تعد الهند دولة مهمة للغرب، كما هو حال السعودية، ما يعني أنها قد تنجو من عواقب اغتيالها لهارديب سينغ نيجار (45 عاما)، وهو ناشط انفصالي من السيخ، بالرصاص في كندا في يونيو/حزيران الماضي؛ ما فجر خلافا بين نيودلهي وأوتاوا، بحسب مجلة "ذي إيكونوميست" البريطانية (The Economist).

المجلة، أضافت، في مقال ترجمه "الخليج الجديد"، أن مقتل نيجار "سلطت الضوء بشكل حاد على الوجه المثير للفوضى العالمية الجديدة، وهي الاغتيالات، فمجموعة جديدة من القوى الصاعدة، بينها السعودية والهند، تستعرض قوتها في الخارج وتشعر بالاستياء مما تعتبره معايير غربية مزدوجة في التعامل مع عمليات القتل التي ترعاها الدولة".

وتابعت أن "التقنيات الجديدة، وبينها الطائرات بدون طيار المتقدمة، تجعل من السهل أكثر من أي وقت مضى على الحكومات ضرب الأشخاص بدقة من مسافة بعيدة".

و"أثار اغتيال روسيا لألكسندر ليتفينينكو، عميل الاستخبارات الروسية السابق، في بريطانيا عام 2006، ضجة كبيرة وأدى إلى فرض عقوبات"، كما أردفت المجلة.

واستدركت: "بينما بعد القتل المروع عام 2018 لجمال خاشقجي، الصحفي السعودي (داخل قنصلية بلاده في إسطنبول) والذي كان منفيا في الولايات المتحدة، قال جو بايدن إنه يجب معاملة السعودية على أنها منبوذة، لكنه في العام الماضي صافح محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي، ويسعى إلى إقناعه بصنع السلام مع إسرائيل".

وزادت المجلة بأن "الهند تنفي تورطها في مقتل نجار، وقد تتجنب أي عواقب وخيمة؛ فالدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم مهمة بالنسبة للغرب، سواء باعتبارها شريكا اقتصاديا أو ثقلا جيوسياسيا موازنا للصين".

اقرأ أيضاً

وزير الرياضة السعودي عن مقتل خاشقجي: فلننظر إلى الجانب المشرق

متاهة أخلاقية

و"هذه التناقضات تعكس متاهة أخلاقية وقانونية طويلة الأمد حول عمليات القتل المدعومة من جانب الدولة"، بحسب المجلة.

وتابعت أن "الدول تقتل أعداءً بارزين في الخارج لأسباب مختلفة وبأساليب متنوعة، وتسرد ورقة بحثية أعدها في 2016 وارنر شيلينج وجوناثان شيلينج 14 هدفا محتملا، بينها الانتقام وإضعاف العدو وتدمير دولة منافسة".

وزادت بأنه "وفقا لأحد الإحصائيات، تم الإبلاغ عن 298 محاولة اغتيال لزعماء وطنيين بين 1875 و2004".

وبالنسبة لروري كورماك، من جامعة نوتنجهام في بريطانيا، فإن إطلاق النار في كندا هو دليل على إضعاف المعايير الدولية ضد الاغتيال، "فمع كل عملية قتل لشخصية بارزة تتآكل المحرمات قليلا".

واستشهد كورماك بسببين هما أن "الأنظمة الاستبدادية أصبحت أكثر جرأة في تحدي المعايير الليبرالية، كما أن لجوء الديمقراطيات إلى عمليات "القتل المستهدف" شجع الدول الأخرى".

و"من المحتمل أن تؤدي عوامل أخرى، مثل سهولة السفر والطائرات بدون طيار التي تتيح المراقبة والضربات لمسافات طويلة، إلى تفاقم المشكلة. وعلى مر السنين، قتلت واشنطن الآلاف من الجهاديين المشتبه بهم، والعديد من المدنيين أيضا، بطائرات بدون طيار"، وفقا للمجلة.

