انتخابات عبر أطوار متجددة
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
سبتمبر 27, 2023آخر تحديث: سبتمبر 27, 2023
د. محمد وليد صالح
باحث وكاتب عراقي
الممارسات الديمقراطية تتطلب توافر مستلزمات نجاح منها قانون ينظم الحملات الانتخابية ويحدد مستويات الإنفاق الأعلى والأدنى عليها من أجل وضع قواعد عمل برامج الكيانات السياسية، لتقوية اتجاه التنافس ومراقبته التي تهدف إلى تعزيز الشفافية وكشف مصادر التمويل ومعالجة ضعف ثقافة المحاسبة.
المتابع للشأن الانتخابي، يلاحظ ان موسماً دعائياً ساخناً، وتمثل استقلالية وسائل الإعلام جزءً مهماً في إدارة الانتخابات بواسطة حرية المعلومات وعدالتها المتوفرة للقطاع العام حول المرشحين وبلورة حالة من التوازن بينها، عبر قواعد تنظيم السلوك والتغطية الإعلامية تقدمها هيئة الإعلام والاتصالات بالتعاون مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وأخذ الشارع يترقب إجراءها وما ستفرزه من معطيات تصب في مصلحة المواطن العراقي في المرحلة التي تسبق اتخاذ القرار وتحديد الاختيار، الذي يتطلع إلى النهوض بمستوى حياته العامة في خضم المتغيرات الحاصلة وتأثيراتها في العالم.
فالتنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية مرتكزاً لبناء الديمقراطية كأسلوب للحياة اليومية وليس إنموذجاً جاهزاً، بما تتضمنه من كفالة الحقوق وحماية الحريات العامة التي تتيح للمواطن فرصة المشاركة في الحياة العامة.
وفي المدة المقبلة يبدأ انطلاق سباق الماراثون الانتخابي للأحزاب والمنظمات السياسية المرشحة لانتخابات مجالس المحافظات، معتمدة على أساليب الدعاية لكونها تعد من أهم الوسائل في إقناع جمهور الناخبين وممارسة العَلاقات العامة في هذا المجال، من خلال سعيها لكسب التأييد للمرشح وبرنامجه الانتخابي ونقل آراء الجمهور وأفكاره، باعتماد أساليب فن الظهور ومخاطبة الجمهور والمشاركة في عملية التصويت والاقتراع على الصعيد المحلي، والحصول على تقبله لبرامج هؤلاء المرشحين وصولاً إلى تبني ستراتيجيات وسياسات العمل.
وتتكامل تمثلات وسائل الإعلام وممارساتها في العملية الانتخابية عبر معرفة نظم التصويت والقوانين الخاصة بتنظيم عمل المراقبين المحليين والدوليين لها، وكذلك كيفية إجراء الاستطلاعات لمعرفة اتجاهات الرأي العام، فضلاً عن العمل على إيجاد قوانين تنظيم الخطاب السياسي والاستمالات العاطفية والدينية في الدعاية واستعمال الإعلان الرسمي وتقنين الرعاية والإعانات المالية للحملات الانتخابية، وجعل أفراد المجتمع يمتلكون معلومة حقيقية متكاملة عنها، وكذلك التزام وسائل الإعلام بـ(الصمت الإعلامي) الذي يسبق إجراءها بمدة معينة لتجنب التشويش الذي تحدثه في ذهنية الناخب وآرائه.
أما الحدث الانتخابي فيتضح من نمطين لوسائل الإعلام أحدهما (إعلام حر ومستقل أو غير الرسمي) ويعد أكثر حرية نسبياً في تسليط الأضواء على المشكلات السياسية والاقتصادية والأمنية، التي تهم كل أفراد المجتمع ويواجه نقد من الجمهور إذا أهملت قضاياه المهمة، ونمط آخر (إعلام مملوك للقطاع العام) وهو مايسمى بـ(الإعلام الرسمي أو شبه الحكومي) وهو يعتمد على جمهور النخبة ويتجاهل إرادة الجمهور، على الرغم من وعي أفراد المجتمع ومعرفتهم بأحداث النشاط السياسي وتفصيلاتها، إذ إن حريات التعبير والنقد تضيّق نسبياً في ظل تطور الاتصالات والتكنولوجيا التي تجاوزت سياسات الاحتكار، لأن ايديولوجيا الدولة والإعلام ترسم الخط السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذلك موقفها من الاتصال وأدواره وعمليته ووظائفه المتكاملة مع سائر مؤسساتها لتحقيق التوازن، الذي يؤدي إلى دعم قيّم ومصالح وأهداف القوى المسيطرة على وسائل الإنتاج الإعلامي في المجتمع.
