سودانايل:
2024-07-04@00:03:52 GMT

يا قائد الجيش…إنّ الوقت كالسيف !!

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

كلما استقبلنا صباح يوم جديد كلما خسر الجيش المسنود بكتائب فلول النظام البائد وتكبد الهزائم، فالأرض ما زالت تنسحب من تحت قدميه يوماً بعد يوم، بينما لا يحصد (البلابسة) الخياليون غير المزيد من استسلام قواتهم التي سئمت القتال، ولاذت بالفرار نحو الأسر لا النصر، الذي صار ملجأً للكثير من الضباط وضباط الصف والجنود الذين وجدوا أنفسهم وعلى حين غفلة، رهائن لدى فلول كتائب الاخوان المسلمين، يأتمرون بأمرهم والسيف مسلط على رقابهم لا يجدون طريقاً للهرب، فالجيش قد اختطف قراره مع أول فجر ليوم الثلاثين من يونيو قبل أربعة وثلاثين عاماً، حين بدأ التمكين الاخواني بإدخال أول دفعة للكلية الحربية وترتيبها التاسع والثلاثون، فكان المنتسبون لها من التيار الاخواني المتعطش لتوه للسلطة المخطوفة من رئيس الوزراء المنتخب حينها، الصادق المهدي، وبعد تلك الدفعة لم تشهد المؤسسة العسكرية استيعاباً لطالب حربي واحد من غير ذوي الولاء، والدليل على ما ذهبنا إليه هو حرب أبريل الماثلة أمامنا اليوم، والتي لم يشفع الله لها بنهوض ضابط واحد (شريف)، يقول لا لزمرة الاخوان المشعلين للحرب ضد القوات المتخصصة والداعمة بالجهوزية والسرعة والحسم، فمسيرة الثلاثة عقود التي أحكم فيها الاخوانيون السيطرة على جهاز الدولة، لم يلدوا إلّا إخوانياً فاجراً كفّارا، لا يتوانى لحظة في قصف المدنيين بالصواريخ وهو جالس على مقعد الطائرة الحربية من فصيلتي السوخوي والميج، فجميع ضباط القوات الجوية والبحرية والمشاة يدينون بالولاء التام للإخوان، وحروب الانقسنا ودارفور وجبال النوبة حافلة بجرائمهم.


