تتابع الأوساط الإسرائيلية عن كثب تطورات التحقيقات الأمنية الأمريكية الجارية مع مبعوث الرئيس الأمريكي جو بايدن للملف الإيراني روبرت مالي، خاصة بعد مزاعم المعارضة الإيرانية بأن ثلاثة من مساعديه جزء من شبكة إيرانية تأسست في 2013 للترويج لسياسات طهران حول العالم.

إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، زعم أن "ثلاثة من مساعدي مالي، الذي تم فصله مؤخرا بسبب علاقات غير سليمة مع إيران، كانوا أعضاء في شبكة حكومية تم إنشاؤها وتمويلها وتديرها طهران، وقد عمل الثلاثة لصالح مؤسسات بحثية غربية بارزة، وقدموا المشورة للولايات المتحدة وأوروبا بهدف توسيع علاقاتها مع طهران".



وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن تحقيقا مطولا نشرته القناة التلفزيونية "إيران إنترناشيونال" وهي وسيلة إعلام بريطانية تمولها السعودية، وتعتبر معارضة لإيران، وموقع "سامافور"، المستند لآلاف رسائل البريد الإلكتروني لدبلوماسيين إيرانيين، تتضمن نسخا من جوازات السفر والسير الذاتية ومؤتمرات ودعوات وتذاكر طيران وطلبات تأشيرة وإيصالات دفع وأوراق أكاديمية ومراسلات مكثفة مع مسؤولي وزارة الخارجية الإيرانية وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات والطلاب، الذين ساعدوا في التأكد من صحة الوثائق".

وزعم أن "الخارجية الإيرانية أنشأت هذه الشبكة نهاية 2013، واستخدمتها لتوسيع دائرة نفوذ طهران على الساحة العالمية، وتحسين صورتها، وكان دور المحللين، الذي أطلق عليهم في المراسلات الداخلية "شبكة الشباب"، تشكيل وتعزيز سياسة إيران في العالم، ودأبوا على كتابة مقالات لشرح سياسة إيران الخارجية، وأنشطتها النووية والعسكرية، والدفاع عنها، وأجروا مقابلات مع وسائل الإعلام العالمية، وظهروا في مؤتمرات، وقدموا المشورة للحكومات الغربية فيما يتعلق بطهران، وفي جميع الحالات قدموا أنفسهم كمحللين مستقلين".

وأشار إلى أنه "بدلا من العمل كوسطاء، أقام بعض المحللين علاقات سرا بمسؤولين إيرانيين، ودافعوا علنا عن موقف إيران في الأحداث والمناقشات، وفي 2015 تم إنشاء معهد الدراسات السياسية والدولية بإشراف وزارة الخارجية الإيرانية، الذي استضاف مؤتمرا في طهران لمدة يومين بعنوان "استعراض المحرقة من منظور عالمي"، وواجه انتقادات دولية، حيث قطع أربعون معهدا بحثيا أوروبيا وأمريكيا علاقاتهم بمركز الأبحاث الإيراني".

وفي شباط /فبراير 2019، بعد أقل من شهر من تعيين مالي في منصبه، أحضر أريان طباطبائي، الباحثة بشؤون الشرق الأوسط في مركز الأبحاث "صندوق مارشال الألماني" ومقره واشنطن، لطاقم الوزارة، وظلت ناشطة 15 شهرا، كما حاول مالي ضم علي وايز، المدير الحالي لمشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، لفريقه بالوزارة، لكنه لم يحصل على التصريح الأمني اللازم للعمل فيها، وفي النهاية تم رفض تعيينه، ورغم أن مالي اعتبرهما مستشارين له، لكن التحقيق المزعوم يظهر أنهما ارتبطا بعلاقات سرية مع "برنامج الخبراء".

وزعم التقرير أن "المراسلات والوثائق كشفت أن دينا اسفندياري، وهي محللة عينها مالي في مجموعة الأزمات الدولية أواخر 2019، كانت عضوا في برنامج الحكومة الإيرانية، كما أرسل ويز مقالا للسلطات الإيرانية قبل نشره، أما طباطبائي فظهر اسمها في الوثائق كعضو رئيسي في "شبكة الخبراء"، وحسب صورة نشرها الوفد الروسي كانت حاضرة مع مالي بالمفاوضات النووية في فيينا 2021، وتشاورت مع الإدارة الأمريكية بشأن قضايا السفر لإسرائيل، أو المشاركة في المؤتمرات، وفي مراسلة أخرى، أخبرت مسؤولا إيرانيا كبيرا سابقا أنها التقت بالأمير تركي الفيصل الذي دعاها لزيارة السعودية، وأبدى اهتماما بالتعاون معها".

