قالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن الرقم الرسمي المعلن لضحايا إعصار "دانيال" بلغ 3875 قتيلا، لكن السيطرة على المعلومات وحظر الوصول إلى عدة أماكن يزيدان شكوك السكان وغضبهم، وقد تساءل أحدهم عن سر إخفاء المعلومات؟ وهل يخافون من المقاضاة في الخارج بتهمة الإهمال إذا ظهرت الخسائر الحقيقية؟

وأوضحت الصحيفة -في تقرير لمبعوثها الخاص إلى ليبيا مجيد زروقي- أن درنة بعد أسبوعين من مرور إعصار "دانيال" لم تعد سوى ألم، حيث السكان منهكون جسديا ونفسيا، ولا يجدون أمامهم سوى مؤسسات مفلسة في بلد منقسم بين حكومتين تحاول كل منهما التخلص من أي مسؤولية في مواجهة المأساة، فلكل من حكومة الغرب -التي يعترف به المجتمع الدولي- وحكومة الشرق إداراتها الخاصة ومليشياتها؛ مما يجعل تنسيق المساعدات أمرا بالغ التعقيد.


ضبابية لا تطاق

والحقيقة -كما يقول المراسل- هي أن عمليات الإغاثة تمت على أكتاف جيش من المتطوعين المدنيين، القادمين من كافة أنحاء البلاد في قوافل من القرى والمدن، وهم يحفرون بأيديهم العارية ومعاولهم في بحر من الطين والركام بحثا عن الناجين والجثث، أما الناجون فيهيمون في الشوارع مصدومين، في انتظار أخبار عن أحبائهم الذين جرفتهم الأمواج بالآلاف.

غير أن أعداد الجثث التي يتم التعرف عليها لا تتوفر بدقة، إذ تزيد وتنقص حسب تصريحات السلطات المتناقضة؛ مما يعني أن أغلب الضحايا -سواء كانوا مدفونين أو في عداد "المفقودين"- محكوم عليهم بعدم الكشف عن هوياتهم، وهو أمر غير محتمل ومؤلم للأحياء الذين يتعين عليهم السفر نحو 20 كيلومترا للوصول إلى المقبرة الجماعية في درنة، ذاك المكان المنعزل والبعيد عن المدينة الذي يرمز إلى الارتباك والغموض اللذين يحيطان بمسألة عدد الوفيات.

ورغم أن الحصيلة الرسمية لم تتغير إلا بشكل طفيف خلال الأسبوع الماضي بعد أن أعلنت السلطات وفاة 3875 شخصا يوم الاثنين، فإن عشرات الأشخاص المجهولين دفنوا هنا، وبالفعل دفن 120 شخصا في الساعات التي سبقت زيارتنا يوم 21 سبتمبر/أيلول الجاري، كما يقول مبعوث الصحيفة.

يقول الشيخ صلاح (أحد أعضاء مؤسسة دينية رسمية في بنغازي تحولوا إلى حفاري قبور بدرنة) "في اليوم الأول اضطررنا إلى دفن أكثر من 1000 شخص هنا بسبب حالة الطوارئ (…) لأن العدد اليومي للضحايا يفرض ضرورة اللجوء إلى الدفن الجماعي، مما يشير -حسب المراسل- إلى ما يحدث في مناطق عديدة عندما يدفن السكان العديد من الجثث على عجل من دون إحصائها، خاصة أن الكلام يكثر عندما يتعلق الأمر بالصعوبات، ولكن الصمت يسود عندما يُطرح سؤال حول عدد الأشخاص المدفونين في الحقل.


منطقة عسكرية مغلقة

وعلى بعد 150 كيلومترا من درنة في جندولا، تقع مسؤولية جمع الجثث على عاتق المستوصف المحلي الصغير، حيث يتم جلب الجثث من الساحل الجرجار حيث تلقيها عليه الأمواج بانتظام، ولكن الطريق الوحيد هناك مغلق بشاحنتين صغيرتين مزودتين بمدافع مضادة للطائرات، ويقول الجنود إن "المنطقة عسكرية والدخول ممنوع"، وهكذا لا تزال المناطق الرمادية المحيطة بالنتائج ورغبة سلطات بالشرق في السيطرة على المعلومات ومنع الوصول إلى أماكن معينة تؤجج الغضب بين الناس.

