المولد النبوي الشريف.. صفات الرسول الجسدية ومعلومات عن سيد البشر
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
يحتفل المسلمون اليوم الأربعاء الموافق 27 سبتمبر 2023، الثاني عشر من شهر ربيع الأول، بذكرى المولد النبوي الشريف، الذكرى العطرة التي يحتفل بها المسلمون كل عام.
وكانت حياة النبي قبل الرسالة، كحياته بعدها، فهو مكتوب أنه نبي قبل أن يُخلق “آدم”، كما أن سيرة النبي ويومياته قبل البعثة، لم جرت عليه خطيئة ولا معصية قط، فهو الكامل المكمل وسيد الكونين والثقلين، وكان يعبد ربه ويتحنث في دار حراء.
كما أن كفار مكة سموا النبي الصادق الأمين وهما أعلى قيمتين تبنيان الإنسان والأسر والمجتمع.
نسب النبيهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الذي يصل نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم -عليهما الصلاة والسلام.
وكان النبي الكريم يقضي يومه، بافتتاحه بذكر الله والصلاة والدعاء والاجتهاد في العبادة، كما كان النبي الكريم يقضي يومه في خدمة أهله ونفسه، كما كان يقضي النبي يومه بقضاء وقت كبير في الدعوة والنصح والتوجيه والتشريع.
كما كان يقضي النبي يومه بتفقد أحوال الناس في معاشهم وتعاملاتهم وأسواقهم، كما كان النبي يجالس الناس ويسأل عنهم ويزور المريض منهم، وكان النبي يقضي يومه في إجابة الداعي ويمشي في حاجة الضعيف والمسكين.
مرضعات النبيوكشف الدكتور علي جمعة، عضو هيئة هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن عدد مرضعات النبي، منوها أن علماء السير ذكروا أربع سيدات قمن بـ إرضاع النبي –صلى الله عليه وسلم- فى مهده، ثلاث منهن بعد أمه السيدة آمنة بنت وهب.
وأضاف «جمعة» في تصريح له، أن أول من أرضعت النبي - صلى الله عليه وسلم والدته السيدة آمنة بنت وهب، ثم بدأت ترضعه ثويبة مولاة عمه أبي لهب، التي كانت أول من أرضعته بعد أمه، وبعدهما حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، كما أرضعته امرأة من بني سعد كانت مرضعًا لعمه حمزة، فقد كان مسترضعًا في بني سعد، ولذلك فحمزة أخو النبي - صلى الله عليه وسلم من الرضاعة- من جهتين من جهة ثويبة ومن جهة حليمة السعدية.
صفات الرسول الجسديةومن صفات الرسول الجسدية، أنه كان أحسن الناس في كل شيء، وقد تكلم أصحابه عن حسنه في الأحاديث المختلفة نذكر منها: ما وصفه به أصحابه رضي الله عنهم إذ قالوا: (فقد كان النبي أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير) أخرجه السيوطي في الجامع الصغير، وكان النبي إذا سر استنار وجهه، حتى كأن وجهه قطعة قمر، (أخرجه البخاري ومسلم) ، وكان وجه النبي مثل الشمس والقمر وكان مستديرا (أخرجه مسلم).
كما كان رسول الله أبيض اللون أزهر، حسن الوجه، وقد ثبت في صحيح سنته ذلك، فقد ورد في وصف أصحابه رضي الله عنهم له أنه كان النبي أبيض مليح الوجه (أخرجه مسلم) كان النبي أزهر اللون أبيض مشرب بحمرة (أخرجه البخاري ومسلم).
وكان وجهه كالقمر يتلألأ كما ذكر هند بن أبي هالة رضي الله عنه وغيره حيث قال: كان النبي فخما مفخما، يتلألأ وجهه كتلألؤ القمر ليلة البدر (أخرجه البخاري ومسلم) كان رسول الله إذا سر استنار وجهه، حتى كأن وجهه قطعة قمر (أخرجه البخاري ومسلم) كان وجه رسول الله مثل الشمس والقمر مستديرا (أخرجه مسلم).
