سناء حمد: الحكيم مريدة .. الناصح النبيل
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
ظننت منذ بضع سنين ان السودان اصبح قفراً من الحكماء ومن الشجعان ، وكان القلق عظيماً على مستقبل دولة خاليةٍ منهم و وقد غدت بلا رموز ، ولكن لأن المحن في طيّها دوماً المنح ..فإن السودان وهو يقف عند الهاوية والموت يحوِّم فوق ارضه اول يومٍ للانقلاب الدموي الفاشل والذي تحوّل لحربٍ ضروس غير مسبوقة في بشاعتها ووحشيتها وطول امدها ، ففي ذلك اليوم ومع استشهاد خمسةٌ وثلاثون بطلا من ضباط وجنود الحرس الرئاسي ، وقفوا في عين الردى مع بضع مئات من الضباط والجنود في القيادة العامة كُسر الانقلاب ، وكان السودان يصرخ يومذاك ” انا ارض الرجال والشجعان “!
ثم تتالت رموز الشجاعة والصمود ، قوافل من الشهداء الابطال تسد مكانهم قوافل من الشجعان الصامدين لأجل هذه الارض وشعبها .
هولاء هم الشجعان ، فأين هم الحكماء !! الحكمة لها مواصفات ، هي شجاعة وجراءة ، الحكمة هى حراسة للاخلاق والقيم وهي بعد نظر واستبصار للمألات والنهايات وتسامي على حظ النفس ، هي بصيرة وخبرة وبعد نظر ..اين الحكماء؟! ، ثم استمعت اليه ..ورغم طول التسجيل اعدته عديد مرات ، وانا اقول هذه هي البداية ، ما زال في هذه البلاد حكماء !
لقد كان من هناك من ارض عرفت بالحكمة ، من ديار المسيرية ، انساب صوته بقوة ووضوح وحسن منطق ، أحد أعيان المسيرية العجايرة السيد / مريدة جقر حامدين، الذي فصِّل بوضوح ما جرى في الفولة من نهب وسلب وخطف ،
وقال بوضوح ان من فعل ذلك هم اولاً بعضاً من المتفلتين الذين تدعمهم وتحميهم البطون التي ينتمون اليها ! فأمعنوا في استغلال هذه الحماية من المساءلة لمزيد من التجاوزات التي هددت الأمن والاستقرار. ، وثانياً شبابهم العائدون من الخرطوم بعد ان شاركوا في استباحتها تحت راية الدعم السريع ، لقد وضع الحكيم مريدة يده على الداء ، وهو المجاملات التي تمت وتتم مع المتفلتين والمخطئين وقد اضاعت المجاملات السودان كله ، وهددت وجوده الان !! لقد استنكر العديد من الظواهر التي حدثت وتوقف عند ما رآه سلوكاً غريباً ودخيلاً على المسيرية كنهب البيوت وخرق المؤسسات وخطف التجار و الفتيات والمطالبة بالفدية !! .
إن اهمية هذا التسجيل القوي كبيرة ” على الاقل عندي “، الاولى اهمية معنوية ، فللمسيرية في نفوس أهل السودان مكانةً كبيرة وعظيمة ولهم في هذه البلاد يدٌ وسبق ، وعندي انا مكانتهم كانت وما زالت خاصة فبعض اقرب اخوتي واصدقائي منها ، وهم جميعاً نبلاء وقادة اصحاب قيم ومرؤات وشهامة .
ومن هذه القبيلة احد اهم قادة السودان وحكمائه المعدودين الناظر بابو نمر .
ان قتل الابرياء العزّل واغتصاب النساء ونهب البيوت وتهجير الاسر من بيوتها وامتهان كرامة الشيوخ والعجائز ، عار ثقيل سجله التاريخ ، و يتواصل قادة الدعم السريع مع العديد من القيادات والنخب ، يتبرأون منه ويتهمون به المسيرية الذين نقف عندهم تاريخهم اكباراً لهم واحترماً لانهم حموا السودان واهله طوال تاريخهم وكانوا فاعلين في مسيرة هذه البلد وكانوا منهم قادة الجيش والرأي .
كان السودان كله بحاجة ليخرج احد مُقدَمي المسيرية ليتبرأ علناً مما فعله الذين جيّشهم آل دقلو وسماسرة الحروب المعروفون فرداً فرداً والذين سلمت قوائم منهم كمسؤولين من هذه الفظائع ، التي ذكر قادة الدعم عبر رسلهم انها لم تكن توجيهاتهم بل بتحريض من هولاء الذين ذكروهم بالاسم !! ،
!
