أطياف -
في اللقاء الذي جمع بينه وبين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في نيويورك على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم يتطرق اللقاء الي مناقشة أي قضايا مشتركة بين البلدين ولم يتناول أواصر الصلات والعلاقات الأزلية بين السودان والمملكة، ولم يتحدث البرهان عن الموقف الميداني و العملياتي في الحرب ولا عن هجمات الدعم السريع على المقار المهمة واحتلالها لمنازل المواطنين وضرورة وقوف المملكة بجانبه، حتى تصنف الدعم السريع جماعة إرهابية في إطار حملة المملكة ضد الإرهاب
لم يحدث كل ذلك لأن البرهان لايستطيع أن يجسد دور الضحية أمام محمد بن سلمان الذي يعرف البرهان مسبقا، ويعرفه الآن جيدا أنه شريك حرب وشريك كذبة وإن أسلوب المراوغة والهروب عن ساحة التفاوض جفف مشاعر الود بينه وبن سلمان سيما أن المملكة تقود خطاً سلميا لوقف الحرب، بيّدَ أن البرهان تجاوزها وتخطى طرحها ووضع يده مع الإرهابيين، وواصل في دمار الخرطوم وحرقها وقتل الآلاف من المواطنين لذلك قالت المصادر إن اللقاء تناول فقط إستئناف مفاوضات جدة بين الجيش والدعم السريع ولاغيرها من القضايا الأخرى
وحتى عندما إلتقى الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي بالبرهان جدد له دعوة المملكة إلى التهدئة والإنخراط بحوار سياسي يضمن حل الأزمة، ويعيد الأمن والإستقرار للسودان وشعبه
إذن الذي يجمع البرهان مع القادة السعوديين هي ورقة التفاوض لا سواها، و (جدة غير) كل الدول الأخرى التي زارها البرهان حيث كان عشمه في الدعم العسكري لمواصلة الحرب وتحقيق النصر، أكبر من رغبته في حثه على وقف إطلاق النار والذهاب الي التفاوض .
وتأجلت زيارة البرهان للمملكة العربية السعودية والتي كان مقرر لها أمس الثلاثاء
وحسب المصادر إن التأجيل تم من قبل الوساطة الأمريكية السعودية، بسبب الإنتهاكات التي قام بها الجيش والنظر في فرض عقوبات عليه قبل عملية وقف إطلاق النار استجابة لضغوط شعبيه ورسميه بضرورة أن تضاف عقوبات مشددة كورقة جديدة الأمر الذي جعل البرهان يستعجل الزيارة قبل إعلان قرار العقوبات وطلب موعدا عاجلا لزيارة السعودية إلا أن الوساطة مارست معه أسلوبه في المماطلة وطلبت إرجاء الزيارة الي حين.
لذلك يجب أن لا تهلل الفلول (المغيبة) فرحا بتأجيل الزيارة دون معرفة الأسباب، لأن القادم ربما يحسم كل شي وان سفره هذه المرة لجدة سيكون مختلفا بنتائج مختلفة، وهذا يعني إنهيار إمبراطورية النظام المائت ونسف أحلامها الوهمية الي الأبد، أحلام العودة التي أشعلت بسببها الحرب وحرقت البلاد لذلك لم يتبق لها من العشم سوى خيط رفيع اوهن من خيط العنكبوت يمكن أن يتم بتره في أي وقت
والأهم من ذلك أن سفر البرهان الي السعودية سينهي حدوته التأويل ولن تكون هناك مساحة للسؤال هل(سيوقع ام لا)، فعندما يغادر البرهان الي هناك اما أن يوقع أو يوقع وهذا ماتريده الوساطة.
ولو أن القيادات الإسلامية وفلولها وإعلامها الكسيح (أخذتها نصيحة مني) فالواجب عليها الآن مناقشة وبحث مابعد التوقيع أو بالأحرى ماهية مستقبلهم مابعد الخسارة هذا هو المهم لأن إضاعة الوقت في أمر محسوم لا يفيدهم شي.
طيف أخير:
#لا_ للحرب
أول العلامات بأن القادم السياسي هو نصر للثورة والمدنية هو بداية الحملات الشرسه ضد لجان المقاومة وقوى الحرية والتغير والدكتور عبد الله حمدوك حتى أن ثمة أقلام صدئت بالتوقف بعد أن انتهت مهمتها في مراحل بعينها عادت تنشر ذات الغثاء .
الجريدة
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع
حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع، ولن يعني ما سيكتب في أوراقها وإعلاناتها أي شيء. سيعتمد الدعم السريع، كما فعل دائمًا، على سلاح مليشياته وأموال الذهب المهرب وأموال المواطنين من الغنائم، وعلى أموال ونفوذ الإمارات، وهي التي ستحدد لحميدتي ووزرائه وللذين اختاروا التحالف معه كل شيء.
