تحليل: القرن الأفريقي يواجه مستقبلاً محفوفاً بالمخاطر
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
حذر الكاتب الصحفي دانييل هايلي، المتخصص في مجال الجيوسياسة في شرق إفريقيا، من أن حالة عدم الاستقرار في السودان وإثيوبيا تهدد بتفكيك منطقة القرن الإفريقي، ما يدفعها إلى مزيد من الاضطرابات، وينذر بتداعيات كارثية على منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، لا سيما في ظل تصاعد لوتيرة الهجرة غير النظامية.
القرن الإفريقي يتأرجح على حافة عدم الاستقرار منذ أمدٍ بعيد
وقال هايلي، يعمل حالياً ضابطاً في الجيش الأمريكي في مجال الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، في مقال بموقع مجلة "ناشونال إنترست"، إن المنطقة عانت من صراعات عديدة، بينها الحرب الأهلية الصومالية وحرب الاستقلال الإريترية وحرب استقلال جنوب السودان والنزاعات المتقطعة بين إريتريا وإثيوبيا، والاضطرابات الداخلية المستمرة في السودان وإثيوبيا.
ولا تزال إريتريا الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تشهد حرباً أهلية، وذلك بفضل القبضة الحديدية للرئيس أسياس أفورقي، الذي حكم لأكثر من 3 عقود. وبرز القرن الإفريقي بوصفه منطقة جذب لانعدام الأمان والاستقرار، إذ يعاني السودان وإثيوبيا حالياً اضطرابات مدنية جسيمة. أسد السودان
ورأى الكاتب أن احتمال التوصل إلى تسوية لوقف إطلاق النار بطريق المفاوضات وإلى مسار لمفاوضات السلام في السودان ضئيل. فقد أمسى الصراع بين طرفين فاعلين، وهما الجنرال عبد الفتاح برهان والجنرال محمد حمدان دقلو المشهور باسم "حميدتي"، لعبةً محصلتها "صفرية".
وفي إطار السعي إلى السلام والاستقرار والأمن، يقول الكاتب: "يجب على أسدٍ نوبي مهيمن أن يحكم الخرطوم بقبضة من حديد، طارحاً أي أجندات لسياسات مثالية جانباً. وإذا استمر الصراع، فقد يكون مسار السودان مماثلاً لمسار ليبيا، فينضم بذلك إلى البلدان الإفريقية المضطربة، مثل الصومال وليبيا وتشاد والكونغو.
A rollercoaster of political instability in #Ethiopia ???????? and #Sudan ???????? threatens to fracture the Horn of #Africa (#HoA), pushing the Region into further turmoil.
Via @TheNatlInteresthttps://t.co/bW9NLyBaUE
وأشار الكاتب إلى أن الانقلابات العسكرية في السودان معتادة شأنها شأن الانتخابات الديمقراطية في الغرب، إذ شهدت الدولة 35 انقلاباً عسكريّاً منذ حصولها على الاستقلال عام 1956. وحافظَ عمر البشير، أنجح ديكتاتور سوداني، على قبضته على السلطة لما يقرب من 3 عقود، إذ تفوق في فن القيادة الاستبدادية.
ووفق الكاتب، تلاعب البشير بالمشهد السياسي باستمالة الأجهزة الأمنية وممارسة القمع الوحشي والاستغلال الإستراتيجيّ لمؤسستين متعارضتين، ألا وهما القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. تأسست قوات الدعم السريع بمعرفة قطاع المخابرات السوداني عام 2013 بغية معاملة سكان منطقة دارفور بوحشيةٍ وإخضاعهم. ورغم افتقار حميدتي للتدريب العسكري الرسمي، فقد سطع نجمه قائداً لأقوى قوة شبه عسكرية في السودان.
وأضاف: "لا يحتفظ الحكام المستبدون الأذكياء كالبشير بالسلطة لما يقرب من 3 عقود دون أن يتحلوا بفطنة سياسية وعكسرية. فقد شكَّلَ عمداً قوات الدعم السريع ليتحصَّنَ بها ضد التهديدات المحتملة من القوات المسلحة السودانية".
✒️The Horn of Africa has long been synonymous with instability and insecurity. including the Somali???????? Civil War, the Eritrean???????? War of Independence, the South Sudan???????? War of Independence, and intermittent disputes between Eritrea and Ethiopia????????.
????????❤️https://t.co/w6bfQmYqzw
ميليشيات عرقية ومستقبل غامض لإثيوبيا
وقال الكاتب: يبدو أن الصراع العرقي والإقليمي المستمر في إثيوبيا، بين رئيس الوزراء أبي أحمد وجبهة تحرير شعب تيغراي وجماعتي الأورومو والأمهرة العرقيتين، انتهى رسميّاً على الورق بالتوقيع على اتفاقية نيروبي الواهية في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.
ورغم ذلك، فقد أخفقت التسوية في تحقيق الاستقرار. إن الصراع العرقي والإقليمي المستمر بين الأمهرة والأورومو والتيغرانيين وحركة الشباب المنبعثة من جديد، ينذر بتفاقم حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في إثيوبيا.
