الأسبوع:
2025-03-15@04:54:31 GMT

حرب «الاستنزاف».. ماذا حدث خلال معركة الـ1000 يوم؟

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

حرب «الاستنزاف».. ماذا حدث خلال معركة الـ1000 يوم؟

إطلالة على مراحل التمهيد الاستثنائية لنصر أكتوبر..

شكّل عدوان «5 يونيو» عام 1967، عقابًا من قوى «المصالح الدولية» للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بعدما راح يُبشّر بـ«مصر جديدة» غير أن قوى التآمر راحت تتكالب عليه، بهدف كسر الطموحات المصرية، وإجهاض مشروع الدولة الصاعدة، التي راح الزعيم الراحل يبشّر بها، ويبنيها بسواعد شعبنا العظيم.

كان «عدوان 1967» مؤامرة دولية مكتملة الأركان، تصدرتها، إسرائيل، عبر الاستيلاء على أراضٍ عربية، تعادل 3 أضعاف مساحتها المحتلة (سيناء، الضفة الغربية، ومرتفعات الجولان السورية) مع محاولة إبقاء مصر داخل حدودها، غير أن الانكسار المصري المؤقت، سرعان ما تحول إلى بطولات استثنائية، مهدت لنصر أكتوبر عام 1973.

لكن كيف بادر الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر (والقيادة العامة للقوات المسلحة المصرية) بتنفيذ خطة شاملة لإعادة بناء الجيش (تنظيمًا، وتسليحًا، وتدريبًا)؟ ما الخطوات؟ ما فلسفتها؟ ما طبيعة «تقدير الموقف» حينها؟ لماذا تدرّجت مراحل تنفيذ الاستنزاف؟ ماذا يعني الاستنزاف أصلًا (مفهومه، خططه، مراحله، وأهدافه)؟

لماذا تركت مصر الباب مواربا أمام «الحلول السلمية»؟ وكيف كثفت إسرائيل عملياتها النفسية، لنشر الإحباط بين المصريين والعرب؟ هذه التساؤلات وغيرها تلقي الضوء على محطات شديدة الحساسية في تاريخ مصر، كما أنها تكتسب أهميتها، حتى الآن، من كونها عُرضة لمحاولات الاستهداف والتشويه المشبوهة!

مفهوم الاستنزاف

تظهر أهمية حرب الاستنزاف من واقع خسائر إسرائيل (حوالي 827 قتيلا، ومصرع أكثر من 40 طيارا، و3141 جريحا وأسيرا، و27 طائرة، متعددة الطرازات، وتدمير المدمرة إيلات، و7 زوارق وسفن متنوعة، و72 دبابة، و119 مجنزرة، و81 مدفع هاون) بينما التقديرات الحقيقية تفوق ما ذكرته إسرائيل.

الاستنزاف، أطول حرب بين العرب وإسرائيل (استمرت حوالي 1000 يوم، واشتدت وتيرتها خلال الفترة من مارس 1969 حتى أغسطس 1970) تنوعت المواجهات، ومسارح العمليات (برا، بحرا، وجوا) واستفادت منها القوات المسلحة المصرية في إحداث التوازن الميداني المطلوب، وبدء بناء عقيدة قتالية، واضحة المعالم.

الاستنزاف، يركز على إيقاع خسائر عدة في صفوف العدو (قواته، معداته، إدارياته، مع زعزعة جبهته الداخلية، والحد من ارتفاع معنوياته.. الهدف، تأكيد التفوق الكمي والمعنوي، والتمهيد لمعركة الثأر الحاسمة) ووفق تلك الاستراتيجية، لا يكون الاهتمام بتحقيق انتصارات عسكرية ضخمة.

خلال الاستنزاف، يتم التدرج في الصدام المحسوب، من أجل رفع التكلفة (بمعناها الشامل) على العدو، حيث اضطرت إسرائيل خلال حرب الاستنزاف إلى الاحتفاظ بنسبة تعبئة كبيرة (أكثر من 50% من قوات الاحتياط البرية، وكل قواتها الجوية) لفترة طويلة، مما زاد الأعباء الاقتصادية بنسبة 300%.