الأشهر القليلة التي أعقبت الحرب جعلت من الجيش مؤسسة مضمحلة ومنكمشة، مشتت أفرادها داخل جيوب صغيرة بين أزقة المدن، وخارجة خروجاً كاملاً عن سيطرتها على عاصمة البلاد، ذلك الصداع الذي جعل المنظرين المشعلين للحرب أن يصابوا بالهيستيريا والجنون، فاستمرار الحرب ارتبط بفقدان الكثير من المواقع العسكرية الاستراتيجية، والجلوس إلى طاولة التفاوض الموصل لاتفاق بين الجيش وقوات الدعم السريع في هذا الوقت، وفي الأوقات القادمة، يضع قادة الجيش الموالين لفلول الاخوان في حال لا يحسدون عليه، وكما هو معلوم في العرف العسكري أن المنتصر وصاحب الغلبة هو الذي يستطيع الحصول على المكاسب، وجميعنا يستحضر التاريخ الأوروبي حينما دارت الدائرة على الفرنسيين، بعد انتصار الألماني أدولف هتلر عليهم، وإرغامهم على إمضاء اتفاق مهين، على متن ذات عربة القطار التي أذلوا فيها الألمان ذات يوم فأرغموهم على اتفاق حاط من قدر الكرامة الإنسانية، فهذا هو عرف الحروب التي لا تعير وزناً للمهزوم، لذلك رأينا قائد جيش الفلول يراوغ ويباعد الخطى بينه وبين مدينة جدة السعودية، المقر الدائم لانعقاد جلسات الصلح بين الطرفين المتنازعين، فلم يسعفه استغلاله لعنوان الدولة والحكومة، في تسويق طموح جماعته المختطفة لقرار الدولة والحكومة، لأن العالم له كاميرات مراقبة راصدة لأولى لحظات عدوان كتائب الإرهاب على قوات الدعم السريع، تلك الكتائب الدائنة بالانتماء لجماعة الاخوان المسلمين – المؤتمر الوطني.
ما رفضه قائد الجيش وزمرته من اتفاق إطار يمهد لهيكلة الجيش، سيضعه في موقف حرج بمنبر مدينة جدة التي لابد أن يصلها وإن طال سفره وتجواله بين العواصم، فبدلاً من أن يراوغ سياسياً في ذلك الوقت المناسب ويتماهى تكتيكياً لكسب الوقت، استجاب لحماقة جماعته المتطرفة بتغليبها لخيار الحرب، الحرب عينها التي عملت على تحقيق الهيكلة المرجوة من اتفاق الإطار، ولكن بطريقة خشنة ودامية كما اختار ذلك قائد الجيش وناديه وزبانيته، فاليوم لا توجد جماعة سياسية خاسرة لميداني الحرب والسلم مثل جماعة الاخوان – المؤتمر الوطني، ففي ظرف أشهر قليلة خسرت أضخم مصنع حربي (اليرموك)، وفقدت مدينة للتصنيع الحربي تصنف من كبريات المدن المصنعة للذخائر والطائرات من دون طيار والمدفعية الثقيلة والأسلحة الخفيفة (جياد)، وخسرت عشرات الطائرات الحربية المقاتلة، هذا فضلاً عن سقوط القواعد العسكرية الاستراتيجية والتي أهمها (سلاح المدرعات)، كل هذه الانجازات العسكرية ستجعل كفة ميزان جيش الفلول هي الخاسرة، مهما أطال قائدهم التسفار والتجوال، ففن التفاوض يعتمد بالأساس على من يملك الأرض وليس من يسبح في الفضاء، وتاريخ الحروب الكبرى حافل بمثل هذه التحولات العظمى، وليس السودان باستثناء، فهذه الحرب التي أراد لها الاخوانيون أن تضع حداً (للمليشيا المتمردة)، أمست وبالاً عليهم وأخرجتهم من دواوين الحكم والإدارة بالخرطوم العاصمة السياسية والاقتصادية، فجن جنونهم وفعلوا ببنيانها وسكانها الأفاعيل، وذلك لما لزوال الملك من مرارة الحنظل التي تحيل الانسان إلى وحش، لكن هيهات، فلا جن ولا سحرة بقادرين على أن يدركوا أثر قطار قوات الدعم السريع ، وما على قطار جيش الفلول إلّا اللحاق بالمحطة القادمة (جدة) قبل فوات الأوان.

إسماعيل عبدالله
27سبتمبر2023
ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

تعامل الفريق البرهان والقيادات العسكرية المحيطة به مع أزمات السودان الحالية لن تفلح قطعاً

تعلم قيادة الجيش السوداني المسكونة بحاضره ومستقبله.. والحريصة حد الوجع علي مقام ومكان هذا الجيش العظيم في وجدان الشعب..

تعلم هذه القيادة أن تمدد مليشيات التمرد في عمق ولاية سنار وقريباً من الحدود مع دولة أثيوبيا ودولة جنوب السودان، سيفرض واقعاً جديداً علي قائمة مهددات الأمن القومي السوداني التي تضاعفت وتتضاعف باجتياح المليشيا لمناطق الزراعة والإنتاج وتشريد ونزوح مواطني هذه المناطق يعني عملياً فشل الموسم الزراعي الحالي بولاية سنار بعد فشل الموسم بولاية الجزيرة وقبل كل هذا وذاك المعاناة الإنسانية القاسية لالاف المواطنين الأبرياء الذين أُخرجوا من ديارهم وأُوذوا وقُتّلوا تقتيلا..