وأوضح التقرير أن "جامعة بن غوريون في بئر السبع تم ذكرها في المراسلات، حيث دعيت الطباطبائي لحضور مؤتمر فيها حول الحدّ من التسلح، وبرنامج طهران النووي، وسألت ذلك المسئول الإيراني "أريد معرفة رأيك، وإذا كان يجب أن أقبل الدعوة، وأذهب"، فأجابها أن زيارة السعودية جيدة، لكن إسرائيل من الأفضل عدم القيام بها، وبعد ساعات قليلة، ردت بأنها ستعمل مع السعودية، وتطلعهم على التقدم المحرز".

سبق نشر هذا التحقيق حديث صحيفة "إسرائيل اليوم" عن "جهود يبذلها اللوبي المعارض للاتفاق النووي مع إيران للإطاحة بـ"مالي"، لنشر معلومات كاذبة حوله، قبل وضعه بإجازة إدارية أواخر حزيران /يونيو، رغم أنه ساعد الرئيس الأسبق باراك أوباما بصياغة اتفاق 2015، لكن إقالته سرَّت ذلك اللوبي، مع أن بعض العناصر المتشددة والمؤثرة داخل طهران وخارج الحكومة، تعاونت مع الدوائر المناهضة للصفقة بواشنطن لتلفيق معلومات عن مالي، والزعم  بأنه أساء التعامل مع وثائق سرية، قائلا إنها جزء من خطة أكبر أو لغز".


أمنون لورد المراسل السياسي للصحيفة ذكر في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "تحذيرات إسرائيلية صدرت فور تعيين مالي، وهو خبر يحمل أخبارا سيئة للاحتلال، لأنه معروف بمواقفه المعادية له، والمنحازة للفلسطينيين، عبر عمله رئيسا لمجموعة الأزمات الدولية، ومستشار الشؤون الفلسطينية والشرق الأوسط لـ"بيل كلينتون وباراك أوباما"، وأن تصوراته وجدت طريقها وانتشارها في أوساط اليسار العالمي، بما فيه الإسرائيلي، وبعد وفاة ياسر عرفات، طور علاقاته مع الدائرة المقربة من أبو مازن".

عديدة هي المواقف التي أعلنها مالي، واستجلبت غضب الاحتلال الاسرائيلي، ومنها اقتراحه بعدم استخدام حق النقض الفيتو الأمريكي في الأمم المتحدة، كوسيلة للضغط على الاحتلال، وهو الإجراء الانفرادي لإدارة أوباما في نهاية كانون الثاني/ ديسمبر 2016، كما عارض مالي المبادئ الاثني عشر التي قدمها وزير الخارجية مايك بومبيو كشرط لرفع العقوبات عن إيران، ما يجعله بجدارة الشخص الذي يريد القضاء على إرث الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط، وبالتالي فإنه المثال الكلاسيكي لرجل لديه مقاربة أيديولوجية مؤيدة للفلسطينيين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الإيراني الفلسطينية إيران امريكا فلسطين الاحتلال الإسرائيلي صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الأوساط الإيرانية تحذر من انزلاق المنطقة لحرب شاملة

طهران- إثر التصعيد الإسرائيلي الذي أعقب اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصر الله، وتوسيع نطاق الغارات التي بلغت العاصمة بيروت وأهدافا في سوريا والحديدة باليمن، تجمع الأوساط الإيرانية على أن المنطقة مقبلة على حرب شاملة، لكنها تنقسم بشأن دخول طهران المعركة وطبيعة ردها المحتمل.

فبين من يسعى لاستشراف مستقبل المنطقة من خلال قراءة ما بين سطور التطورات المتسارعة فيها، ومن يلقي باللوم على محور المقاومة لعدم تسديده ضربات مؤلمة للكيان الإسرائيلي بعد نقله الحرب لجبهة الشمال، يضع مهدي مطهر نيا رئيس معهد "سيمرغ باريخ" للدراسات المستقبلية تلك الأحداث في إطار النظام العالمي الحديث.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى مطهر نيا أن القوى الفاعلة في النظام العالمي الجديد ترى في إيران وحلفائها حجر عثرة أمام رؤيتها للعالم، وأن تلك الدول متفقة على ما يجرى في المنطقة طالما يسير بما يصب في مصلحة إستراتيجيتها الكبرى ومخططاتها بشأن مستقبل العالم.