ستضاف حكومة الجنجويد إلى مشاريع الإمارات في ليبيا واليمن والصومال، وهي المشاريع الانفصالية والاستقلالية، والتي تسعى عبرها إلى تعزيز مصالحها الاقتصادية من موارد الشعوب المنهوبة، وإلى توسيع نفوذها في المنطقة واستخدامها كأدوات للمساومة على القضايا والملفات الإقليمية، ليصب كل ذلك في اتجاه تموضع تسعى إليه كلاعب سياسي واقتصادي وأمني رئيسي في المنطقة لا يمكن تخطيه من قبل اللاعبين الأساسيين في العالم. ولا يهمها في سبيل ذلك إن تقسمت الدول أو ماتت شعوبها أو تشردت.
ولكن السودان ليس كغيره، وربما ذلك أمر قد تمت ملاحظته مبكرا منذ بداية الحرب. فلقد خسرت الإمارات بسبب دعمها للجنجويد على مستوى الرأي العام العالمي كما لم يحدث في كل تجاربها السابقة، وستستمر في الخسارة. كما أن الدعم السريع يختلف عن كل المشاريع الأخرى، فهو مليشيا متهمة بأفظع جرائم الحرب، وفي مقدمتها الإبادة الجماعية. جماعة عسكرية أسسها النظام البائد لتحصين نفسه من التمرد والانقلابات وتضخمت تباعا لتصبح شركة أسرية تعمل من أجل المال والسلاح والسلطة بلا أي مشروع. في هذه الحرب ظل الدعم السريع يحاول في كل حين أن يعتنق مشروعًا جديدًا، بدءًا من حرب في سبيل الديمقراطية، إلى حرب ضد ما يسمى بـ “دولة 56” الظالمة، وصولًا إلى حرب ضد قبيلة أو قبيلتين. وكلها محاولات فاشلة لإضفاء شرعية على المشروع الأساسي، وهو دولة عائلة حميدتي المالكة.
لن تسمح الفظائع التي عايشها السودانيين من عنف المليشيا قديمًا، والآن في هذه الحرب التي دخلت كل البيوت بتغيير الرأي العام، الذي انحاز بصورة غير مسبوقة ضد الدعم السريع وفظائعه وانتهاكاته. ولن تؤثر في ذلك محاولات تجميل مصطنعة من مشاريع مستعارة بعضها عظيم كالسودان الجديد للزعيم الراحل جون قرنق، مشاريع قرر قادتها اليوم أن مصالحهم التكتيكية تتقاطع مع بنادق وذهب وأموال الجنجويد والإمارات، ليهزموا أنفسهم لا المشاريع. وستظل دولة المواطنة المتساوية والديمقراطية والسودان الجديد والجيش الواحد القومي البعيد عن الصراع السياسي أهداف نضال الملايين من أبناء وبنات الشعب السوداني عبر السنين، وأهداف الثورة التي خرجت ضد النظام البائد الذي صنع الجنجويد ومكنهم وأرسلهم ليحاربوا خارج البلاد ومكنهم من صنع علاقاتهم الخارجية المستقلة و امبراطوريتهم الاقتصادية.
لن نستطيع بصورة عملية مقاومة الحرب واستمرارها وسيناريوهات تمزيق السودان بدون الحديث بوضوح عن الدول التي تتدخل في الصراع السوداني ومن قبله لعقود عبر استغلال هشاشة الأوضاع الداخلية، من الإمارات ومصر، إيران، تركيا والسعودية وغيرها من الدول التي تدعم الحرب بالسلاح والمال والنفوذ وتتجه بالحرب في السودان إلى حرب كاملة بالوكالة لا يملك السودانيين من العسكريين والمدنيين القرار في استمرارها أو إيقافها. لتستمر أو تتوقف حينها في سبيل أجندات تلك الدول الخاصة التي تسعى لتحقيقها من خلال دماء وأرواح ومقدرات السودانيين.
أخيرا، تمزيق السودان لن يتم عبر سلطة أو حكومة الجنجويد الموازية، بل يمكن أن يحدث فعليا فقط إذا لم تتوقف آلة الكراهية البغيضة التي أشعلتها الحرب والتي تستثمر فيها العديد من الجهات، هذه الكراهية التي تزيد بسببها الشقة الاجتماعية بين مكونات السودان، تلك التي تنفي مواطنة البعض والتي تصنف الناس على أساس مناطقهم، قبائلهم، إثنياتهم وأديانهم لتمنحهم الحقوق أو تنزعها عنهم، والتي تعتبرهم محاربين أو مسالمين إذا كانوا من هذه القبيلة أو تلك والتي تسترخص دماء بعض السودانيين وتجعلها أقل من دماء سودانيين آخرين. وهي عنصرية وكراهية وتعصب ليست وليدة الحرب، ولكنها أشعلتها وزادتها ضراما وهي بدورها تعود لتزيد من اشتعال وتأجيج الحرب. كراهية يتمزق السودان من خلالها كل يوم وبسلطة وحكومة موازية أو بدونها.
محمد ناجي الأصم
إنضم لقناة النيلين على واتساب