وتعلم قيادة الجيش أن توغل مليشيات التمرد في سنجة وقري سنار الوادعة يمثل فشلا ذريعاً للأجهزة المختصة ويفرض علي المنظومة العسكرية والأمنية تحدياً جدياً للتعامل مع إرتدادات هذا الزلزال بما يستحقه من محاصرة ومعالجة..

الطريقة التي يتعامل بها الفريق البرهان والقيادات العسكرية المحيطة به مع أزمات السودان الحالية لن تفلح قطعاً في وقف النزيف ولا لجم تمدد المليشيات ولا الإستجابة المادية والنفسية لمعاناة وآلام الناس.. وهذه الحقائق المرة تفرض مجدداً علي العقول الإستراتيجية داخل المؤسسة العسكرية السودانية وأجهزة الإستخبارات تكييف المشكلة بالإجابة علي الأسئلة الستة أثناء الأزمات المعقدة في تاريخ الأمة.. أي أمة ولا تُوجد أزمة معقدة في ماضي وحاضر السودان مثل الحرب الحالية..

وحدها العقول الإستراتيجية داخل الجيش من بيدها تلافي الخلل الحالي في إدارة الحرب والدولة.. لا نتحدث عن انقلاب على البرهان.. نتحدث فقط عن تغيير الطريقة الحالية في التعاطي مع محنة البلاد ولو أدي ذلك إلي تحجيم دور البرهان الذي حقق عجزاً بائناً في تحقيق الهدف الذي غادر بموجبه القيادة العامة بتلك العملية البطولية النادرة.. خرج البرهان لكي يدير الدولة لا ليقود الجيش لكنه أقعد هذه وتلك حيث فشل في توظيف مقدرات الدولة الشاملة لإدارة الحرب.. وفشل في توجيه قدرات الجيش السوداني الضاربة في التعامل مع مليشيات التمرد..

هذه كلمتنا لوجه الله.. ثم للتاريخ.. أزمة بلادنا اليوم في قائد الجيش وقائد الدولة وأمتنا تستحق قيادة ملهمة تضع الشعب أمام الحقيقة.. نقول هذا حتي لاتكتب صفحات التاريخ ذات يوم أن الفريق البرهان ورئيس هيئة أركان الجيش السوداني قد تسببا في تعطيل قدرات وإمكانيات أقوي الجيوش في أفريقيا وهذا قريب مما كتبه ناجل هاملتون كاتب السير الذاتية الشهير في كتابه الأخير ( القياصرة الأمريكيون) .. كتب أقسي وصف عن فترة حكم بوش الابن ( لقد كان الإمبراطور الأسوأ مع نائبه ديك تشيني حيث دمرا بملء إرادتهما الكثير من الأسس الأخلاقية التي قامت عليها الولايات المتحدة الأمريكية)..

عبد الماجد عبد الحميد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الكلام ده اكبر من البرهان واكبر من حميدتي … لكن الله اكبر
  • “إلا بعزة”.. البرهان يحدد شروط التفاوض مع الدعم السريع
  • البرهان يحدد شروطا للتفاوض مع الدعم السريع.. وتوسع في خطة مساعدة السودان
  • تعامل الفريق البرهان والقيادات العسكرية المحيطة به مع أزمات السودان الحالية لن تفلح قطعاً
  • إلا بعزة.. البرهان يحدد شروط التفاوض مع الدعم السريع
  • NYT: جنرالات الاحتلال يخشون من حرب أبدية ويدعمون وقف إطلاق النار
  • قائد قوات الدعم السريع يعلّق على عقوبات الاتحاد الأوروبي
  • رويترز: نازحو لبنان دون عمل أو موارد وظروفهم تتفاقم مع الوقت
  • «كروما العسكرية» تستقبل الفارين من حرب الفاشر
  • ما حقيقة زيارة قائد الجيش السوداني لجبهات القتال في ولاية سنار؟