CNN Arabic:
2025-01-30@14:46:32 GMT

كيف تبني عادات جيدة بـ5 خطوات؟

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يفترض غالبيتنا أن الأشخاص الذين يحققون إنجازات رائعة دائمًا، ويستطيعون دمج تمارينهم الرياضية، وتناول الطعام الصحي، وتحقيق أعلى الدرجات بالامتحانات، واصطحاب أطفالهم في الوقت المحدد، يتمتعون بقدرة انضباط خارقة.

ولكن، يشير العلم إلى إجابة مختلفة، ما نخطئ في اعتباره قوة إرادة غالبًا ما يكون سمة مميزة للعادات.

ونادرًا ما يحتاج الأشخاص الذين يتمتعون بعادات جيدة إلى مقاومة إغراء الاستلقاء على الأريكة، أو طلب وجبات طعام سريعة، أو المماطلة في أداء  المهام، أو مشاهدة مقطع فيديو رائج آخر قبل المغادرة إلى مكان معين. وذلك لأن العادات تتولى زمام الأمور، ما يزيل إغراءات المماطلة من المعادلة، وبمجرد ترسيخ عادات جيدة، لا يتطلب الأمر سوى القليل من قوة الإرادة للتصرّف بحكمة.

وتتمثل المشكلة الوحيدة بأن بناء عادات جيدة يتطلب جهدًا وبصيرة.

ولحسن الحظ، يقدم العلم إرشادات حول كيفية البدء واستراتيجيات لتخفيف مجهودك.

وفيما يلي بعض الخطوات المدعومة بالأبحاث والمستمدة من كتاب بعنوان "كيفية التغيير"، والتي يمكن أن تضعك على الطريق من حيث أنت إلى حيث تريد أن تكون. حدد هدفًا محددًا

تُعد الطريقة التي تحدد بها الهدف الذي تأمل في تحويله إلى عادة غاية في الأهمية. وأظهرت الأبحاث أن وضع أهداف مثل "ممارسة التأمل بانتظام" يُعتبر مجردًا للغاية، إذ يجب أن تكون أكثر تحديدًا بشأن ما تهدف إلى القيام به بالضبط وعدد المرات.

ولا يجب القول: "سوف أمارس التأمل بانتظام"، بل يمكن القول: "سأمارس التأمل لمدة 15 دقيقة كل يوم".

ويجعل وجود هدف محدد والبدء بتحقيقه أقل صعوبة، كما يسهّل عليك متابعة تقدّمك.

قم بإعداد خطة مفصّلة 

الآن بعد أن وضعت هدفًا محددًا، حان الوقت للتفكير في ما سيشكل علامة لك للالتزام بالهدف. لقد أثبت العلماء أنك ستحقق المزيد من التقدم نحو هدفك إذا قررت ليس فقط ما ستفعله، ولكن متى ستكون هناك علامة لتنفيذه، وأين ستفعله، وكيف ستقوم بذلك.

وعلى سبيل المثال، وضع خطة مثل "سأدرس اللغة الإسبانية لمدة 30 دقيقة، خمسة أيام في الأسبوع" تُعد مقبولة. ولكن خطة مفصلة ومبنية على علامة مثل "في كل يوم عمل بعد انتهاء اجتماعي الأخير، سأقضي 30 دقيقة في دراسة اللغة الإسبانية في مكتبي" فإنها من المرجح أن  تبقى راسخة أكثر كعادة.

ويقلّل وضع هذا النوع من الخطط من فرص نسيانك لإنجاز الهدف، إذ أن الزمان والمكان في خطتك سيكون بمثابة علامة تنشّط ذاكرتك.

اجعل من تكرار الهدف عادة ممتعة

عندما نبدأ في بناء عادة جديدة، يبالغ غالبيتنا في تقدير قوة إرادتنا. لنفترض أنك تأمل في تحقيق لياقة بدنية من خلال ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، من المرجح أنك ستبحث عن تمرين يمكن أن يحقق نتائج سريعة مثل إنهاك نفسك على جهاز المشي. لكن الأبحاث أظهرت أنك ستستمر لفترة أطول وستحقق المزيد في النهاية إذا ركزت بدلاً من ذلك على إيجاد طرق لجعل السعي وراء الهدف ممتعًا.

