المرأة الوافدة المقيمة في مصر.. قصة كفاح رغم كل التحديات
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
من الظروف الصعبة التى دفعتها إلى الهجرة من بلادها، إلى الغربة التى عاشتها أثناء البحث عن النجاح في مكان آخر، استطاعت نماذج من المرأة الوافدة المقيمة في مصر تحقيق أهدافها رغم كل هذه التحديات التى صنعت منها نموذجا من الفخر.
وفي مصر يعيش حوالى ٩ ملايين وافد من ١٣٣ دولة، ويشكل العنصر النسائي في هذا التعداد نسبة ليست قليلة وفقًا لإحصائيات منظمة الهجرة الدولية، فإن هناك حوالى ٤٠% من الـ٩ ملايين، نساء، وتأتى المرأة العربية على رأس هذه الجنسيات، أبرزها: السوريات- السودانيات- ودول الشمال الإفريقي، الجزائر والمغرب وليبيا وتونس.
وبين حكايات المغتربات المقيمات في مصر قصص وروايات عديدة ومتعددة، البعض منها لا يستوقفك كثيرًا أثناء سماعه، والبعض الآخر يستحق التوقف والإنصات جيدًا أمام معاني التحدي والإصرار على النجاح التى احتوتها قصصهن، خاصة أن أصحاب هذه الروايات من صغيرات في السن في بداية الثلاثينيات من أعمارهن.
كانت البداية مع السيدة التونسية الوافدة (ن. أل)، تبلغ ٣٤ من عمرها، قررت الهجرة إلى مصر منذ ٨ سنوات، وكانت تعمل مع أبيها في تونس في مجال الملابس منذ أن كان عمرها ١٧ عامًا، وتوفى الأب وترك معها شقيقين أصغر منها سنًا، وتحملت المسئولية في عمر صعب في حياتها.
تعلمت الفتاة في هذا العمر كل معانى المسئولية واستمرت في عمل أبيها في تجارة الملابس، وأتت إلى مصر في زيارة تجارية لاستيراد الملابس لتبيعها في بلادها.
وتقول: إنها زارت منطقة العتبة والموسكي وتجولت في اسواق الملابس في العام ٢٠١٥، ووجدت فارقا كبيرا في الأسعار بين القاهرة وتونس، وعند عودتها إلى بلادها، ظلت تفكر في أن تترك تونس وتستقر في مصر وتبدأ مشروعها.
وبالفعل جاءت العام التالي ٢٠١٦، واستقرت في منطقة زهراء المعادي، وواجهت تحديات كبيرة أولها توفير السكن، يليه توفير المحل التجاري لكى تبدأ عملها في تجارة الملابس.
وأضافت السيدة لـ"لأسبوع": إنها في هذه الفترة كان معها من المال مبلغ لا يتعدي الـ١٠ آلاف جنيه، انفقت ٥٠% منه على السكن والمحل التجاري، وباقي المبلغ قامت بشراء بالة ملابس من بورسعيد، وبدأت مشروعها.
لم تنجح السيدة (ن)، من أول مرة، ولم تستسلم رغم خسارتها في أول بالة من الملابس، وتحملت وتصرفت في مبلغ آخر، وأصبحت تتاجر في الجملة، وعقدت علاقات مع التجار في وسط القاهرة في الوكالة، وأبرمت معهم تبادلات بيع وشراء حتى نجحت وكبرت رأس المال.
بعدها قامت السيدة في شراء محل أكبر وزادت تجارتها، وبدأت في تصنيع الملابس المصرية- التونسية، حتى أصبحت واحدة من أنجح محال الملابس في منطقة حدائق المعادي.
نموذج هذه التونسية ليس الفريد من نوعه، ولكنه كان نموذجا في الإصرار على النجاح، كذلك السيدة قمر، سورية الجنسية، جاءت إلى مصر لتدرس الإعلام في الجامعة العربية، بعد أن فقدت الأب في الثورة السورية وكان قائدا عسكريا في الجيش الوطني السوري، ذهبت الأم هي وابنتاها قمر وروضة، الأولى كانت تحلم بدراسة الإعلام، وقامت بالفعل بدراسته في القاهرة، وتخرجت في الكلية وأكملت الماجستير والدكتوراه، وحققت حلمها وأصحبت مدرس مساعد في كليتها التى درست بها في الجامعة العربية المفتوحة.