وفي حين أن أبي أحمد استطاع الحيلولة دون انقسام إثيوبيا عن طريق وقف الأعمال العدائية مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، لا تزال الكراهية العرقية تغلي في الصدور.
وأفضت مفاوضات السلام الفاشلة بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير الأورومو إلى تفاقم الأوضاع، لا سيما بالنظر إلى العدد الكبير لسكان الأورومو الذين يشكلون 36% من سكان الدولة.
وفي الوقت ذاته، تصارع إدارة أبي أحمد ميليشيا الأمهرة. والجدير بالذكر أن الأمهرة هي ثاني أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا، إذ تضم 24.1% من السكان.
وعانى الصومال الأمرين دون حكومة مركزية لمدة 3 عقود، إذ شنت حركة الشباب الإرهابية تمرداً أثار قلقاً كبيراً لكل من الصومال وإثيوبيا، إذ يشترك البلدان في حدود طولها 1024 ميلاً (1647.9 كم).
القرن الأفريقي.. مسارات محفوفة بالمخاطر
وحذر الكاتب من أن القرن الإفريقي يتأرجح على حافة عدم الاستقرار منذ أمدٍ بعيد. وإذا استسلم السودان وإثيوبيا لهذا المصير، فستواجه المنطقة مستقبلاً قاتماً على مدى عقود. والانهيار المحتمل لهاتين الدولتين اللتين يتجاوز عدد سكانهما إجمالاً 170 مليون نسمة، يحمل في طياته تبعات وخيمة ستطال الممر الاقتصادي الدوليّ على طول البحر الأحمر، مما سيؤثر على الشرق الأوسط وأوروبا، ويُكثِّف أزمات الهجرة في شرق وشمال إفريقيا.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أحداث السودان السودان وإثیوبیا القرن الإفریقی عدم الاستقرار فی السودان
إقرأ أيضاً:
حروب أوروبا ضد الجلابة في عموم أفريقا القرن التاسع عشر
حروب أوروبا ضد الجلابة في عموم أفريقا القرن التاسع عشر
في كتابات الأوروبيين الذين عملوا في القرن التاسع عشر في حكمدارية خط الإستواء كانت كلمة دنقلاوي Dongolese تعادل شمالي بمصطلحات اليوم ولهذا تجدهم أحيانا يصفون الزبير باشا بدنقلاوي Dongolese.
ومنذ أن تم ضم الجنوب في 1870م للخديوية المصرية لم يحكمه سوداني شمالي حتى إندلاع التمرد في 1955م.
وكذلك دارفور منذ أن تم ضمها في 1874م لم يحكمها سوداني حتى 1956م باستثناء فترة المهدية من 1883م حتى 1898م ومرة ثانية من 1899م حتى 1916م بواسطة السلطان علي دينار.
وفي كل أفريقيا حيثما توجهت جيوش أوروبا في القرن التاسع عشر فقد كان أول همها بذر الكره واستعداء القبائل الأفريقية ضد الجلابة لأنهم كانوا الطبقة المتنورة والمحركة للتجارة والمتفاعلة مع الوطنيين بالتصاهر الذي ينتج هجينا منتميا للأرض ومتبنيا لدين ولغة العرب.
مصطلح الجلابة وإن كان خاصا بسودان وادي النيل إلا أنه من حيث الطبيعة والمضمون فقد كان منتشرا في عموم أفريقيا ، ولم تتمكن بلجيكا من استعمار الكونغو في الربع الأخير من القرن التاسع عشر حتى شنت حرب إبادة ضد عرب الكونغو وأبادت منهم ما يقدر بـ 70ألف بالمكسيم وكانت تروج لحربها ضدهم في الصحف الأوروبية والأمريكية بأنها حرب لتحرير الأفارقة من تجار الرقيق العرب.
بعد أن سيطرت بلجيكا على الكونغو إكتشفت القبائل الأفريقية حتى التي حولت ولاءها للبلجيك وقاتلت معهم ضد العرب أنها سلمت رقابها لعبودية أقسى من نوع جديد ، عبودية فقدت فيها الكونغو ما يقدر بـ 10مليون نسمة بسبب الفظاعات والإنتهاكات.
كان عرب الكونغو يتحدثون السواحيلية ويكتبونها بالأبجدية العربية ولكنهم كانوا عربا بالمعايير الأوروبية وقتها.
ولا تزال الكونغو حتى اليوم وحتى الغد تدفع ثمن تلك الفترة في تاريخها والتي حين حاول باتريس لوممبا التحرر منها تم إغتياله بوحشية.
إذا حققت حرب السودان هذه أبريل 2023م أهدافها فسيدخل السودان فترة لا تقل ظلاما عن فترة الاستعمار البلجيكي للكونغو.
تتكرر الحيل عبر الحقب ومن لا يقرأ ماضيه تغره اللافتات وتصطاده الحيل.
#كمال_حامد ????