موقف السلطان العثماني عبد الحميد الثاني من فلسطين
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
موقف #السلطان_العثماني #عبدالحميد_الثاني من #فلسطين
#موسى_العدوان
السلطان عبد الحميد الثاني هو السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين آل عثمان، وقد دام حكمه حوالي 33 عاما ( 1876 – 1909 م )، حيث تم عزله بمؤامرة يهودية، وتعيين أخيه الضعيف محمد الخامس مكانه. وقد تم نفي عبد الحميد ووضعه تحت الإقامة الجبرية في سالونيك، مقر الماسونية العثمانية، ثم نُقل إلى إسطنبول شاهدا على انتهاء الخلافة حتى وفاته عام 1918.
ومن الأعمال المجيدة التي سجّلها التاريخ بأحرف من نور للسلطان عبد الحميد الثاني، أنه رفض إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، رغم كل الضغوط والإغراءات المادية التي عُرضت عليه. وتاليا تلخيص لما حدث :
حضر الصحفي اليهودي النمساوي ثيودور هيرتزل، محاكمة الضابط اليهودي الفرنسي ( دريفوس ) الذي كان متهما بخيانة الجيش الفرنسي، وتسليمه أسرارا فرنسية إلى الألمان. وأعتقد هيرتزل بأن التهمة الموجهة لذلك الضابط بالتجسس غير صحيحة. وحين أصدرت المحكمة الفرنسية حكمها، بتجريدة من رتبته العسكرية وسجنه لمدة عشر سنوات، هبت أقلام اليهود للدفاع عنه منددة بالظلم الذي وقع عليه، والذي يصيب اليهود بالخزي والعار.
مقالات ذات صلة خمسون عاماً على بداية السقوط العربي بمطارق تشرين.. كيف ولماذا وما هو الحل؟ 2023/09/27ثم نشطت القوى الخفية، التي تديرها الماسونية واليهودية العالمية بالدفاع عن ذلك الجاسوس، الأمر الذي دفع الفرنسيين لإعادة محاكمته. فنجحت قوى المال والنساء والإرهاب في تبرئة ( دريفوس ) من التهمة الموجة إليه، بعد أن امتدت إعادة محاكمته سبع سنوات ( 1894 – 1901 ). وبعد أن خرج هيرتزل من قاعة المحكمة، راح ينادي بتخليص اليهود من الظلم والعبودية، واختمرت بذهنه فكرة إنقاذ اليهود وجمعهم في مكان محدد، ليكوّن لهم دولة ترعى شؤونهم. فأفرغ أفكاره كمشروع في كتاب باللغة الألمانية عام 1895 أسماه ( الدولة اليهودية ).
استُقبل هذا المشروع من قبل اليهود بحماس شديد، مما دفع هيرتزل للاتصال بالمنظمات اليهودية والماسونية المنتشرة في أوروبا، وكذلك الاتصال مع أغنياء اليهود في العالم، مثل البارون النمساوي (هيرتش) صاحب مشروع التوطين في الأرجنتين، وروتشيلد اليهودي الألماني الثري، واللذين آمنا بأفكاره وشجعاه على السير بها إلى الأمام. ولمزيد من حشد التأييد لمشروعه، رحل هيرتزل إلى الشرق، حيث اتصل بالسلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وقدم له المقترحات التالية :
مساعدة السلطان على إنشاء أسطول بحري. معاضدته في سياسته الأوروبية. إنشاء جامعة عثمانية في القدس، تغني عن الذهاب إلى جامعات أوروبا، وبذلك لا يتعرض الطلبة إلى تشرب النزعات الجديدة. تحسين الأوضاع العمرانية في السلطنة. تقديم قرض مالي لتغطية تكاليف المشروعات المقررة.كان الهدف من وراء هذه المقترحات المغرية، هو منح اليهود حق الاستيطان في فلسطين، وإقطاعهم جزءا من أراضي الدولة العثمانية المهملة. وكانت قد تمت المقابلة الأولي مع السلطان بخصوص هذا الطلب في شهر مليو / أيار 1896، والثانية في أغسطس / آب 1902. وفي كلا الحالتين، فشل هيرتزل في إقناع السلطان بطلبه، وعجز عن الحصول على أي وعد يسهّل مهمته الخادعة، رغم المغريات الكبيرة التي قدمها له، والوساطات والأموال الكثيرة، التي بذلها لحاشية السلطان ووزرائه. وكان آخر ما نطق به السلطان أمام هيرتزل ما نصه :
” إنّ فلسطين ليست ملكا لي، وإنما هي ملك شعبي، لا يحق لي التصرف بها، ولا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين، التي قاتَلَتْ أمتي في سبيلها، وروت تربتها بدماء المسلمين. أسمَحُ لكم بالهجرة إلى أي جزء من السلطنة باستثناء فلسطين “.
