طالب البنك الدولي الأحزاب السياسية الباكستانية وصانعي السياسات في البلاد بالتوافق على برنامج الإصلاح الاقتصادي في ظل الاستعدادات للانتخابات العامة المقررة في الأسبوع الأخير من يناير/كانون الثاني المقبل، وسط أزمة مالية خانقة نتيجة تواصل ارتفاع التضخم وتراجع احتياطات النقد الأجنبي.

كما سلط البنك الدولي الضوء على 5 مجالات رئيسية لإنعاش الاقتصاد الباكستاني المتعثر.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي للمدير القطري للبنك الدولي ناجي بن حسين في مكتب البنك الدولي -الجمعة الماضية- بمناسبة إطلاق برنامج جديد للإصلاحات الاقتصادية، تحت عنوان "إصلاحات من أجل مستقبل أكثر إشراقا: حان وقت القرار".

وقال حسين في المؤتمر الصحفي إن "التحول السياسي واسع النطاق مطلوب للتوصل إلى توافق في الآراء بشأن الحد الأدنى من أجندة الإصلاح بدلا من مجرد وصفها بأنها ميثاق اقتصادي".

وأضاف "لقد كان هناك الكثير من التوقف والانطلاق، وكذلك انعكاسات السياسات في الماضي، لذلك هناك حاجة إلى أجندة إصلاحات اقتصادية أوسع مع آلية تنفيذ كاملة".


اقتصاد متراجع

وفقا لبيانات البنك الدولي فإن قدرة باكستان على التحصيل الضريبي تبلغ 22% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن التحصيل الضريبي للسنة المالية 2022 بلغ 10.5% فقط.

ووفقا لتقديرات البنك، يمكن أن تساعد الجهود المقترحة في زيادة الإيرادات من 10.5% إلى 13% من إجمالي الناتج المحلي على المدى القصير، و15% إلى 18% من إجمالي الناتج المحلي على المدى المتوسط.

وحسب كبير الاقتصاديين في البنك الدولي توبياس أختر حق فإن على باكستان الاعتماد على الضرائب المباشرة وإزالة الإعفاءات الضريبية التي يتمتع بها الأثرياء وتقليل الاعتماد على الضريبة العامة على المبيعات.

وكشف التقرير أن معدل انتشار الفقر ارتفع بنسبة 5 نقاط مئوية من 34.2% إلى 39.4%، مما أدى إلى سقوط 12.5 مليون شخص إضافي تحت خط الفقر. وتضاعف معدل البطالة وارتفع من 6.3% إلى 12.2% وفقا لأحدث تقديرات البنك الدولي.

وفي هذا السياق يقول الخبير الاقتصادي شهباز رانا "إذا قلنا بأن ما يقرب من 95 مليون باكستاني يعانون من الفقر فهذا صحيح، وهو عدد ضخم جدا".

ويقول رانا في حديث للجزيرة نت إن الأزمة الاقتصادية الأخيرة في باكستان تسببت بزيادة ملايين الفقراء، وذلك بسبب انخفاض النمو وارتفاع التضخم وانخفاض الوظائف.

ويضيف رانا أن نسبة التحصيل الضريبي إلى الناتج المحلي الإجمالي فقط 10%، وهي نسبة منخفضة وباكستان بحاجة إلى زيادتها، وهذا لا يمكن إلا بفرض ضرائب على المناطق والقطاعات المعفاة.

ويتابع أن القطاع الزراعي من القطاعات الأقل تحصيلا ضريبيا، حيث يبلغ 1% من إجمالي الضرائب في باكستان في حين أن مساهمة القطاع الزراعي في الاقتصاد الكلي لباكستان تصل إلى الُخمس.

وأشار إلى أنه حسب الدستور الباكستاني فإن فرض الضرائب على القطاع الزراعي مسؤولية حكومات الأقاليم، وهو ما قد يتطلب تعديلات دستورية. وأضاف أن التحصيلات الضريبية لقطاع العقارات منخفضة كذلك.

ويقترح رانا ضرورة فرض ضرائب على قطاعي الزراعة والعقارات، بالإضافة إلى زيادة الضرائب على التصدير والاستيراد، وهو ما من شأنه أن يرفع مساهمة الضرائب في الناتج المحلي الإجمالي إلى 13% على المدى القصير.

