخدمته في دراسة منظومة أو تطويرها، ستكون لك الغلبة. والعكس صحيح! كلما تأخرت في تطويع الذكاء الاصطناعي لخدمة مشاريعك ومبادراتك وأنظمتك، ستتخلف عن الركب، وحينها لا تلومني إن قلت لك إن الذكاء الاصطناعي أذكى منك بكثير وسيشكل خطرًا عليك.
أجدُ أننا مُقبلون على مرحلة تكون فيها سرعة الإنجاز كبيرة جدًا تفوق حتى تصوراتنا، وهناك فُرصة قادمة أن نستنسخ أنفسنا "إلكترونيًا"، ونُنجز أكثر مما نُنجزه حاليًا. والأمر ينطبق على الكثير من المجالات.. فلو كنت طبيبًا مثلًا سيمكنك من بيع مهاراتك الخاصة لتجد روبوتًا يُبرمج على مهاراتك أنت الخاصة، ويُجري عمليات ويُطبب أشخاصًا أكثر بكثير مما تُطبِّبه الآن، وسيصبح بالإمكان أن تُجري بدلًا عنك هذه الروبوتات أو الأنظمة، مئات الاستشارات أو العمليات، وأنت تجني أرباحها. ولو كنت مُمثلًا فستبيع صوتك وصورتك والذكاء الاصطناعي سيقوم بإنتاج ملايين الأنواع من المحتوى، وأنت نفسك تستمتع بمشاهدة نفسك تنشهر أكثر وأسرع، وسيصبح بالإمكان أن تقوم بمئات اللقاءات الإعلامية في نفس الوقت وكل واحد منها بمكان، ولو كنت محاميًا أو مهندسًا أو أي وظيفة أو عمل، فهناك ملايين الفرص لتستغل الذكاء الاصطناعي ليكون معاونك ومستشارك وحتى فريق عملك يُنجز وأنت تستفيد.
الخوف من الذكاء الاصطناعي ليس سوى قِصَر نظر- وسامحوني على هذا التعبير- فنحن أمام ماكينة تعمل ليل نهار ولم تقف أمام مخاوفك وبطء إدراكك للحقائق.. ولهذا "كُنْ ذكيًا حتى لا يأكلك الأذكياء"، إنها قاعدة ذهبية في عصر لم يعد لعدم الذكاء مطرحٌ، وإن اختلفت المسميات.
** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام- الشرق الأوسط
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي مجرد وهم.. باحثون يكشفون السبب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في تطور جديد يعيد تقييم فعالية الذكاء الاصطناعي، أعلن باحثون بإحدى شركات التكنولوجيا العملاقة أن الذكاء الاصطناعي، وخصوصًا النماذج اللغوية الكبيرة، يُظهر سلوكًا يُوحي بالذكاء ولكنه في الواقع مجرد وهم، هذه النماذج تُظهر قدرة على الاستجابة والتفاعل مع المستخدمين، إلا أنها تفتقر إلى التفكير المنطقي الحقيقي وفهم السياق العميق.
ووفقا لموقع techxplore أن الباحثون يقولون رغم التقدم الكبير الذي حققته تطبيقات الذكاء الاصطناعي، توضح دراسة باحثي شركة التكنولوجيا أن هذه التقنيات ما زالت بعيدة عن تحقيق ذكاء حقيقي، والنماذج الحالية تعتمد على تقنيات تحليل الأنماط بدلاً من الفهم العميق أو التفكير المنطقي، مما يجعلها أداة مفيدة ولكنها ليست بديلاً عن العقل البشري، ونُشر البحث عبر منصة arXiv preprint.
نقاط البحث الأساسية:
• أجريت الدراسة على نماذج لغوية كبيرة، مثل تلك المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي الشائعة.
• أظهرت النتائج أن هذه النماذج لا تفهم الأسئلة المطروحة فهمًا حقيقيًا، بل تعتمد على بنية الجمل والخوارزميات المكتسبة.
الفرضية الأساسية للدراسة:
افترض الباحثون أن الذكاء الحقيقي، سواء للكائنات الحية أو الآلات، يتطلب القدرة على:
1. التمييز بين المعلومات ذات الصلة وغير ذات الصلة: مثال ذلك، إذا سأل طفل والده عن عدد التفاح في حقيبة تحتوي على تفاح صغير الحجم، يمكن للعقل البشري تجاهل حجم التفاح كعامل غير ذي صلة بالإجابة.
2. إظهار التفكير المنطقي: القدرة على استخلاص الاستنتاجات الصحيحة بناءً على المعطيات المتاحة.
اختبار النماذج اللغوية الكبيرة:
• استخدم الباحثون مئات الأسئلة التي استُخدمت سابقًا لتقييم قدرة النماذج اللغوية.
• أضيفت معلومات غير ذات صلة إلى هذه الأسئلة لقياس قدرة الذكاء الاصطناعي على تجاهلها.
• النتيجة: أدى وجود معلومات زائدة إلى إرباك الذكاء الاصطناعي، مما نتج عنه إجابات خاطئة أو غير منطقية.
نتائج البحث:
1. عدم الفهم الحقيقي للسياق
النماذج اللغوية الكبيرة لا تفهم الأسئلة فهمًا عميقًا. بدلاً من ذلك، تستند إلى التعرف على الأنماط وتوليد إجابات تعتمد على البيانات السابقة.
2. إجابات مضللة
أعطت النماذج إجابات بدت صحيحة ظاهريًا، لكنها عند الفحص الدقيق تبين أنها خاطئة أو غير متسقة مع المنطق.
3. الوهم الذكي
النماذج تظهر وكأنها “تفكر” أو “تشعر”، لكنها في الواقع تعتمد على خوارزميات تعليم الآلة للتفاعل مع المستخدم، دون وجود ذكاء حقيقي أو إدراك.
أمثلة توضيحية من البحث:
• سؤال بسيط: عند طرح سؤال على الذكاء الاصطناعي يتضمن معلومات غير ضرورية، غالبًا ما يدمجها في إجابته بدلاً من تجاهلها.
• الشعور والإحساس: عند سؤال الذكاء الاصطناعي عن “شعوره” تجاه أمر معين، قد يقدم إجابات تُوحي بأنه يشعر، لكن هذه مجرد خدعة لغوية تعتمد على بيانات التدريب.
دلالات البحث:
• النتائج تعزز وجهة النظر التي ترى أن الذكاء الاصطناعي ليس “ذكاءً” حقيقيًا بالمعنى البشري، بل هو نموذج إحصائي معقد.
• تؤكد الدراسة أن الذكاء الاصطناعي الحالي غير قادر على التفكير المنطقي أو فهم السياق كما يفعل الإنسان.
التحديات المستقبلية:
• تحسين قدرة النماذج اللغوية على الفصل بين المعلومات ذات الصلة وغير ذات الصلة.
• تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تفهم السياق بشكل أفضل وتُظهر منطقًا أقرب للإنسان.
• تقليل الاعتماد على الأنماط الإحصائية وزيادة التركيز على التفاعل الديناميكي.