النحافة تبقى "العنوان العريض" في عالم الأزياء!
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
"إنها الموضة يا عزيزتي، عليكِ فقط إنقاص وزنك"... عبارة لا تزال تتردد باستمرار في قطاع الأزياءرغم اعتلاء عارضات أزياء ممتلئاتمنصات العروض، إذ تبقى النحافة العنوان العريض في عالم الموضة حيث تُصمَّم الملابس لتناسب الأجسام النحيفة جداً.
مختارات مخاطر فلاتر التجميل على النت .. الجانب المظلم لهوس الجمال عالم الموضة - صراع من أجل البقاء مادلين ستيوارت - أول عارضة أزياء بمتلازمة داونالعارضات المكتنزات بتن أكثر شيوعاً في نيويورك ولندن، وبشكل محدود في باريس، ويرمي ذلك إلى "إظهار أن العلامات التجارية أكثر شمولية"، لكن "في الواقع يتعلق الأمر بالحفاظ على نظام يعتمد النحافة المفرطة نموذجاً"، كما يقول باولو فولونتي الذي يدرس علم اجتماع الموضة في ميلانو (إيطاليا) لوكالة فرانس برس.
وتظهر بيانات جمعتها مجلة "فوغ بيزنس" خلال الموسم السابق لأسابيع الملابس الجاهزة، فشلاً تاماً على صعيد التنوع على منصات العروض.
فمن بين 9137 قطعة ملابس عُرضت خلال 219 عرض أزياء في نيويورك ولندن وميلانو وباريس، قُدّم 95,6 في المائة منها بواسطة عارضات نحيفات (مقاسات 32-36).
"أون" مشروع لإعادة تعريف مفاهيم الجمال في عالم الأزياء بمصرفقط 0,6 في المائة من الأزياء ارتدتها عارضات من أصحاب المقاسات الكبيرة (44 وما فوق)، و3,8 في المائة زيّنت أجسام عارضات يتراوح مقاسهن بين 38 و42.
تلخص إيكاترينا أوزيغانوفا (31 عاما)، وهي عارضة أزياء وطالبة في الحقوق ومؤسسة جمعية تعنى الدفاع عن حقوق العارضات، إن العلامات التجارية "ترفض تمثيل الأشخاص العاديين".
وتقول لوكالة فرانس برس إنه في عالم الموضة، من غير المقبول أن يكون مقاس العارضة متوسطاً، وهو الأكثر شيوعا في الحياة اليومية، إذ "سيُعرض عليها إما إنقاص الوزن للعودة إلى القياس +الحقيقي+، أو الانتقال إلى قياس كبير جداً (اكس ال). وكلاهما غير صحي".
ضغط لتغيير المظهر
وفي حديث مع وفد حقوق المرأة في مجلس الشيوخ الفرنسي في نيسان/أبريل، دقت أوزيغانوفا ناقوس الخطر بشأن المخاطر التي تهدد صحة عارضات الأزياء اللاتي يضطررن إلى إنقاص الوزن أو زيادته بحسب الطلب. وأجابت تسع من عشر عارضات بأنهن شعرن بضغط لتغيير مظهرهن "بشكل منتظم" (52,5 في المائة)، أو "من حين لآخر" (37,7 في المائة)، بحسب استطلاع أجري قبل الجلسات.
وتقول إيكاترينا أوزيغانوفا "من الصعب جداً التحدث عن الموضوع. يمكنك أن تتذمري من هذا الوضع على الإنترنت وسيجيبك الجميع +عزيزتي هذه أصول المهنة+".
مع ذلك، أُقرت نصوص في عام 2017 تفرض حصول العارضات على شهادة طبية إلزامية لمزاولة المهنة، في حين وقّعت مجموعتا السلع الفاخرة "ال في ام اتش" و"كيرينغ" في العام نفسه وثيقة تلزم بإلغاء المقاس 32 من طلبات التقدم لاختبار الأداء للعارضات، وهي إجراءات نادراً ما تُطبق.
تقول إيكاترينا أوزيغانوفا إن الغاء المقاس 32 لا يعني الكثير، لأن المقاسات تختلف حسب العلامات التجارية والمقاس 34 يمكن أن يكون صغيراً.
معايير الجمال لدى الذكور..
وقد تغيرت أيضاً معايير الجمال لدى الذكور. وتنتج "إرميس" ملابس بمقاس 48 لعروض الأزياء، حسبما صرحت أخيراً فيرونيك نيشانيان، مصممة المجموعات الرجالية منذ 35 عاما. وأكدت ًلصحيفة ليبراسيون "عندما بدأت عملي في عالم الموضة، كان قياس العارض 52(...) وكان معيار الجمال المثير في ذلك الحين هو فتى الشاطئ المفتول العضلات!". وتضيف إيكاترينا أوزيغانوفا إن مفهوم "محو الجنس" هو ما يدفع بالمصممين إلى "البحث عن نموذج موحد للجسد".