وأن العلاقة بين الممارسات الديمقراطية والإعلام الحر ستساعد في إبقاء الانتخابات شفافة ونزيهة، كما أن الحكومة المنتخبة بطريقة ديمقراطية ستتكفل بحماية الحريات، وهو احد أكثر العوامل قوة وتأثير في سير عملية الانتخابات داخل البلد وكيفية تقويمها من الخارج، فقد تشكّل تحدياً كبيراً لوسائل الإعلام والصحافيين والحكومات ونشطاء المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية ولابد من معرفة القواعد والقوانين التي تنظم العملية الانتخابية ومراعاتها، إذ تعد لحظة حرجة في حياة المجتمعات لأنه في هذه اللحظة التأريخية تكون قد وصلت إلى بؤرة أو نقطة حادة، بسبب الأجواء السائدة وما يصاحبها من صور الصراع والتوتر.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: وسائل الإعلام
إقرأ أيضاً:
كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية فشل اعتراض صاروخ حوثي استهدف تل أبيب؟ (ترجمة خاصة)
تناولت الصحف العبرية، الهجوم الصاروخي الذي نفذته جماعة الحوثي فجر اليوم السبت واستهدف تل أبيب (وسط إسرائيل) مخلفا نحو 30 جريحا، حسب الإحصائيات الأخيرة.
وسلطت تلك الصحف في مجمل تغطيتها التي رصدها وترجمها "الموقع بوست" الضوء على فشل جيش الدفاع الإسرائيلي في اعتراض تلك الصاروخ.
واستيقظت تل أبيب فجر اليوم السبت على دوي صفارات الإنذار، أعقبها انفجار كبير، للصاروخ التي فشلت كل دفاعات جيش الاحتلال اعتراضه مخلفا حفرة عمقها عدة أمتار.
وقال الجيش الإسرائيلي إن محاولات اعتراض صاروخ قادم من اليمن فشلت بعد فترة وجيزة من انطلاق صفارات الإنذار وسط إسرائيل.
وأعلن الإسعاف الإسرائيلي حينها إصابة 16 شخصا جراء سقوط صاروخ على تل أبيب أطلق من اليمن. وكانت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أعلنت تفعيل صافرات الإنذار في تل أبيب.
وتحدثت هيئة البث العبرية عن تحقيق لسلاح الجو الإسرائيلي لإجراء عدة محاولات اعتراض فاشلة لتلك الصاروخ، وسقط في تل أبيب في الطبقتين العليا والسفلى من الغلاف الجوي.
وحسب سلاح الجو الإسرائيلي فإن التحقيق الأولي الذي أجراه بعد رصد الصاروخ الباليستي، تم تفعيل حالة التأهب في المنطقة الوسطى التابعة للجيش الإسرائيلي، مشيرا إلى أنه تم إطلاق صواريخ اعتراضية في الطبقة العليا من الغلاف الجوي أخطأت الهدف خارج حدود إسرائيل.
وأفاد "تم إطلاق صواريخ اعتراضية باتجاه الصاروخ، في وقت لاحق وهذه المرة في الطبقة السفلية من الغلاف الجوي، والتي أخطأت الهدف أيضا". لافتا إلى أن نظام الدفاع الجوي في إسرائيل يعمل على شكل طبقات ويسمى "نظام الدفاع متعدد الطبقات".
وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، إن الجماعة "قصفت هدفا عسكريا في مدينة يافا المحتلة (تل أبيب) بصاروخ باليستي فرط صوتي ردا على القصف الإسرائيلي لليمن والمجازر المستمرة في قطاع غزة".