وكان رسول الله، جميل العينين، متسعتان وقد ذكر ذلك سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان رسول الله عظيم العينين أهدب الأشفار ، مشرب العينين بحمرة ، كث اللحية (رواه الإمام أحمد والبزار في مسنديهما)، وقال جابر بن سمرة رضي الله عنه: كان رسول الله ضليع الفم –أي واسع الفم- أشكل العينين - أي طويل شق العينين- منهوس العقب –أي قليل لحم العقب- (رواه مسلم ، والترمذي) وقال علي رضي الله عنه: كان في الوجه تدوير أبيض أدعج العينين أهدب الأشفار (رواه الترمذي في الشمائل المحمدية وفي الجامع وابن أبي شيبة في مصنفه).
ويقصد بأشفاره صلى الله عليه وآله وسلم ما يعرفه الناس بلفظ (رموش العين)، وكانت أشفاره صلى الله عليه وآله وسلم طويلة وجميلة المنظر كما وصفه أصحابه رضي الله عنهم فقد ثبت في وصفه في السنة أنه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عظيم العينين، أهدب الأشفار، مشرب العينين بحمرة، كث اللحية (رواه الإمام أحمد والبزار في مسنديهما).
صفات الرسول بالتفصيلكما كان صلى الله عليه وآله وسلم عظيم الفم, فكان فمه كبيرا متناسقا مع وجهه صلى الله عليه وآله وسلم, وثبت ذلك في الآثار المروية في سنته الشريفة, ففي جزء الحديث الذي يرويه شعبة, عن سماك بن حرب, عن جابر بن سمرة رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضليع الفم.. قال شعبة: قلت لسماك: ما ضليع الفم؟ قال: عظيم الفم (أخرجه مسلم في صحيحه).
وكانت أسنان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيضاء رقيقة ليست بالغليظة, وكان بين أسنانه صلى الله عليه وآله وسلم انفراج يضفي جمالا على بياضها, فإذا تكلم صلى الله عليه وآله وسلم وكأن النور يخرج من فمه الشريف, وثبت ذلك الوصف كذلك في سنته في وصف أصحابه رضي الله عنهم له, فثبت أنه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشنب مفلج الأسنان (رواه الترمذي في الشمائل), والفلج: هو انفراج ما بين الأسنان, والأشنب: هو الذي أسنانه بيضاء رقيقة, وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفلج الثنيتين,، إذا تكلم رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه (رواه الدارمي في سننه وعنه الترمذي في الشمائل).
وكان صلى الله عليه وآله وسلم أقنى الأنف أي أن أنفه لها ارتفاع ليست منبطحة على الوجه, وكان هذا الارتفاع مع دقة في طولها, في مظهر رائع متناسق مع جمال وجهه وصورته صلى الله عليه وسلم, وثبت ذلك في وصفه في السنة الشريفة فقد ثبت في حديث هند بن أبي هالة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان: أقنى العرنين, له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أشم (الأنف يكون فيه دقة مع ارتفاع في قصبته) (رواه الترمذي في الشمائل).
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبيض الخد وسهل الخدين وفي بياضهما حمرة, وقد ثبت وصف خده كذلك في سنته الشريفة كما ذكر هند بن أبي هالة وغيره أنه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سهل الخدين (رواه الترمذي في الشمائل), وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبيض اللون, مشربا بحمرة, دعج العين, سبط الشعر, كث اللحية, سهل الخد (رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى).
وكان صلى الله عليه وآله وسلم واسع الجبهة والجبين وكأن الشمس تجري في جبهته الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم, وذلك عين ما وصفه به أصحابه رضي الله عنهم فقد ثبت عنهم في وصفهم له أنه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واسع الجبين (رواه الترمذي في الشمائل).
كما كان صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس عنقا, فلم يكن صلى الله عليه وآله وسلم قصير العنق, ولا طويل العنق, وكأن عنقه إبريق فضة قد شيب ذهبا, وهذا ما وصفه به علي رضي الله عنه وعائشة رضي الله عنها, قال رضي الله عنه في وصفه له صلى الله عليه وآله وسلم: كأن عنقه إبريق فضة (رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى).
صفات الرسول العشروكان رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عظيما, كبيرا متناسبا مع باقي جسده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم في تناغم وتناسق رائع, وثبت ذلك الوصف في سنته عن أصحابه رضي الله عنهم أنه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عظيم الرأس (أخرجه أحمد في مسنده).
كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم الكتفين متناسقتين مع رأسه ومع باقي تقسيم جسده المبارك صلى الله عليه وآله وسلم, وقد ثبتت عظمة وضخامة كتفيه صلى الله عليه وآله وسلم في سنته الشريفة, فيما رواه هند بن أبي هالة وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وغيرهما; أنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضخم الكراديس (رؤوس العظام) (أخرجه أحمد في مسنده والترمذي في الشمائل وفي سننه).