"إنتاج الملابس بقياسات أكبر يتطلب مهارة أكثر"
بالنسبة لباولو فولونتي، من الأسهل إنتاج أزياء على مستوى صناعي للأجسام الرفيعة من دون منحنيات. ويضيف "تقنية وضع القياسات تعني البدء من قياس الصفر وثم يزيد تدريجيا". لكن ذلك غير قابل للتطبيق للقياسات الكبرى لأن الدهون والعضلات لا تخضع لمنطق الخوارزميات". ويوضح "إنتاج وبيع الملابس بقياسات أكبر أمر مكلف للغاية، ويتطلب الكثير من المهارة".
وصرح المصمم السعودي محمد آشي لوكالة فرانس برس "من الناحية الصناعية، لا يمكن إنتاج فستان بقياس كبير"، نافياً في المقابل أي "تمييز".
من جهته، يقول المصمم الفرنسي جوليان فورنييه إن الأزياء الراقية التي تستند الى مبدأ التصميم على المقاس أكثر مرونة، مشيراً إلى أنه استعان بعارضات حوامل في عروضه. عارضة الأزياء المفضلة لديه ميكايلا تومانوفا تتمتع بجسد أنثوي و"ستة سنتمترات إضافية في كل مكان من جسمها مقارنة بالمعايير المعمول بها". وخلص إلى القول إن "الموضة تبقى الموضة" و"هي عالم خيالي"، و"هذا لن يتغير في الجوهر إطلاقا".
ر.ض/ ع.ج (أ ف ب)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: أزياء موضة عارضة أزياء تصميم الأزياء ميلانو معايير الجمال أزياء موضة عارضة أزياء تصميم الأزياء ميلانو معايير الجمال عالم الموضة فی المائة فی عالم
إقرأ أيضاً:
(شهريار يغيّر مكانه) لصادق رحمة... فتافيت سردية
في رسالة بعثها الكاتب عبدالرحمن منيف للدكتور شاكر خصباك خلال كتابته ثلاثية (أرض السواد) شكا له شعوره بالإرهاق من كتابته روايته الطويلة، مؤكدا أن هذه التجربة لن يكرّرها مستقبلا، رغم أن عمله (مدن الملح) كان طويلا أيضا، ونُشر بعدّة أجزاء، لكن الزمن تغيّر، والفنون لا تنفصل عن إيقاع العصر ومتغيّراته، فاختفت الروايات الطويلة، مثلما اختفت الأغاني الطويلة، التي لم تعُدْ تتناغم مع إيقاع الحياة العصرية السريع، وكان لا بدّ للقصة القصيرة، رغم قصرها أن تُختزل، فظهرت القصة القصيرة جدا، وعلى أية حال، فهذا النمط من الكتابة ليس بجديد فقد كتب الأمريكي إرنست همنغواي عام 1925 قصّة من ست كلمات هي "للبيع حذاء لطفل لم يلبس قط"، وللكاتب الروسي تشيخوف المتوفى سنة 1904 قصّة قصيرة جدا من خمسين كلمة، وفن التوقيعات من فنون النثر العربي رغم أن التوقيعات لم يكن فن العامة، فقد اقتصرت التوقيعات على الرسائل المتبادلة بين الخلفاء، والأمراء، والوزراء في عصور الخلافة الإسلامية، ومن بينها توقيع للخليفة عمر بن الخطاب(رض) لأحد ولاته "لقد كثر شاكوك وقل شاكروك، فإما اعتدلت وإما اعتزلت"، وحين بعث عامل حمص رسالة إلى الخليفة عمر بن عبدالعزيز يخبره فيها أن حمص تحتاج إلى حصن، فبعث إليه توقيعا من ثلاث كلمات هي "حصّنها بالعدل والسلام"، بل بكلمتين، حين وقّع على رسالة لمحبوس يشكو حاله فوقّع على الشكوى "تُبْ تطلق". وقد تكلم النقاد القدماء عن فضائل الإيجاز، ومن بينهم الجاحظ الذي يقول "أفضل الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره، ومعناه ظاهرا في لفظه"، وشاع في عصرنا فن (القصّة القصيرة جدّا) وفي عُمان تحديدا؛ فللدكتور عبدالعزيز الفارسي -رحمه الله- مجموعة حملت عنوان (مسامير)، والدكتور سعيد السيابي مجموعة عنوانها (مشاكيك)، ولكنّ الكاتب الدكتور صادق رحمة محمد في مجموعته القصصية "شهريار يغيّر مكانه" الصادرة عن دار الورشة الثقافية ببغداد، يذهب بالمغامرة إلى أقصاها، فوضع عنوانا فرعيا هو "قصص مايكروية" إشارة إلى قصرها، ويفتتح مجموعته بمقولة للكاتب الأمريكي كين ليو "ليس هناك طريقة محددة لكتابة