اقرأ أيضاً

الممر الاقتصادي.. استهداف للصين ودعم للهند وتنافس على النفوذ

السم والرصاص

وعندما يتعلق الأمر بأساليب الاغتيال، كما زادت المجلة، فإن روسيا تفضل السم، ففي بريطانيا، اغتال عملاء موسكو ليتفينينكو باستخدام "البولونيوم المشع"، وكادوا يقتلون جاسوسا سابقا آخر، هو سيرجي سكريبال، وابنته يوليا بغاز الأعصاب "نوفيتشوك" في 2018.

وأضافت أن "كوريا الشمالية تفضل السم أيضا، وقد قتلت كيم جونغ نام، الأخ غير الشقيق لزعيم البلاد، كيم جونغ أون، من خلال تلطيخه بغاز أعصاب في مطار كوالالمبور الدولي عام 201".

أما "الولايات المتحدة فتفضل القنابل والرصاص، وقد داهمت قواتها الخاصة منزلا في باكستان وقتلت أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، في 2011"، وفقا للمجلة.

واستطردت: "كما قتلت غارة أمريكية بطائرة بدون طيار خليفته أيمن الظواهري في (العاصمة الأفغانية) كابول عام 2022، وهو ما حدث مع قاسم سليماني (قائد الحرس الثوري الإيراني) بمطار بغداد في 2020".

وبحسب لوكا ترينتا، من جامعة سوانسي في ويلز، فإن "الأنظمة الاستبدادية تستخدم العمل السري لمنحها إمكانية الإنكار المعقول أو غير المعقول في كثير من الأحيان".

"لكن الديمقراطيات، كالولايات المتحدة، تسعى إلى تغطية ستار من الشرعية المعقولة حول ما تسميه الآن "القتل المستهدف"، وخاصة ضد الإرهابيين المشتبه بهم"، كما تابعت المجلة.

وأشارت إلى أن ميثاق الأمم المتحدة يدعو جميع الأعضاء إلى "الامتناع في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة"، لكنه في الوقت نفسه يعترف بـ"الحق الأصيل في الدفاع الفردي أو الجماعي عن النفس في حالة وقوع هجوم مسلح".

اقرأ أيضاً

رئيس وزراء إيطالي سابق: فرنسا أسقطت طائرة ركاب بمحاولة فاشلة لاغتيال القذافي

المصدر | ذي إيكونوميست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الهند السعودية اغتيال نجار الغرب بدون طیار

إقرأ أيضاً:

شقيقات الرجال أسيرات ومناضلات أيضا

عبدالله علي صبري

في إطار صفقة التبادل والهدنة الجارية في غزة، أفرجت سلطات الاحتلال عن عشرات الأسيرات الفلسطينيات، كان من بينهن مناضلتان كبيرتان في العطاء، قويتان في الصبر على مكاره الحياة ومدرستان ملهمتان للأجيال.
خالدة جرار وعبلة سعدات، الأولى عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والثانية زوج أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأسير أحمد سعدات. وقد اعتقلت جرار للمرة الأولى في عام 2015 حين داهمت قوات الاحتلال بيتها في رام الله والزج بها في المعتقل، والحكم عليها بالحبس الإداري 6 أشهر. وفي عام 2017 جرى اعتقال خالدة جرار للمرة الثانية، واستمرت في السجن 20 شهرا، ثم اعتقلت للمرة الثالثة في 2019 وقضت في السجن 24 شهرا.
المرة الرابعة كانت بالتزامن مع العدوان الهمجي على غزة، فقد جرى اعتقالها في 26 ديسمبر 2023، وقضت خلف القضبان نحو 13 شهرا في سجن الدامون جنوب حيفا، قبل أن تعانق الحرية مجددا في أول أيام وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال.
واعتقلت قوات العدو عبلة سعدات فجر 17 سبتمبر 2024 بعدما داهمت منزلها في مدينة البيرة بالضفة الغربية، وجاء الإفراج عنها بعد أكثر من 4 أشهر رهن الاعتقال، تعرضت خلالها لظروف وصفتها بأنها الأسوأ والأقسى في حياتها.
لم يتوقف عطاء المرأة الفلسطينية نضالا وجهادا ومقاومة، فقد كن شقيقات الرجال حقا تضحية وإيمانا وإيثارا، فهذه دلال خصيب شقيقة الشيخ الشهيد صالح العاروري تواجه الأسر بثبات واحتساب بعد اعتقالها في 14 يناير 2024، وتعرضت للتعذيب والضرب كما هو حال كل الأسيرات، وشاء الله أن تعانق الحرية بمعية جرار وسعدات.
بشرى الطويل، صحفية وناشطة اجتماعية.. اسم آخر في سلسلة النساء الماجدات، تعرضت للاعتقال أكثر من مرة، وقالت إن جيش الاحتلال نزع حجابها لمدة 14 ساعة، في موقف كان الأصعب عليها طوال حياتها.
روز خويص أصغر أسيرة فلسطينية ( 17 عاما ) اعتقلت في مايو 2024 من البلدة القديمة بالقدس الشريف، ولبثت 16 شهرا قبل الإفراج عنها ضمن الدفعة الأولى من صفقة تبادل الأسرى.
أمل الشجاعية وهي طالبة جامعية تنفست هواء الحرية بعد 7 شهور قاسية قضتها خلف القضبان، وقالت في شهادتها لوسائل الإعلام أن “الأسيرات يعشن أوضاعا إنسانية صعبة للغاية حيث البرد القارس ينهش أجسادهن، وسط نقص الغذاء والدواء”.
وأفرجت سلطات الاحتلال أيضا عن الأسيرات رشا حجاوي، براءة فقهاء، حنان معلواني، وغيرهن.
كانت معركة طوفان الأقصى قد شهدت كذلك هدنة مؤقتة بعد شهر من هجمات الإبادة التي ارتكبتها قوات العدو الصهيوني بحق المدنيين في غزة. وفي ثاني أيام الهدنة أفرج الاحتلال عن الأسيرة إسراء جعابيص، المعتقلة منذ أكتوبر 2015. وقد روت جعابيص قصّتها ومعاناتها من خلال كتابها “موجوعة”.
وتعد ميسون الجبالي أقدم الأسيرات في السجون الإسرائيلية، قبل الإفراج عنها في نوفمبر 2023، حيث اعتقلت في يونيو 2015 وحكم عليها بالسجن 15 عاما. وفي نهاية عام 2021 لقبت ميسون بعميدة الأسيرات، إذ أصبحت أقدم الأسيرات الفلسطينيات حينها.
حنان البرغوثي كانت أيضا ضمن المفرج عنهم وفقا للهدنة المؤقتة بعد أن أمضت 9 شهور رهن الاعتقال الإداري، وحنان هي زوجة الأسير محمد البرغوثي، وشقيقة الأسير نائل البرغوثي، ووالدة الأسيرين إسلام وعبدالله البرغوثي.
وإذ لا يتسع الحيز للمزيد، فلا شك أن النماذج أعلاه لسن إلا غيضا من فيض، وسيكتب التاريخ في صفحاته الناصعة أن الأسيرات المحررات كُنً رموزا خالدة في سفر الثورة الفلسطينية.

مقالات مشابهة

  • هل تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها بدون دعم أميركي؟
  • محلل عسكري: أوروبا أمام خطر محدق وهذا ما سينقذها
  • مصادر : الحوثيون يطلقون النار على طائرتين أمريكيتين بدون طيار 
  • فرنسا تؤجل الإفراج عن لبناني متواطئ في اغتيال دبلوماسيَين
  • مسؤولون أمريكيون: الحوثيون يطلقون النار على طائرتين أمريكيتين بدون طيار
  • ناشيونال جيوغرافيك العربية تحتفي بالصقارة في «إكسبوجر 2025»
  • هل تدخل الهند مضمار الذكاء الاصطناعي بعد أن أصبحت مركزا للتكنولوجيا العالمية؟
  • شقيقات الرجال أسيرات ومناضلات أيضا
  • هل تستطيع أوروبا حماية أراضيها بدون الولايات المتحدة؟
  • "الممر الاقتصادي".. خطة أمريكية إسرائيلية لمواجهة طريق الحرير الصيني