وتقول قمر: كانت في البداية الظروف صعبة للغاية من الناحية المادية، وقامت والدتها الصيدلانية بالعمل في إحدى شركات الأدوية، وكانت تنفق على ابنتيها حتى أكملتا تعليمهما الجامعي، وصارت الأولى مدرس مساعد في الإعلام، والأخرى صيدلانية مثل والدتها.
كانت المشقة في تحقيق الهدف عنوان الأم السورية التى تحملت المسئولية بعد وفاة زوجها في الحرب، وربت ابنتيها في مصر التى تعتز بها، وأكملت الأم روايتها لـ"الأسبوع"، قائلة إن الحياة في مصر لا تشعرك بالغربة فيها، وتشعر أنها مصرية الأصل مضيفة أنها من أوليات السوريات اللاتى غادرن بلادهن وذهبت إلى تركيا ولم تستقر فيها كثيرا وقررت الاستقرار في مصر هي وبنتاها وبالفعل وجدت فيها الحضن الكبير الذي يحتوي ويضم كل العرب.
ومن المرأة العربية الإفريقية، تعيش إيمان سودانية الأصل، في المهندسين بعد أن درست الطب في جامعة الأزهر، وتخرجت فيها وفتحت عيادة وأكملت عملها في المجال الطبي.
وتقول: كانت ظروف المعيشة في البداية صعبة مع أسرتها، واتفقت مع أبيها أن تسافر إلى القاهرة لتكمل دراستها الجامعية، وكان الأب يخاف عليها بشدة، ورفض الأمر في البداية، وأصر أن تكمل دراستها في بلادها في جامعة الخرطوم، ورسبت في العام الأول هناك، بعدها بعام جددت الطلب من أبيها أن يسمح لها بالسفر إلى مصر، ووافق في النهاية، وجاءت إلى جامعة الأزهر وأكملت دراستها ونجحت واكملت ماجستير الطب والجراحة، وافتتحت عيادة بالمهندسين، وأصبحت نموذج فخر لأسرتها، التى جاءت بالكامل لتستقر مع إيمان في النهاية، بعد الحرب التى اندلعت في السودان مارس الماضي.
ورغم أن النجاح الفردي للمرأة الوافدة من ابرز النجاحات التى حققتها على أرض مصر، إلا أن الدولة متمثلة في المجلس القومي للمرأة، يوفر برنامجا كاملا ومتكاملا في تمكين المرأة الوافدة، من خلال برنامج تم تنفيذه عام 2014 ويستمر العمل به إلى الآن، ويهدف إلى التمكين الاقتصادي للمرأة الوافدة من خلال التدريب المهني وربطه باحتياجات السوق، وعقد برامج تدريب مهني للسيدات على حرف بسيطة لمساعدتهن في إيجاد فرص عمل لتوفير سبل المعيشة.
ويستمر الهدف من المشروع حول دعم وتوفير حلول مستدامة للوافدات والمجتمعات المضيفة ويعمل المشروع على تلبية الاحتياجات العاجلة للنساء المتضررات وتعزيز مهاراتهن، وتم تجهيز فرع المجلس بمحافظة الجيزة بالمعدات والماكينات اللازمة للتدريب، وانضمت حوالى 40% من جنسيات وافدة وتم تدريبهن على إقامة مشروعات صغيرة مثل حرفة الخياطة، الطهو، الإكسسوارت، الخياطة، وإقامة صالون تجميل.
وتم منح (220) سيدة من خريجات البرنامج ماكينات خياطة لبدء مشروع صغير في مجال تصنيع منتجات الجلود بالعرجون.
وتم رفع كفاءة السيدات على الموضوعات ذات الصلة بمكافحة العنف ضد المرأة من خلال البرامج التوعوية، وشاركت 70 امرأة وافدة في أنشطة الدعم النفسي الاجتماعي، بما في ذلك ورش عمل الفنون التعبيرية، ومسرح المنتدى لورش الأداء وورش العمل النفسية.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
السيدة الجليلة ترعى حفل تخريج دفعة جديدة من مبادرة "تسمو".. عاجل
تتفضل السّيدةُ الجليلةُ حرمُ جلالةِ السُّلطان المُعظّم /حفظها اللهُ ورعاها/ فترعى حفل تخريج دفعة جديدة من مبادرة (تسمو) التي تُعنى بتطوير الكفاءات القياديّة للكوادر النسائيّة العُمانيّة، بمشاركة 50 امرأة من القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني، بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية.