شرع الجيش الأمريكي في التجهيز لمواجهة الصين، عبر إطلاق أكبر عملية هيكلة شاملة لأنظمة التجسس البحرية، بالتزامن مع إرسال سفن مسيرة قرب السواحل الصينية، فيما رجح قائد التحركات البحرية بالقيادة الأمريكية، مواجهة مرتقبة قد تندلع عام 2025، وبعث برسالة إلى ضباطه يخبرهم بضرورة تأهب جميع القوات للحرب المرتقبة.

وكان المسئول عن قيادة التحركات الجوية للقوات الأمريكية، الجنرال مايك مينيهان، قد أرسل مذكرة إلى ضباطه توقع فيها أن الحرب مع الصين ستكون فى عام 2025، وأنه سيكون ذلك بسبب تحرك صيني تجاه تايوان، وتضمنت المذكرة عدة أوامر لأفراد قيادته، منها الأخذ فى الاعتبار ترتيب شؤونهم الشخصية وما إلى ذلك.

ووصلت سفينتان مسيرتان تابعتان للبحرية الأمريكية إلى يوكوسوكا باليابان، في أول نشر أمريكي لسفن مسيرة لاستهداف الصين في غرب المحيط الهادئ. وقال بيان تابع لقيادة الأسطول السابع التابع للبحرية الأمريكية: وصلت السفن غير المأهولة اليابان فى الثامن عشر من سبتمبر الجاري، وأضاف البيان أن السفينتين المسيرتين تشاركان في التدريب مع الأسطول السابع الامريكى لاختبار وتطوير وتقييم دمج المنصات غير المأهولة في عمليات الأسطول لخلق مزايا قتالية جديدة.

وذكرت صحيفة، وول ستريت جورنال، أنه لأول مرة تنشر الولايات المتحدة هذا النوع من السفن بالقرب من سواحل الصين، بهدف اختبار قدرات المراقبة والهجوم في المنطقة التي ستجدها البحرية الأمريكية مفيدة لاستهداف الصين، وأن السفن المسيرة ليست مجهزة بالصواريخ ولكنها قادرة على حملها وإطلاقها.

تزامنت تلك التطورات مع دراسة حديثة (نشرتها وكالة رويترز) عن استعداد الجيش الأمريكي والقوات البحرية (المارينز) للحرب المرتقبة مع الصين، وإجراء أكبر عملية إصلاح شاملة لشبكة المراقبة البحرية السرية للغاية منذ الخمسينيات من القرن الماضي، حيث تتضمن الخطة إعادة بناء لبرنامج التجسس المضاد للغواصات، وتحديث كابلات التجسس الصوتية تحت الماء، وتزويد سفن المراقبة بأجهزة استشعار متطورة وميكروفونات تحت سطح البحر، وهي خطوات تهدف إلى تعزيز قدرة الجيش على التجسس على أعدائه.

وأشارت الدراسة إلى أن التغيير الأكثر ابتكارا في نظام استطلاع المحيطات التابع للبحرية هو الاستثمار في التقنيات الجديدة لتصغير وتعميم أدوات المراقبة البحرية التقليدية التى تقع فى مواقع سرية فى قاع المحيط وكانت قد صممت للتجسس على الغواصات السوفيتية قبل سبعة عقود.

كما تتضمن الخطة البحرية نشر أسطول من الطائرات البحرية بدون طيار للاستماع إلى طائرات العدو، ووضع أجهزة استشعار محمولة (تحت الماء) في قاع البحر للبحث عن الغواصات، واستخدام الأقمار الصناعية لتحديد مواقع السفن من خلال تتبع تردداتها اللاسلكية، واستخدام برامج الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات التجسس البحري في جزء أصغر من الوقت الذي يستغرقه المحللون البشريون عادةً.

وقال المتحدث باسم الأسطول الأمريكي الخامس (المتمركز في الشرق الأوسط، الذي قاد تجارب الطائرات بدون طيار التابع للبحرية الأمريكية) تيم هوكينز: البحرية تعمل على تحسين المراقبة من الفضاء إلى قاع البحر بهدف رسم أوضح صورة على الإطلاق للبحرية الأمريكية للنشاط العالمي في البحر.

ولا تقف الصين عاجزة أمام الخطط الأمريكية ولكنها تستعد أيضا لهذه الحرب المحتملة حيث تقوم بإنشاء برنامج تجسس بحري خاص بها يعرف باسم السور العظيم تحت الماء. ويتكون هذا النظام من كابلات مزودة بأجهزة استشعار تم وضعها على طول قاع البحر في بحر الصين الجنوبي للتنصت على السفن والغواصات التى تمر بتلك المنطقة، وهي ساحة متوترة بسبب النزاعات الإقليمية بين بكين وجيرانها. كما تقوم بكين بإنشاء أسطول من الطائرات بدون طيار تحت الماء وعلى سطح البحر للبحث عن غواصات العدو.