ستنتهي ” كتلة الخرطوم ” بعشرات الالوف من القتلى وهم خصمٌ على السودان كبير ، ولكنها في أوان قدّره الله ستنتهي ، وعساه يكون يوماً قريباً ، سيخسر الجشعون معركتهم ، ولكن دمارهم الذي احدثوه سيمتد ، فمغامرتهم كانت خصماً على الوجود العربي حيث كان ، ففي النيجر افقدهم طموح ال دقلو كل المكاسب التي حققوها عبر عقود واعادهم محض اقلية يترقبون مصيرهم المظلم ! ! وسيكون الامر كذلك في غرب افريقيا والساحل ، ستدفع القبائل التي شاركت في هذه الجريمة الثمن في دولها وسيصبح المقاتلين المهزومين والهاربين من السودان وبالاً على اهلهم وقبائلهم ..وسنتأكد انهم سيدفعون ثمن ما فعلوه في بلادنا مضاعفاً !
لقد اشار الحكيم حامدين الى خطورة تجييش المليشيا لهذه المجموعات تحت شعار ” ما تلقاه في وشك حقك ” اي ان كل ما تعثر عليه في الخرطوم وباي وسيلة فهو ملك لك ! لقد اعلنوا حرباً بلا اخلاق ، وكانت ساحة معركتهم الكبرى بيوت الناس واجساد النساء ! لقد ايقظت هذه الدعوة الوحش الكامن في كل نفسٍ لا دين عاصم لها ولا سلطة تخاف منها ، انطلقت حرب بربرية بمعنى الكلمة ، كان المقاتلون فيها وحوش تعلمت كيف تسحق الروح بلا تردد وتهتك الاعراض بلا مرؤة وتنهب البيوت والممتلكات بلا ذرة خجل ، لقد حوّلوا شباب صغار السن في البادية وعديد من المتفلتين والجشعين لماكينة دمار شامل ، والى جيش من اللصوص لا يعرفون حدودا ولا حرمات .
طالب السيد مريدة الادارة الاهلية ان تقوم بدورها في ضبط شبابها وحسم التفلتات ، والابتعاد عن المجاملات … حتى لا يتمدد الحريق ، ومن باب النوايا الحسنة هذه تم تدمير السودان وكسر انسانه ، !
يا سيدي السودان كله يحتاج لنصيحتك هذه ، يحتاج الى ان تقوى فيه مؤسسات الدولة وتُسند وأن يحميها الشعب كما فعل عمد المسيرية مع مؤسسات الدولة في الفولة ، ا..
على اعمامنا واخوتنا قيادات وحكماء المسيرية سحب ابنائهم من الخرطوم ، التي قتل فيها الالاف وتركت جثث معظمهم على الطرقات نهباً للكلاب ! إن هولاء المغرر بهم لا يستحقون هذه الميته ، ! وبالمقابل نال السماسرة من المسؤولين السابقين والعمد والاعيان عن كل فرد منهم جندوه مبلغا وقدره فتضخمت حساباتهم البنكية وتحسنت حياة اسرهم وابنائهم !!!
كلما طال مكوث ابنائكم في الخرطوم بين اولئك المرتزقة عادوا اليكم بنصف عقل من المخدرات وحبوب الهلوسة ، عادوا اليكم وهم قد اعتادوا الحياة تحت ظل بنادقهم ، يتحركون ويعيشون كوحوش ضارية ، تقتل وتغتصب وتنهب وتحرق وتدمر ، سيعودون ليفعلوا بكم ذلك ..ستكون هناك عشرات الحرائق لمدنكم وقراكم بايدي ابنائكم العائدين من جحيم ال دقلو واعوانهم .. سيموت المئات كل اسبوع على ايدي هولاء ..
ايها الحكماء في تلك القبائل قليل من الشجاعة وكثير من الحكمة ، سيضمن امنكم واستقراركم انتم اولاً ، إن عدوكم القادم سيكون من ثنايا ثيابكم ..انهم ابناؤكم الذين حولهم حميدتي وعبدالرحيم لالة قتل بلا عقل ولا ضمير ..انقذوا ما يمكن انقاذه لتنقذوا المستقبل ..
