"القبطية الإرثوذكسية" تُحيي ذكرى تكرث كنيسة القيامة على يد أثناسيوس الرسولي
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
تُحيي الكنيسة القبطية الإرثوذكسية اليوم ذكرى تكريس كنيسة القيامة بالأراضي المقدسة، ويعود تاريخ هذا الحدث إلى القرن الرابع الميلادي في عهد الأمبراطور الروماني قسطنطين، وشارك في هذا الحدث البابا أثانسيوس الرسول بطريرك الكنيسة رقم عشرين.
وذكر الكتاب التاريخي الكنسي “السنكسار” تفاصيل تكريس الكنيسة كالآتي:
نعيد في هذا اليوم من سنة 335 ميلادية بتكريس هياكل القيامة بأورشليم .
وقالت الملكة القديسة هيلانة لابنها قسطنطين انها كانت قد نذرت الذهاب إلى أورشليم والتبرك من المواضع المقدسة . والبحث عن عود الصليب المحيى ففرح بذلك وأعطاها أموالا كثيرة ، وأصحبها بعدد كبير من العسكر ، ولما وصلت إلى هناك وتباركت من الآثار المقدسة . فتشت عن عود الصليب حتى وجدته بعد تعب شديد . فمجدته تمجيدا عظيما . وأكرمته إكراما جزيلا، وأمرت ببناء هياكل القيامة والجلجثة وبيت لحم والمغارة والعلية والجسمانية وسائر الهياكل . وأن ترصع بالجواهر وتطلى بالذهب والفضة . وكان في القدس أسقف قديس أشار عليها ألا تعمل هذا قائلا "انه بعد قليل يأتي الأمم ويسلبون هذا المكان ويهدمونه ويأخذون هذه الجواهر والذهب والفضة" . والأفضل أن يشيد البناء جيدا وما يتبقى من الأموال يوزع على المساكين . فقبلت قوله وسلمت له الأموال وطالبته بالعمل . ولما رجعت إلى ابنها وأعلمته بما صنعت فرح وأرسل أمولاً طائلة وأمر أن يعطى الصناع أجرتهم بالكامل حتى لا يتذمروا . ولما كمل البناء في السنة الثلاثين من ملكه . أرسل أواني وكسوة ثمينة . كما أرسل إلى بطريرك القسطنطينية والي أثناسيوس بطريرك الإسكندرية ليرسل كل منهما أساقفته ويذهب إلى القدس فذهبا إلى هناك ، واجتمعا ببطريرك إنطاكية وأسقف القدس . ومكث الجميع إلى اليوم السادس عشر من شهر توت . فكرسوا الهياكل التي بنيت ، وفى السابع عشر منه طافوا بالصليب تلك المواضع ، سجدوا فيها للرب ، وقدموا القرابين ، و مجدوا الصليب وكرموه . ثم عادوا إلى كراسيهم . صلواتهم تكون معنا إلى النفس الأخير . أمين
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأراضي المقدسة كنيسة القيامة الكنيسة القبطية
إقرأ أيضاً:
تخيُّل الأرض المقدسة: كيف تمت عبرنة الخريطة الفلسطينية؟ كتاب جديد
صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية مؤخرا كتاب تخيُّل الأرض المقدسة: كيف تمت عبرنة الخريطة الفلسطينية؟ للباحث الفلسطيني أحمد الدبش.
لم يأتِ المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين على خلفيةٍ استعماريةٍ أوروبيةٍ، ثم أمريكية، فحسب، على الرغم من أهمية هذه الخلفية، التي أخذت مع الوقت تتجسّد أكثر فأكثر في ذلك المشروع الصهيوني، بل مثّل العاملُ العقيديُ الديني عنصرًا مهمًا في دفع مجموعات من يهود أوروبا ورجال الدين فيها إلى البحث عن أرض "الآباء" و"الأجداد" و"أرض الميعاد"، استنادًا إلى رؤى وسرديات توراتية وتلمودية أسطورية تخيُّلية لم تنجح البحوث والاستكشافات الآثارية على مدى أكثر من قرن في إيجاد دلائل حسِّية دامغة على حقيقتها.
يحاول هذا الكتاب البحث في السيرورة التاريخية لتطوُّر عملية تخيُّل "الأرض المقدّسة" لدى اليهود في فلسطين والإجابة عن السؤال الرئيس في هذا السياق، وهو وكيف تدحرج "تخيُّل الأرض المقدسة"، ومتى عُقدت الصلة بين "الشعب اليهودي المُتخيَّل" وفلسطين، التي اختُرع اسم لها هو "أرض إسرائيل" لإثبات تلك الصلة "المُتخيَّلة"؟ وكيف نجح المشروع الصهيوني في استخدام هذه الصلة "المُتخيَّلة" كأداة توجيه ودفع لإفراغ فلسطين والتاريخ الفلسطيني من أي معنى حقيقي، حتى أصبح هذا التاريخ أسيرًا لروايات توراتية إلى درجة يكاد معها يتعذّر التحرّر منها؛ فخسرت فلسطين تاريخها أمام القوى الإمبريالية الأوروبية أولًا، وفي مواجهة تلفيق وتركيب تاريخ "عبري/ إسرائيلي" للماضي ثانيًا، ما لبث أن أصبح رواية قومية "إسرائيلية" بعد ذلك.
يأتي هذا الكتاب في مرحلة غدا فيها الصراع على السردية التاريخية على أشدّه، بين أصحاب الأرض الأصلانيين وأولئك الغرباء عنها، ممن لفظتهم شعوب الأرض، وهو يأتي في سياق عملية النضال في سبيل تحرير الحقائق التاريخية المتعلقة بتاريخ فلسطين القديم من الروايات التوراتية، والشروع في الخروج من بوتقة "الكتاب المقدس" بوصفه تاريخًا.
