الإمام الأكبر يوضح الحكمة والفلسفة في إرسال الأنبياء للبشر
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
تحدث الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، خلال كلمته في احتفال المولد النبوي الشريف، الذي أقامته وزارة الأوقاف، عن الحكمة والفلسفة في إرسال الله الأنبياء للبشر، موضحا أنه إذا كان فريق من علماء المعقول في الإسلام يذهبون إلى أن «النبوة» هي من الجائزات على الله تجاه عباده وليست واجبة عليه؛ فإن فريقا منهم يذهبون إلى القول بوجوبها على الله تعالى، لما فيها من مصلحة الإنسان ومنفعته ليس فقط على هذا الخط القصير خط الحياة الدنيا، وإنما على خط لا نهائي يسعد فيه الإنسان أو يشقى.
وأضاف فضيلته، أن هذا الفريق ذهب إلى أن النبوة واجبة، ولا يقصد -معاذ الله!– أن أحدا غيره -تعالى!- يوجبها عليه، فهذا ما لا يمكن أن يخطر على بال مؤمن، ولكن يقصدون أن الله تعالى هو من أوجبها على نفسه، وهو من باب قوله تعالى: كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم.. أي: أوجبها على نفسه الكريمة تفضلا منه وإحسانا وامتنانا.
وأضاف الإمام الأكبر أن الفريق الأخير يبين الحكمة من النبوة ويقول: إذا كانت عناية الله تعالى بالإنسان قد ذهبت إلى أبعد مدى في ملاحظة حاجة الإنسان في هذه الحياة الدنيا فأنبتت الشعر على حاجبيه حتى لا تتأذى عيناه من العرق والتراب والغبار، وقوست أخمص قدميه حتى يتمكن من المشي في يسر وسهولة، وفي غير ألم ولا توجع، وأشياء أخرى من المنافع لاحظتها العناية الإلهية لصلاح الإنسان في هذه الحياة الدنيا، أفيعقل أن تتخلى هذه العناية عن ملاحظة حاجات هي أشد وأعظم، وفي حياة أخرى هي أدوم وأبقى من حياته الأولى، ولا ترسل له ما يحقق سعادته في الحياة الأبدية اللانهائية؟!.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف الازهر الشريف الأزهر المولد النبوي الشريف
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآيات 7-14 من سورة الواقعة: “وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً . فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ . وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ . وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ . فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ . ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ . وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ”.
واضح أن هذه الآيات تصف حال البشر يوم القيامة بعد الحساب، إذ سيتم تصنيفهم الى ثلاثة أقسام، بناء على النتيجة التي حققوها في عملهم الدنيوي.
لكن من يطلع على تفسير شيوخ التفسير القدامى، سيستغرب انهم جميعا (ابن كثير والبغوي والقرطبي والطبري والسعدي)، قد اتفقوا على قول واحد، وهو أنه سيتم تقسيم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف: قوم عن يمين العرش، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيمن، ويؤتون كتبهم بأيمانهم، وهم أهل الجنة، وآخرون عن يسار العرش، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيسر، ويؤتون كتبهم بشمائلهم، وهم أهل النار، والثالثة طائفة سابقون بين يديه، فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء.
وجه العجب أن ذلك يعني أن استحقاق الجنة والنار قد قضى به الله على البشر قبل خلقهم، فإن كان خرج من شق آدم الأيمن فهو سيتبع الهدى وبذلك يفوز بالجنة.
إذاً ما ذنب من شاء الله أن يخلقه من الشق الأيسر (بزعمهم) ومقدر عليه الضلال مسبقا؟.
كيف سيحاسبه الله على ما كتبه عليه وليس له حيلة بدفعه!؟.
هذا يدل على أنهم أقرب الى مذهب الجبرية الذين قالوا بأن الهدى أو الضلال مكتوب على المرء قبل أن يخلق.
لا يمكن أن يتوافق ذلك مع عدالة الخالق ورحمته، فلماذا أرسل رسله الى البشر وكلفهم بالدعوة بالحسنى، إن لم يكن لمخاطبة عقولهم لأجل تغيير قناعاتهم الفاسدة ونقلهم من الضلال الى الهدى!؟.
بل هو تعالى وجّه رسله للتلطف عند محاولة هداية أشد المعادين وأكثرهم عنادا (فرعون)، لعل ذلك يفيد في هدايته: “فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ” [طه:44]، ورغم أنه جل وعلا يعلم أنه لن يغير رأيه، فلم يشأ أن يحبط أمل موسى، كما أراد أن يعلمنا أنه لا يقدّر على أحد الضلالة مسبقا، بل المرء هو من يختار ذلك، وإن قرار استحقاق النار لمن أخبرنا بمصيرهم وهم ما زالوا في الدنيا مثل أبي لهب وامرأته وفرعون وهامان وقارون ..الخ، فذلك لأنه علام الغيوب، يعلم الماضي والحاضر والمستقبل، وليس لأنه مكتوب عليهم ذلك من قبل.
الآن أصبح واضحا أن أصحاب اليمين هم من يؤتون كتابهم (صحيفة أعمالهم) بيمينهم، وذلك بشارة لهم بأنهم من الفائزين برحمة الله وجنته، وبالمثل فأصحاب الشمال يعلمون مصيرهم التعس من قبل أن يطلعوا على كتابهم، والأشد عتوا هم من يربط كتابهم على ظهورهم لأنهم لا نفع لهم من قراءته، فلن يجدوا فيه خيرا ياملون أن يشفع لهم.
يبقى فهم من هم الفريق الثالث: (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) الذين بشرهم الله تعالى بأنهم المقربون، فدلالة تكرار لفظة (السابقون) تعني أنهم سبقوا غيرهم بالإيمان والتصديق بما أنزله الله على رسوله، كما سبقوهم وبزوهم بالتضحيات في سبيل الله ونصرة دينه.
ويأتي قوله تعالى (ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ . وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ) لكي لا يعتقد أحد أن هؤلاء السابقين هم فقط من سبق باقي المسلمين زمنيا، أي ليسوا هم فقط من الصحابة، بل منهم من سيأتي في أزمان متأخرة.
فقد رأينا الشهيد أبا ابراهيم أسداهصورا يقاتل الأعداء المتفوقين عددا وعدة بكل مافي يده، ولما أصيب في يده ربطها بسلك، وأمسك بعصا يهاجم بها الطائرة المسيرة، فهو لا يقل بسالة وإقداما عن جعفر الطيار.
كما شهدنا الشهيد أبا العبد صابرا محتسبا عندما تلقى خبر اغتيال العدو لأفراد عائلته، ولم يزد على قوله: معلش.
فهو لا يقل صبرا وصمودا عن الخنساء.
وما نال أهل القطاع الصابرين من تقتيل وتجويع لينفضوا عن المجاهدين ويسلموهم لعدوهم، هو أكثر مما نال آل ياسر زمن النبي صلى الله عليه وسلم الذين بشرهم بأن موعدهم الجنة.
ومن ذلك نفهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ليتَ أنَّا نرى إخوانَنا قالوا: يا رسولَ اللهِ ألسنا إخوانَك؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواني قومٌ آمنوا بي ولم يرَوني.