يقف على أنامله.. البنك الدولي وصندوق النقد يطرقان باب الخطر للاقتصاد العالمي|تفاصيل
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
"الاقتصاد العالمي يقف على أنامله".. هذه الجملة استخدمها البنك الدولي في التعبير عن الحالة الاقتصادية التي يمر بها العالم في الوقت الحالي، ومنها نستطيع أن ندرك مدي التدهور الاقتصادي الذي يشهده الكوكب منذ ظهور فيروس كورونا انتشاره في العالم وحتي الآن مع الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها الذي طال سلاسل الإمداد والتموين في العالم مما أثر على اقتصادات العالم والأمن الغذائي.
ولم يتوقف البنك الدولي عند هذه الجملة، بل توقع في آخر تقرير له بتاريخ 6 يونيو تباطؤ النمو العالمي بشكل حاد، وتزداد مخاطر الضغوط المالية في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية وسط ارتفاع أسعار الفائدة العالمية.
تحذيرات البنك الدولي
حيث توقع البنك الدولي في تقريره، أن يتباطأ نمو الاقتصاد العالمي من 3.1% في 2022 إلى 2.1% في 2023، خاصة في الدول النامية والأسواق الناشئة التي توقع لها البنك أن يتباطأ نموها الاقتصادي إلى 2.9% هذا العام بعد أن كان 4.1% العام الماضي.
كما تم تخفيض توقعات النمو لـ 70% من بلدان الأسواق الناشئة والنامية وتقريباً جميع الاقتصادات المتقدمة.
وتعكس هذه التخفيضات مدي التدهور الاقتصادي الذي يعيشه العالم الآن وهو مازال متضررا بشكل كبير من الإجراءات الاحترازية والإغلاق الكلي الذي قامت به دول العالم خوفا من كورونا، وجاءت الآن الحر بين روسيا وأوكرانيا وتدخل الدول الغربية بالعقوبات الشديدة التي فرضتها على موسكو حتي يسوء وضع الاقتصاد العالمي أكثر.
وأضاف تقرير البنك الدولي، أن معظم بلدان الأسواق الناشئة والبلدان النامية لم تضرر سوى ضرر محدود من الضغوط المصرفية الأخيرة في الاقتصادات المتقدمة حتى الآن، "لكنها تبحر الآن في مياه خطرة"، لافتا إلى أنه في ظل ظروف الائتمان العالمية التقييدية المتزايدة، فقدت ربع الأسواق الناشئة والنامية إمكانية الوصول الفعلي إلى أسواق السندات الدولية.
ووفقا للبنك الدولي، تقل توقعات النمو لهذه الاقتصادات لعام 2023 عن نصف تلك التي كانت متوقعة قبل عام، مما يجعلها شديدة التأثر بصدمات إضافية.
وبحسب أحدث التوقعات العالمية، فإن الصدمات المتلاحقة لـ وباء كورونا مع الحرب الروسية الأوكرانية والتباطؤ الحاد في الاقتصاد العالمي وسط الظروف المالية العالمية الصعبة، قد تسببت في "انتكاسة دائمة للتنمية" في الدول الناشئة والنامية، والتي ستستمر في المستقبل المنظور.
كما توقع البنك الدولي، أنه بحلول نهاية عام 2024، من المتوقع أن يكون النشاط الاقتصادي في هذه الاقتصادات أقل بحوالي 5% من المستويات المتوقعة عشية انتشار الوباء.
أما في البلدان منخفضة الدخل، وخاصة الأكثر فقراً، فإن الضرر سيكون صارخا، حيث توقع البنك الدولي أن في أكثر من ثلث هذه البلدان سيظل دخل الفرد في عام 2024 أقل من مستويات عام 2019، هذه الوتيرة الضعيفة لنمو الدخل سترسخ الفقر المدقع في العديد من البلدان منخفضة الدخل.
تضرر الاقتصادات المتقدمة
ولم تكن اقتصادات الدول المتقدمة بعيدة عن مخاطر تدهور الاقتصاد العالمي، حيث توقع البنك الدولي أن يتباطأ نمو الدول المتقدمة من 2.6% في عام 2022 إلى 0.7% فقط هذا العام ويظل ضعيفاً في عام 2024.
كما ووفقا لتقرير البنك الدولي، من المقرر أن يتباطأ الاقتصاد الأمريكي إلى 0.8% في عام 2024، ويرجع ذلك أساساً إلى التأثير المستمر للارتفاع الحاد في أسعار الفائدة على مدار العام ونصف العام الماضيين.
وفي منطقة الاتحاد الأوروبي، من المتوقع أن يتباطأ النمو إلى 0.4% في عام 2023 من 3.5% في عام 2022، بسبب التأثير المتأخر لتشديد السياسة النقدية وزيادة أسعار الطاقة.
وفي التقرير حذر البنك الدولي من حدوث أزمة مالية كبري في العالم، حيث قال إن زيادة أسعار الفائدة يرتبط بآثار مالية سلبية في بلدان الأسواق الناشئة والبلدان النامية، بما في ذلك الاحتمال الأكبر بحدوث أزمة مالية.
ووفقا للبنك الدولي، فتكون هذه آثار الأزمة المالية أكثر وضوحاً في البلدان التي تعاني من ضعف اقتصادي أكبر.
كما حذر التقرير الاقتصادات منخفضة الدخل نظراً لما تواجهه السياسة المالية الخاصة بها من تحديات، حيث أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى تفاقم تدهور أوضاعها المالية خلال العقد الماضي.
وأوضح التقرير أن متوسط الدين العام العالمي الآن بلغ حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك مع إلتهام مدفوعات الفائدة حصة متزايدة من الإيرادات الحكومية المحدودة.
ومن جانبه، قال رئيس البنك الدولي أجاي بانجا، على هامش اجتماع لمجموعة العشرين في مدينة جانديناجار الهندية، إن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة صعبة.
وأضاف بانجا: "في واقع الأمر الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة صعب، صحيح أن أداءه تجاوز توقعات الجميع، لكن هذا لن يعني أنه لن يكون هناك المزيد من التحديات".
اقتصادات كبري ستتلاشي
وفي تقرير بتاريخ 27 مارس، توقع البنك الدولي في تقرير له أن ينخفض الحد الأقصى لنمو الاقتصاد العالمي إلى أدنى مستوياته على مدى ثلاثة عقود بحلول عام 2030.
ووفقا لتقرير البنك الدولي، فإن جميع القوى الاقتصادية التي كانت تشكل القوة الدافعة للتقدم والرخاء على مدى العقود الثلاثة الماضية آخذة في التلاشى.
كما توقع المتوقع أن ينخفض متوسط النمو العالمي المحتمل لإجمالي الناتج المحلي بين عامي 2022 و2030 نحو الثلث مقابل المعدل الذي كان سائدا في العقد الأول من هذا القرن ليصل إلى 2.2% سنويا.
وبالنسبة للاقتصادات النامية، توقع التقرير أن الانخفاض سيكون حادا بنفس القدر، من 6% سنويا بين عامي 2000 و2010 إلى 4% سنويا خلال الفترة المتبقية من هذا العقد، وسيكون هذا التراجع أشد حدة في حالة حدوث أزمة مالية عالمية أو ركود اقتصادي.
تحذيرات النقد الدولي
ولم يستطع صندوق النقد الدولي، الذي يعتبر أكبر جهه مقرضة في العالم، السكوت على تدهور الاقتصاد العالمي والتحديات التي تواجهه والتي تزداد يوما بعد يوم.
وقال صندوق النقد الدولي، في تقرير له يوم 13 سبتمبر، إن عبء الدين العالمي لا يزال أعلى بكثير من مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، لافتا إلى أن الدين العام والخاص بلغ 238% من إجمالي الناتج المحلي العالمي في العام الماضي، بزيادة بلغت 9 نقاط مئوية مقارنة بعام 2019.
وأضاف النقد الدولي في تقريره، أن العجز المالي أدي إلى إبقاء المستويات المرتفعة للدين العام.