ثغرة خطيرة
وفي السياق قالت صحيفة "معاريف" العبرية، إن الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبة في التصدي لتهديدات الحوثيين في اليمن دفاعا وهجوما، مشيرة إلى أن الحوثيين يتسببون منذ أكثر من عام في أضرار جسيمة للغاية للاقتصاد الإقليمي بشكل عام وللاقتصاد الإسرائيلي بشكل خاص.
وذكرت الصحيفة أن الفشل في اعتراض الصواريخ والطائرات المسيرة للحوثيين خلال الأيام الأخيرة الماضية يكشف عن خلل كبير و"ثغرة خطيرة" في طبقات الدفاع الجوي الإسرائيلي المختلفة.
وأكدت معاريف أن إسرائيل غير قادرة على مواجهة تحدي الحوثيين من اليمن، وكان ردها ضعيفا على ذلك التهديد.
وأردفت "لم تكن إسرائيل مستعدة استخباراتياً وسياسياً لمواجهة تهديد الحوثيين من اليمن. ولم تضع خطة حقيقية ضدهم كما حدث في الشمال حيث قامت الحكومة الإسرائيلية منذ أكثر من عام بتطبيع إطلاق النار من لبنان".
تضيف "علينا أن ننظر إلى واقع الفقراء ونقول بصوت عال: إسرائيل غير قادرة على مواجهة تحدي الحوثيين من اليمن. لقد فشلت إسرائيل في مواجهة الحوثيين من اليمن. لقد استيقظت إسرائيل متأخرة جداً في مواجهة التهديد القادم من الشرق، وهي تجرها ضعفاً في ردها على التهديد.
وزادت "المحزن في الأمر برمته هو أن إسرائيل لا تبلور خطة حقيقية ضد التهديد القادم من الشرق.
وقالت معاريف "تمتلك إسرائيل أسطولاً من سفن الصواريخ والغواصات التي لا تُستخدم فعلياً لسبب ما ضد الحوثيين في اليمن. لدى إسرائيل قيادة "الدائرة الثالثة" داخل الجيش الإسرائيلي، والتي كان من المفترض أن تنسق الاستخبارات في المنطقة الشرقية وقدرات الهجوم. وفوق كل شيء، تمتلك إسرائيل سلاح الجو".
وترى أن "قصف خزان وقود أو بعض زوارق القطر القديمة في ميناء صغير في اليمن يشبه تماماً قصف الكثبان الرملية في غزة، أو موقع من الورق المقوى لحماس أمام ناحال عوز. ويجب على إسرائيل أن تتخذ قرارا حقيقيا للتصرف بشكل حاسم. ليس فقط في اليمن، بل أيضاً ضد القائمين على أنشطة الحوثيين والمبادرين إليها، والذين، على حد علم المخابرات الإسرائيلية، لا يتمركزون في صنعاء بل في طهران".
ماذا وراء سقوط الصواريخ في قلب البلاد؟
من جانبها صحيفة "والا" تطرقت إلى فشل منظومة الدفاع الإسرائيلي في اعتراض الصاروخ الباليستي القادم من اليمن.
وقالت الصحيفة إن الصاروخ الذي يناور بعد دخوله الغلاف الجوي، وهو من اختراع الأميركيين والروس من أيام الحرب الباردة، يشكل تحدياً مختلفاً.
وحسب الصحيفة فإن المناورة تهدف إلى تعطيل تحديد نقطة التأثير، وقدرة الصواريخ الاعتراضية على إصابة الصاروخ الباليستي. سيتوقعون أن يستمر الصاروخ في مسار معين، وبعد أن يكونوا في الجو بالفعل سيتبين لهم أنه تحول في اتجاه مختلف، ولن يتمكنوا من ضربه، بسبب السرعات الهائلة التي يتحرك بها الصاروخ. يتم الاعتراض عندما يطير كل من الهدف والمعترض بسرعة آلاف الكيلومترات في الساعة".
