الجابر يؤكد على وجوب العودة للمسار الصحيح لاتفاق باريس
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
أكد سلطان أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في دولة الإمارات، الرئيس المعيَّن لمؤتمر الأطراف COP28، على وجوب العودة إلى المسار الصحيح لاتفاق باريس.
جاء ذلك خلال كلمة له في الاجتماع الخامس للحوار رفيع المستوى لأصدقاء اتفاق باريس الذي عُقد الأسبوع الجاري في العاصمة الصينية بكين، حيث أشاد بالدور الريادي للصين في الجهود العالمية الهادفة لتحقيق انتقال مسؤول ومنظم وعادل في قطاع الطاقة.
وأكد الجابر أنه تماشياً مع توجيهات القيادة في دولة الإمارات، تعمل رئاسة COP28 على تكريس التوافق بين الأطراف كافة، وتطبيق نهج مدّ جسور التواصل مع المجتمع الدولي، لتعزيز التعاون وتحقيق التقدم المنشود في العمل المناخي العالمي بالتزامن مع ضمان النمو المستدام للأجيال الحالية والقادمة.
واختتم الجابر زيارته إلى الصين، حيث التقى وانغ يي، وزير خارجية الصين، وزهاو ينغمين، نائب وزير البيئة الصيني، وشيه تشن هوا، المبعوث الصيني الخاص للمناخ، ولورانس توبيان، رئيسة مؤسسة المناخ الأوروبية وإحدى مهندسات اتفاق باريس.
وشدد الجابر، في كلمته، على ضرورة تقديم استجابة حاسمة للحصيلة العالمية لتقييم التقدم في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، وقال إن "الوقت المتاح أمام العالم لاتخاذ الإجراءات اللازمة قصير ومحدود، مما يتطلب وضع خطة عمل واضحة ومفصلَّة تقدم الاستجابة المنشودة عبر جميع الركائز الرئيسية لاتفاق باريس".
وأشار إلى الحاجة الملحَّة للتوافق على خطة عمل طموحة ووضع اللمسات الأخيرة على اعتماد إطار شامل وحاسم للهدف العالمي بشأن التكيف، وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار وآليات تمويله، والتوافق على منهجية عادلة ومُنصفة لوسائل التنفيذ.
وجدد الجابر، التأكيد على أن العالم بعيد عن المسار الصحيح لتحقيق أهداف اتفاق باريس، وأن خطة عمل COP28 ستحرص على تحويل طموحات الاتفاق إلى نتائج عملية وملموسة، لافتا إلى أن الركيزة الأولى للخطة هي تسريع تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة.
وأضاف: "استطاعت الصين زيادة قدرتها الإنتاجية من مصادر الطاقة المتجددة لتبلغ 1000 غيغاواط، وهي في طريقها لإنتاج 500 غيغاواط إضافية من طاقة الرياح والطاقة الشمسية خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهذا يتماشى بشكل كبير مع دعوة COP28 إلى زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة عالمياً ثلاث مرات بحلول عام 2030".
وقال الجابر: "إن الصين ستقوم أيضاً بدور حيوي في توسيع نطاق النمو الأخضر عبر تعزيز التعاون بين دول الجنوب من خلال مبادرة الحزام والطريق، التي تهدف إلى تحفيز الاستثمار في البنية التحتية الخضراء في الاقتصادات الناشئة والنامية".
كما أكد الجابر ضرورة تفعيل صندوق معالجة الخسائر والأضرار وترتيبات تمويله خلال COP28، وجدد دعوته للدول المانحة إلى مضاعفة تمويل التكيف بحلول عام 2025 وتجديد موارد صندوق المناخ الأخضر.
ولفت إلى أهمية تضمين جهود الحفاظ على الطبيعة في العمل المناخي، وأشاد بالتزام الصين بـ "الحضارة البيئية"، وهي عبارة عن مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والتعليمية والسياسية والزراعية وغيرها من الإصلاحات التي تهدف إلى تحقيق مفهوم الاستدامة، وحرصها على تعزيز النظم البيئية الطبيعية ونجاحها في تحسين جودة الهواء لديها بنسبة 100 بالمئة تقريباً منذ عام 2015.
جدير بالذكر أن الحوار رفيع المستوى لأصدقاء اتفاق باريس يشكّل منصة غير حكومية لاجتماع رواد العمل المناخي لاستكشاف وتبادل الأفكار والآراء حول سبل تنفيذ أهداف اتفاق باريس.