تعزيز المرونة

بحلول الوقت الذي نضبط فيه السلوك على الوضع الذاتي، يقع الكثير منا في إجراءات روتينية متسقة إلى حد ما، ويميلون إلى ممارسة الرياضة أو الدراسة أو تناول الدواء في الوقت ذاته من اليوم وفي المكان ذاته. ولكن عندما تكون في مرحلة البدء في بناء العادات، خلافًا للرأي السائد، تشير الأبحاث إلى أنه من المهم إدراج بعض التنوع عمدًا في روتينك.

ستظل ترغب في تنفيذ الخطة الأولية، وربما حضور جلسة تأمل في الساعة 8 صباحًا إذا كنت تحاول بدء عادة اليقظة الذهنية. ولكن يجب عليك أيضًا تجربة طرق أخرى لإنجاز المهمة.

ويعتمد بناء العادات الناجحة على تكرار السلوك، وإذا أصبح روتينك مملًا للغاية، فسوف تلتزم به بشكل أقل.

وتعني العادة المرنة أنه لا يزال بإمكانك القيام بما تحتاج إليه حتى عندما تتعطل أفضل خططك الأولية - على سبيل المثال، ازدحام مروري في طريقك لإيصال الأطفال إلى المدرسة، ما يعني تفويت جلسة التأمل الصباحية.

أما إحدى الطرق التي أثبتت فعاليتها لتكون مرنًا فتتمثل بأن تمنح نفسك "خطة طوارئ"، عبارة عن عدد محدود من الأيام التي لا يمكنك فيها حقًا قضاء 10 دقائق من ممارسة التأمل، أو الركض المنتظم، أو  تعلّم اللغة الإسبانية على سبيل المثال.

ابحث عن النوع المناسب من الدعم الاجتماعي

عادة ما يتم تجاهل خطوة البحث عن الدعم الاجتماعي، ولا يقتصر الأمر فقط على وجود مشجعين أو أشخاص يحاسبونك - رغم أن هذا الأمر يمكن أن يضيف قيمة، لذلك يُفضّل إخبار أصدقائك وعائلتك عن أهدافك.

وتظهر الأدلة أننا نتأثر بشدة بسلوكيات الأشخاص القريبين من حولنا، لذا حاول أن تكتسب بعضًا منها من خلال قضاء الوقت مع الأشخاص الذين يتفوقون قليلًا على منحنى الإلتزام.

وبشكل عام، تظهر الأبحاث أن العثور على أشخاص للتواصل الاجتماعي ومحاكاة أولئك الذين أنجزوا بالفعل ما تريد تحقيقه يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا.

وكمكافأة إضافية، عندما تسعى لتحقيق أهدافك إلى جانب الأشخاص الذين تحبهم، فإن ذلك يجعل الأمر أكثر متعة.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: یمکن أن

إقرأ أيضاً:

لا حق للدول في الوجود ولكن الحق للشعوب

ترجمة: أحمد شافعي -

في واشنطن التي تغلي اليوم بالتناحر الحزبي، يتفق الديمقراطيون والجمهوريون على هذا الأمر في الأقل: لإسرائيل حق في الوجود. وقد تأكد هذا الحق على لسان رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسن وخصمه الديمقراطي زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز وعلى لسان أنطوني بلينكن وزير الخارجية في إدارة بايدن وخلفه الجمهوري ماركو روبيو، وعلى لسان بيت هيجسيث وزير الدفاع الجديد في حكومة ترامب، وزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر. وفي عام 2023 أكد مجلس النواب حق إسرائيل في الوجود بتصويت 412 في مقابل 1.