هذه الشدائد ، رغم قسوتها لكنها جعلت الامور اكثر وضوحا فلا حجة لاحد بأنه جاهلٌ لم يعلم او اختلطت عليه الامور …ك
سناء حمد
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
بين الوحدة والانقسام: موقف بعض قيادات “تقدم” من حكومة سلام ووحدة مقرها الخرطوم
د. أحمد التيجاني سيد أحمد
تناقلت الأسافير تهديدًا نُسب إلى بعض قيادات “تقدم”، مفاده أنهم يعتزمون فك الارتباط عن المجموعة التي قررت تشكيل حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع. إلا أن الخبر لم يحمل تفاصيل كافية، بل اكتفى بنشر صور بعض القيادات المعروفة للحركة مع النبأ المقتضب.
بطبيعة الحال، يمكن للأسافير أيضًا أن تنشر أخبارًا وصورًا لمختلف القيادات المكونة لـ”تقدم”، خاصة أولئك الذين ينادون بوقف الحرب وتأسيس حكومة سلام ووحدة، تسعى لنزع الشرعية عن سلطة الأمر الواقع القابعة في بورتسودان. كما يمكن لهذه المنصات أن تجري مقارنات عددية وديموغرافية بين الفصيلين داخل “تقدم”، متناسية النقاشات والقرارات التي تمخض عنها الاجتماع التأسيسي الثاني للحركة، الذي عُقد في عنتيبي، أوغندا، في ديسمبر ٢٠٢٤، حيث تم الاتفاق على أن تُحسم مثل هذه القضايا الأساسية بالتوافق.
لم يكن لهذا الاجتماع التأسيسي الثاني أن يُقر مبدأ التوافق إلا لضمان وحدة “تقدم” ومنع أي محاولات للانقسام، ناهيك عن منح أي طرف حق إصدار “ورقة انفصال” أو “طلاق سياسي” للأطراف الأخرى.
**تقدم: التعددية والوحدة رغم الاختلاف**
عند التأمل في المشهد العام لـ”تقدم”، نجد أنها تمثل طيفًا سودانيًا متنوعًا، يسعى أصحابه إلى وحدة المصير رغم الاختلافات، ويتبنون نهجًا سلميًا لمعالجة التباينات في الرأي والمنهج.
كذلك، لا يغيب إلا على مغرض أو من هم في غيبوبة سياسية، أن دعاة الحكومة الشرعية يسعون إلى طرح بديل حقيقي لحكومة الانقلاب الكيزانية، التي ارتكبت الفظائع ضد المدنيين، من قتل الأطفال واغتصاب النساء إلى بقر بطون الحوامل، وحمل الرؤوس المقطوعة على فوهات البنادق. ولا يغيب على عاقل أو حادب أن دعاة حكومة السلام يرون أن الحل الوحيد للحفاظ على وحدة السودان يكمن في إعلان حكومة شرعية في المناطق التي يمكن لثمانية عشر مليون لاجئ ونازح العودة إليها، تحت حماية إقليمية ودولية.
• *إن حكومة كهذه لن تُقدِم على تغيير العملة لإرهاق سكان ١٢ أو ١٣ ولاية سودانيةودفعهم إلى الهجرة القسرية.
• *ولن تمنع طلاب السودان من أداء امتحانات الشهادة الثانوية.
• *ولن تلغي جوازات سفر الغالبية العظمى من المواطنين.
بل سيكون هدفها إعادة بناء البنية الاقتصادية والصناعية التي دمّرها سلاح الجو التابع للفلول، مستعينًا بسلاح الجو المصري. كما ستركز على إعادة إعمار الجسور والمستشفيات والجامعات التي استهدفتها الغارات الجوية، في محاولة لتحقيق حلم **دولة البحر والنهر**الانفصالية، أو إعادة إحياء مشروع **دولة وادي النيل**الاستعمارية، التي تسعى إلى ضم السودان تحت النفوذ الاستعماري المصري من جديد.
ولكن، هل يمكن تحقيق هذا المشروع دون إرادة السودانيين؟ وهل يمكن فرض واقع سياسي جديد دون توافق القوى الفاعلة في البلاد؟ هذا هو السؤال الجوهري الذي تتجاهله بعض الأطراف المتحمسة لحلول غير واقعية، تتجاهل تعقيدات المشهد السوداني.