وتضمن الاجتماع الخامس للحوار مناقشات حول موضوعات متخصصة منها الانتقال في قطاع الطاقة وانتقال القطاعات الصناعية نحو الحياد المناخي، وتوفير التمويل المناخي وتطوير آلياته.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات اتفاق باريس وزير خارجية الصين اتفاق باريس الطاقة الشمسية النظم البيئية بيئة مناخ سلطان الجابر الدكتور سلطان الجابر اتفاق باريس وزير خارجية الصين اتفاق باريس الطاقة الشمسية النظم البيئية مناخ اتفاق باریس
إقرأ أيضاً:
هل العالم على شفير حرب جديدة وسط التصعيد بين الصين وتايوان؟
تعود التوترات بين الصين وتايوان للواجهة من جديد، بسبب قيام بكين بتكثيف وجودها العسكري حول الجزيرة، وذلك في إطار تنفيذ الجيش الصيني أكبر انتشار بحري له منذ سنوات عديدة.
وفي منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي أطلقت بكين مناورات عسكرية ضخمة حول الجزيرة، وتُعد الأكبر منذ أكثر من عام تحت اسم "السيف المشترك 2024 بي".
وتهدف الصين من خلال هذه المناورات إلى توجيه تحذير ضد "الأعمال الانفصالية لقوى استقلال تايوان"، وركزت على محاكاة حصار موانئ وأهداف إستراتيجية في تايوان، دون تحديد موعد لانتهائها.
وفي المقابل، تواصل تايوان إعلاناتها رصد تحركات عسكرية صينية غير مسبوقة حول الجزيرة كرد فعل صيني على جولة رئيس تايوان لاي تشينغ تي في منطقة المحيط الهادي، والتي انتهت يوم الجمعة الماضي وشملت التوقف في ولاية هاواي وإقليم غوام الأميركيين.
وتعهد رئيس تايوان لاي تشينغ تي "بحماية" الجزيرة، إلى جانب تعزيز تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، التي تعد أبرز داعم دولي لها، على الرغم من عدم اعترافها الرسمي بها كدولة مستقلة.
تصاعد التوتر
تعود جذور النزاع إلى العام 1949، عندما انتهت الحرب الأهلية الصينية بانتصار الحزب الشيوعي بقيادة ماو تسي تونغ وسيطرته على البر الرئيسي، في حين لجأ الحزب القومي "الكومينتانغ" إلى جزيرة تايوان، وأعلنها مقرا للحكومة الصينية.
إعلانوتعيش تايوان تحت تهديد صيني، وتبرز تلك التهديدات مع ظهور أي محاولات تقوم بها تايبيه للتقارب مع الدول الأجنبية، إذ تعتبرها بكين استفزازا لها وتهديدا لوحدتها وسيادتها، لذا تمارس سياسة العزل الدبلوماسي لتايوان، وتعارض أي اتصال رسمي لتلك الدول معها.
وبالتزامن مع أي تحرك من هذه النوع، تبدأ الصين بالتحرك العسكري، وقد أدانت جولة الرئيس لاي الأخيرة، وحضّت الولايات المتحدة على "التوقف عن التدخل في شؤون تايوان"، ورافق ذلك انتشار صيني بحري ضخم قرب مياه الجزيرة، وصف أنه أكبر من ذاك الذي واجهته في أغسطس/آب 2022، ردا على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي آنذاك نانسي بيلوسي لتايبيه.
ووفقا للرصد الذي أجراه معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع "IGSDA"، فإن الصين أصبحت تعتمد تكتيكات جديدة مثل الحصار الاقتصادي وتطويق الجزيرة، مما يزيد الضغوط على تايوان، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة المناورات البحرية والجوية.
وتشكل المناورات ردا على الحكومة التايوانية المؤيدة للاستقلال وصفقات الأسلحة الأميركية مع تايوان، في حين يشكل الهدف الرئيسي منها إعادة التأكيد على موقف الصين الثابت حول "سياسة صين واحدة" وردع تايوان عن اتخاذ أي خطوات رسمية نحو الاستقلال.
كما تحمل رسائل تحذير للحلفاء الغربيين لتايوان واستعراض القدرات العسكرية المتزايدة للصين، بهدف الحفاظ على الهيمنة الإقليمية ومنع التدخل الغربي في بحر الصين الجنوبي، بحسب المعهد.