نظام عالمي

ويستشرف مطهر نيا أن التنافس في النظام العالمي الجديد سوف يقتصر على 3 قوى كبرى: الولايات المتحدة كونها المتبقية من النظام العالمي القديم وأوروبا الموحدة والصين. ويقرأ الباحث الحرب المتواصلة في أوكرانيا وتطورات الشرق الأوسط في سياق الإرادة الغربية لتوريط روسيا وإيران واستنزاف طاقاتهما في الحروب بسبب سياساتهما المناهضة لتيار النظام العالمي.

ويربط بين أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 وعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويشير إلی ركوب القوى الغربية موجة الحدثين لتكوين نظام عالمي جديد، مضيفا أن "توالي التطورات خلال العام الماضي، ومنها تصعيد الهجمات على حلفاء إيران واستهداف مصالحها في المنطقة بما فيها الاغتيالات، ترمي إلى جر إيران إلى معركة شاملة".

وبرأي مطهر نيا، فإن التصعيد العسكري في المنطقة سوف يتواصل من أجل استدراج إيران إلى معركة بعد نجاحها في إفشال العديد من المخططات الغربية والإسرائيلية لجرها للحرب عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتوقع إقدام إسرائيل على تصعيد خطير ضد الفصائل المتحالفة مع إيران خلال المرحلة المقبلة لتقويض قدراتها خشية قيامها بعمليات إيذائية في حال نشبت الحرب مع إيران.

وخلص إلى أن المحور الغربي الإسرائيلي يطبق سياسة مشابهة لنهج محور المقاومة بقيادة إيران، وأن المعسكرين يراهنان على جدوى توريط الجانب الآخر في معارك استنزاف وحروب غير متكافئة، موضحا أن الجانب الغربي يريد أن يقطف ثمرة سياسة تضخيم التهديد الإيراني التي أطلقها قبل أكثر من عقدين بافتعال ملف طهران النووي.

حرب شاملة

من ناحيته، يعتقد محمد مهدي مظاهري الأكاديمي والمستشار الأسبق لرئاسة مجمع تشخيص مصلحة النظام أن "القوى الغربية قد أعطت الضوء الأخضر للكيان الصهيوني للعبث بمنطقة الشرق الأوسط بذريعة ضمان أمن المستوطنات في فلسطين المحتلة" وأن إسرائيل ترى في الحرب الإقليمية الشاملة فرصة للقضاء على التهديدات الماثلة أمامها منذ عقود.

ويعتبر مظاهرى أن الدعم الغربي اللامحدود للكيان الإسرائيلي خلال العام الماضي شجعه على القيام بخطوات جنونية بعد أن تأكد أن حلفاءه الغربيين لم يتركوه وحيدا بمواجهة إيران وفصائل المقاومة، مؤكدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يشتري الوقت من خلال التصعيد الأخير، بأمل فوز صديقه المرشح الجمهوري دونالد ترامب برئاسيات أميركا 2024 ليحظى بدعمه لتقويض قدرات أعدائه.

وفي حديثه للجزيرة نت، يتهم المتحدث أطرافا غربية وعربية بالتواطؤ مع إسرائيل لتقويض قدرات إيران العسكرية والنووية، محذرا من أن دعاة الحرب يدفعون المنطقة إلى حافة الهاوية من خلال العمل علی إضرام نار الحرب الشاملة.

ونصح مظاهري بتفعيل دبلوماسية طهران لإحياء الاتفاق النووي في حقبة الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن مقابل احتواء التهور الإسرائيلي، واستغلال موضوع الثأر لدماء إسماعيل هنية رئيس الوزراء الفلسطيني الراحل الذي اغتيل في طهران، والتلويح بعصا الانتقام لردع بعض التهديدات الإقليمية للعبور بالبلاد إلى بر الأمان بدلا من الوقوع في فخ الحرب الإقليمية الشاملة.