وما بهذه الطريقة يكون حديث ساسة واشنطن بعامة عن البلاد الأخرى. فهم في الغالب يبدأون بحقوق الأفراد، ثم يتساءلون عن نصيب دولة معينة من حسن تمثيل الشعب الذي تسيطر عليه. ولو كانت أمريكا تبالي بحياة من يعيشون في ما بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، لتبين بوضوح أن التساؤل عن حق إسرائيل في الوجود هو السؤال الخاطئ. وخير منه هذا السؤال: هل تحسن إسرائيل، بما هي دولة يهودية، حماية حقوق جميع الأفراد الخاضعين لسيطرتها؟

والإجابة هي لا.

وتأملوا هذا السيناريو: إذا انفصلت أسكتلندا قانونيا، أو أنهى البريطانيون الحكم الملكي، فلن تصبح الممكلة المتحدة مملكة أو متحدة. وسوف تنتهي بريطانيا التي نعرفها من الوجود، وسوف يقبل روبيو وشومر وزملاؤهما هذا التحول ويرونه شرعيا لاعتقادهم أن الدول ينبغي أن تقوم على رضا المحكومين.

وهذه نقطة يؤكدها الزعماء الأمريكيون قطعيا وهم يتناقشون مع أعداء أمريكا. وهم كثيرا ما يدعون إلى أن تُستبدل بأنظمة الحكم القمعية دول تتحقق فيها الأعراف الديمقراطية الليبرالية على نحو أفضل. في عام 2017، ذهب جون بولتن ـ الذي أصبح لاحقا في إدارة ترامب الأولى مستشارا للأمن الوطني ـ إلى أن «سياسة الولايات المتحدة المعلنة ينبغي أن تطيح بنظام الملالي في طهران». وفي 2020، وصف وزير الخارجية مايك بومبيو جمهورية الصين الشعبية بأنها «نظام حكم ماركسي لينيني» وبأنها «ّذات أيديولوجية استبدادية مفلسة». وحثَّ كلا المسؤولين الأمريكيين كلا البلدين لا على استبدال قائد بقائد وحسب، وإنما على تغيير نظاميهما السياسيين، وذلك يعني في جوهره إقامة الدولة من جديد. فيكون معنى ذلك في حالة جمهورية الصين الشعبية ـ الخاضعة لسيطرة الحزب الشيوعي، أو في حالة جمهورية إيران الإسلامية التي تتبع حكما إسلاميا، تغيير اسم البلد الرسمي نفسه على الأرجح.

في 2020، أعلن الوزير بومبيو في خطبة له أن مؤسسي أمريكا كانوا يؤمنون بأن «الحكم يوجد لا لتقليص حقوق الأفراد أو إلغائها وفق أهواء من يتولون السلطة، وإنما يوجد الحكم لضمان هذه الحقوق. فهل يكون للدول التي تنكر على الأفراد حقوقهم «حق وجود» بالشكل الراهن؟ ما يوحي به كلام الوزير بومبيو أن هذا الحق لا يكون لها.

ماذا لو تكلمنا عن إسرائيل بمثل تلك الطريقة؟ قرابة نصف البشر الخاضعين لسيطرة إسرائيل فلسطينيون. وليس بوسع أكثرهم ـ من المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة ـ أن يصبحوا مواطنين في الدولة التي تفرض عليهم سلطة الحياة أو الموت. وقد فرضت إسرائيل هذه السلطة في غزة حتى قبل غزو حماس في السابع من أكتوبر سنة 2023، بل منذ أن سيطرت على المجال الجوي للقطاع، والساحل، والسجل السكاني، وأغلب الممرات البرية، فجعلت من غزة بحسب وصف هيومان رايتس ووتش «سجنا مفتوحا».

وحتى أقلية الفلسطينيين الخاضعين للسيطرة الإسرائيلية ممن يحملون المواطنة الإسرائيلية ـ ويوصفون أحيانا بـ’عرب إسرائيل’ ـ تعوزهم المساواة القانونية. فالصندوق الوطني اليهودي، الذي قصر التزاماته على «اليهود» وأكد أنه لا يعمل «من أجل نفع جميع مواطني الدولة»، فيحوز قرابة نصف مقاعد جهاز الدولة المسؤول عن تخصيص أغلب أرض إسرائيل.