تنشيط الجبهة

ووفق الخطوط العريضة من واقع اجتماع الرئيس عبد الناصر وقيادة القوات المسلحة (26 نوفمبر 1967) كان التركيز على: «تسخين جبهة القتال، حتى لا تصبح خطوط وقف إطـلاق النار هدنة دائمة، ومواصلة القتال لإجهاض أي مناورات دبلوماسية دولية، كما أن تنشيط الجبهة يشكل تطعيما للمعركة».

و«تطعيم المعركة» مفهوم عسكري يعني «تدريب القوات في أجواء تشبه المعركة الحقيقية، من خلال مواقف ومخاطر قد تحدث بالفعل، بهدف كسر حاجز الخوف، وإكساب التشكيلات الخبرة القتالية، والتقليل من هيبة الحرب، وتهيئة القوات المسلحة لدخول المعركة المطلوبة» خلال مرحلة «الدفاع النشط».

و«الدفاع النشط» أو «الدفاع الإيجابي» (Active Defence) استخدام القوات المسلحة أعمالا هجومية محدودة، وبهجمات معاكسة، لحرمان العدو من السيطرة على منطقة معينة متنازع عليه، والاستعداد لمواجهة العمليات الهجومية للخصم وتأمين العمق الاستراتيجي عبر امتلاك القوة القادرة الدفاع والهجوم المضاد.

عمليات نفسية

ومع ذلك، لم تتوقف إسرائيل (وحلفاؤها الدوليون، لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية وعواصم أوروبية) آنذاك، عن توظيف العمليات النفسية الضارية ضد مصر، عبر الترويج لكل ما من شأنه التأثير على الروح المعنوية (سياسيا، دبلوماسيا، عسكريا، واجتماعيا) والتسطيح من أي محاولات تستهدف تحرير الأراضي المحتلة.

تعددت العناوين الإسرائيلية الفجة التي تستهدف نشر الإحباط «الإسرائيليون آلهة الحرب الجدد.. الجــــيش الذى لا يقهر.. خـط بارلــيف، أكبر خط وحصن دفاعي عرفه العالم.. قناة السويس ستتحول إلى بحيرة من النيران بسبب أنابيب النابالم، وحقول الألغام.. نحن الأكثر تفوقا جويا وتكنولوجيا.. .».

الشواهد، كلها كانت تؤكد إصرار إسرائيل على مواصلة احتلال أراضي ما بعد يونيو 1967، لكن مصر لم تعارض قرار الأمم المتحدة (رقم 242، الصادر في 22 نوفمبر 1967) رغم صياغته المطاطة، وسط افتراضات أمريكية واهية «أهمية انسحاب إسرائيل، وتوافق الأطراف العربية على إنهاء حالة الحرب».

حدث ذلك رغم أن المعلومات كانت تؤكد وجود «تفاهم بين واشنطن وتل أبيب لإرغام العرب على المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وأن الولايات المتحدة تدعم مطامع إسرائيل في الإبقاء على سيناء والقدس الجولان ومساحات من الضفة الغربية لنهر الأردن»، لكن مصر كانت تعطى لنفسها فرصة الاستعداد العسكري.

تنظيم القوات

راحت مصر تسارع الخطى بعد استقرار دوائر صنع القرار (السياسي، والعسكري) على التجهيز لحرب شاملة لتحرير سيناء بالكامل، وهو ما كان، تعبئة الجبهة الداخلية، والشروع السريع في إعادة بنائها، على أسس حديثة، تجعلها قادرة على إنجاز هذا المستهدف الوطني الكبير.

بدأت عملية إعادة تنظيم القوات المسلحة، بعد ساعات من عدوان 5 يونيو 1967، وحتى منتصف يوليو عام 1967، خاصة دراسة أسباب ما حدث، وكيف حدث، ولماذا كانت النتائج الميدانية على هذا النحو، الذي يتطلب سرعة تشخيص الأزمة، ووضع الحلول الرئيسية والاحتياطية لها؟

تم تشخيص أسباب ما حدث (مركزية القرار العسكري، الذي كان في يد المشير عبد الحكيم عامر، طريقة اتخاذ الخطوات ووضع الخطط دون دراسة أو خبرة كافية، انفصال القيادتين السياسية والعسكرية في تقدير الموقف، تقديم أهل الثقة على أهل الخبرة في قيادة بعض التشكيلات، وتواضع مصادر ومصداقية المعلومات.. .).