وفي التقرير، دعا صندوق النقد الدولي الحكومات إلى اتخاذ خطوات عاجلة للحد من نقاط الضعف المتعلقة بالديون من خلال "المراقبة اليقظة" لمستوى الدين الخاص وإنشاء أطُر مالية "جديرة بالثقة" لإدارة استدامة الدين العام.
وأشار صندوق النقد الدولي، إلى أن الصين مسؤولة عن جزء كبير من هذه الزيادة، إذ ارتفعت ديونها كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بشكل مُطرد في الأعوام الأخيرة لتصل إلى مستوى مماثل لديون الولايات المتحدة.
وقال الصندوق إن "خفض أعباء الديون سيحقق حيزا ماليا ويسمح باستثمارات جديدة، ما يساعد على دفع معدل النمو الاقتصادي في السنوات المقبلة".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: البنك الدولي الاقتصاد العالمى فيروس كورونا الحرب الروسية الأوكرانية الامن الغذائي تباطؤ النمو العالمي الناتج المحلي العالمي الصين الولايات المتحدة مجموعة العشرين رئيس البنك الدولي اسعار الفائدة الاقتصاد العالمی الأسواق الناشئة أسعار الفائدة الناتج المحلی النقد الدولی صندوق النقد الدولی فی فی العالم فی تقریر عام 2024 فی عام
إقرأ أيضاً:
البنك الدولي: الدولة المصرية تمضي قدما في تنفيذ تدابير التصدي لتغير المناخ
أفاد تقرير حديث صادر عن البنك الدولى، بأن الدولة المصرية تمضى قدماً بالفعل فى تنفيذ العديد من التدابير للتصدى لتغير المناخ، ففى مايو 2022، أطلقت أول استراتيجية وطنية بشأن تغير المناخ 2050، تضمنت مشروعات ذات أولوية قصوى من المقرر استكمالها بحلول عام 2030.
وأضاف التقرير أنه فى إطار التحديث الثانى لمساهمة مصر الوطنية فى جهود مكافحة تغير المناخ، تم تحديد أهداف طموحة لخفض الانبعاثات فى قطاع الكهرباء بهدف الوصول إلى 42 بالمئة من مصادر الطاقة المتجددة فى مزيج توليد الكهرباء بحلول عام 2030، وهو مستهدف سبق تحديده لعام 2035.
وأشار التقرير إلى أن هناك منافع عديدة للعمل المناخى للدولة المصرية، أهمها الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة والممارسات المستدامة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، وخلق فرص عمل جديدة، وتشجيع الابتكار.
وأكد التقرير أن مصر تستطيع تحقيق نمو اقتصادي كبير من خلال العمل المناخى، وتحويل مدنها إلى مراكز تتسم بالقدرة على الصمود وتحمل آثار تغير المناخ، لجذب الاستثمارات وخلق فرص العمل، وتحسين جودة الحياة للمواطن المصرى، حيث أن العمل المناخى الفعال والمستدام سوف يُمكّن مصر من زيادة كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وتخصيصها، والحد من آثار تغير المناخ على المواطنين والشركات ومؤسسات الأعمال، فضلاً عن تعزيز قدرة مصر على المنافسة فى الأسواق العالمية.
وأشار التقرير إلى أن التقديرات وجدت أن مصر قد تواجه خسارة فى إجمالى الناتج المحلى تتراوح بين 62 بالمئة بحلول عام 2060 إذا لم تبذل جهودا مستدامة للتصدى لتحديات تغير المناخ، فعلى سبيل المثال، تبلغ تكلفة تلوث الهواء على الصحة وحدها نحو 1.4 بالمئة من إجمالى الناتج المحلى لمصر فى عام 2017، وفقا للتقديرات.
وكان تقرير المناخ والتنمية الصادر عن مجموعة البنك الدولى فى عام 2022، بشأن مصر قد ساعد على توجيه الجهود الوطنية لمكافحة تغير المناخ، وإحداث نقلة نوعية فى زيادة مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد الأخضر، وبناء على الاستراتيجية الوطنية وتقرير المناخ والتنمية، أطلقت الدولة المصرية برنامجاً رائداً، هو منصة "نوفي" (محور العلاقة بين المياه والغذاء والطاقة) لتحديد الروابط والتداخلات بين هذه القطاعات.