في الشهر الماضي، وعد الوزير بلينكن بأن الولايات المتحدة سوف تساعد السوريين على إقامة دولة «احتوائية غير طائفية». بينما إسرائيل الموجودة اليوم فعليا فاشلة في هذا الاختبار.

ومع ذلك، فبالنسبة لأغلب قادة المجتمع اليهودي الأمريكي المنظم، لا مجال للتفكير في بلد احتوائي غير طائفي في هذه الأرض. ولليهود حق الغضب حينما يدعو القادة الإيرانيون إلى محو إسرائيل عن الخريطة. لكن هناك فارق حاسم بين دولة ينتهي وجودها بغزو من جيرانها لها، ودولة ينتهي وجودها بتبنِّيها شكلا في الحكم أكثر تمثيلا.

ولا يكتفي القادة الأمريكيون اليهود بإصرارهم على حق إسرائيل في الوجود، إنما يصرون على حقها في الوجود بوصفها دولة يهودية، ويتشبثون في فكرة أنها يمكن أن تكون يهودية وديمقراطية معا برغم التناقض الأساسي بين التفوق القانوني لمجموعة عرقية دينية ومبدأ المساواة الديمقراطي في ظل القانون.

إن الإيمان بأن لدولة يهودية قيمةً مطلقة ـ بغض النظر عن أثرها على الشعب الذي يعيش فيها ـ مناقض لطريقة الأمريكيين في الحديث عن البلاد الأخرى. وهو مناقض أيضا للتراث اليهودي الذي لا يرى أن للدول حقوقا، بل ينظر إليها في ارتياب عميق. ففي الإنجيل أن شيوخ الإسرائيليين يطلبون من النبي صمويل أن يجعل لهم ملكا يحكمهم. فيأمر الرب صمويل بأن يحقق للشيوخ رغبتهم على أن يحذرهم من أن حاكمهم سوف يرتكب انتهاكات شنيعة. ويقول لهم صمويل إن «يوما سيأتي فيبكون فيه بسبب الملك الذي اختاروه بأنفسهم».

والمعنى واضح، وهو أن الممالك ـ أو الدول بموجب اللغة المحدثة ـ ليست مقدسة. فإن هي إلا أدوات تحمي الحياة أو تدمرها. ولقد كتب الناقد الاجتماعي الإسرائيلي الأورثوذكسي يشعياهو ليبوفيتز سنة 1975 يقول «إنني أنكر بشدة أن تكون للدولة أي قيمة في ذاتها على الإطلاق». ولم يكن ليبوفيتز أناركيا. وبرغم أنه كان يعد نفسه صهيونيا، فقد أصر أن تحاكَم الدول ـ ومنها الدولة اليهودية ـ بناء على معاملتها للبشر الخاضعين لسيطرتها. فلا حق للدول في الوجود وإنما هذا الحق للشعوب.

يخاطر بعض أعظم أبطال الإنجيل ـ ومنهم موسى ومردخاي وغيرهما ـ بحياتهم إذ يرفضون معاملة الحكام الطغاة بوصفهم آلهة. وبرفضهم عبادة سلطة الدولة، فهم يرفضون الوثنية، وذلك الرفض من ركائز الديانة اليهودية حتى لقد وصفه الحبر يوحنان في التلمود بأنه التعريف الجوهري للمؤمن باليهودية.

غير أن هذا الشكل من الوثنية ـ أي عبادة الدولة ـ يبدو اليوم مستشريا في الحياة اليهودية الأمريكية السائدة. وتبجيل أي كيان سياسي أمر خطير. لكنه يصبح خطيرا بصفة خاصة حينما يخص كيانا يصنف بعض الناس باعتبارهم أرقى أو أدنى قانونيا بناء على انتمائهم القبلي. وحينما تصر أهم الجماعات اليهودية الأمريكية ـ شأن الزعماء الأمريكيين ـ مرارا وتكرارا على أن لإسرائيل حقا في الوجود، فهي تقول عمليا إن إسرائيل لا يمكن أن تأتي بعمل ـ مهما بلغ إيذاؤه للشعب الخاضع لسيطرتها ـ فيستوجب إعادة التفكير في طبيعتها كدولة.

