خلال الستة أشهر الماضية خسر الجيش الكثير وخسر الدعم السريع أكثر منه وخسر المواطن أضعاف ماخسره الطرفين
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
أثبتت الأيام اننا لم نكن مخطئين حين أدركنا مسبقاً أن هذه الحرب حرب عبثية استنزافية لن ينتصر فيها أحد بقوة السلاح في وقت قريب واذا تحقق الانتصار سيكون الخراب أكثر وأكبر وأوسع !
قلنا سلفا أن أطراف خارجية تسعى لاستمرار الحرب منهم تجار السلاح ومنهم تجار المخدرات ومنهم دول تريد أن تبعد السودان من اي مشاريع تجارية واستثمارية وتنموية ولن يتحقق لها ذلك إلا بالحرب واستمرارها !
استمرت الحرب حتى فتر دعاة بل بس وايقنوا أنهم لم يوفقوا في موقفهم هذا فالحرب منذ أسبوعها الرابع تحولت لحرب ضد المواطنين في أموالهم وممتلكاتهم وهدمت الدولة حين استهدفت مخزونها الاستراتيجي وبنيتها التحتية واقتصادها ومؤسساتها القومية والأمنية والسياسية فتركت الخرطوم عارية من كل غطاء !
ستستمر الحرب وكلما تمكن طرف من اقتراب كسر يد الآخر بعث الطرف الآخر القوة في الذي كاد أن ينهزم فيستعيد قوته ويبدأ الحرب كأنه يخوضها من البداية وهذا هو النموذج السوري الذي حذرنا منه وكأنه القوم لا يريدوا أن يتعظوا أو يتعلموا الدرس من حواليهم!
استمرار هذه المعركة دون أي اشارات نصر لصالح الجيش ربما يبرهن الحديث حول أن الجيش كمؤسسة وأفراد لم يكن يعلم بهذه الحرب ولم يكن مستعدا لها فدخول الجيش في حرب كهذه يكون قد أعد لها مسبقا العدد الكافي من الجنود والقادة واعد المال والسلاح وفق خطة مدروسة ولكن أن يقول الجيش بأنه تفاجأ بهذه الحرب وهو الي أطلق رصاصاتها الأولى تلك الرصاصة التي سبقها استعداد وجاهزية وحشود عسكرية قام بها الدعم السريع أمام نظر قادة وضباط الجيش فهو أمر مهول ويدعوا للوقفة والحيرة !!
خلال الستة أشهر الماضية خسر الجيش الكثير وخسر الدعم السريع أكثر منه وخسر المواطن أضعاف ماخسره الطرفين الذين جعلوا من الحرب الأهلية قاب قوسين أو أدنى بالإضافة للمجاعة التي تهدد الأغلبية العظمى من سكان السودان !!
مازلنا نعول على ذو بصر وبصيرة يؤمن بالحوار والحل السلمي الذي يمهد لمصالحة وطنية ظل السودان بحاجة إليها منذ الاستقلال ولكن نخبه السياسية الفاشلة قصيرة النظر أبت إلا أن تراكم المشاكل لتتحملهها الأجيال التي تليها ومازلنا ندفع ثمن عدم اعترافنا ببعضنا وان يكون الجميع شركاء في مصير هذا البلد دون أن تحتكره فئة بعينها لتنوب عنه في مصيره ومصير شعوبه المختلفة
سيدي البرهان الحل يكمن في الحوار لوقف هذه الحرب التي كنت تتحاشى وقوعها انت وثلة من عقلاء الجيش في وقت سابق لانك تعرف عن قرب حجم قوة الجيش وحجم قوة الدعم السريع الذي كان يقاتل في الأرض نيابة عن الجيش !
اذهب للحوار ولا تلتفت لخيار( بل بس) كما ذهب السادات من قبل لمصالحة العدو الإسرائيلي وترك جماعة اللاءات الثلاثة يلحقون به ويتركون فارغتهم وجعجعتهم التي لم ولن لتهزم اسرائيل أو حتى تؤذيها الى يومنا هذا !
انور الباهي
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
ماذا تبقى في جعبة الجيش السوداني والحركة الإسلامية من خيارات لتفادي خسارة الحرب؟
كتب إبراهيم سليمان
منذ استيلائهم على السلطة بقوة السلاح في يونيو 89، أصبح الجيش السوداني والحركة الإسلامية، سيان، يكملان بعضهما البعض، لتحقيق غاية واحدة، ألا وهي الاستئثار بالسلطة والثروة والحفاظ عليهما بكافة السبل وكيفما اتفق، غض النظر عن التكلفة الأخلاقية والوطنية والإنسانية. سولت لهم أنفسهم في أبريل 2023م بأنه بإمكانهم، بضربة خاطفة، تدمير قوات الدعم السريع، وإبادتها، لقطع الطريق إمام مشروع الاتفاق الإطاري، واستعادة السلطة التي انتزعت منهم في أبريل 2019م، بمساندة قهرية ومعنوية مقدرة من قوات الدعم السريع.
يبدو أن سهولة نجاح انقلابهم في يونيو 89، جعلهم يستمرؤون المغامرات، ظانين أنهم يحتكرون "الرجالة" والشهامة والإقدام، وليس بمقدور أحد أن يقف في وجوه كتائبهم المتطرفة "ودبابيهم" الأصولية، لكن أثبتت لهم الأيام أن تقديراتهم خاطئة، وليست كافة الطيور عصافير وادعة، وإنما هنالك جوارح كاسرة، لحومها أمرّ من الحنظل.