ويمتد التقدم الصيني إلى منطقة المحيط الهادئ، وقالت الأكاديمية الصينية للعلوم التي تديرها الدولة في عام 2018 إنها تقوم بتشغيل جهازيْ استشعار تحت الماء: أحدهما في منطقة تشالنجر ديب في خندق ماريانا، أعمق نقطة معروفة على وجه الأرض، والآخر بالقرب من ياب، وهي جزيرة في ولايات ميكرونيزيا الموحدة. وعلى الرغم من أن الصين تقول: إن أجهزة الاستشعار هذه تستخدم لأغراض علمية، فإنها يمكنها اكتشاف تحركات الغواصات بالقرب من القاعدة البحرية الأمريكية في غوام، الجزيرة التي تقع فى المحيط الهادي.

وأصبحت منطقة المحيطيْن الهندي والهادئ الساحة الرئيسية للمنافسة العسكرية بين الولايات المتحدة والصين، حيث مثل الوجود العسكري البحري الأمريكى طويل الأمد مصدر تهديد للصين التي تعتبر الدعم المستمر لتايوان استفزازا لها وخطورة على أمنها القومي لاسيما بعد تخطيط البيت الأبيض إقامة قواعد عسكرية لها هناك، مما يزيد الأمر خطورة أكثر بالنسبة لبكين التي تحيطها واشنطن بالعديد من القواعد العسكرية فى بلاد مجاورة لها وحليفة لأمريكا.

وتشير الدراسة (التي نشرتها رويترز) إلى أن حملة المراقبة والتجسس التي تقوم بها البحرية الأمريكية مدفوعة بثلاثة عوامل رئيسية:

هو الصعود السريع للصين كقوة بحرية واحتمال قيام سفنها بمهاجمة تايوان أو تخريب البنية التحتية الأمريكية تحت سطح البحر، بما في ذلك خطوط أنابيب النفط وخطوط الإنترنت.

جاء الاهتمام الأمريكى بالسفن المسيرة، بعد نجاح أوكرانيا في استخدام تكتيكات الحرب البحرية الجديدة في هجومها المضاد ضد القوات الروسية حيث استخدمت كييف مركبات بحرية غير مأهولة رخيصة الثمن نسبيًا لضرب سفن وجسور روسية. وقد كشف هذا التطور عن مدى ضعف السفن السطحية الكبيرة أمام هجمات الطائرات بدون طيار، وحاجة البحرية الأمريكية إلى إتقان هذه التكنولوجيا فى عملياتها الهجومية، وكذلك تعلم طرق الدفاع ضدها. وهذا بدوره يزيد من أهمية حرب الغواصات في أي صراع مع الصين.

وأخيرا، فإن التغير التكنولوجي السريع، بما في ذلك أجهزة الاستشعار الأكثر حساسية تحت الماء، والذكاء الاصطناعي والطائرات البحرية بدون طيار، يغذي سباق التسلح للمراقبة بين بكين وواشنطن، وعلى الرغم من أن السفن الحربية والغواصات الأمريكية تعتبر متفوقة من الناحية الفنية على نطاق واسع، فإن الصين تمتلك أكبر قوة بحرية في العالم، حيث تضم حوالي 340 سفينة وغواصة، وفقا لتقرير البنتاجون لعام 2022 عن الجيش الصيني، الذي أكد أن الصين تقوم ببناء غواصات أكثر تقدما تعمل بالطاقة النووية وأكثر هدوءًا ويصعب اكتشافها.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الجيش الأمريكي الذكاء الاصطناعي أمريكا والصين ذكاء اصطناعي للبحریة الأمریکیة البحریة الأمریکیة تحت الماء بدون طیار

إقرأ أيضاً:

ذكاء اصطناعي بلا ضوابط.. أثار جدلاً أخلاقياً وقلقاً دولياً:»نيويورك تايمز«: إسرائيل حوّلت حرب غزة إلى مختبر للذكاء الاصطناعي

 

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن تل أبيب أجرت اختبارات واسعة النطاق على تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة خلال حربها الأخيرة على قطاع غزة، ما أثار جدلا أخلاقيا وتحذيرات دولية من تبعات استخدام هذه التكنولوجيا في الحروب.

وأفادت الصحيفة، في تحقيق موسع نشرته مؤخراً بأن كيان الاحتلال استخدم أنظمة متقدمة لتحديد المواقع، والتعرف على الوجوه، وتحليل المحتوى العربي، ضمن عملياته العسكرية التي تصاعدت منذ أواخر عام 2023م. وأوضحت أن هذه الاختبارات شملت أدوات لم يسبق تجربتها في ساحات القتال، مما أثار قلقًا واسعًا بشأن الأضرار المحتملة على المدنيين.

