قفزة كبيرة في مدفوعات الواردات الروسية باليوان الصيني
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
الاقتصاد نيوز - بغداد
أظهرت دراسة مصرفية نُشرت، الأربعاء، أن الواردات الروسية التي يتم سداد فواتيرها باليوان الصيني ارتفعت إلى 20 بالمئة في 2022 من ثلاثة بالمئة قبل عام، بعدما أدت حربها ضد أوكرانيا إلى إطلاق حزم من العقوبات جعلت البلاد غير قادرة على الوصول إلى النظام المالي العالمي.
ووفقا لدراسة للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية فإن الزيادة الحادة تعكس ابتعادا عن إجراء المعاملات بالدولار واليورو، التي انخفضت المدفوعات بهما خلال نفس الفترة إلى 67 بالمئة من 80 بالمئة.
وبحسب الورقة البحثية التي أعدها الخبيران الاقتصاديان ماكسيم تشوبيلكين وبياتا جافورشيك فإنه "بعد الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا في فبراير 2022 وقيام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وعدد من الاقتصادات المتقدمة الأخرى بفرض عقوبات اقتصادية، أصبحت فاتورة الواردات الروسية يتم سدادها باليوان بشكل متزايد".
وقال كاتبا الورقة إن المدفوعات باليوان مثلت 63 من الواردات من الصين بنهاية عام 2022، ارتفاعا من نحو الربع العام السابق عليه.
كما زاد استخدام اليوان الصيني في التجارة مع روسيا بالنسبة لدول ثالثة لم تفرض عقوبات اقتصادية لكن لديها خط مقايضة عملات مع بنك الشعب الصيني، مثل منغوليا وطاجيكستان.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار روسيا الصين اليوان
إقرأ أيضاً:
كيف يتغلغل المال الصيني في إمبراطورية إيلون ماسك؟.. استثمارات غامضة
سلط موقع "نوتيتسي جيوبوليتيكي" الضوء على تحقيق صحفي يكشف عن استثمارات سرية لمستثمرين صينيين في شركات الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، مثل "سبيس إكس" باستخدام كيانات مالية غامضة لتجنب التدقيق الأمريكي، حيث تجاوزت هذه الاستثمارات تجاوزت 30 مليون دولار، وتتم عبر شركات ذات أغراض خاصة لإخفاء هوية المستثمرين.
وذكر الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن تقريرا حديثا نشرته "فايننشال تايمز"، وأعادت نشره رويترز، كشف عن ضخ مستثمرين صينيين أثرياء لعشرات الملايين من الدولارات في شركات إيلون ماسك الخاصة، بما في ذلك سبيس إكس، ونيورالينك، وشركة الذكاء الاصطناعي الناشئة إكس إيه آي، وذلك عبر هياكل مالية تخفي هوياتهم.
وبشكل خاص، أفاد ثلاثة مديرين لصناديق استثمار مرتبطة برؤوس أموال صينية بأنهم قاموا خلال العامين الماضيين باستثمار أكثر من 30 مليون دولار في أسهم "سبيس إكس"، و"إكس إيه آي" و"نيورالينك" لصالح مستثمرين صينيين، وتتم هذه الاستثمارات من خلال كيانات مالية خاصة تُعرف بـ"شركات ذات أغراض خاصة"، وهي شركات يتم إنشاؤها خصيصًا لهذا الغرض، وذلك بهدف تجاوز التحفظات التي تبديها السلطات الأمريكية تجاه رؤوس الأموال الصينية، خصوصًا في ظل التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين.
وبحسب المصادر التي استند إليها التقرير، فإن تدفق رؤوس الأموال الصينية إلى إمبراطورية ماسك التجارية هو في الأساس ذو طابع مضاربي، يهدف إلى تحقيق الأرباح، وليس له علاقة كبيرة بنقل التكنولوجيا أو التأثير على السياسات العامة. أما شركات سبيس إكس، ونيورالينك وإكس إيه آي، التي تم التواصل معها للتعليق على هذه المعلومات، فلم تصدر أي رد رسمي حتى الآن.
وأوضح الموقع أنه بالإضافة إلى الاستثمارات في الشركات التابعة لإيلون ماسك غير المدرجة في البورصة، شهدت تسلا، شركة السيارات التي أسسها، استثمارات صينية كبيرة أيضًا. ففي عام 2017، قامت شركة التكنولوجيا العملاقة الصينية تينسنت بالاستحواذ على 5 بالمئة من أسهم تسلا مقابل حوالي 1.78 مليار دولار، مما وفر للشركة رأس مال إضافيًّا وشريكًا إستراتيجيًا مهمًا في السوق الآسيوية.
ومثلت هذه الحصة تصويت ثقة صينيا تجاه إيلون ماسك وصناعة السيارات الكهربائية، وساهمت بشكل إستراتيجي في توسع تسلا داخل الصين. ومع ذلك، قامت تينسنت لاحقًا ببيع كامل حصتها (أو ما يُعرف بـ "تصفية الاستثمار") بين عامي 2022 و2023، نتيجة للتضخم الكبير في قيمة أسهم تسلا من جهة، والتغيرات في البيئة الجيوسياسية من جهة أخرى.
ورغم انسحاب تينسنت، لا تزال الصين تلعب دورًا محوريًا بالنسبة إلى تسلا، حيث إن مصنع تسلا الضخم في شنغهاي (جيجافاكتروي) يُنتج ما يقارب نصف سيارات تسلا المباعة عالميًا. بالإضافة إلى ذلك، يظل المستثمرون المؤسسيون الصينيون ضمن المساهمين الدوليين في تسلا، وإن كان لا أحد منهم يمتلك حصة تضاهي تلك التي كانت تملكها تينسنت في السابق، حسب التقرير.
مخاطر جيوسياسية واستراتيجية واقتصادية
وأشار الموقع إلى أن تدفق الاستثمارات الصينية يثير إلى شركات إيلون ماسك العديد من المخاطر الجيوسياسية والاستراتيجية والاقتصادية، لا سيما في ظل التنافس المتزايد بين الولايات المتحدة والصين في المجال التكنولوجي، والمكانة البارزة التي تحتلها شركات ماسك في هذا القطاع؛ حيث إن وجود مصالح صينية داخل هذه الشركات قد يؤثر على قرارات ماسك أو سياسات مؤسساته بشأن قضايا حساسة. على سبيل المثال؛ تعتمد تسلا على السوق الصينية بشكل كبير، إذ تحقق حوالي ثلث مبيعاتها من الصين، مما يجعل إيلون ماسك عرضة لضغوط بكين.
وحذر قادة الكونغرس الأمريكي من كلا الحزبين من أن الحزب الشيوعي الصيني قد يسعى إلى استغلال ماسك للتأثير على السياسات الأميركية لصالح الصين. بعبارة أخرى، ترى بكين في شخصية مثل إيلون ماسك، التي تمتلك علاقات تجارية واسعة داخل الصين، قنوات محتملة للضغط على المؤسسات الأميركية.
مثال عملي: موقف ماسك من قضية تايوان
وأفاد الموقع أنه في عام 2022، أثار إيلون ماسك الجدل عندما تحدث عن التوترات بين الصين وتايوان، مقترحًا حل القضية عبر منح تايوان وضع "منطقة إدارية خاصة" على غرار هونغ كونغ.
جاء هذا التصريح متوافقا مع موقف بكين، ما دفع مسؤولين صينيين للإشادة به، لكنه في المقابل أثار انتقادات دولية شديدة، لا سيما من تايوان نفسها.
وأظهر هذا الموقف كيف أن تصريحات ماسك قد تكون متأثرة برغبته في الحفاظ على مصالحه التجارية داخل الصين، حيث تُعد تسلا من الشركات البارزة هناك. وبالتالي، هناك مخاوف متزايدة من أن اعتماد ماسك على السوق الصينية ورأس المال الصيني قد يؤدي إلى رقابة ذاتية أو اتخاذ مواقف تصب في مصلحة بكين، حتى لو كانت على حساب المصالح الغربية.
