مراكش الحمراء تتحدى تبعات الزلزال وتتزين لاستضافة أكبر موعد عالمي لرجال المال والأعمال
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
زنقة 20 | الرباط
على بعد أقل من أسبوعين، تجري استعدادات مكثفة بمدينة مراكش لاستضافة الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهو أكبر موعد عالمي يجمع قادة السياسة والمال والأعمال.
اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تبدأ في التاسع من أكتوبر المقبل و تستمر إلى غاية الخامس عشر منه، و ستقام في قرية مستدامة تم بناؤها في منطقة باب إغلي بمدينة مراكش.
و تغيرت ملامح مجموعة من الشوارع و الساحات بمراكش ، استعدادا لهذا اللقاء العالمي الذي يعود إلى القارة الأفريقية بعد نصف قرن ، متحدية تبعات محنة الزلزال التي ضربت المدينة و المناطق المجاورة.
وفي هذا الصدد ، تسارع السلطات المحلية الزمن لتزيين عدد من الشوارع الرئيسية و المدارات الطرقية ، وذلك قبل حلول ضيوف المملكة من كبار رجال و نساء السياسة و المال و الأعمال.
ويترقب المغرب مشاركة 14 ألف مشارك في هذا الحدث العالمي ؛ منهم 4 آلاف و500 مشارك ضمن الوفود الرسمية الممثلة لحوالي 189 دولة، و3 آلاف و500 مشارك من مؤسسات دولية وإقليمية من عالم المال والأعمال.
كما سيحضر هذا الحدث 2000 مشارك من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، و1500 خبير وجامعي، إضافة إلى 1000 مشارك ممثل للمنظمات الدولية والمحلية، وهو الحدث الذي سيغطيه قرابة 800 صحافي ممثلين لوسائل الإعلام الدولية.
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
وسط الركام.. غزة تضغط على جرحها النازف وتتزين في رمضان
على رصيفٍ صغيرٍ وسط مدينة خان يونس، يقف أبو زهير أمام بسطته المتواضعة، يبيع المعجنات التي كان يقدمها ذات يوم في مطعمه الأثري في البلدة القديمة بمدينة غزة. نظرته حزينة، لكنها تحمل إصرارًا عنيدًا. لقد كان مطعمه مَعلمًا سياحيًا بجوار الباب الشرقي للمسجد العمري، وملاذًا للعائلات والزوّار خلال ليالي رمضان. اليوم، لم يعد هناك سوى الركام، وصدى الذكريات.
«كنت أُزيّن الشوارع وأُجهّز مطعمي قبل رمضان بأسابيع. كنت أستقبل المئات كل ليلة للإفطار. أما اليوم، فلا بيت ولا مطعم، ولا حتى ولدي عمر، الذي استشهد في الحرب. كيف أستقبل رمضان وأنا نازح، بلا مأوى، بلا عمل؟» يقولها أبو زهير بحزن.
أضاف لـ«عُمان» أن فقدان ابنه جعله عاجزًا عن إحياء أجواء رمضان كما كان يفعل دائمًا: «كان عمر يساعدني في تزيين المطعم، ويشرف على الطهاة. كان هو روحي في العمل. اليوم، لا زينة ولا فرحة، بل حزن يخيّم على قلبي».
فقد مطعمه السياحي لكنه لم يفقد الأمل، يستذكر أبو زهير أجواء رمضان قبل الحرب: «كنا نفرح بتزيين الشوارع، نستقبل الزبائن من كل الطبقات، السياسي والطبيب والعامل. اليوم، أقف في خان يونس أبيع المعجنات، وأحمد الله أني لا زلت قادرًا على العمل ولو بأقل الإمكانيات».
ورغم الألم، يرى بصيصًا من الأمل في تجار المدينة الذين أزالوا الركام، وأعادوا فتح محالهم المدمرة على هيئة شوادر بسيطة؛ لبث الحياة مجددًا في الأسواق.
يواصل حديثه بنبرة مليئة بالإصرار: «نحن شعب فلسطين، شعب الجبارين. لن نستسلم. سنعيد بناء حياتنا من جديد. الحرب لم تكسرنا، لكنها علّمتنا أن نصنع من الرماد حياة».
ومع ذلك، يعترف بأن رمضان هذا العام مختلف تمامًا، فكيف له أن يكون كما كان، والبيوت مدمّرة، والشوارع مليئة بالحطام، والغائبون لا يعودون؟: «لقد فقدنا شغفنا الكبير للمناسبات ، بسبب ما فعله الاحتلال بنا».
رمضان وسط الركام: إصرار على الحياة رغم الألم
في أسواق غزة المدمرة، يصر الباعة على فتح محالهم، حتى وإن كانت مجرد بسطات خشبية. الفوانيس تُباع على الأرصفة، وأصوات بائعي التمر والياميش تعلو في الشوارع التي كانت يومًا تعج بالحياة.