ثم أرسل السلطان من يقول لهيرتزل : ” إن أحلامه لا يمكن أن تتحقق إلاّ على أنقاض السلطنة، وينصحه بأن يحتفظ بملايينه لنفسه، لأنه – أي السلطان – يفضّل أن يقطع المبضع من جسمه، ولا يقطع فلسطين من جسم السلطنة العثمانية، وأنه حين تتجزأ الإمبراطورية الإسلامية، فإن اليهود قد يأخذون فلسطين بلا مقابل “.
اتصل هيرتزل بقيصر المانيا ولهلم غليوم، ليتوسط لدى السلطان عبد الحميد الثاني، مستغلا إنشاء مشروع سكة حديد برلين – بغداد الذي وعدت المانيا بإنشائه والضغط عله، ولكن السلطان ظل على رفضه وأخفقت وساطة غليوم أيضا. ثم اتجه هيرتزل إلى بريطانيا واتصل بالمستر تشمبرلن، الذي كان عائدا لتوه من جنوب افريقيا، مرورا بمصر وشرق أفريقيا وبمساعدة الأخيرة طالبا مساندته، إلاّ أن الأخير عرض عليه قبرص أو أوغندا.
رفض هيرتزل هذا العرض وطلب سيناء ثم تراجع عنه لاحقا، لعدم توفر المياه من نهر النيل وأصرّ على مطالبته بفلسطين، معتمدا على دعم دول أوروبا وعلى رأسها بريطانيا. وبمساعدة الأخيرة وتحت ظل الانتداب البريطاني وتشجيعها للهجرة اليهودية من مختلف أقطار العالم، تمكن هيرتزل من تأسيس موطئ قدم في فلسطين، ثم توسع لاحقا وتمكن من إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948، بعد 53 عاما فقط، من إطلاق مشروعه في إنشاء ( دولة يهودية )، ثم استطاعت أن تتوسع مرة أخرى عام 1967، لتضم أراض من الدول العربية المجاورة.
وقد شهدنا في أوائل القرن العشرين، كيف اصطفت الأمة العربية إلى جانب بريطانيا، في حربها ضد ألمانيا وحليفتها الدولة العثمانية، طمعا بوعدها في تحقيق دولة عربية مستقلة، ولكن بريطانيا مارست خداعها للأمة العربية وحنثت بوعدها، لتنشئ دولة يهودية على أرض فلسطين العربية.
هذا هو الزعيم العثماني العظيم عبد الحميد الثاني، الذي حافظ على الأمانة، ورفض إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين في أوائل القرن الماضي. وقد صدقت اليوم نبوءته عندما قال في حينه : ” أنه عندما تتجزأ الإمبراطورية الإسلامية، فإن اليهود قد يأخذون فلسطين بلا مقابل “. وها نحن نعيش اليوم تسليم فلسطين لقمة سائغة لليهود بلا ثمن، معتمدة على اتفاقيات سلام هلامية كاذبة . . !