وتعتبر تايوان جزءا محوريا من إستراتيجية الدولة الصينية ومصلحة عليا لبكين، وتشكل أحد ثوابت الأمن القومي الصيني، كما يصفها الكاتب والمحلل السياسي في الشؤون الدولية ثامر العناسوه، خاصة مع المكانة والتنافس الاقتصادي التي تحظى به الصين.
ويقول العناسوة، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، إن الصين على وشك الدخول في حقبة مغايرة عما كانت عليه، وهي مرحلة جديدة يقودها الرئيس شي جين بينغ منطلقا من عدة ركائز، أهمها إعادة الإرث التاريخي للموروث الثقافي للصين القديمة بإحياء الهوية القومية الصينية، من خلال استعادة العديد من الأراضي التي كانت محتلة من قِبل الدول الغربية، كان آخرها سحب الاعتراف الأميركي بتايوان كخطوة ومرحلة مفصلية.
بيلوسي مع نواب أميركيين خلال زيارة تايوان في أغسطس 2022 (رويترز) سيناريوهات محتملةتعتمد السيناريوهات في حالة النزاع الصيني التايواني على عوامل متعددة تتعلق بالقرارات المحلية والدولية، واستعداد الأطراف للمخاطرة، في حين يجمع الخبراء على أن الوضع الحالي يشير إلى حالة توتر متصاعدة، لكن الخطوات السياسية والعسكرية قد تغير المعادلة في أي وقت.
إعلانويزداد المشهد تعقيدا نتيجة التفوق العسكري للصين، وانتهاج تايوان إستراتيجية دفاعية قائمة على تعزيز قدراتها العسكرية وتطوير صناعاتها الدفاعية، من خلال شراكات مع حلفاء دوليين.
ويرى مراقبون أن إعادة التوحيد هي مسألة وقت، في حين يظهر السؤال متى؟ وهل سيكون عند شعور بكين بتراجع مواقف أميركا في الدفاع عن تايون؟ أم سيكون من خلال طرق أخرى أكثر دبلوماسية؟
وفي إطار السيناريوهات المحتملة، يرى الخبير العسكري العميد الركن أيمن الروسان، في حديثه للجزيرة نت، أنه من الممكن أن تسيطر الصين على الحدود الجوية والبحرية لتايوان، أو تفرض حصارا كاملا على مضيق تايوان بما يمنع إدخال وإخراج أي شيء.
ويتابع أن هذه الإمكانية متوفرة للصين باستخدام عدة وسائل وخيارات، منها الخيار العسكري والقصف الجوي والحرب السيبرانية التي تسعى لإخضاع تايوان، ولكنه يرى أن السيناريو الأقرب هو انتهاج الصين سياسة الحرب غير المقيدة مع تايون، وذلك بتمويه الأشكال المختلفة التي لا تؤدي إلى قتال مباشر بين الطرفين.
حلم الاستقلال
ويطرح المحلل السياسي في الشؤون الدولية الدكتور ثامر العناسوه، سيناريو آخر يتعلق بحرمان تايوان من تحقيق حلم الاستقلال عبر منع الاعتراف الدولي بها، ويمكن الإشارة إلى أن الصين حققت نجاحات كبيرة في مجال تحجيم تايوان من الشرعية الدولية، وهو ما سيمثل مقدمة لجعل إجراءات ضمها عسكريا على اعتبار أن تايوان فاقدة للشرعية القانونية.
وتابع أن الموقف الصيني المقبل سيكون محطة توتر دولي على غِرار ما حدث في أوكرانيا عام 2014، وذلك يعني أن على العالم الاستعداد لأزمات متعددة في شرق آسيا.
ويحمل الخيار الدبلوماسي وجها آخر يتمثل في ضم تايوان بشكل سلمي من خلال توسيع دائرة العلاقات التجارية بين البلدين، فالبرغم من التوترات لا تزال الصين وجهة رئيسية لصادرات تايوان، حيث تستحوذ على نسبة كبيرة من المنتجات التايوانية مثل الآلات والرقائق الإلكترونية.