من ناحية أخرى، تعمل شركات إيلون ماسك في مجالات التكنولوجيا المتقدمة مثل الفضاء، والذكاء الاصطناعي، والتقنيات العصبية، وهي قطاعات ذات أهمية إستراتيجية وقد يكون لها تطبيقات عسكرية. وبالتالي، فإن مشاركة المستثمرين الصينيين – حتى لو كانت غير مباشرة – في شركات مثل سبيس إكس أو نيورالينك تثير قلقًا في الولايات المتحدة بسبب احتمالات التأثير على الأمن القومي.
المخاوف الأمنية الأمريكية
وذكر الموقع أنه - على سبيل المثال - تتعاون شركة سبيس إكس مع كل من وكالة ناسا ووزارة الدفاع الأمريكية، حيث تقوم بإطلاق أقمار صناعية عسكرية وتوفر خدمات إستراتيجية مثل ستارلينك. لذا، فإن وجود رأس مال صيني – حتى لو كان بنسبة أقلية – داخل الشركة قد يشكل مخاطر محتملة، مثل الوصول إلى معلومات أو تقنيات سرية، ورغم أن المستثمرين الصينيين المعنيين يؤكدون أن استثماراتهم تهدف فقط إلى تحقيق الأرباح، فإن السوابق السابقة من التجسس الصناعي و استحواذ الصين على تقنيات متقدمة تجعل السلطات الأمريكية في حالة تأهب دائم.
لذلك، قد يتم تفعيل أدوات رقابية مثل لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، التي قد تقوم بفحص هذه الاستثمارات أو فرض قيود صارمة على الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الحساسة. ومن المحتمل أن يضطر ماسك وشركاؤه إلى إعادة هيكلة المساهمين في شركاته إذا أصبحت الاستثمارات الصينية ذات وزن كبير، وذلك لتجنب أي تدخل حكومي أمريكي.
التحديات مع الصين
على الجانب الآخر؛ تنظر بكين أيضًا بريبة إلى بعض أنشطة ماسك. فمثلًا، تُعتبر شبكة الأقمار الصناعية ستارلينك (التابعة لسبيس إكس) ومنصة X (تويتر سابقًا) – المحظورة في الصين – تهديدات محتملة للأمن الصيني والتأثير السياسي للحكومة الصينية.
يشكل هذا الوضع معضلة معقدة لماسك، حيث يتعين عليه إيجاد توازن دقيق بين عدم استعداء واشنطن من خلال قبول استثمارات صينية كبيرة، وبين عدم إغضاب بكين عبر إطلاق مشاريع تكنولوجية أو محتوى يتعارض مع مصالح الصين. ويُعَد تدفق رؤوس الأموال والسوق الصينية عاملاً مزدوج التأثير على شركات إيلون ماسك، إذ ساهم بشكل كبير في نموها السريع، لكنه في الوقت ذاته يجعلها معرضة لمخاطر الانتقام أو الصدمات الجيوسياسية.
إلا أن هذا الاعتماد الاقتصادي يضع شركات ماسك في موقف ضعيف أمام التوترات بين الولايات المتحدة والصين. ففي حال تفاقم الخلافات بين البلدين، مثل الحروب التجارية، العقوبات المتبادلة، أو أزمة حول تايوان، قد تجد شركات ماسك نفسها رهينة للصراعات الجيوسياسية، وفقا للتقرير.
على سبيل المثال، قد تقوم بكين بفرض قيود على أنشطة تسلا في الصين أو تعطيل سلسلة توريدها، لا سيما أن البطاريات والمكونات الأساسية تُصنع إلى حد كبير من قبل شركات صينية. ومثل هذه الخطوة قد تتسبب بضرر بالغ لتسلا، ويمكن استخدامها كوسيلة ضغط على ماسك أو على الحكومة الأمريكية.
في المقابل، يواجه المستثمرون الصينيون أيضًا مخاطر كبيرة؛ فإذا تصاعدت التوترات السياسية، قد تتخذ واشنطن إجراءات لمنع أو إجبار المستثمرين الصينيين على بيع حصصهم في شركات ماسك بحجة حماية الأمن القومي، مما قد يؤدي إلى خسائر مالية كبيرة لهم. كما أن التدهور في العلاقات بين البلدين قد يؤثر ماليًا على تقييم هذه الاستثمارات، مثل حدوث تخفيضات على قيمة حصص سبيس إكس بسبب ما يسمى "المخاطر الصينية".