يقول المثل، من يوقد نار الفتنة، يتدفأ بها، فالجيش السوداني، الذي يحمل بندقية الحركة الإسلامية، ليرهب بها الشعب السوداني، ويستخدمها في قهر الإرادة الشعبية، امتثلاً لقرار إشعال الحرب المتخذ من قبل كتائب الإسلاميين المتعطشة لإراقة الدماء، حفاظاً على الامتيازات الخرافية لقياداتها، وتنفيذا لالتزامهم التنظيمي في الخطأ والصواب، وفي المنشط والمكره.
منذ الوهلة الأولى لاندلاع الحرب، تبيّن للجيش السوداني، والحركة الإسلامية، فضاحة خطأهم، وبدلاً عن الجنوح للسلم، والجلوس للتفاوض لتدارك ذلك الخطأ المميت، طفقوا يهربون إلى الإمام، بتجريب الخيارات المطروحة أمامهم ميدانياً، لوقف وتيرة الهزائم المتصاعدة لقواتهم على كافة الجبهات، بدأوا باستدعاء المعاشيين من القوات النظامية، والكتائب غير النظامية، والمليشيات الشعبية، ولم ينتظروا حصيلة تلك النداءات العاجلة، فاعلنوا استنفاراً شامل للمواطن السوداني، مستهدفين شباب الحركة الإسلامية، ثم عرجوا إلى شراء بنادق الحركات المسلحة، التي تتاجر في الحرب، ولما لم يجدي كافة هذه الخيارات نفعا، فتحوا مخازن الأسلحة لتسليح أي مواطن يرغب في حمل السلاح، فشلت كافة هذه الخيارات التي طرحت تحت الفرية التي اطلقوا عليها "حرب الكرامة" في وقف تقدم وتمدد قوات الدعم السريع في ولايات السودان، والولاية تلو الأخرى.
في غضون ذلك استعانوا بسلاح الجو المصري، لضرب حواضن قوات الدعم السريع في غرب السودان، في استهداف جهوي غير مسؤول، في محاولة يائسة لتركيعها وإرعاب حواضنها، وأخيراً استعانوا بالرئيس الأريتيري أسايس أفورقي، لتدريب وتسليح الأورطة الشرقية، التي تشكلت حديثاً عوضاً لفشل لما عرفت "بالمشتركة" من قوات الحركات المسلحة الدارفورية، التي تورطت في وقوفها مع الجيش، للمساعدة في عودة حزب المؤتمر الوطني لسدة الحكم. هذا بالإضافة إلى استجداء السند الروسي، والتملق للدعم الإيراني والتركي والقطري.
أمنياً مارست استخبارات الجيش السوداني، أبشع أنواع التنكيل جماعياً وفردياً على هويات المكونات المحسوبة افتراضاً على قوات الدعم السريع، فذبحوا أبرياء من الوريد إلى الوريد ذبح الخراف على الهوية، وبخروا البطون، ولاكوا الأكباد، وعقدوا محاكم التفتيش ونصلوا المشانق بالشبهات، وسمموا موارد مياه الشرف، ولم يتركوا شنيعة أو موبقة لم يرتكبوها كمحاولة يائسة لترهيب المواطن السوداني من الوقوف مع قوات الدعم السريع، ومساندتها.
شككوا في سودانية منسوبي قوات الدعم السريع، ووصفوهم بعرب الشتات، وأنهم مرتزقة، ولم يزدهم ذلك إلا إصرارا على البسالة والإقدام.
اتهموا دولة الإمارات العربية المتّحدة أنها تساند قوات الدعم السريع، وأنها تسعى لحرق السودان، وتخطط لتدمير مقدراتها، وصدعوا رؤوس عضوية مجلس الأمن بالشكاوى المتكررة والمتشنجة، مطالبين بالتحقيق في مزاعمهم السطحية، وملتمسين وصم قوات الدعم السريع بالإرهاب، وكانت حصيلتهم الدبلوماسية، عبارة صفر كبيرة. وظل الفريق البرهان، يرقع في حكومته الانقلابية غير الشرعية، المرة تلو المرة، ولكن يبدو أن الرتق قد اتسع على الراتق، وأخيراً ترك للمخابرات المصرية، اختيار وزير خارجية حكومة بورتسودان النازحة، من بين الدبلوماسيين السودانيين، فاختارت العجب العجاب، الذي يسعى بوتيرة حثيثة لإشعال حرب سودانية أثيوبية بالوكالة عن فرعون مصر!
لوحوا بالفصل وأومأوا بالانفصال، وعزموا على عقد امتحانات الشهادة السودانية مستثنين مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، ولوحوا بتغير العملة، وحظروا الحصول على جوازات السفر أو تجديدها على مكونات سودانية بعينها في كل دول العالم، وقطعوا خدمات الاتصالات وشبكات النت عن غرب السودان، واستجدوا الاحتلال المصري، لإنقاذ دولة ــ 56 التي تبقي السودان كحديقة خلفية وارفة لمصر، ولا يزال فرعون مصر، يتثاءب من هذا الطلب، ولم يكلف نفسه، مواراة تثائبه، أو أن يخفي تثاقله من هذا الخيار، الذي لا يحتمل مجرد الهظار.
ماذا تبقى في جعبتهم، ليخرجوه أملاً في حسم الحرب لصالحهم؟
لا شيء سواء استخدام السلاح الكيماوي، إن تمكنوا من الحصول عليه حصرياً، قبل تحرير الفاشر، والذي يعتبر بداية النهاية لدولةــ 56 المحتضرة، وهي مسألة وقت لا أكثر.
ebraheemsu@gmail.com
//إقلام متّحدة ــ العدد ــ 176//