وكان صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عريضا شديدا مستويا, وكان أبيض الصدر كالقمر صلى الله عليه وآله وسلم, وهذا ما ثبت في وصفه الشريف في سنته أنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواء البطن والصدر عريض الصدر (رواه الترمذي في الشمائل والطبراني في الكبير).
ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بجر, أي لم يكن بطنه كبيرا, وإنما كان بطنه سواء بصدره, إذ بروز البطن وكبره من عيوب الجسد, وكان جسده صلى الله عليه وآله وسلم ليس فيه عيب, فهو الذي تم معناه وصورته صلى الله عليه وآله وسلم, فقد ثبت في سنته صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سواء البطن والصدر (رواه الترمذي في الشمائل والطبراني في الكبير).
أما عن مسربة رسول الله، وهي الشعر الدقيق الذي يبدأ من الصدر وينتهي بالسرة, وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طويل المسربة, وقد ثبت وصف طول مسربته صلى الله عليه وآله وسلم عن أصحابه وزوجاته رضي الله عنهم, فعن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طويل المسربة (أخرجه أحمد في مسنده والترمذي في جامعه) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عريض الصدر, موصول ما بين لبته إلى سرته بشعر منقاد كالقضيب, لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره (رواه أبو نعيم والبيهقي وابن عساكر).
وكان ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جميل المنظر, وكأنه سبيكة فضة من صفائه واستوائه, وذكر ذلك محرش الكعبي رضي الله عنه قال: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, من الجعرانة ليلا, فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة (أخرجه أحمد في مسنده).
وكان طول ذراعي النبي صلى الله عليه وآله وسلم متناسبا متناغما مع باقي جسده الشريف, وكان يعلو ذراعيه شعر كثيف, وقد ثبت ذلك الوصف في السنة النبوية, مما ذكر أصحابه رضي الله عنهم أنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طويل الزندين, ضخم الكراديس, أشعر الذراعين (رواه الترمذي في الشمائل والطبراني في الكبير).
وكان صلى الله عليه وآله وسلم جميل الساقين, لم تكونا ضخمتين فتنكرا, فكانتا متوسطتين بين الضخامة المنكرة, والدقة المستنكرة, وكان صلى الله عليه وآله وسلم شديد بياض الساقين كذلك, وذلك ما وصفه به أصحابه رضي الله عنهم, فقد ثبت في السنة ما يلي: كان في ساقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حموشة -أي لم تكونا ضخمتين- (رواه الترمذي في سننه), وكانت ساقاه صلى الله عليه وآله وسلم في غاية الحسن والجمال, قال سراقة بن مالك: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما دنوت منه وهو على ناقته, جعلت أنظر إلى ساقه كأنها جمارة. قلت: يعني من شدة بياضها (رواه ابن سعد في الطبقات والطبراني في الكبير).
ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممتلئ لحم العقب كالنساء, وإنما كان قليل لحم العقب, وهو أنسب للرجال, وكان عقبه يتناسب مع شكل وجمال ساقه الشريف صلى الله عليه وآله وسلم, حيث ثبت ذلك في السنة, فقد روي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منهوس العقب (أي قليل لحم العقب) (أخرجه الإمام مسلم في صحيحه). وهذا أنسب للرجال.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضخم القدمين, متناسبة مع ساقه وباقي أعضائه الشريفة, ولم يكن في باطن قدمه ارتفاع, فكان يطأ صلى الله عليه وآله وسلم الأرض بقدمه كلها, وذلك ما ثبت في وصف أصحابه له والسيدة عائشة رضي الله عنهم, فعن أنس رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضخم اليدين والقدمين, حسن الوجه, لم أر بعده ولا قبله مثله, وكان بسط الكفين (أخرجه البخاري في صحيحه). كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يطأ الأرض بقدمه كلها ليس لها أخمص -أي ارتفاع في باطن القدم- (أخرجه البخاري في الأدب المفرد).
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم عظيم المفاصل وبارزة وواضحة ليست مغطاة باللحم من السمنة, وكان حجم مفاصله متناسبا مع باقي أعضائه في تناغم وتناسق رائع, وثبت ذلك الوصف في سنته الشريفة فقد روي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضخم الكراديس (رءوس مفاصل العظام) (أخرجه الترمذي في سننه وفي الشمائل والإمام أحمد في مسنده), كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جليل المشاش (المفاصل مثل المرفقين والمنكبين والركبتين) (رواه الترمذي في سننه وفي الشمائل).