وفي 18 سبتمبر/أيلول الجاري، تجمع مئات السكان للاحتجاج على إهمال السلطات، مطالبين بشكل خاص بإجراء تحقيق دولي وإقالة رئيس برلمان شرق ليبيا عقيلة صالح. يقول أحد أعضاء لجنة الأحياء بمدينة درنة "4000 قتيل فقط؟ على من يضحكون؟ هل يخافون من المقاضاة في الخارج بتهمة الإهمال إذا ظهرت الخسائر الحقيقية؟"

وختم مبعوث لوموند بأن قصة السدين اللذين انهارا مما أدى إلى حدوث تسونامي، تحكي عن سنوات من الإهمال والفساد، حيث أُبلغت إدارة الأعمال الهيدروليكية عن حدوث شقوق في وقت مبكر من عام 1998، وفي عام 2021 أظهرت المراجعة أن صيانة السدين لم تتم رغم تخصيص الأموال بشكل منتظم لهذا الغرض، وعليه أمر النائب العام يوم 25 سبتمبر/أيلول الجاري بالحبس الاحتياطي لـ8 مسؤولين، من بينهم عمدة المدينة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الأمن الروسي: الفرنسي لوران فيناتييه تجسس على روسيا لمصلحة الاستخبارات الغربية

موسكو-سانا

كشف جهاز الأمن الفيدرالي الروسي أن الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي والمستشار في مركز الحوار الإنساني السويسري لشؤون أوراسيا لوران فيناتييه كان يتجسس على روسيا لمصلحة المخابرات الغربية.

وذكر جهاز الأمن في بيان اليوم وفقاً لوكالة تاس “أن أنشطة مركز الحوار الإنساني الذي يعمل به المواطن الفرنسي لوران فيناتييه المحتجز في موسكو لا تتوافق مع أهدافها الإنسانية الرسمية المزعومة”، موضحاً أن “فيناتييه جمع معلومات عسكرية يمكن أن تستخدمها أجهزة الاستخبارات الأجنبية ضد أمن البلاد من خلال محادثات مع محللين سياسيين واقتصاديين وخبراء عسكريين روس ومسؤولين حكوميين”.

ووفقاً لجهاز الأمن الفيدرالي فقد التحق فيناتييه والمقيم بلوزان في سويسرا بدورات لدراسة اللغة الروسية عام 2002 في المركز الثقافي الروسي بباريس، ثم خضع لتدريب عملي في روسيا.

وألقت محكمة زاموسكفوريتسكي الروسية القبض على فيناتييه وأودعته الحجز حتى الـ 5 من آب القادم لاتهامه بالتهرب من نصوص التشريعات الروسية بشأن العملاء الأجانب، وقد اعترف فيناتييه بالذنب أمام المحكمة.

ويتخصص مركز الحوار الإنساني السويسري في مجال “منع وحل النزاعات المسلحة من خلال الدبلوماسية الشعبية”، ويقوم بجمع معلومات حول الوضع في المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية إضافة إلى معلومات حساسة أخرى عن البلدان التي يعمل بها.

مقالات مشابهة

  • لوموند الفرنسية تهاجم أحزاب اليمين المتقدمة في الانتخابات
  • استمرار توسعة وتهيئة الطرق العامة في منطقة مرتوبة شرق مدينة درنة
  • لوموند: لماذا كثرت الاعتداءات على المسلمين في السويد؟
  • مستشار قانوني لـ"اليوم": تبديل الجثث إهمال جسيم يستوجب المساءلة القانونية
  • تبديل الجثث.. حوادث تكررت في المملكة
  • عاجل.. تحديث الموقع الإلكتروني لمصلحة الضرائب ونشر كافة الكتب الدورية والتعليمات التنفيذية
  • لقطات من فيضانات الهند.. حالات وفاة داخل الأنفاق ونقل جماعي للحيوانات
  • مسؤول ليبي لـعربي21: تحركات لتشكيل حكومة موحدة قبل نهاية العام الجاري
  • رحلة استكشافية جديدة إلى بوابة الجحيم تكريماً لضحايا تيتان
  • الأمن الروسي: الفرنسي لوران فيناتييه تجسس على روسيا لمصلحة الاستخبارات الغربية