سارعت القيادة العامة بتصحيح المسار، بإصدار القانون رقم 4 لعام 1968، الذي نظم وضع القوات المسلحة ضمن الإطار العام لأجهزة الدولة، فيما شملت الهيكلة إعادة النظر في المناصب القيادية، حيث تولى الفريق أول محمد فوزي منصب القائد العام، وأمين هويدى وزارة الحربية، والفريق عبد المنعم رياض، رئيس الأركان.

تم توحيد القيادة والسيطرة، وتحديد الاختصاصات، ووضع ضمانات لاتخاذ القرارات الجماعية فى الموضوعات العسكرية المهمة.. صدرت قرارات جمهورية بتشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتحديد التركيب التنظيمي له، والواجبات والاختصاصات والمسئوليات.

شملت إعادة تنظيم القوات جميع القيادات والإدارات والتشكيلات والوحدات فى القيادة العامة وإداراتها ووحداتها، مع إعادة تنظيم قيادة المنطقة الشرقية العسكرية، حيث تم إنشاء الجيش الثاني الميداني (أكبر تشكيل قتالي تعبوي في الشرق الأوسط) والجيش الثالث الميداني.

ملحمة وطنية

كانت إعادة بناء القوات الجوية بعد عدوان 1967 ملحمة وطنية مصرية، تحت إشراف مباشر من الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك (مديرا للكلية الجوية، ثم رئيسا لأركان القوات، وقائدا لها) عبر الإعداد والتأهيل والتدريب وبناء الملاجئ، وإعادة بناء وإنشاء مطارات خلال سنوات قليلة جدا.

ومنذ إنشاء قوات الدفاع الجوي (بموجب القرار الجمهوري رقم 199 مطلع فبراير 1968) تم التركيز على استيعاب أنشطة الدفاع الجوي الأرضية (رادارات، صواريخ، مدفعية، مراكز القيادة والسيطرة، وباقي عناصر المنظومة المتكاملة) تحت قيادة جهة واحدة، خاصة بعد تعيين المشير الراحل، محمد علي فهمي، قائدا للقوات.

تحققت: حالة وضوح الموقف الجوي، تعزيز إدارة النيران، رفع كفاءة وخبرات أطقم القتال، التطوير الكبير للأجهزة والمعدات، تنظيم أجهزة رادار الإنذار والتوجيه، وقوة الدفاع المباشر (خاصة في الاشتباك مع الأهداف المنخفضة) زيادة قدرة مقاومة الرادارات على اكتشاف الأهداف، وحرمان العدو من التفوق الجوي.

وبعد سنوات من القصف الجوي الإسرائيلي للعمق المصري، والتوغل الجوي في الدلتا والقاهرة وبعض مناطق الصعيد القريبة (عبر البحر الأحمر) دون تفريق بين أهداف مدنية وعسكرية، كسرت قوات الدفاع الجوي تلك الحالة، بالتزامن مع الشروع في بناء «حائط الصواريخ» (تجميع قتالي من الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات).

خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو 1970، أسقطت كتائب الصواريخ المصرية حوالي 24 طائرة إسرائيلية (فانتوم، وسكاى هوك) بالإضافة لأسر 3 طيارين إسرائيليين، فيما عُرف بأسبوع تساقط الفانتوم.. تم أيضا إسقاط الطائرة استراتوكروزر (أكبر طائرة استطلاع إلكتروني إسرائيلية، أمريكية الصنع).

أصبح التأهيل العلمي أولوية، حينها، من خلال الضباط أركان الحرب فى جميع الأفرع الرئيسية، لتحقيق التعايش والاندماج وتوحيد الفكر والفعالية والسيطرة مع تحديد المسئوليات والسلطات لكل القيادات فى إطار مبدأ تقاسم المسئولية والسلطة، مع الاهتمام بإعداد القيادات على جميع المستويات، علميا، عمليا، ومعنويا.

انسحبت عملية الاهتمام (العملية، العلمية) التي تنفذها القوات المسلحة على المجندين في صفوف القوات، عبر اختيارهم من بين الحاصلين على المؤهلات العليا والمتوسطة وتوجيههم للأسلحة التي تناسبهم طبقا لتخصصاتهم (الفرز والانتقاء) وعدم السماح لهم بممارسة وظائف إدارية أو مكتبية.