ولقد فعلت ذلك حتى حينما تزايدت انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان بصورة صارخة. فعلى مدار قرابة ستة عشر عاما، منذ أن رجع بنيامين نتنياهو إلى السلطة سنة 2009، خضعت إسرائيل لحكم زعماء يتباهون بمنع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من تأسيس بلدهم، وإجبارهم بالتالي على الحياة بوصفهم (لامواطنين) على الدوام، بلا أي حقوق أساسية في ظل الحكم الإسرائيلي. في عام 2021، اتهمت جماعة حقوق الإنسان الإسرائيلية الكبرى (بيتسليم) إسرائيل بممارسة الفصل العنصري. وأورد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية هجمات للمستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية في 2024 تتجاوز هجماتهم في أي عام منذ أن بدأ الرصد قبل قرابة عشرين عاما.

غير أن القادة اليهود الأمريكيين ـ والساسة الأمريكيين ـ مستمرون في إصرارهم على أن التشكيك في شرعية الدولة اليهودية أمر غير مشروع، بل ويندرج في عداد معاداة السامية. وبذلك جعلنا من إسرائيل مذبحا مقدسا. وتحققت مخاوف ليبوفيتز: «عندما تكون أمة وبلد ودولة قيما مطلقة، فأي شيء حينئد يستساغ».

كثيرا ما يقول القادة اليهود الأمريكيون إن وجود دولة يهودية ضروري لحماية حياة اليهود. فلا يمكن أن يأمن اليهود دونما حكم يهودي. وإنني أتفهم ما يجعل كثيرا من اليهود الأمريكيين ـ وهم بصفة عامة يؤمنون أنه لا ينبغي للدول التمييز بناء على الدين أو العرق أو العنصر ـ يستثنون إسرائيل. فذلك ناجم عن آلام تاريخ شعبنا. لكن برغم معاداة السامية العالمية، يبدو أننا معشر يهود الشتات ـ الذين نعلق الأمن على مبدأ المساواة القانونية ـ أشد أمنا من يهود إسرائيل.

وليس هذا من قبيل الصدفة. فالبلاد التي يكون لكل فرد صوت في حكمها تنزع إلى أن تكون أكثر أمنا للجميع. وقد تبين لدراسة أجريت سنة 2020 على مئة وست وأربعين حالة صراع عرقي في العالم منذ الحرب العالمية الثانية أن الجماعات العرقية التي أقصيت من سلطة الدولة كانت أكثر احتمالا بثلاث مرات لأن تحمل السلاح مقارنة بالجماعات الممثلة في الحكم.

ويمكن أن نرى هذه الآلية حتى في إسرائيل نفسها. ففي كل يوم، يضع اليهود الإسرائيليون أنفسهم وهم في أضعف حالاتهم بين أيدي الفلسطينيين، أي على طاولات العمليات. وذلك لأن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل يمثلون 20% من أطباء إسرائيل، و30% من ممرضاتها، و60% من صيادلتها.

لماذا يجد اليهود الإسرائيليون أن الفلسطينيين من مواطني إسرائيل أقل خطورة من الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة؟ يرجع سبب ذلك إلى حد كبير إلى أن الفلسطينيين من مواطني إسرائيل يمكن أن يصوتوا في الانتخابات الإسرائيلية. ولذلك، وبرغم أنهم يواجهون تمييزا شديدا، فإن لديهم على الأقل بعض السبل السلمية والقانونية لإسماع صوتهم. قارنوا ذلك مع الفلسطينيين في غزة، أو في الضفة الغربية، ممن يعدمون سبيلا قانونيا للتأثير على الدولة التي تقصفهم وتسجنهم.