وكان حجم كفه صلى الله عليه وآله وسلم متناسبا مع حجم قدميه, ومتناسقا مع طول ذراعه, وباقي أعضائه, وكان صلى الله عليه وسلم عظيم الكفين, ولين الكفين, فلم يكن هناك أبسط ولا ألين ولا أنعم من كفيه صلى الله عليه وآله وسلم, وكانت رائحتهما المسك دائما, وحرارتهما بردا مريحا, وهذا ما وصفه به أصحابه رضي الله عنهم, فقد روي عن أنس رضي الله عنه قال: ما مسست قط خزا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (البخاري ومسلم), وعن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبطحاء, وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم, فأخذت يده فوضعتها على وجهي فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب ريحا من المسك (أخرجه البخاري في صحيحه).
وكانت راحة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واسعة, وكانت أصابعه كأنها قضبان الفضة, في تناسقها مع حجم الكف وباقي الأعضاء, وفي سهولتها واستوائها, وثبت ذلك فروي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحب الراحة, سائل الأطراف كأن أصابعه قضبان فضة (رواه البيهقي في دلائل النبوة).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المولد النبوي الشريف صفات الرسول کان صلى الله علیه وآله وسلم المولد النبوی الشریف صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه قال وکان رسول الله وکان النبی کان النبی فی السنة مع باقی کما کان فی وصفه فی وصف لم یکن ذلک فی
إقرأ أيضاً:
ما التناجي الذي نهى عنه الرسول ومتى يجوز؟.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء ، على سؤال يقول: ما هو التناجي الذي نهى عنه الرسول؟، حيث حث الشرع على مراعاة مشاعر الآخرين وعدم إلحاق الأذى بالغير، مشيرة إلى أنه مِن المقرَّر أن المحافظة على ترك ما يؤذي الإنسان ويُحزِنه مطلوبة شرعًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن".
ما التناجي الذي نهى عنه الرسول؟
وبينت أن هذا الحديث أصلٌ عامٌّ في تقرير وجوب ابتعاد الإنسان عن الأمور التي قد تؤذي غيره، ويندرج تحتها " التناجي أو النجوى"، وذلك بالكلام الخفيُّ الذي يناجِي به المرء صاحبه كأنه يرفعُه عن غيرِه، كما في "تاج العروس" لمرتضى الزبِيدي (40/ 29-31، ط. دار الهداية)، ويظهر تأذي الغير خاصة إذا كان الحاضرون ثلاثة من قصر الكلام الخاص على اثنين منهم بأحد معنيين: "أحدهما: أنه ربَّما يتوهم أن نجواهما إنما هو لتبييت رأي فيه أو دسيس غائلة له، والمعنى الآخر: أن ذلك من أجل الاختصاص بالكرامة وهو محزِنٌ صاحبه" كما قاله أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن" (4/ 117، ط. المطبعة العلمية).
وتابعت: لذا فقد جاء النهي عن هذا الفعل، فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما، فإن ذلك يُحزِنه» متفقٌ عليه، ووجه الدلالة مِنه: أن هذا النَّهي ظاهِرٌ في التحريم، بدليل ترتُّب التعليل -وهو الإحزان- عليه بالفاء، كما في "دليل الفالحين" لابن علَّان الصدِّيقي (8/ 438، ط. دار المعرفة).
والأصل في التناجي: الكراهة والقُبح، كالمكر والخديعة، إذا لم يُقصد به أمرٌ حسن في الشرع، وقد بيَّن الله عزَّ وجلَّ أن النجوى لا تحسنُ إلا في وجوه مستثناة، فقال تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114].
وقال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المجادلة: 9].
قال ابنُ عطية الأندلسي في "تفسيره" (5/ 277، ط. دار الكتب العلمية): [وصَّى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بأن لا يكون لهم تناجٍ في مكروه، وذلك عام في جميع الناس إلى يوم القيامة، وخصَّ الإثم بالذكر لعمومه، والعدوان لعظمته في نفسه، إذ هي ظلاماتُ العباد، وكذلك معصية الرسول ذكرها؛ طعنًا على المنافقين؛ إذ كان تناجيهم في ذلك] اهـ.