ووفق الموقع؛ تُعد مجموعة ليو (Leo Group) مثالًا بارزًا على تعقيد الاستثمارات الصينية في شركات إيلون ماسك. ففي عام 2021، أعلنت الشركة بشكل علني عن نيتها استثمار 50 مليون دولار في شركة سبيس إكس عبر صندوق استثماري أمريكي. وبحسب اللتفاصيل التي كشفت عنها مجموعة ليو، كانت إحدى شركاتها التابعة في هونغ كونغ تعتزم ضخ 50 مليون دولار في صندوق توماليس باي كابيتال أندوريل، وهو كيان مسجل في ولاية ديلاوير تم إنشاؤه خصيصًا لجمع رؤوس الأموال للاستثمار في سبيس إكس.
وأثار هذا الإعلان ضجة كبيرة، حيث شهدت أسهم مجموعة ليو في بورصة الصين ارتفاعًا حادًا بسبب حماس المستثمرين المحليين، لكنه في الوقت نفسه لفت انتباه الجهات التنظيمية. وبعد أيام قليلة فقط، قام الصندوق الأمريكي بإعادة 50 مليون دولار إلى مجموعة ليو وألغى الاتفاق بالكامل، ويُعتقد أن السبب وراء ذلك كان المخاوف التنظيمية والضغوط السياسية. فقد أصبح الاستثمار الصيني المباشر في سبيس إكس مكشوفًا بشكل مفرط، مما أثار تحفظات الجهات الأمريكية، واحتجت مجموعة ليو على القرار، لكنها اضطرت في النهاية إلى قبول الانسحاب القسري من الصفقة.
أظهر هذا الحادث بشكل واضح أن أي استثمار صيني مباشر وشفاف في شركات ماسك يمكن أن يواجه عقبات كبيرة، سواء من قبل المنظمين الصينيين – كما حدث عندما طلبت بورصة شنتشن توضيحات حول قانونية الصفقة – أو من قبل الجانب الأمريكي، حيث تزداد التحفظات تجاه رؤوس الأموال الصينية في القطاعات الحساسة.
بعد هذه الحادثة، أصبح المستثمرون الصينيون أكثر حرصًا، حيث تبنوا نهجًا أكثر تحفظًا وسرية، مفضلين استخدام هياكل استثمار غير مباشرة مثل شركات ذات أغراض خاصة مسجلة في الخارج أو الصفقات الخاصة، بدلًا من الإعلان عن استثماراتهم بشكل علني، وذلك لتجنب الحظر والتعرض لتدقيق مفرط من السلطات.
ويختتم الموقع التقرير بالتأكيد على أن الصين تقوم بفرض قواعد صارمة على تحويل رؤوس الأموال إلى الخارج، حيث لا يمكن للمواطنين الصينيين تحويل مبالغ كبيرة بسهولة، لكن الأثرياء والشركات الكبرى يمكنهم استخدام كيانات أجنبية للاستثمار في الخارج. أما من الجانب الأمريكي، فإن استخدام وسيط محلي أو كيان استثماري غير معروف يقلل من الشكوك والرقابة.
وتشكل هذه الهندسة المالية المعقدة، المعتمدة على شركات وهمية، صناديق استثمارية، اتفاقيات ائتمانية، الأداة الأساسية التي مكنت المستثمرين الصينيين من التغلغل التدريجي في منظومة شركات إيلون ماسك. ورغم أن حجم هذه الاستثمارات لا يزال محدودًا نسبيًا، حيث يُقدر بعدة عشرات الملايين من الدولارات، إلا أن تداعياتها الاستراتيجية كبيرة. فهي تكشف عن الطرق المبتكرة التي لا تزال النخبة الاقتصادية الصينية تستخدمها للوصول إلى الشركات التكنولوجية الأمريكية الأكثر تقدمًا، رغم التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.