يستعرض الكتاب دور العامل العقائدي الديني في المشروع الاستيطاني الصهيوني، وكيفية استخدام السرديات التوراتية والتلمودية لإعادة تسمية وتخيل الجغرافيا الفلسطينية بما يتوافق مع الرواية الصهيونية.
يتألف الكتاب من خمسة فصول، بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة والمراجع والفهرس، ويقع في 304 صفحات.
وعبرنة الخريطة الفلسطينية هي عملية تغيير الأسماء العربية الأصلية للمدن والقرى والمعالم الجغرافية في فلسطين إلى أسماء عبرية، وهي جزء من مشروع استعماري استهدف محو الهوية الفلسطينية وإحلال هوية إسرائيلية جديدة. هذا الأمر لم يكن مجرد تغيير أسماء، بل كان إعادة تخيُّل للأرض المقدسة بما يتناسب مع الرواية الصهيونية التي سعت إلى تقديم فلسطين على أنها أرض يهودية تاريخياً، مع تجاهل الوجود الفلسطيني المتجذر فيها.
كيف تمت عبرنة الخريطة الفلسطينية؟
إنشاء لجنة الأسماء (1949): بعد النكبة، شكّلت الحكومة الإسرائيلية "لجنة الأسماء" التي كان هدفها عبرنة المعالم الجغرافية. تم تغيير أسماء القرى والمدن العربية المهجَّرة إلى أسماء عبرية مستوحاة من التوراة أو من المفردات العبرية الحديثة.
محو القرى المهجَّرة: خلال وبعد حرب 1948، دُمّرت مئات القرى الفلسطينية بالكامل، وأُنشئت مستوطنات جديدة بأسماء عبرية مكانها، مثل تغيير اسم قرية "أين غزال" إلى "عين أيالاه"، و"صفورية" إلى "تسيبوري".
إعادة تفسير الأسماء التاريخية: في بعض الحالات، تم تحريف الأسماء العربية لتبدو عبرية، مثل تغيير "المجدل" إلى "أشكلون"، و"يبنة" إلى "يبني"، وذلك لإضفاء طابع توراتي على الجغرافيا الفلسطينية.
عبرنة اللافتات والوثائق الرسمية: في الخمسينيات والستينيات، بدأت إسرائيل بفرض الأسماء العبرية على الخرائط الرسمية، اللافتات، وحتى وثائق الهوية، مما عزّز الطمس التدريجي للأسماء العربية.
إن عبرنة الخريطة الفلسطينية ليست مجرد تغيير في الأسماء، بل هي عملية استعمارية تهدف إلى إعادة تشكيل الهوية المكانية والتاريخية لفلسطين. ومع ذلك، يبقى الوعي الفلسطيني بهذه الأسماء والتاريخ الحقيقي للأرض جزءًا لا يتجزأ من المقاومة الثقافية ضد محاولات الطمس والتهويد.فرض الأسماء العبرية على الفلسطينيين في الداخل: منذ قيام إسرائيل، حاولت فرض الأسماء العبرية حتى على الفلسطينيين الذين بقوا داخل الخط الأخضر، كجزء من سياسات الأسرلة، حيث مُنعت القرى والمدن العربية من استخدام أسمائها الأصلية في الوثائق الرسمية.
الهدف من العبرنة
إلغاء الوجود الفلسطيني: عبرنة الأسماء كانت جزءًا من استراتيجية إنكار الرواية الفلسطينية وإعادة كتابة تاريخ المكان ليبدو وكأنه يهودي الأصل.
تعزيز السيطرة الاستعمارية: تغيير الأسماء عزز الشعور بالسيادة الإسرائيلية على المكان، حيث أصبحت كل الإشارات الجغرافية تدل على الرواية الإسرائيلية بدلاً من الفلسطينية.
ربط الأرض بالنصوص الدينية اليهودية: استعادة أسماء توراتية أو اشتقاق أسماء جديدة من العبرية الحديثة كان يهدف إلى تقديم فلسطين على أنها "أرض الميعاد" الخاصة باليهود، مما يدعم السردية الصهيونية عالميًا.
النتائج والتحديات
رغم مرور أكثر من سبعين عامًا على هذه العملية، لا تزال أسماء القرى والبلدات الفلسطينية الأصلية حية في الذاكرة الجماعية الفلسطينية، حيث يواصل اللاجئون وأحفادهم استخدامها في الوثائق والتاريخ الشفوي. كما أن هناك جهوداً أكاديمية وثقافية لإعادة إحياء الأسماء الأصلية من خلال الخرائط التفاعلية والمبادرات المحلية.
وفي المحصلة فإن عبرنة الخريطة الفلسطينية ليست مجرد تغيير في الأسماء، بل هي عملية استعمارية تهدف إلى إعادة تشكيل الهوية المكانية والتاريخية لفلسطين. ومع ذلك، يبقى الوعي الفلسطيني بهذه الأسماء والتاريخ الحقيقي للأرض جزءًا لا يتجزأ من المقاومة الثقافية ضد محاولات الطمس والتهويد.
أحمد الدبش هو كاتب وباحث فلسطيني متخصص في التاريخ القديم، أثارت أبحاثه في تفكيك التاريخ التوراتي العديد من النقاشات. له عدة مؤلفات في التاريخ القديم وجغرافية الكتاب المقدس، من أبرزها: فلسطين: أربعة آلاف عام في التاريخ"، "اليمن: الحضارة والإنسان"، "فلسطين: من هنا بدأت الحضارة".
تتميز أعمال الدبش بتركيزها على نقد السرديات التوراتية المرتبطة بفلسطين، وتقديم رؤى تاريخية تستند إلى الأدلة الأثرية والمصادر التاريخية.