سباق تسليحي

من ناحيته، يرى حشمت الله فلاحت بيشه الرئيس السابق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني أن التصعيد المتواصل في الشرق الأوسط سيدفع باتجاه سباق تسليحي منقطع النظير، وأن الأمور قد لا تسير وفق إرادة نتنياهو وحماته الغربيين بفرض حرب شاملة على إيران.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال المتحدث إن التصعيد الإسرائيلي سيؤدي بأغلب دول المنطقة إلى رفع ميزانيتها العسكرية ومناقشة التسلح النووي في مجالس الأمن القومي بما يتناسب والتهديدات التي يفرزها التصعيد المتواصل والدعم الغربي له.

وبرأي فلاحت بيشه أستاذ العلوم السياسية بجامعة العلامة طباطبائي، فإنه كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 سيرتفع منسوب التوتر في الشرق الأوسط، مستدركا أن إسرائيل لن تستطيع القضاء على فصائل المقاومة من خلال التصعيد الجاري.

وتابع أن العقيدة العسكرية الإيرانية لن تسمح بإطلاق حرب طالما لم تتعرض البلاد إلى تهديد عسكري، مضيفا أنه في حال مهاجمة الأراضي الإيرانية ستصبح الحرب الإقليمية لا بد منها، وأن الرد الإيراني سيكون واسعا جدا لقطع الطريق على العدو ومنعه من استهداف البنى التحتية الإيرانية.

ووفق فلاحت بيشه، فإن طهران عازمة على عدم تكرار أخطاء حلفائها في محور المقاومة في التعامل مع الهجمات الإسرائيلية، مضيفا أنه لو كان حزب الله قد أمطر الأراضي المحتلة بالصواريخ والمسيرات ردا على أول هجوم طال الضاحية الجنوبية لما بلغت الأمور التصعيد الجاري.

وتنصب القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة فخا لمحور المقاومة -وفق فلاحت بيشه- من خلال التسويف بشأن وقف إطلاق النار في غزة ولبنان لتشتري الوقت لإسرائيل ليتسنى لها الانقضاض على أعدائها، مؤكدا أن طهران لن تنخدع بمثل هذه الخدعة، وأن أول رصاصة تخترق السيادة الإيرانية ستكون بمثابة إعلان حرب يبرر لإيران تسديد الضربات قبل أن تتلقى ضربة موجعة.

وردا على سؤال حول الخط الأحمر الذي من شأنه أن يفتح الباب بوجه إيران للانخراط في المعركة بحال تجاوزته إسرائيل، يقول فلاحت بيشه إن استشهاد المستشارين الإيرانيين هناك جراء الهجمات الإسرائيلية يشير إلى مشاركة إيران بشكل غير مباشر في المواجهة، لكن اختراق السيادة الإيرانية من شأنه تعقيد المشهد أكثر مما هو عليه.

وتوقع بأن تبلغ الحرب ذروتها خلال الفترة القصيرة المقبلة في حال عدم سماع الأطراف الغربية التحذيرات الإيرانية الداعية إلى لجم إسرائيل واحتواء سياستها الجنونية، مؤكدا أنه في حال اندلاع حرب إقليمية شاملة فإن عواقبها ستكون وخيمة ولا يمكن التكهن بنتائجها.

مقالات مشابهة

  • هجوم إيران الباليستي.. الرد المتأخر الذي حمل رسالة لم تكُ لإسرائيل
  • هجوم إيران الباليستي.. الرد المتأخر الذي حمل رسالة لم تكُ لإسرائيل- عاجل
  • الأوساط الإيرانية تحذر من انزلاق المنطقة لحرب شاملة
  • الخارجية السودانية تنفي اتهامات الإمارات بقصف مقر سفيرها في الخرطوم
  • المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: إيران لن تترك أيا من "الأعمال الإجرامية لإسرائيل" من دون رد
  • مجزرة إسرائيلية تطال أفراد الهيئة الصحية الإسلامية.. هذا ما حصل في سحمر فجرًا
  • السعودية تعلن عن مساعدات للشعب اللبناني.. ودعم مالي شهري لـمعالجة الوضع في غزة
  • السعودية تعلن تقديم دعم مالي للفلسطينيين
  • رابطة العالم الإسلامي تُثمِّن للمملكة العربية السعودية تقديمها دعمًا ماليًّا لغزة
  • السعودية تعلن تقديم دعم مالي شهري لمعالجة الوضع الإنساني في غزة