رغم الجراح، تعلّق الأطفال الزينة على ما تبقى من الجدران. رمضان هذا العام، رغم شحّ الإمكانيات، يحمل رغبة جامحة في استعادة الحياة. يتذكر الغزيون رمضان 2024 حين عاشوه في أجواء الحرب، بلا زينة، بلا صلاة تراويح، بلا فوانيس. كان رمضان قاتمًا، لم يكن فيه سوى الرعب والدمار.
واليوم، مع الهدنة، عادت بعض المظاهر الرمضانية، لكن بحذر. فما زالت المخاوف قائمة من عودة القصف، وما زالت العائلات تحاول لمّ شملها وسط النزوح. الحنين إلى رمضانات ما قبل الحرب لا يفارقهم. حين كان رمضان كرنفالًا من الفرح، حيث الأسواق تعج بالمشترين، والمنازل تكتسي بحبال الزينة، والمآذن تصدح بنداء التراويح.
الطفلة راند: رمضان بدون خوف
الطفلة راند، البالغة من العمر 12 عامًا، لا تزال تتذكر أول ليلة في حرب السابع من أكتوبر 2023، حين كانت تظن أن أصوات القصف ما هي إلا أصوات الرعد. تقول ببراءة: «كنا نحسبها رعدًا، لكن فجأة عرفنا أنها صواريخ. بدأ رمضان الماضي بالحرب والخوف، واليوم يأتي ونحن نعلّق الزينة».
وتتمنى خلال حديثها لـ«عُمان» أن يكون رمضان 2025 مليئًا بالسعادة، وأن تستمر الهدنة: «لا نريد أن نعيش ما عشناه من رعب العام الماضي، على الأقل في رمضان».
تبتسم راند وهي تشير إلى الزينة التي علقتها في الشارع مع أصدقائها: «في رمضان الماضي، لم يكن لدينا القدرة على فعل ذلك. اليوم، رغم كل شيء، نحاول أن نعيش الفرحة ولو بجزء بسيط منها».
الخوف من الغدر
سنان صقر، بائع مخلل من خان يونس، يرى أن رمضان هذا العام مختلف، لكنه لا يزال يحمل القلق: «في رمضان الماضي، لم يكن هناك شيء يُسمى رمضان، بل حرب ودمار وشهداء. لم يكن هناك طعام، لا سحور، لا إفطار. هذا العام، رغم الدمار، نحاول أن نعيش رمضان بأقل الإمكانيات».
لكن سنان لا يخفي قلقه من غدر الاحتلال يقول لـ«عُمان»: «نخشى أن يكون وقف إطلاق النار مؤقتًا، وأن تعود الحرب فجأة. نريد أن نعيش رمضان كما كنا نفعل قبل الحرب، ثم نحتفل بالعيد، مثل أي شعب في العالم. نريد أن نحيا بسلام».
محاولات لاستعادة الفرحة
يسري يوسف خميس، بائع رمضان، يتحدث عن معاناة رمضان الماضي، حين لم يكن هناك أي مظهر من مظاهر الشهر الفضيل: «لم تكن هناك إمكانيات، كنا نعيش على المساعدات وعلى أطعمة التكيات، في ظل جوع وتشريد كبيرين. أما الآن، فرغم شحّ المال، نحاول أن نجلب الحد الأدنى من البضائع ليشعر الناس بفرحة رمضان».
لكنه يوضح لـ«عُمان» أن رمضان هذا العام لا يشبه رمضانات ما قبل الحرب: «رمضان كان عندنا أشبه بحفل كبير. الأسواق ممتلئة، الناس تشتري كل شيء، الأولاد يلهون في الشوارع. أما الآن، فمحلاتنا مدمرة، والمساجد أيضًا، سنصلي التراويح في العراء. فالاحتلال لن يستطيع منعنا من أداء شعائرنا».
ويتابع يسري بأسى: «الأطفال كانوا يشترون الحلوى والمكسرات، يتزاحمون أمام محلي فرحين برمضان. اليوم، أرى في أعينهم تساؤلات موجعة، هل سيأتي العيد وهم بلا بيوت؟ هل ستعود ألعابهم التي دُفنت تحت الأنقاض؟ نحاول جاهدين أن نعيد إليهم جزءًا من الفرحة، لكن كيف نفرح وسط هذا الكم من الخسائر؟».
بين التمني والواقع: غزة تحلم بوقف دائم لإطلاق النار
الهدنة الحالية أعادت بعض الحياة إلى غزة، لكن الغزيون يخشون التفاف الاحتلال على وقف إطلاق النار. يتمنون أن تستمر، ليتمكنوا من إعادة بناء حياتهم، واستعادة طقوس رمضان كما كانت قبل الحرب.
في كل زاوية من غزة، هناك قصة، هناك حزن، لكن هناك أيضًا إصرار على الحياة. رمضان هذا العام ليس كأي رمضان، لكنه شهادة على صمود شعب يرفض أن يُمحى. وبينما تتعالى أصوات المآذن، وتتلألأ الأنوار الخافتة في الأزقة، يبقى الأمل معلقًا: أن يكون رمضان 2025 أكثر أمنًا، وأكثر فرحًا، وأن تعود غزة كما كانت، أو ربما أجمل.