قصة جيدة" وبهذه العتبة أطلق العنان لخياله ليكتب بالطريقة التي تناسب موضوعاته، فجاءت قصص الدكتور صادق رحمة، أستاذ الشعر الإنجليزي الحديث والنظريات النقدية في كلية الآداب بالجامعة المستنصريّة على شكل (برقيات)، مطلقا صرخة احتجاج، وفي ذلك يقول في مقدمة كتابه "لقد هشّمت الكوارث الكونية والحروب المجنونة الوجود الإنساني وحوّلته إلى كِسر يصعب سبكها من جديد، فكيف يمكننا أن ننشئ معمارا سرديا باذخا وسط هذا الخراب وهذا الهشيم وهذه الفتافيت التي نسميها أوطانا"، ويراهن أن هذه التفاصيل مستلة من لحظات عابرة، ومرجعيته الوحيدة هي الواقع، بكل تفاصيله وأحداثه، ويرى بكل ثقة أن هذا النوع من الكتابة السرديّة هو "جنس المستقبل السردي الذي نظن أنه سينمو ويتطور ويجترح أشكالا متنوعة"، فنوّع فأفرد فصلا أسماه (قصص بلا كلمات) مكتفيا بعنوان وعلامات ترقيم تاركا للقارئ أن يضع الكلمات المناسبة:
الحب في زمن الحرب
.........؟
وفي فصل آخر يكتفي بكلمة واحدة، بينما نجد العنوان من كلمتين، وهنا يصبح العنوان (العتبة) أطول من النص نفسه في نصوص تلقي بثقلها الكامل على العنوان، فبدونه من الصعب تحديد وجهة النص، فهو هنا يصبح جزءا عضويا فاعلا ومكمّلا للمعنى، كما في نص (غناء عراقي)
- أوف !
ولنتخيّل قراءتنا للنص بدون العنوان، على أيّة سكّة دلالية يمكننا وضع كلمة (أوف) التي تَرِد في الغناء تعبيرا عن شدّة الألم، على العكس تماما من نص آخر جاء العنوان من كلمة واحدة (مجزرة) بينما النص من كلمتين،
ومن ثلاث كلمات، يقول في قصته (شهرزاد راوية)
تعب الملك فنام
ويتدرج حتى يصل إلى كتابة (قصص من أربع كلمات)، كما في (عبقرية):
أنا بدوي أحلم بالثلج
وخمس، (تعفف):
الجوع أشهى مرق في العالم
وست كلمات وسبع فأكثر، وكما لاحظنا لا توجد مقدّمات ولا رسم شخصيات، ولا وصف، فيجد القارئ نفسه، بشكل مباشر، في صلب الموضوع، فالحكاية تصل القارئ بدون قشور، لذا سمِّي هذا النوع من القص بـ"القص الفجائي" محتفظا بالتفاصيل في ذهنه تاركا للقارئ إكمال النص، وتقدير المعنى ليكون شريكا في المنتج الإبداعي، فهو سرد تفاعلي لا يقف عند حدود معينة.
وهذا النمط من الكتابة السردية هو أقرب ما يكون إلى روح الشعر، الفن الذي يقوم على الاختزال وكثافة الألفاظ، والإيجاز، واللمح والإشارات، والقاسم المشترك بين هذا النمط من الكتابة القصصية والشعر: الومضة، ويروي الكاتب مفارقة جرت معه عندما قدم مجموعة قصصية للنشر، فقال خبير دار النشر إن هذه المجموعة ليست قصصية، بل شعريّة!
ولم ينكر شاعريتها العالية، خصوصا أنّ الشعر زحف على الكثير من الأجناس السردية، فأغرقها، ويمكننا أن نجعل هذا النمط خارج الأجناس المألوفة ليكون جنسا قائما بذاته في مشهد متعدد الأساليب والاتجاهات، مفتوح على التجريب، وغالبا ما تكون لكل حرف وظيفة، بل لعلامات الترقيم دور كبير في تفسير النصوص وتوضيح دلالاتها كما نجد في نص (مجزرة):
-انتحاري !
- أين؟
ففيه علامة تعجب وعلامة استفهام، وعلامة شرطة، ولو قرأنا النص بدون علامات الترقيم، فسيزداد غموض النص، هذا الغموض من الممكن أن يُدخِل هذا النمط من الكتابة في منطقة الشِّعر، وهو ليس ببعيد عنه خصوصا أن الكاتب صادق له ثلاث مجاميع شعرية هي: مرايا المدن المحترقة، وتحولات السيدة نون، وأربعة وجوه للخسران، والمجموعة الأخيرة كتبها باللغة الإنجليزية)، ومن الواضح أن اطلاع الدكتور صادق الواسع على الأدب الإنجليزي أفاده في تخليص أفكار قصصه القصيرة جدا من شحوم اللغة، ليزيلها مبقيا على اللب، فجاءت نصوصه في هذا الكتاب على شكل فتافيت سرديّة.