وتعمل هذه المنصة على تعظيم الاستفادة من الموارد، والتحول إلى البنية التحتية منخفضة الانبعاثات، وتعزيز الأمن المائى والغذائى. وفى المرحلة الأولى من إطلاقها، تركز المنصة على تسعة مشروعات ذات أولوية فى قطاعات المياه والغذاء والطاقة، تم اختيارها بناء على الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ، وتم إضافة مشروعات النقل المستدام.
وتعليقا على ذلك، صرحت خبيرة المناخ داليا صقر، المؤسِسة والرئيسة التنفيذية لمؤسسة شيفتيرا المصرية للاستشارات قائلة: "تتطلب خطط مصر الطموحة للتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون جهوداً كبيرة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، من خلال التحول إلى مصادر بديلة للطاقة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ورفع كفاءة استخدام الطاقة، وغير ذلك من التدابير الأخرى، لكن على الرغم من هذه الجهود الجارية، فإن ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم يمكن أن يؤدى إلى آثار كارثية، لا سيما فى منطقة الدلتا، مما يستلزم اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المواطنين من الآثار السلبية لتغير المناخ".
ويحدد بيان الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024 خطة طموحة لزيادة الاستثمارات العامة الخضراء إلى 50 بالمئة من إجمالى الاستثمارات بحلول السنة المالية 2025، بناءً على ما يُقدر بنحو 40 بالمئة فى السنة المالية 2024، الأمر الذى يمثل زيادة كبيرة قياسا بـ 15 بالمئة فقط فى السنة المالية 2021، ويعكس التزام مصر بتوسيع نطاق المشروعات الصديقة للبيئة.
وتأتى هذه الجهود فى إطار إستراتيجية أوسع نطاقا لتوسيع محفظة المبادرات المستدامة فى مصر التى تدفع عجلة النمو الاقتصادى وتعزز رفاهية المواطنين، وبالإضافة إلى ذلك، فإن المبادرات الوطنية التى نفذتها الحكومة مثل "حياة كريمة" و"القرية الخضراء" مصممة خصيصاً لتعزيز الاستدامة فى المجتمعات الريفية، حيث من المنتظر أن تغطى مبادرة القرية الخضراء فى نهاية المطاف 175 قرية، مما يعزز القدرة على الصمود وتحمل آثار المناخ من خلال تطبيق معايير البناء الأخضر وإنشاء شبكات رى حديثة.
كما تلزم اللوائح والضوابط الصادرة مؤخرا جميع الوزارات بتقديم موازناتها مع مصفوفات برامج تقدم معلومات مفصلة عن البرامج المتعلقة بالاقتصاد الأخضر، والمشروعات البيئية لضمان الاتساق مع رؤية مصر 2030.
ويمثل تمكين القطاع الخاص للقيام بدور نشط فى التحوّل الأخضر أولوية قصوى فى خطط العمل المناخى للحكومة، تنفيذاً لتوصيات تقرير المناخ والتنمية لمجموعة البنك الدولى، ويشمل ذلك اتخاذ خطوات لتشجيع الاستثمار فى القطاعات الخضراء مثل إدارة النفايات والقمامة على نحو يؤدى إلى خفض انبعاثات الكربون وتحقيق التنمية العمرانية المستدامة، وإطلاق الطاقات الكامنة لاستثمارات القطاع الخاص المخطط لها، من خلال الحوافز والمزايا الضريبية المصممة على نحو جيد.
وقد وافقت الحكومة على إستراتيجية وطنية للهيدروجين منخفض الكربون فى عام 2023، كما وافقت على قانون حوافز إنتاج الهيدروجين الأخضر، وتدشين المجلس الوطنى للهيدروجين الأخضر فى عام 2024 لطرح التوجيهات والإرشادات على مستوى السياسات واللوائح التنظيمية، وإزالة معوقات الاستثمار الخاص، وضمان الاتساق مع الإستراتيجيات الاقتصادية والاجتماعية للدولة.