موقف مدروس

تواصلت الاستعدادات العسكرية المصرية (التلقين المعنوي، الأساليب التكتيـكية، البيانات العملية، المناورات المتواصلة.. .) وتنويع مصادر التسليح، وصدر أمر تنظيم لجنة السياسات العامة للنظر في أمور التسليح، وصناعة الأسلحة والذخائر، وكان للصناعات الحربية المصرية، دور مهم في إمداد القوات في الأوقات الحرجة، لكن لأن بعض المهام والتجهيزات كانت تحتاج إلى مزيد من الوقت، لذا، وافق الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، على مبادرة «وليام روجرز» وزير الخارجية الأمريكية، والتي عرضها مرتين (ديسمبر 1969، و5 يونيو 1970) لوقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل لمدة 90 يوما.

موافقة، عبد الناصر، المدروسة على المبادرة، استهدفت الاستفادة منها في نقل منصات صواريخ سام 3 وطواقمها، شرقا، كمظلة دفاع جوي للقوات البرية، المتمركزة غرب قناة السويس، وبالتالي أصبح لدى القوات المصرية قدرة على تغطية القوات الجوية، ووجود قوات برية مصرية داخل سيناء، بعمق 15 كيلومترا.

الوعي والإرادة

رغم الإحباط والانكسار المؤقت الذي مرت به مصر عقب «عدوان 5 يونيو 1967» وتحمل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للمسئولية كاملة عما حدث، إلا أن المؤازرة الشعبية (التي عبرت عن حجم الإرادة الوطنية، ومخزون الوعي) سرعان ما حولت أجواء العدوان إلى حرب استنزاف كبدت العدو خسائر كبيرة.

استوعبت الجبهة المصرية سريعا ما حدث في يونيو 1967، وتبدت الدهشة من مخزون الإرادة القتالية المصرية، في معركة «رأس العش» (مطلع يوليو 1967) عندما نجحت فصيلة صاعقة مصرية في صدَّ قوات إسرائيلية (مدعومة بعربات مجنزرة، ودبابات) ومنعها من التقدم لاحتلال منطقة بورفؤاد.

وإلى جانب معارك المدفعية والطيران (14، 15 يوليو 1967) نجحت مصر في إغراق أكبر وأقوى وحدة بحرية إسرائيلية، المدمرة إيلات (21 أكتوبر 1967) باستخدام صواريخ سطح/سطح، للمرة الأولى في التاريخ، حيث لا تزال الواقعة تدهش الأكاديميات العسكرية الدولية، حتى الآن.

كما أدبت القوات البحرية المصرية (عبر عمليات نوعية، غير مسبوقة) إسرائيل فى عقر دارها بـ4 عمليات فى إيلات (تدمير المدمرتين داليا وهيدروما فى 15و16 نوفمبر 1967، وناقلة الدبابات بيت شيفع، وناقلة الجنود بات يام، 5 فبراير 1970، وتدمير سفن والرصيف الحربي لميناء إيلات.. .).

تبدت النتائج المبهرة مع تصاعد أعمال القتال، خلال عبور قوات متخصصة مصرية لتنفيذ عملية نوعية كالإغارة على الدفاعات الإسرائيلية، فتنوعت عمليات الإعداد، التى أجريت خلالها المشروعات التدريبية والتجارب المكثفة على اقتحام الموانع المائية، وتدمير النقاط القوية والمواقع الحصينة.

تكشفت للجميع خطورة الأدوار الاستثنائية التى أدتها «المجموعة 39 قتال» التي تأسست بعد يونيو 1967 مباشرة، وكانت تضم أفضل عناصر الجيش من سلاح الصاعقة بقيادة الشهيد، إبراهيم الرفاعي، وقد تنوعت عملياتها (إغارة، وكمائن، واستطلاع خلف الخطوط.. .).

نفذت «المجموعة 39 قتال» حوالي 92 عملية (شملت تدمير مواقع ومنشآت، دبابات، عربات، بلدوزرات، قتل وجرح أكثر من 430 إسرائيليًّا) خلال عبور عناصر المجموعة لقناة السويس أكثر من 72 مرة، شكلت جميعها صدمات للقوات الإسرائيلية، التي تحدت خطوط الدفاع الإسرائيلية (خط بارليف، و3 خطوط أخرى مجهزة دفاعيا على الاتجاهات الأكثر صلاحية لعبور القناة).