وذكرت صحيفة "والا" في تقرير لها تحت عنون: فشل الدفاع واستغربت الصواريخ أيضاً: ماذا وراء سقوط الصواريخ في قلب البلاد؟ "منذ فترة طويلة، يزعم الإيرانيون أنهم طوروا صواريخ باليستية ذات رأس حربي مناور قادر على خداع الدفاع الجوي الإسرائيلي. هل هذا ما تسبب في تفويت أنظمة الدفاع الليلة؟
وأضافت "من المتوقع أيضًا أن يقدم وزير الدفاع ورئيس الأركان وقائد القوات الجوية إجابات للجمهور، وليس مجرد التقاط الصور في الحرم السوري في أودي عتصيون".
وتابعت "بعد اعتراض الهجومين الصاروخيين الإيرانيين في أبريل وأكتوبر، كان هناك شعور في المؤسسة الأمنية بأن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي، الذي تم بناؤه باستثمار مليارات الدولارات، سيخلق بالفعل جدارًا ضد إيران. أُطلقت مئات الصواريخ على إسرائيل، وكانت الأضرار طفيفة، وكانت الوفاة الوحيدة في الشتات البدوي، في منطقة بلا حماية".
واستدركت الصحيفة العبية "الهجوم على رمات أفيل بالأمس، والهجوم على يافا هذا الصباح، يثيران مخاوف من أن الإيرانيين يعرفون أيضًا كيفية استخلاص الدروس من ساحة الاختبار الكبيرة والمستمرة التي كان علينا أن نوفرها لهم، سواء في عمليات الإطلاق من إيران نفسها أو في عمليات إطلاق متتابعة. الصواريخ القادمة من اليمن والتي تزودها إيران بالحوثيين".
تقول "بحسب التحقيقات الأولية، فقد تم تفعيل أنظمة الاعتراض الليلة، وفشلت الصواريخ الاعتراضية في اعتراض الصاروخ الذي أطلق من اليمن. الآن، يركز التحقيق الأكثر شمولاً الذي تجريه القوات الجوية بالتعاون مع مديرية الجدار بوزارة الدفاع وصناعة الفضاء الجوي ورافائيل على مسألة الخطأ الذي حدث بالضبط، وخاصة ما إذا كان حادثًا لمرة واحدة أم حادثًا جديدًا وجديدًا. سلاح يكسر قواعد اللعبة قدمه الإيرانيون للحوثيين".
ونقلت صحيفة "والا" في تقرير آخر لها عن سكان الحي، إن السقوط وقع أثناء عملية الإنذار، أثناء توجههم إلى الملجأ. وقال نسيم الذي يعيش في مخيم للاجئين: "وقع انفجار خطير ومخيف للغاية. استعدنا للنزول إلى الملجأ وفي الطريق إلى هناك سمعنا بالفعل انفجارا هز جميع نوافذ المنزل. قبل انتهاء الإنذار". مبنى بالقرب من التأثير.
وأضاف: "مع قليل من التأخير، كان من الممكن أن أكون في المنزل، وبهذه الطريقة لم يكن لدى أولئك الذين يعيشون في الطوابق العليا الوقت للوصول إلى الملجأ وكان من الممكن أن يصابوا. هذا غير منطقي".
تصعيد خطير
من جهتها وصفت صحيفة "جيروزاليم بوست" فشل اعتراض الصاروخ بالتصعيد الخطير وقالت "يُظهر أن إسرائيل لا تستطيع الجلوس مكتوفة الأيدي والسماح للحوثيين بالهجوم، كما كانت الحال لمدة عام وشهرين".
وأضافت "كما يُظهر أن الصور فوق جبل الشيخ مع المسؤولين الإسرائيليين وكبار القادة العسكريين الذين يعلنون النصر على ما يبدو ليست كافية لوقف الحوثيين، أو حماس، التي لا تزال تحتجز 100 رهينة".
وأوضحت أن إسرائيل تواجه أيضًا تحديات مع حزب الله. لم يعد الكثير من الناس إلى الحدود، لأن وقف إطلاق النار لمدة شهرين قد يكون هشًا. وهذا يوضح أن الشعور بالنصر الذي شعرت به إسرائيل قد يكون في غير محله.