آداب التناجي
وحول ضابط التناجي المنهي عنه شرعا، قالت الإفتاء: يتحصل من هذه المعاني أن ضابط التناجي المنهي عنه شرعًا -وهو المسؤول عنه- يتحقق بجملةٍ من الأمور:
أولًا: أن يترك المتناجِيان واحِدًا منهم، ولو كانوا جماعة، فلو أبقوا أكثرَ مِن واحدٍ فلا مانِع اتفاقًا، فيجوز تناجي اثنين دون اثنين أو جماعة؛ لأن الثالث قد شاركه الباقون فيما يُستر عنه مِن الحديث، فيزول عنه سوء الظن، والحُكم يدور مع عِلَّته وجودًا وعدمًا، كما أفاده الإمام ابنُ بطال في "شرح صحيح البخاري" (9/ 64، ط. مكتبة الرشد).
فقد جاء في "موطأ الإمام مالك" عن عبد الله بن دينار، قال: كنتُ أنا وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق، فجاء رجلٌ يريد أن يناجيه، وليس مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أحدٌ غيري، وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه، فدعا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلًا آخر حتى كنا أربعة، فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأخِرَا شيئًا، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا يَتَنَاجى اثنان دون واحدٍ».
ثانيًا: أن تقلَّ الجماعة الحاضرة في مكان المحادثة، فإذا كان التناجي بحضرة جماعة كثيرة لم يُمنع؛ لأن ذلك أنفى للتهمة والرِّيبة؛ وذلك لما ورد في حديث جابرٍ رضي الله عنه أنه لما رأى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جوعًا شديدًا في غزوة الخندق ذهب إلى زوجته، ثم قال: فجِئتُه فسارَرْتُه، فقلت: يا رسول الله، إنَّا قد ذبحنا بُهَيْمَةً لنا، وطحنَّا صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت في نفر معك. متفقٌ عليه.
ثالثًا: أن يكون التناجي بينهما بغير إذنٍ من بقيَّة الحاضرين سواء كان واحدًا منفردًا أو أكثر، فإن أذِن المنفرد أو الباقي في التناجي دونه أو دونهم: زال المانِع؛ لكون الحقِّ له، فإن أسقطه سقط، ولا يكون بذلك من التناجي المنهي عنه، كما في "الفواكه الدواني" للنفراوي (2/ 328، ط. دار الفكر).
والأصلُ فيه: ما أخرجه أحمد في "المسند" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا تَنَاجى اثنان فلا تجلِسْ إليهما حتى تستأذِنَهما».
رابعًا: ألَّا يكون الثالثُ هو الداخِل على المتناجَيين في حال حديثهما وكلامهما سِرًّا، فلو تكلم اثنان في السِّر ابتداء، ثم أتى ثالثٌ ليستمع إليهما، فلا يجوز ما لم يُؤذن له، كما لو لم يكن حاضِرًا معهما أصلًا، كما في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني (11/ 84، ط. دار المعرفة).
ويدلُّ على هذا: ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" عن سعيد المقبري، قال: مررت على ابن عمر، ومعه رجل يتحدث، فقمتُ إليهما، فلَطَمَ في صدري فقال: إذا وجدت اثنين يتحدَّثان فلا تقم معهما، ولا تجلس معهما، حتى تستأذنهما، فقلت: أصلحك الله يا أبا عبد الرحمن، إنما رجوتُ أن أسمع منكما خيرًا.
خامسًا: أن يخشى المتناجيان أن يظن ثالثُهما أنهما يتحدثان في أمرٍ يكرهه، أو كان لا يعرِفُهما ولا يثق بهما، فيكون التناجي في هذه الحالة حرامًا، فإن أمِنَا من ظنِّه ذلك كُرِه تناجيهما؛ لأنه يغمُّ المنفرد مِن حيث الجملة، كما في "البيان والتحصيل" للإمام ابن رشد الجد (18/ 227، ط. دار الغرب الإسلامي).
وشددت بناء على ذلك: فلا مانع شرعًا مِن الكلام الخاصِّ مع شخصٍ في حضور ثالث، ولا يُعدُّ هذا من التناجي الممنوع إذا رُوعِيت الضوابط السَّابِقة، بأن يكون هذا الثالث على معرفةٍ وثقة بالمتناجِيَين، وأن يأذن لهما في هذا الحديث الخاص بينهما دونه، وألا يكون هو الداخلَ عليهما حال حديثهما سِرًّا.