برعت قوات الاستطلاع المصرية فى رصد ما يحدث خلف خطوط الدفاع الإسرائيلية في سيناء، ونفذت العناصر المذكورة العديد من المهام شديدة الخصوصية والتعقيد فى آن واحد، تم خلالها الدفع بمعلومات تفصيلية للقيادة العامة للقوات المسلحة عما تقوم به إسرائيل، رغم إنشائها سواتر صناعية، ومحاولات إخفاء تحركات قواتها.

نعم، تأثرت الأوضاع العامة في مصر بأجواء الحرب، لاسيما الاقتصاد وتوقف عملية التنمية نتيجة توجيه الجزء الأكبر من الإيرادات لإعداد الدولة للدفاع (بناء القوات المسلحة) من اجل إعادة بناء القوات المسلحة، الذي لم يكن سهلًا، ولا مستحيلًا، من أجل منع العدو من التمتع بإقامة مريحة في سيناء، ثم طرده منها.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: جمال عبدالناصر حرب أكتوبر حرب الاستنزاف رأس العش جمال عبد الناصر القوات المسلحة إعادة بناء تنظیم ا أکثر من ما حدث

إقرأ أيضاً:

اللواء أركان حرب محمد أبو الفتوح جاب الله يكشف مراحل نشأة وتطور قوات الصاعقة المصرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 تحدث  اللواء أركان حرب محمد أبو الفتوح جاب الله، قائد قوات الصاعقة، عن نشأة قوات الصاعقة المصرية وقال: إن معظم الدول المتقدمة اهتمت ببناء قوات ذات طبيعة خاصة قادرة على تنفيـذ عمليـات يـصعب تنفيذها بواسطة قوات أخرى ومن الضرورى أن تخضع هذه القوات دائمًا إلى التطوير من حيث التنظيم وأسلوب الاستخدام نظرًا لطبيعة المهام التى تكلف بها هذه القوات فى معركة الأسلحة المشتركة الحديثة، وقد أثبتت القوات الخاصة فى حروب عديدة أنها العنصر الحاسم والفاعل فى تحقيـق النصر ومن هنا كان الاهتمام بإنشاء قوات الصاعقة. 

وتابع: "قوات الصاعقة شاركت منذ نشأتها فى جميع المعارك التى خاضتها قواتنا المسلحة بدايةً من العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956، وحتى القضاء على الإرهاب بسيناء، بما لا يدع مجالا للشك أن قوات الـصاعقة هـى درع القـوات المـسلحة وسـيفها.

 أما عن مراحل نشأة وتطور وحدات الصاعقة فهى كالتالي: 1-مرحلة النشأة واكتساب الخبرات منذ عام 1955، حتى عام 1962: 

أ - بقيام ثورة 23 يوليو 1952، كان من ضمن مبادئها وأهدافها إنشاء جيش وطنى قـوى وكان أحد رموز هذا الجيش الـوطنى هـو قوات الـصاعقة فتم إيفاد عدة بعثات من أكفأ ضباط القوات المسلحة إلى الولايات المتحدة الأمريكيـة للحـصول على دورة القوات الخاصة (الرينجرز). 

ب- بعد عودة البعثة الثانية من الضباط الحاصلين على دورة (الرينجرز) عـام 1955، وهم (اليوزباشى جلال محمـود الهريـدى – اليوزباشـى نبيـل شـكرى مـصطفى)، وأقنع اليوزباشى جلال محمود الهريدى القيادة العامة بـضرورة إنـشاء نـواة لقوات ذات طبيعة خاصة على غـرار قـوات (الرينجـرز) الأمريكيـة، فقام بإنشاء جناح الدوريات بعيدة المدى بمنطقـة أبو عجيلة وتم عقـد أول دورة صاعقة قصيرة بمنطقة أبـو عجيلـة فى شـهر ديـسمبر عـام 1955، وتوالت عقد الدورات التى أفرزت مجموعة من الضباط الأكفاء تم الاستعانة بهم فى عقد فرق الصاعقة التالية.

ﺟ - بوقوع العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وفى شـهر نـوفمبر عـام 1956، تم دفع قوات الصاعقة إلى مدينة بورسعيد لمقاومة العدوان الثلاثى على مصر وتعزيز المقاومة الشعبية حيث قامت قوات الصاعقة بتنفيذ العديد من العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال مما كان لها أكبر الأثر فى جلاء القوات البريطانية عن بورسعيد فى 23 ديسمبر عام 1956.

اليوزباشى جلال الهريدى تولى قيادة الصاعقة بعد تأسيسها.. و«المدرسة» أنشأت فى أنشاص عام 1957.

د- تم تــشكيل قيــادة قوات الــصاعقة فى عــام 1957، وتـولى قيادتهــا اليوزباشى جلال الهريدى مؤسس قوات الصاعقة، كما تم إنشاء مدرسـة الـصاعقة بأنشاص فى 24 يناير عام 1957، كأول منشأة تعليمية متخصصة لعقد فرقة الصاعقة لتدريب الضباط وضباط الصف من تشكيلات القوات المسلحة على العمل الفدائى وتنفيذ العمليات الخاصة وقــد تــم عقــد أول فرقــة معلمــى صــاعقة رقم 1 بمنطقة أنشاص فى 23 سبتمبر عام 1957.

ﻫ - تم تشكيل أول سرية صاعقة كوحدة فرعية صـغرى مقاتلـة بنهايـة عـام 1958 تحـت مـسمى سـرية عمليات القوات المسلحة وتم تشكيل أول كتيبة صاعقة فى 16 نوفمبر 1959. 

و- فى بداية عام 1961، تم الوصول بتشكيل قوات الصاعقة إلى ثلاث كتائـب صـاعقة بالإضافة إلى مدرسة الصاعقة.

 

 

2-مرحلة إعادة التنظيم وخوض حرب اليمن منذ عام 1962، حتى عام 1967 كالتالي: 

أ - كانت كتائب الصاعقة الثلاث هى باكورة القوات المصرية التى وصـلت إلى الـيمن فى أكتوبر عام 1962، لمساندة الثورة اليمنيـة التـى قامـت يـوم 26 سـبتمبر عام 1962، وكان قرار مصر تلبية مطلب اليمن بتقديم المساعدات العسكرية لمساندة الثورة.

ب- بدفع كتائب الصاعقة الثلاثة التى تم تـشكيلها إلـى الـيمن وبنهايـة عـام 1962، تم تشكيل ثلاث كتائب صاعقة جديدة. 

ﺟ - استمر تشكيل الوحدات الفرعية الجديدة خلال هذه المرحلة ليصل إجمالى عدد الكتائب التى تم تشكيلها بنهاية عام 1963، إلى 9 كتائب صاعقة.

د - خلال هذه المرحلة أيضا قامت قوات الصاعقة بدورها فى معاونة بعض الدول العربية والأفريقية فى إنشاء النواة لقواتها الخاصة حيث تم إيفـاد بعثـة عـسكرية لإنـشاء القوات الخاصة الجزائرية عام 1963، والقوات الخاصة العراقية عام 1964.

 

3 - مرحلة الصمود والردع وتحقيق نصر أكتوبر المجيد منذ عام 1967 حتى عام 1973:

أ- بنشوب حرب يونيو عام 1967، كان لقوات الصاعقة شرف خوض أولى المواجهات ضـد العـدو الإسـرائيلى فى رأس العش فى الأول من يوليو عـام 1967، حيـث تمكنـت قوات الصاعقة من حرمان العـدو مـن التقدم إلى بور فؤاد وعلى مدار أربعة أيام مـن القتـال العنيف تم تكبيد العـدو خـسائر فادحة فى الأفراد والعتاد العسكرى. 

ب- أعادت معركة رأس العش الثقة إلى المقاتل المصرى وجددت الأمل فى نفوس شعب مصر لاستعادة الأرض المحتلة ومنذ ذلك اليوم بدأت ملحمة الاستنزاف حيث تم التخطيط لعمليات الإستنزاف بكل دقة مما أدى إلى نجاحها بشكل كبير وعلى مدار 1100 يوم من معارك الاستنزاف بمراحلها المختلفة لقنت قوات الصاعقة العدو دروسا قاسـية فى الشجاعة والإقدام وكان لهذه العمليات أكبر الأثـر فى اسـتنزاف قـدرات العـدو وتحقيق نصر أكتوبر المجيد. 

ﺟ- بنهاية يونيو عام 1967، تم دمج قيادة وحدات الصاعقة مع قيادة وحدات المظـلات تحت قيادة واحدة (قيادة القوات الخاصة) وقامت هذه القيادة بدور المخطط والمسيطر على هذه الوحدات حتى عام 1971.

د - خلال الفترة التالية لحرب يونيو 1967 وخلال عامى 68،69، بدأ الاتجـاه نحو تشكيل كتائب صاعقة جديدة بمهمة حماية وتـأمين الأهـداف الحيويـة فى العمـق وذلك نتيجة لقيام عناصر القوات الخاصة الإسرائيلية بالإغارة علـى هـذه الأهـداف وكان من المخطط إنشاء عدد 60 كتيبة من هذه الكتائب، وتم البدء بالفعل فى إنـشاء عدد منها سميت بكتائب الصاعقة الخفيفة إلا أن التوسع فى إنشاء هـذه الكتائـب أدى إلــى انخفــاض الكفــاءة القتاليــة لكتائــب الــصاعقة الأصــلية وببدايــة حرب الاستنزاف وخلال مرحلة الإعداد لحـرب أكتـوبر المجيـدة ظهـرت الحاجـة إلى ضـرورة الارتقـاء بمـستوى الكفـاءة القتاليـة لكتائـب الـصاعقة المقاتلـة وكذا ضعف كتائب الصاعقة الخفيفة وبالتالى تم حل الكتائب الخفيفة التى تم تشكيلها. 

ﻫ - بحلول عام 1971، تم فصل وحدات الصاعقة عن وحدات المظلات وتـشكلت قيـادة وحدات الصاعقة ويتبعها 6 مجموعات صـاعقة.

ز- بتوقف إطلاق النار على الجبهة واصل رجال الصاعقة تدريباتهم الـشاقة اسـتعدادًا لخوض حرب التحرير والكرامة واستعادة الأرض المحتلة، وقد أقسموا أن يجعلـوا من سيناء مقبرة لغرور وصلف العدو. 

ح- شاركت وحدات الـصاعقة خـلال معـارك أكتـوبر بقـوة 24 كتيبـة صـاعقة بقيادة العميد نبيل شكرى مصطفى قائد وحدات الصاعقة خلال حرب أكتوبر المجيدة حيث تم تنفيذ أكثر من خمسين مهمة ناجحة على طول خط المواجهة مـع العـدو من بورسعيد شمالًا، وحتى رأس محمد جنوبًا، وقدمت قوات الصاعقة خيرة رجالها فداءً لتراب سيناء مما كان له أكبر الأثر فى تحقيق نصر أكتوبر المجيد.

 

4 - مرحلة إعادة بناء القدرات القتالية منذ عام 1974 حتى عام 2014 كالتالي: 

أ - حرب أكتوبر المجيدة كانت ولا شك هى المحك الصحيح لاختبار مدى كفاءة التنظيم وقدرة الوحدات والوحدات الفرعية علـى تنفيـذ مختلـف المهـام ولقـد خرجـت قوات الصاعقة من عمليات أكتـوبر المجيـدة بالعديـد مـن الـدروس المـستفادة والتى وضعتها موضع التطبيق بتطوير الوحدات الفرعية بها لتدعيم قدرتها القتاليـة لتظل فى طليعة قواتنا المسلحة. 

ب- ومن أبرز ملامح هذه المرحلة أيضا ولمجابهـة التهديـدات الخارجيـة والداخليـة ولصالح أعمال مقاومة الإرهاب الدولي، تم تشكيل الوحدة (777) قتال وكانـت خـلال هـذه الفتـرة أولى الوحدات المتخصصة فى مقاومة الإرهاب الدولى بالشرق الأوسط كما تـم أيـضًا خلال هذه المرحلة إنشاء وحدة الإعداد والتجهيز لصالح تجهيز مسرح العمليات. 

ﺟ شاركت قوات الصاعقة خلال هذه المرحلة فى تـأمين الجبهـة الداخليـة، وفـرض الشرعية الدستورية خلال أحداث عام 1986، فى المدة من 25/2: 22/3/1986، وقد لعبت قوات الصاعقة دورًا مهما فى إعـادة الأمـن والاسـتقرار والـسيطرة على الموقف. 

د - عــام 1990، شــاركت قوات الــصاعقة فى حـرب تحريـر الكويـت "العروبة 90"، حيث قامت قوات الصاعقة بتنفيذ العديد من المهام الناجحة كان لهـا بـالغ الأثـر فى تحرير دولة الكويت الشقيقة وكانت عناصر قوات الـصاعقة هـى أول قـوات تصل إلى دولة الكويت لتحريرها.

و- قامت قوات الصاعقة خلال هذه المرحلة بتأمين الشرعية الدسـتورية وحمايـة وتـأمين الأهداف الحيوية والمرافق المهمة بالدولة وكذا السيطرة على أعمال الشغب والبلطجة التى قامت بها بعض العناصر ضد الممتلكات العامة والخاصة بالدولة بغـرض الـسرقة والتخريب وترويع المواطنين وذلك أثناء أحداث ثورة الخامس والعشرين مـن ينـاير عـام 2011، مما كان له أكبـر الأثـر فى عـودة الأمـن والإسـتقرار للوطن.

 

5-مرحلة التطوير والإنجاز منذ عام 2014، حتى الآن وجاءت كالتالي:

شهدت قوات الصاعقة خلال هذه المرحلة طفرة غير مـسبوقة فى التطوير للارتقاء بإمكاناتها تنظيمًا وتدريبًا وتسليحًا مع الاهتمام بشئون إدارية الفرد المقاتل وإعداده ذهنيـًا وبدنيًا لتنفيذ المهام التى قد يكلف بها بكفاءة تامة وتم تعظيم قدراتها بما يمكنها من تأمين المصالح الحيوية لجمهورية مصر العربية، وأدت هذه الطفرة غير المسبوقة فى التطوير إلى تطور الفكر وأساليب الاستخدام التكتيكى لقوات الصاعقة فى مجابهة التهديدات الحديثة وتنفيذ مهامها القتالية بكفاءة وظهر هذا جليًا من خلال الأعمال البطولية، التى قامت بها قوات الصاعقة فى مكافحة الإرهاب والقضاء على العناصر الإرهابية والإجرامية بسيناء للحفاظ على أرض سيناء الحبيبة ومن أبرز ملامح التطور فى تشكيل قوات الصاعقة الآتى:

أ - إعادة هيكلة قوات الصاعقة وتطويرها بتشكيل مجموعة صاعقة تدخل سريع كقوة انتشار سريع لها القدرة على الوصول لأهدافها بسرعة عالية والقدرة على تنفيذ المهام بكفاءة عالية. 

ب- إنشاء جناح تدريب على العمليات (الجو/ أرض) بقوات الصاعقة لتأهيل عناصر القوات المسلحة.

وأكد قائد قوات الصاعقة، أن قوات الصاعقة تحظى بدعم لا محدود من القيادة العامة للقوات المسلحة، وهذا الدعم ظهر بقوة اعتبارًا من عام 2014، من خلال امتلاك أحدث منظومات التسليح ومن خلال تدريب وتأهيل الضباط وضباط الصف وإلحاقهم بالدورات المنعقدة خارج مصر لاكتساب المزيد من الخبرات علاوة على التوسع فى تنفيذ التدريبات المشتركة مع الكثير من الدول الصديقة والشقيقة، وهذا يساهم بشكل كبير فى اكتساب الخبرات وتنوعها والتعرف على أحدث الأسلحة والمعدات الموجودة، وبالتالى امتلاك رؤية لتطوير الأسلحة والحفاظ على ما هو لدينا ورفع القدرات القتالية لقوات الصاعقة ونحرص على التدريب مع أقوى الدولة لنطمئن على مستوى مقاتلينا.

مقالات مشابهة

  • اللواء أركان حرب محمد أبو الفتوح جاب الله يكشف مراحل نشأة وتطور قوات الصاعقة المصرية
  • روسيا تعلن تحرير بلدة جديدة في مقاطعة كورسك
  • السيسي يلتقي قادة القوات المسلحة بحضور وزير الدفاع
  • يظل أبوعاقلة كيكل وجنوده من قوات درع السودان الفضلاء أحد شجعان معركة الكرامة
  • استمرار فعاليات ملتقى «إدراك» بلقاء أبطال البحرية المصرية |صور
  • ماذا نعلم عن معركة الناشط الفلسطيني محمود خليل القضائية بأمريكا ضد إدارة ترامب؟
  • بوتين بالزي العسكري يشعل تفاعلا خلال زيارة مفاجئة إلى كورسك.. ماذا يحصل؟
  • القوات المسلحة تحظر سفن “إسرائيل” وفق معادلة “الحصار بالحصار
  • أمير الكويت يصدر توجيهات عاجلة.. ماذا تضمنت؟
  • وزارة الدفاع التركية: استمرار العمليات العسكرية ضد المسلحين الأكراد في شمال سوريا