ضربت أمواج الفيضانات العاتية عدة مدن ليبية وعلى رأسها مدينة درنة، قبل نحو أسبوعين إثر الإعصار دانيال، وتحوّل المشهد في شوارع المدينة إلى كابوس وصفه وزير الصحة الليبي، عثمان عبدالجليل، بـ«الوضع المخيف»، أماكن مازالت معزولة وأحياء جُرفت بأكملها وسط توقعات بارتفاع حصيلة الضحايا بعد استكمال عمليات البحث والإنقاذ.

 

سبب تفاقم كارثة درنة

في الشمال الشرقي من ليبيا، تقع مدينة درنة الملكومة، يحدها من الشمال البحر المتوسط، ومن الجنوب تلال الجبل الأخضر، ما جعلها منطقة منحدرة، حسب وصف الخبراء المتخصصون، ويفصل تلك التلال مجرى وادي يعرف بـ«وادي درنة» شُيد على مجرى الوادي سدان، وفي حواره لـ«الوطن» كشف محيي الدين علي، مدير مكتب الإعلام بالمركز الوطني للأرصاد الجوية الليبي، عن أسباب تفاقم الكارثة البيئية التي ضربت ليبيا، بقوله أن السبب الرئيسي في الكارثة هو انهيار السدين الواقعين على مجرى الوادي حسب قوله.

إعصار أم عاصفة؟

الإعصار ينشأ في المحيطات والبحار ولا يتوغل في اليابسة، وسرعته أكثر من 120 كيلومترًا/ ساعة، وتسببت العاصفة «دانيال» في هطول كميات كبيرة جدًا من الأمطار عبر المتوسط، وأودت بحياة عدد من الأشخاص في اليونان وتركيا وبلغاريا ثم زادت العاصفة قوة مع وصولها الأطراف الشمالية لأفريقيا حتى غمرت المياه مناطق بشرق ليبيا وجرفت السيول البشر والمباني وباتت درنة مدينة «منكوبة».

وبالتالي وحسب تصريحات مدير مكتب الإعلام بالمركز الوطني للأرصاد الجوية الليبي، فإنّ الذي مرّ على ليبيا لا يرتقي إلى درجة الإعصار وإنما هو «عاصفة مطرية».

انهيار السدود

السبب الرئيسي في زيادة حجم الكارثة هو انهيار السدين، بحسب قول «محيي الدين» ودليل ذلك أن كمية الأمطار كانت في مناطق أخرى أكثر من درنة ولم يحدث فيها هذا العدد الكبير من الضحايا حيث كانت كمية أمطار البيضاء 414 مللي متر، في حين كانت كمية الأمطار في درنة أقل من 200 مللي متر، ولكن عند انهيار السدين جرف الطوفان الأحياء الواقعة بين الوادي والبحر، وفق تحليله للمشهد.

أبحاث علمية، نُشرت العام الماضي، أشارت إلى أنَّ درنة معرّضة لخطر السيول المتكررة، عبر الوديان الجافة، وحينها دعا المعنيون بشؤون المناخ إلى اتخاذ خطوات فورية لضمان الصيانة المنتظمة للسدود في تلك المنطقة، وبحسب قول مدير مكتب الإعلام بالمركز الوطني للأرصاد الليبي فإنّ التغير المناخي هو السبب الأول في تغير الأنظمة الجوية حيث تغير مسار وسلوك هذه الأنظمة عما كان عليه من قبل.

ليبيا والتغير المناخي

بحسب نتائج حديثة لبحث نشره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن ليبيا صُنفت العام الماضي، ضمن إحدى أكثر دول العالم جفافًا، ومشروع النهر الصناعي الذي يوفر معظم احتياجات ليبيا من المياه، يحصل على إمداداته من المياه الجوفية غير المتجددة، التي لا يمكن إعادة تغذيتها بالمطر، وبالتالي فإن التغير المناخي يعرض الملايين لخطر فقدان المياه الصالحة للشرب.

وعلى النقيض تمامًا، حدث هذا العام فيضانات دمرت مدينة درنة الليبية، ذلك الأمر فسره «محيي الدين» بأن معدل كميات الأمطار السنوية كان ضعيفًا العام الماضي، ولهذا صُنفت من ضمن الدول التي تعاني من الجفاف، ولكن بفعل التغير المناخي تغير المشهد هذا العام، حسب قوله.

هل تتكرر الكارثة؟

لا تزال الصور المروعة التي تصل من مدينة درنة الليبية بعد الكارثة التي خلفتها العاصفة «دانيال» إثر السيول التي جرفت آلاف السكان، وسط تساؤلات من المعنيين بالمناخ والبيئة حول إمكانية تكرار الكارثة من عدمه، وأجاب على ذلك «محيي الدين» بقوله إن التكرار وراد في كل بقاع العالم طالما الاحترار يزيد ولا ينقص وطالما أنَّه لم يتمّ اتخاذ إجراءات صارمة للتقليل من الانبعاثات الغازية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: اعصار درنة العاصفة دانيال ليبيا الارصاد الليبية درنة كارثة درنة مدینة درنة محیی الدین

إقرأ أيضاً:

سكان يشكون انهيار مصرف صحي رئيس في أبين وسط مخاوف من كارثة بيئية

يواجه سكان منطقة سواحل الغربية بمحافظة أبين، جنوبي اليمن، خطراً داهماً جراء انهيار جزئي في مصرف صحي رئيس يمر عبر الطريق الرابط بين مسجد سواحل والسوق المركزي، مما يشكل تهديداً مباشراً لحياة المارة مع اقتراب موسم الأمطار.

وأكد المواطنون أن الغطاء الخرساني للمنهل أصبح متآكلاً بشكل كامل بسبب الضغط المستمر من المركبات الثقيلة، مما أدى إلى انهياره وتحوله إلى فتحة مكشوفة تنبعث منها روائح كريهة وتشكّل خطراً على المشاة، وخاصة الأطفال وطلاب المدارس.

وأشار الأهالي إلى أن الموقع يُعد ممراً حيوياً في المنطقة، حيث يشهد حركة يومية مكثفة، محذرين من احتمالية وقوع إصابات أو انهيارات أوسع إذا لم تتحرك الجهات المعنية بشكل عاجل.

وقالوا إن هذا المنهل أصبح قنبلة موقوتة في وسط الشارع، ونخشى أن يقع ما لا تُحمد عقباه، مناشدين السلطة المحلية بالمحافظة والجهات الحكومية المعنية بسرعة التحرك لإصلاحه قبل وقوع الكارثة، حد قولهم.

من جانبها، أعربت مصادر طبية، عن قلقها من تداعيات بيئية وصحية جراء تجمع مياه الصرف الصحي، ما قد يؤدي إلى انتشار الأوبئة والحشرات الناقلة للأمراض.

وأكدت أن مخاطر المخاوف تتصاعد، في ظل عدم تجاوب الجهات الرسمية حتى الآن، في حين تشهد المحافظة تراجعاً حاداً في مستوى الخدمات الأساسية، وسط غياب مشاريع الصيانة الدورية، مما زاد من معاناة المواطنين في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية.

مقالات مشابهة

  • سكان يشكون انهيار مصرف صحي رئيس في أبين وسط مخاوف من كارثة بيئية
  • حسني بيّ: هدف مؤتمر المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية الليبية منع تقسيم ليبيا
  • طالبان تحصل 10 ملايين دولار لمكافحة تغير المناخ
  • الحيتان.. عمالقة المحيط وسلاحه ضد تغير المناخ
  • 100 مليون شخص فى خطر.. عاصفة ضخمة قادمة| ما القصة؟
  • وضع الأوطان مرآة لحكامها وليس لشعوبها!!!
  • كارثة غذائية تلوح في الأفق.. ثلث إنتاج العالم مهدد بالضياع!
  • اللافي: مبادرتي تتضمن انتخاب مجلس رئاسي جديد وليس تقسيم ليبيا
  • كارثة بيئية وصحية تهدد الحياة في غزة جراء تجمع المياه العادمة
  • عاصفة مدمّرة في كاليفورنيا.. و مصرع امرأة جراء فيضانات جنوب إفريقيا