رحم الله الزعيم العثماني عبد الحميد الثاني وجزاه عنا خير الجزاء.
التاريخ : 27 / 9 / 2023
المرجع : كتاب جذور البلاء / عبد الله التل.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: السلطان العثماني فلسطين عبد الحمید الثانی فی فلسطین
إقرأ أيضاً:
العثور على كنز من العملات الذهبية والفضية.. سُكَّت في عهد السلطان الأشرف برسباي
اكتشف علماء الآثار كنزًا من العملات الذهبية والفضية في فلسطين، بالقرب من بحر الجليل بقرية ياقوق، إذ يعود تاريخ الكنز المكون من 364 قطعة نقدية إلى القرن الخامس عشر، وقد عثر الفريق على الكنز داخل جرتين تحت أحد الجدارات المنهارة هناك، ومعظم العملات المعدنية من مدينة البندقية في العصور الوسطى أو من سلطنة المماليك التي كانت تسيطر على المنطقة في ذلك الوقت.
كنز من العملات الذهبية والفضيةوكتب روبرت كول، أمين قسم العملات المعدنية، في ورقة بحثية نُشرت في العدد الأخير من المجلة الأمريكية لعلم العملات، أنّه من غير الواضح سبب ملء الجرار بالعملات المعدنية وتركها في الموقع، مشيرًا إلى أنّ أقدم العملات الفينيسية يعود تاريخها إلى الوقت الذي كان فيه فرانشيسكو داندولو دوقًا (زعيمًا للبندقية) بين عامي 1329 و1339، بينما يعود تاريخ أحدث العملات الفينيسية إلى عهد فرانشيسكو فوسكاري من عام 1423 إلى عام 1457، وفقًا لمجلة «live science» العلمية.
أمين قسم العملات المعدنية يقول إنّ العديد من العملات الفينيسية تحمل صورًا تصور القديس مرقس الإنجيلي، الذي يُنسب إليه تقليديًا باعتباره مؤلف إنجيل مرقس، بالإضافة إلى بعض النقوش اللاتينية، وخلال العصور الوسطى في شرق البحر الأبيض المتوسط، كانت العملات المعدنية الفينيسية تستخدم على نطاق واسع كعملة تصدير، يقول «كول» في الدراسة: «بحلول نهاية القرن الرابع عشر، أصبحت العملة الذهبية الأوروبية الوحيدة المقبولة في مصر وسوريا».
ووفقًا للورقة البحثية بالمجلة الأمريكية لعلم العملات، فإنّ أغلب العملات المملوكية الموجودة في الكنز سُكَّت في عهد السلطان الأشرف سيف الدين برسباي أعظم السلاطين في دولة المماليك من عام 1422 إلى عام 1438، وهناك أيضًا بعض العملات من أماكن أخرى في جنوب أوروبا، مثل عملة فضية سُكَّت في عهد جيمس الأول، الذي كان ملكًا لصقلية من عام 1285 إلى عام 1295، وحتى عملة من صربيا.
أسباب وجود هذا الكنز في الموقع الأثريوأضاف كول في بحثه: «إيداع الكنز حدث في وقت ما خلال أو بعد عامي 1438 و1457، وهو نطاق تاريخي يستند إلى تحليل العملات المعدنية والبقايا الأثرية الأخرى، ومن غير المعروف من الذي أودعها، ومن أين حصلوا على الأموال، ولماذا تركت في هذا الموقع؟»
ومع ذلك، فإنّ الورقة البحثية تشير إلى العديد من الاحتمالات، فربما كانت هذه الأموال قد تبرع بها أحدهم لعمل بعض الإصلاحات، أو ربما أودعها تاجر متجول تركها هناك للحفظ ولم يعد أبدًا، وهناك احتمال آخر وهو أن تكون هذه العملات قد تركها الحجاج المسافرون إلى قبر حبقوق، وهو نبي مذكور في الكتاب المقدس الذي عاش في القرن السابع قبل الميلاد.