ويرى رانا أن توصيات البنك الدولي لا تعني فرض هذه الضرائب فورا، بل هي مقترحات للحكومة الجديدة التي سيتم انتخابها في الانتخابات المقبلة.

وأشار تقرير البنك الدولي إلى أن باكستان يمكنها رفع نمو ناتجها المحلي الإجمالي من 7% إلى 8% عن طريق زيادة الاستثمار إلى 25% من الناتج المحلي الإجمالي.

طوابير أمام إحدى محطات الوقود في باكستان (رويترز) الحاجة لإصلاحات

الصحفي المختص في الاقتصاد خالق كياني قال في مقال له في صحيفة "داون" الباكستانية إن تصريحات البنك الدولي تعتبر تحذيرا لباكستان قبل الانتخابات العامة المقبلة، لاتخاذ خيارات مبكرة تتناسق مع سياسات شركاء التنمية والمقرضين الدوليين.

كما قال كياني إنه "يتعين على باكستان أن تقرر إما التقاعس في ظل سيطرة النخبة وقرارات سياسية مدفوعة بمصالح راسخة قوية للقادة العسكريين والسياسيين ورجال الأعمال أو تغيير المسار للانطلاق نحو الأفضل".

ووفقا لوثيقة البنك الدولي، في ما يتعلق بقطاع العقارات والأراضي، فلا تزال مصادر الدخل المحتملة المهمة غير مستغلة. كما حددت الوثيقة عدة مشاكل تتعلق بقطاع العقارات، منها:

انخفاض معدلات الضرائب: وهو ما يجعل الاستثمار في العقارات أكثر ربحية مقارنة بالتصنيع أو الخدمات القابلة للتداول، ومن ثم تشويه تخصيص رأس المال وتقليل إمكانات النمو. انخفاض معدلات الضرائب الفعلية لضريبة الممتلكات غير المنقولة، مما يؤدي إلى تشويه أسواق الأراضي والإسكان. الاختلافات الكبيرة في معدلات الضرائب الفعلية بين العقارات المستأجرة والممتلكات التي يشغلها أصحابها تشوه أسواق الإسكان والإيجارات. عدم كفاية التدرج التصاعدي في ضرائب الأراضي يفيد أصحاب العقارات ذات القيمة العالية على حساب حقوق الملكية.

وفي القطاع الزراعي يقول البنك الدولي إن عائدات ضريبة الدخل الزراعي ضعيفة للغاية رغم أن القطاع يمثل حوالي 22.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن 90% من المزارعين معفيون من ضريبة الدخل الزراعي.

احتياطات النقد الأجنبي في باكستان تواصل تراجعها وهو ما يؤثر سلبا على الاقتصاد (غيتي)

كما أشار البنك إلى أن تعقيد وتداخل نظام الضرائب في باكستان يعرقل جهود تحصيل الإيرادات ويجعله أكثر صعوبة بالنسبة للأفراد والشركات.

وقد حدد البنك 5 مجالات رئيسية يمكن أن تساعد على إنعاش الاقتصاد الباكستاني، وهي:

إغلاق الإعفاءات الضريبية التنازلية للشركات التي تفرض تكاليف مالية كبيرة، في حين لا تحقق سوى القليل من الفوائد الاقتصادية، وهو ما يساعد على توليد إيرادات تعادل نحو 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي. إغلاق ثغرات ضريبة الدخل الشخصي وتعديل الشرائح الضريبية. ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة الإيرادات الإضافية بنسبة 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي. زيادة الرسوم الجمركية على السلع الضارة، مثل السجائر وجميع منتجات التبغ بمعدل موحد لجميع العلامات التجارية وتعديل التضخم التلقائي، مما يساعد على توليد 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي في شكل إيرادات إضافية. خفض النفقات الضريبية في قطاع الطاقة والاستجابة لجائحة كورونا. وعلى سبيل المثال تشير وثيقة البنك الدولي إلى أن الإعفاءات والامتيازات الضريبية أدت إلى نفقات ضريبية بلغت 2.7% من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2021. إزالة الإعفاءات للمواد الغذائية بما في ذلك الزيت والبقوليات والحيوانات والفواكه ومنتجات الألبان، مما يؤدي إلى توفير 100 مليار روبية (348 مليون دولار) من الإيرادات.