ووفقًا لثلاثة مسؤولين من كيان الاحتلال والولايات المتحدة مطلعين، بدأت التجارب بمحاولة اغتيال القيادي في حركة حماس إبراهيم البياري، حيث استعان كيان الاحتلال بأداة صوتية تعتمد على الذكاء الاصطناعي طورتها الوحدة 8200، لتحديد موقعه التقريبي من خلال تحليل مكالماته.

وبحسب منظمة «إيروورز» البريطانية، أسفرت الغارة على البياري، في 31 أكتوبر، عن استشهاده إلى جانب أكثر من 125 مدنيًا.

واستمر كيان الاحتلال، خلال الأشهر التالية، في تسريع دمج الذكاء الاصطناعي في عملياته، بما شمل تطوير برامج للتعرف على الوجوه المشوهة، واختيار أهداف الغارات الجوية تلقائيًا، ونموذج لغوي ضخم يحلل المنشورات والمراسلات العربية بلهجات مختلفة.

كما أدخل نظام مراقبة بصري يستخدم عند الحواجز لفحص وجوه الفلسطينيين.

وأكد مسؤولون أن غالبية هذه التقنيات طُورت في مركز يعرف باسم «الاستوديو»، الذي يجمع خبراء من الوحدة 8200 بجنود احتياط يعملون في شركات كبرى مثل غوغل ومايكروسوفت وميتا.

وأثارت هذه الابتكارات مخاوف من أخطاء قد تؤدي إلى اعتقالات خاطئة أو استهداف مدنيين، إذ حذرت هاداس لوربر، خبيرة الذكاء الاصطناعي والمديرة السابقة بمجلس الأمن القومي لكيان الاحتلال، من أن غياب الضوابط الصارمة قد يقود إلى «عواقب وخيمة».

من جهته، قال أفيف شابيرا، مؤسس شركة XTEND المتخصصة بالطائرات المسيّرة، إن قدرات الذكاء الاصطناعي تطورت لتتعرف على الكيانات وليس فقط صور الأهداف، لكنه شدد على ضرورة التوازن بين الكفاءة والاعتبارات الأخلاقية.

ومن بين المشاريع البارزة، تطوير نموذج لغوي ضخم لتحليل اللهجات العربية ومراقبة المزاج العام، ساعد في تقييم ردود الأفعال بعد اغتيال زعيم حزب الله السيد حسن نصر الله في سبتمبر 2024. ومع ذلك، واجهت هذه التكنولوجيا بعض الأخطاء في فهم المصطلحات العامية.

ورفضت شركات ميتا ومايكروسوفت التعليق على التقارير، بينما أكدت غوغل أن موظفيها لا يؤدون مهاماً مرتبطة بالشركة خلال خدمتهم العسكرية. من جهته، رفض جيش كيان الاحتلال التعليق على تفاصيل البرامج، مكتفيًا بالتأكيد على الالتزام بالاستخدام “القانوني والمسؤول” لتكنولوجيا البيانات.

وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أن استخدام الصراعات كحقول تجارب للتقنيات العسكرية ليس جديدًا بالنسبة لكيان الاحتلال، لكنها لفتت إلى أن حجم وسرعة توظيف الذكاء الاصطناعي في حرب 2023 – 2024م غير مسبوقين. وحذّر مسؤولون أمريكيون وأوروبيون من أن هذه الممارسات قد تشكل نموذجًا خطيرًا لحروب المستقبل، حيث يمكن أن تؤدي أخطاء الخوارزميات إلى كوارث إنسانية وفقدان الشرعية العسكرية.

 

مقالات مشابهة

  • أخبار التكنولوجيا| هواوي تتحدى إنفيديا بإطلاق أقوى منظومة ذكاء اصطناعي في الصين.. إكس تدعم رفع مقاطع فيديو 4K للمشتركين
  • هواوي تتحدى إنفيديا بإطلاق أقوى منظومة ذكاء اصطناعي في الصين
  • ذكاء اصطناعي يدر مليارات الدولارات.. ميتا تتوقع أرباحا خيالية بحلول 2035
  • ذكاء اصطناعي وراء خدعة عبقرية.. فيلسوف إيطالي يخترع مؤلفًا وهميًا!
  • ميزة جديدة في واتساب.. ذكاء اصطناعي يجيبك فورا دون تسجيل أو تطبيقات إضافية
  • ريمة: الحوثيون يشنون حملة اختطافات بتهم "التجسس" لصالح أمريكا
  • هل يتحول واتساب إلى أقوى منصة ذكاء اصطناعي في العالم؟ ومن سيقف خلفها ؟
  • «ميتا AI».. تطبيق ذكاء اصطناعي جديد بمزايا تعزز البعد الاجتماعي
  • ذكاء اصطناعي بلا ضوابط.. أثار جدلاً أخلاقياً وقلقاً دولياً:»نيويورك تايمز«: إسرائيل حوّلت حرب غزة إلى مختبر للذكاء الاصطناعي
  • البحرية الأمريكية تكشف عن سبب سقوط طائرة إف 18 في البحر الأحمر