**بين التوافق والانقسام: المسار المستقبلي لـ”تقدم”**
إن جوهر الصراع داخل “تقدم” ليس مجرد انقسام بين تيارين، بل هو صراع بين رؤيتين:
• *رؤية تدعو إلى الحل السياسي السلمي، عبر إعادة بناء السودان وفق مشروع وطنيشامل يستند إلى التعددية والعدالة والتوزيع العادل للسلطة والثروة.
• *ورؤية أخرى تميل إلى الاصطفاف مع الأمر الواقع، إما بالانخراط في مشاريعسلطوية لا تعكس الإرادة الشعبية، أو بالانسياق وراء خطابات العنف والتقسيم، أوعبر تحقيق الرؤية الكيزانية التمكينية التي ترى السودان ليس وطناً لكلالسودانيين، بل ملكية خاصة للإسلاميين، حيثما كانوا.
لقد أكّد الاجتماع التأسيسي الثاني في عنتيبي أن “تقدم” ليست مجرد تحالف عابر، بل مشروع وطني يسعى إلى توحيد القوى الديمقراطية والمدنية خلف رؤية واضحة لإنهاء الحرب وإعادة بناء الدولة. ومن هنا، فإن أي محاولات لإحداث انقسام داخلي أو فرض خيارات غير توافقية لن تؤدي إلا إلى إضعاف المشروع الوطني برمته.
**تحديات المرحلة المقبلة**
إن المشهد السوداني اليوم يواجه تحديات كبرى، تتطلب رؤية واضحة لمواجهتها، وأبرز هذه التحديات:
١- استمرار الحرب وآثارها المدمرة، حيث تسببت الصراعات المسلحة في تهجير الملايين وتدمير المدن والبنية التحتية.
٢- غياب سلطة مركزية شرعية، مما يفتح المجال أمام التدخلات الخارجية والمشاريع التي تسعى إلى إعادة رسم خريطة السودان وفق مصالح إقليمية ودولية.
٣- الانقسامات داخل القوى المدنية والمقاومة، مما يُضعف قدرتها على تشكيل بديل حقيقي يحظى بقبول محلي ودولي.
٤- التدخلات الأجنبية، التي تسعى إلى فرض حلول قد لا تتناسب مع طبيعة المجتمع السوداني وطموحات شعبه.
**ما العمل؟**
لمواجهة هذه التحديات، تحتاج القوى المدنية الديمقراطية داخل “تقدم” وخارجها إلى:
• *التمسك بوحدة الصف، وعدم السماح بأي محاولات لتمزيق الصفوف لصالحأجندات خارجية أو شخصية.
• *العمل على مشروع “الجمهورية الثانية”، كبديل لدولة ١٩٥٦، وهو مشروع وطنيشامل يعكس تطلعات السودانيين في إقامة دولة ديمقراطية عادلة، دون استثناءأو إقصاء؛ دولة قادرة على معالجة جراح التهميش والصراعات التي طغت علىسياسات البلاد منذ الاستقلال.
• *التواصل مع القوى الإقليمية والدولية، لتوضيح أن أي حل لا يأخذ في الاعتبارمصالح الشعب السوداني الحقيقية لن يكون قابلًا للاستمرار.
• *رفض أي تدخلات تهدف إلى فرض وصاية خارجية، سواء عبر دعم طرف معين فيالصراع، أو عبر مشاريع سياسية واستعمارية لا تحترم إرادة الشعوب السودانية.
**الخاتمة**
إن “تقدم”، بمختلف أطيافها، أمام مفترق طرق حاسم: إما أن تكون قوة موحدة تسعى إلى إعادة بناء السودان على أسس سليمة، أو أن تنجرّ إلى صراعات داخلية تُضعف موقفها وتمنح الفرصة لقوى الثورة المضادة لترسيخ سيطرتها.
المعركة اليوم ليست فقط حول تشكيل حكومة هنا أو هناك، بل هي معركة من أجل مستقبل السودان كدولة موحدة، ديمقراطية، ومستقلة عن أي نفوذ خارجي.
التاريخ لن يرحم أولئك الذين يضعون المصالح الضيقة فوق المصالح الوطنية، ولن يغفر لأولئك الذين يسعون إلى تقسيم السودان أو رهن قراره للخارج. الخيار الآن في يد السودانيين: إما السير في طريق الوحدة والسلام، أو الاستمرار في دوامة الانقسام والصراع.
نواصل
د. أحمد التيجاني سيد أحمد
٢٩ يناير ٢٠٢٥ - روما، إيطاليا
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com