وقال البنك الآسيوي للتنمية في تقريره الصادر قبل أسبوع إن التزام باكستان ببرنامج التكيف الاقتصادي حتى أبريل/نيسان 2024 سيكون أمرا بالغ الأهمية لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلي والتعافي التدريجي لنمو البلاد.

ووفقا لتوقعات التنمية الآسيوية لشهر سبتمبر/أيلول الجاري، فإنه من المتوقع أن ينتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي لباكستان بنحو 1.9% في السنة المالية الحالية (1 يوليو/تموز 2023 إلى 30 يونيو/حزيران 2024) من 0.3% في السنة المالية السابقة، مشيرا إلى بقاء الأسعار مرتفعة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

"المركزي": الاقتصاد العُماني يحافظ على مسار النمو الإيجابي مدفوعًا بتعافي القطاعات غير النفطية

 

 

 

◄ الحفاظ على معدلات تضخم منخفضة بفضل الإجراءات السليمة ماليًا ونقديًا

◄ 1.3% نموًا في الناتج المحلي الحقيقي بنهاية 2023

◄ 2.2% فائضًا ماليًا من الناتج المحلي.. وخفض الدين العام إلى 36%

◄ القروض المتعثرة ظلت منخفضة عند 4.5%

◄ توقعات باستقرار أسعار النفط عند مستويات جيدة

 

 

مسقط- العُمانية

أكّد البنك المركزي العُماني أن النشاط الاقتصادي العُماني استمر خلال العام المنصرم في التوسع والحفاظ على مسار النمو الإيجابي، مدفوعًا بشكل أساسي بتعافي القطاعات غير النفطية.

وفي تقريره السنوي لعام 2023، وأشار البنك إلى أن معدل التضخم المحلي ظل منخفضًا، نتيجةً للإجراءات السليمة على صعيد السياسات المالية والنقدية المُتخذة من قبل الحكومة، موضحًا أن الأرصدة المالية والخارجية حققت فوائض جيَّدة خلال عام 2023، مع انخفاض الدين العام بشكل كبير مقارنة بعام 2022.

وبين التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سجل نموًّا بنسبة 1.3 بالمائة مقارنةً مع 9.6 بالمائة في عام 2022، ويُعزى ذلك إلى خفض الإنتاج المتفق عليه من قبل مجموعة "أوبك بلس"، الذي أدى إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي بنسبة 0.4 بالمائة في العام الماضي، في حين بلغت نسبة نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي 2.4 بالمائة بالقيمة الحقيقية مقارنةً بمعدل النمو المسجل في 2022 والبالغ 9.1 بالمائة.

وأوضح التقرير أن النمو الحقيقي في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي خلال عام 2023 يُعزى بشكل أساسي إلى قطاعات الزراعة وصيد الأسماك التي سجلت نموًّا بنسبة 6.9 بالمائة، وقطاع الخدمات بنسبة 3.5 بالمائة، في حين انخفضت الأنشطة الصناعية غير النفطية بنسبة 0.4 بالمائة.

وشهدت سلطنة عُمان خلال عام 2023 انخفاضًا ملحوظًا في معدل التضخم، مستفيدةً من إطار السياسة النقدية ونظام سعر الصرف الثابت وتدابير السياسة المالية، وبلغ المعدل 0.9 بالمائة، منخفضًا عن النسبة المسجلة خلال عام 2022 والبالغة 2.5 بالمائة.

وواصل الوضع المالي لسلطنة عُمان مسيرة التحسن، مع الحفاظ على مستوى جيد من الفوائض في عام 2023، مدفوعًا بأسعار النفط المواتية وتبني تدابير فاعلة إضافة إلى تحسين إجراءات الضبط المالي.

وحققت الحكومة فائضًا ماليًا بنسبة 2.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2023، وتمكنت من خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ 36.0 بالمائة في العام الماضي، منخفضًا عن النسبة المسجلة في عام 2022 والبالغة 40.2 بالمائة، كما شهد التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان تحسنًا إيجابيًا ومتواصلًا خلال عام 2023.

وأظهر التقرير أن القطاع المصرفي في سلطنة عُمان شهد تحسنًا في الأداء؛ حيث ارتفع إجمالي أصول القطاع بنسبة 7.8 بالمائة ليصل إلى 41.8 مليار ريال عُماني بنهاية عام 2023، وارتفع إجمالي الائتمان الممنوح إلى 30.5 مليار ريال عُماني بنمو قدره 4.3 بالمائة، كمت ارتفع إجمالي الودائع إلى 29.1 مليار ريال عُماني بنمو قدره 12.3 بالمائة.