فمن ينكر على شعب حقوقه الأساسية، يعرضه لعنف هائل. وعاجلا أم آجلا، يكون هذه العنف خطرا على الجميع. لقد حدث في عام 1956 أن رأى طف صغير عمره ثلاث سنوات اسمه زياد النخالة جنودا إسرائيليين يقتلون أباه في مدينة خان يونس بقطاع غزة. وبعد قرابة سبعين سنة، يرأس جماعة الجهاد الإسلامي وهي جماعة أصغر من حماس ولكنها تنافسها في التشدد.

وفي السابع من أكتوبر، قتل مقاتلو حماس والجماعة الإسلامية قرابة ألف ومائتي شخص إسرائيلي واختطفوا مائتين وأربعين. وردت إسرائيل على ذلك بمجزرة عبر هجوم على غزة تقدر مجلة لانسيت الطبية البريطانية قتلاه بأكثر من ستين ألفا، ودمرت أغلب مستشفيات القطاع ومدارسه وزراعته. ويمثل دمار غزة دليلا مريعا على فشل إسرائيل في حماية وكرامة جميع البشر الخاضعين لسلطتها.

والفشل في حماية أنفس الفلسطينيين في غزة يمثل في النهاية خطرا على اليهود. ففي هذه الحرب، قتلت إسرائيل في غزة بالفعل أكثر بمائة مرة ممن قتلت في المجزرة التي أودت بحياة والد زياد النخالة. فكم من ولد في الثالثة من العمر الآن سوف يطلب الثأر بعد سبعة عقود من الآن؟

ومثلما حذر عامي أيالون، رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) حتى قبل نشوب الحرب الراهنة في غزة بقوله «إننا لو استمررنا في نشر الإذلال واليأس، فسوف تزداد شعبية حماس. وإذا تمكنا من إبعاد حماس عن السلطة، فسوف نواجه القاعدة، وبعد القاعدة داعشا، وبعد داعش ما لا يعلم إلا الله».

ولكن، باسم سلامة اليهود، يبدو أن المنظمات اليهودية الأمريكية تتسامح مع أي شيء تفعله إسرائيل في الفلسطينيين وإن يكن حربا تعتبرها الآن منظمة العفو الدولية إبادة جماعية، شأنها في ذلك شأن عمر بارتوف الباحث البارز في الهولوكوست المولود في إسرائيل. ولكن ما لا يستطيع الزعماء اليهود والسياسيون الأمريكيون أن يقبلوه هو المساواة بين الفلسطينيين واليهود ـ لأن من شأن هذا أن ينتهك حق إسرائيل في الوجود بوصفها دولة يهودية.

بيتر بينارت كتاب الرأي المشاركين نيويورك تايمز وأستاذ في كلية نيومارك للصحافة في جامعة مدينة نيويورك، ومحرر في مجلة (جويش كارنتس)، وكاتب نشرة (بينارت نوتبوك) الأسبوعية.

خدمة نيويورك تايمز

مقالات مشابهة

  • زاهي حواس: قدّمت سيرتي بالكتابة عن الأشخاص الذين كانوا جزءًا من حياتي
  • حكم صيام يوم الجمعة.. ماذا قالت «الإفتاء»؟
  • لا حق للدول في الوجود ولكن الحق للشعوب
  • عادة ليلية شائعة تزيد تجاعيد الوجه
  • عادات شائعة تؤدي إلى التهاب وانتفاخ اللثة.. كيف تحمي نفسك؟
  • مؤلف كتاب «غواية المكان»: كل مقال له رؤية فنية خاصة
  • مسؤولة: الروس الذين انتقلوا إلى إسرائيل يعودون إلى روسيا
  • سفيرة إسرائيل: الروس الذين انتقلوا لإسرائيل بدؤوا العودة
  • طبيب يحذر من أسوأ عادة صحية قبل النوم.. فيديو
  • عادات شائعة تؤدي إلى انتفاخ تحت العين.. كيف تحمي نفسك؟