إعلانوقد يؤدي هذا الخيار إلى توسيع العلاقات بين الطرفين، تحت إطار سياسة الإغواء بحجة اتساع المصالح المشتركة، إلا أن العناسوه يرى أن هذا المسار أو السيناريو إيجابي إلى حد ما، إلا أنه يواجه بعض المعوقات، أهمها أن التيار الحاكم في تايوان يعارض هذا المسار تماما، وأن 60% من المجتمع التايواني يرفض الوحدة مع الصين، ويشكل تنامي النزعة القومية للشعب التايواني عائقا رئيسيا.
أما السيناريو الأخير -كما يجمع المتحدثون- فهو يرتبط بالحفاظ على الوضع الراهن، ويكون باستمرار تايوان في سياسة الحكم الذاتي دون أن تحظى باعتراف دولي، وبقاء الصين ملتزمة بسياسة الصين الواحدة دون أي إجراءات عسكرية، فيما يبقى التوتر السياسي قائما، مع استمرار الضغوط الصينية دوليا لتقليل دعم تايوان، وتهديد بكين لكل من يتعامل مع تايوان بقطع العلاقات والاتصالات ومنع السفر، وغير ذلك من العقوبات التي من دورها تعمل على محاصرة تايوان.
الموقف الأميركي
تمتلك الولايات المتحدة دورا مفصليا في هذه القضية؛ كونها أكبر قوة عالمية وحليفا رئيسيا لتايون، إلا أن الدور يرتبط في السياسات المتغيرة بين الإدارات الأميركية، فكلاهما يدعمان تايوان في مواجهة الصين، لكنهما يختلفان في سياسة التعاطي مع الملف.
إذ انتهج الرئيس الحالي جو بايدن سياسة الدعم لتايوان دون استفزاز الصين، وهو ما يسمى بـ"الغموض الإستراتيجي"، على عكس الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي يعتمد على المواجهة والدعم العملي والمباشر من خلال تعزيز مبيعات الأسلحة، وتواجد السفن الأميركية في مضيق تايوان.
وانعكست صراعات ترامب خلال توليه الرئاسة الأميركية عام (2017-2021) مع الصين على الجبهة التجارية على قضية تايوان، حيث استخدم ترامب دعمه كورقة ضغط ضد بكين، واعتبر حينها أن تعاملها مع تايوان الفاقدة للشرعية الدولية يشكل تهديدا كبيرا للاستقرار الإقليمي والدولي.
إعلانومع فوزه في الانتخابات الأميركية لهذا العام، لا يبدو أن هناك أي تغير جوهري في تعامله مع القضية، إذ يقول غبريال صوما -العضو في المجلس الاستشاري للرئيس ترامب- إن سياسة ترامب تقضي بعدم التخلى عن الجزيرة تحت التهديدات الصينية، وفي الوقت ذاته لن يستعمل القوة العسكرية الأميركية في حال قامت الصين بغزو تايوان، كما لا يمكن للصين أن تخاطر بالحرب العسكرية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول صوما إن ترامب سيرد على تهديد الصين لتايوان من خلال العقوبات الأميركية التجارية بزيادة الرسوم والضرائب على المنتجات الصينية، مشيرا إلى أن استخدام القوة العسكرية ضد الحصار لن يكون ضروريا، بالرغم من تشديده على زيادة الإنفاق العسكري لتايوان لمواجهة التهديدات المحتملة من الصين.
يتوافق حديث صوما مع سياق حديث المحلل السياسي عامر السبايلة لـ"الجزيرة نت"، الذي يرى أنه لا يمكن للصين أن تقبل تحول تايون لنقطة تهديد لها، وبالتالي اتخذت إجراءات تصعيدية لعدم جعل المهمة سهلة بنظر المحور الغربي أو الولايات المتحدة، فهي تلوح ولا تنفذ وهذه المعادلة قد تكون أساسا للتفاوض مع ترامب ضمن سياسة المكاسب والخسائر التي يتقنها ويرغب بها دائما، بدلا من التصعيد.
وبهذا، يبقى مصير العلاقات بين الصين وتايوان يعتمد على مزيج من التحولات السياسية الداخلية في تايوان، ومن جهة أخرى الإستراتيجية الصينية، خاصة في ظل حكم شي جين بينغ، إلى جانب التأثيرات الاقتصادية والتقنية، فالعلاقات قد تتجه نحو مزيد من التصعيد أو التسويات على المدى البعيد، ولكن يبقى للمواقف العالمية، خاصة الولايات المتحدة الأميركية، دور حاسم في تحديد مسار هذه القضية.