وذكر التقرير أن إجمالي القروض المتعثرة ظل منخفضًا عند 4.5 بالمائة في ديسمبر 2023، كما بلغت نسبة كفاية رأس المال 18.9 بالمائة، بينما ظلّت مستويات السيولة لدى البنوك جيدة كما يتضح من خلال نسب السيولة المقررة واستمرت المجاميع النقدية في التوسع بشكل معقول خلال عام 2023، حيث سجلت الاحتياطيات "القاعدة النقدية" نموًّا بنسبة 1.0 بالمائة، ونمو النقد بمعناه الواسع بنسبة 13.1 بالمائة.

ومن جهة أخرى، ظل أداء القطاع الخارجي قويًا خلال عام 2023، مدعومًا بالنمو الإيجابي للميزان التجاري والتحسينات في كل من حساب الخدمات وحساب الدخل الأولي، ما أسهم في الاستمرار بتحقيق فائضٍ تجاري في رصيد الحساب الجاري، كما انخفض عجز حساب الخدمات بنسبة 23.6 بالمائة، وشهد الدخل الأولي تحسنًا ملحوظًا، مدفوعًا بانخفاض الديون في دخل الاستثمار المباشر والتوسع في إجمالي أرصدة دخل الاستثمار، ليحقق الحساب الجاري فائضا قدره مليار و14 مليون ريال عُماني في عام 2023.

وسجل الحساب المالي ارتفاعًا في صافي التدفقات الخارجة وصافي الإقراض بمبلغ مليار و227 مليون ريال عُماني في عام 2023؛ نتيجة للتدفقات في استثمارات المحفظة والاستثمارات الأخرى التي تعكس بشكل رئيس ارتفاع مدفوعات الحكومة والشركات لسداد الدين خلال العام الماضي.

وأكد التقرير أن آفاق الاقتصاد الكلي للاقتصاد العُماني مواتيةً، مدعومةً بالتحسينات المستمرة في إطار التوجه الإستراتيجي لـ"رؤية عُمان 2040" وأسعار الطاقة التي من المتوقع أن تحافظ على فوائض الميزان المالي والخارجي.

وتوقع التقرير أن تظل أسعار النفط عند مستويات جيدة ما يوفر دعمًا حيويًا للأنشطة النفطية، كما يتوقع أن يرتفع النمو غير النفطي تدريجيًا ليصل إلى 3 بالمائة على المدى المتوسط، مدعومًا بتعافي الطلب العالمي والإصلاحات المستمرة والتمكن من استقطاب مشروعات استثمارية كبيرة وسط تحول يتجه نحو الاستثمار في القطاعات غير النفطية.

ومن المتوقع أن تشهد آفاق المالية العامة لعام 2024 المزيد من التحسن، مدعومةً بأسعار النفط المواتية وإجراءات ضبط الأوضاع المالية والتي أثرت بشكل إيجابي على المركز المالي والخارجي للدولة.

مقالات مشابهة

  • 297 مليار درهم الناتج المحلي الإجمالي لأبوظبي
  • طلعت: قطاع الاتصالات يساهم بـ 6% فى الناتج المحلى الإجمالي
  • نمو الناتج المحلي الإجمالي لإمارة أبوظبي بنسبة 4.1% في الربع الثاني من 2024
  • أبوظبي.. 6.6% نمو الناتج المحلي غير النفطي في الربع الثاني
  • مركز الإحصاء – أبوظبي يكشف عن نمو الناتج المحلي الإجمالي للإمارة بنسبة 4.1% في الربع الثاني من 2024
  • وزارة المالية تتوقع عجز ميزانية السعودية في 2025 بنسبة 2.3 من الناتج المحلي
  • لزيادة المساهمة في الناتج المحلي.. رئيس الوزراء يلتقي وزير الشباب والرياضة
  • اقتصاد بريطانيا ينمو لكن بوتيرة أبطأ من التقديرات الأولية
  • المحتوى المحلي يحفز الاقتصاد الوطني ويرفع كفاءة المشروعات
  • "المركزي": الاقتصاد العُماني يحافظ على مسار النمو الإيجابي مدفوعًا بتعافي القطاعات غير النفطية