يشهد لبنان نزوحا سوريا جديدا لا مبرر له، وهو نزوح خطير ومخيف لا يمكن التساهل فيه وإلا سيدخل أكثر من مليون نازح جديد، خصوصا وان الموجة الثانية الجديدة تشهد دخول شباب إلى لبنان تحت شعار غلاء المعيشة وعدم تواجد فرص عمل في سوريا. وأكد قائد الجيش العماد جوزاف عون أن نزوح السوريين يمثل خطرًا وجوديًّا يهدد لبنان واللبنانيين ولا بد من معالجته على مستوى الأفراد والمؤسسات جميعها.

وقال: "الجيش بعيد كل البعد عن العنصرية، وهو يولي حقوق الإنسان أولوية قصوى ويضعها في صلب مهمته، لكن هذه الحقوق وُجدت لتحفظ كرامة الإنسان لا لتدمر المجتمع".

وبينما تطرح بعض القوى السياسية ضرورة التنسيق مع الجهة السورية، لضبط المعابر أمنيًا بكل الوسائل المتاحة التي لديهم، ومن الجهة اللبنانية من المفروض مراقبتها، قال المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الاميركية سامويل ويربيرغ، إن بلاده لا تعتبر أن الظروف اليوم مواتية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم لكنها لا تقبل بوضعهم في لبنان.
في المقابل، وجه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، حذر فيها من أن الوضع الصعب الذي يواجهه لبنان على صعيد النزوح السوري يقتضي مقاربة مختلفة، وكرر،من على منبر الأمم المتحدة،
تحذيره من انعكاسات النزوح السلبية التي تعمق أزمات لبنان، "والتي يمكن أن تتفاقم تداعياتها بشكل يخرج عن نطاق السيطرة".
واعتبر مسؤول ملف النازحين في حزب الله نوار الساحلي ان هناك مخطّطا لإبقاء النازحين السوريين في لبنان، وعلى رأسه أميركا والدول الأوروبية، والمشكلة لا تُحل إلا بجلوس اللبنانيين والسوريين الى طاولة واحدة والاتفاق على حل هذا الملف".
يظن البعض أن ما يجري يدخل في صلب ما يحضر للبنان لا سيما في ما خص تركيبته السكانية والديمغرافية، وسط دعوات إلى "الدمج".
في هذا الشأن، يقول رئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية والعميد في "الجامعة الدولية للأعمال" في ستراسبورغ المحامي الدكتور مرقص ل " لبنان24" ان لبنان ليس بلد لجوء وبالتالي ليس هناك من إمكانية لاستيعاب الدفق الهائل من اللاجئين، نظرا الى ان هذا البلد، صغير بمساحته الجغرافية فضلا عن بناه التحتية المتداعية وامكانياته المحدودة. ولأن اتفاقية اللاجئين العالمية في العام 1951، والتي أعقبها بروتوكول العام 1967 التابع لها، لم يوقّع لبنان عليهما كما أنه ليس لديه قانون داخلي مطبق للاجئين، فإنه متحرّر من أي التزامات لمعاملتهم كلاجئين، إلا أنه يبقى ملتزماً بضمان الحفاظ على كرامتهم وحقوقهم الإنسانية.


ولا شك ان التعاون مع مفوضية اللاجئين كان متأزما على الدوام في السنوات القليلة الماضية وخصوصا بسبب عدم تسليم المفوضية الداتا المتعلقة باللاجئين لديها، هذا فضلا عن ان لديها سياسة في التعاطي تريد أن تتبعها مع الحكومة اللبنانية بما لا يرضي هذه الأخيرة، يقول مرقص ل لبنان24"، فإصدار إفادات سكن للنازحين السوريين في لبنان من قبل هذه المفوضية يعتبر تجاوزا للسيادة اللبنانية ،ولو كان يحمل أي رمز عائد للسلطات اللبنانية، ذلك أن إصدار الافادات يجب أن يكون من قبل السلطات اللبنانية حصرا ووزارة الداخلية والبلديات عبر المخاتير.
من هنا يمكن القول بحسب مرقص، ان وضعية السوريين المتواجدين في لبنان تختلف تبعا للفئات المختلفة لهم ولا يجوز معاملتهم معاملة واحدة، إذ ثمة منهم من دخل بطريقة غير شرعية، في حين أن آخرين مثلا معرضون للخطر. ولذلك فإن لبنان ولو أنه ليس بلد لجوء إلا أنه يجب أن يحترم معايير حقوق الانسان التي التزمها بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948وسواه من المواثيق وصولا إلى اتفاقية مناهضة التعذيب،

وبناء على ما تقدم، يشير مرقص الى دراسة موسّعة حول عودة "النازحين" السوريين من لبنان أعدها فريق عمل JUSTICIA
تؤكد وجوب تطبيق قانون تنظيم الدخول الى لبنان والاقامة فيه والخروج منه الصادر في 10 تموز 1962 الذي نصّ في المادة /17/ منه على صلاحية المدير العام للأمن العام بإصدار قرارات بترحيل الأجانب في حالات استثنائية حيث يشكل الأجنبي خطراً على السلامة والأمن العام، والمادة /32/ من القانون عينه، التي نصّت على معاقبة الأجانب الذين يدخلون الأراضي اللبنانية بطرق غير قانونية بعقوبة الحبس من شهر إلى ثلاث سنوات والغرامة والإخراج من لبنان، فمن يدخل إلى لبنان بصفة غير قانونية سعياً للجوء من الاضطهاد أو بصفة غير قانونية للغرض ذاته ويبقى في البلاد لفترات أطول من المسموح بها في تأشيرات الدخول، تتم معاملتهم على أنهم مهاجرين غير شرعيين ويتعرضون للاعتقال والسجن والغرامات والإخراج (الترحيل).

ووفق الدراسة، فإن أي شكل من الدمج المحلي هو غير دستوري وبالتالي ليس خيارا ً متوفراً. فقرار المجلس الأعلى للدفاع الصادر في 15 نيسان 2019 قضى بترحيل السوريين الداخلين إلى لبنان من دون المرور بالمعابر الرسمية، ويستند هذا القرار إلى اعتبارات بأنه لم يعد هناك من سبب للجوء السوريين إلى لبنان وأن أسباب الخوف من قمع السلطات السورية لم تعد قائمة بشكل عام.

بتاريخ 9/9/2003 صدرت عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالتعاون مع وزير الداخلية والبلديات والمدير العام للأمن العام اللبناني مذكرة تفاهم حول التعامل مع المتقدمين بطلبات اللجوء لدى مكتب المفوضية في لبنان حيث ورد فيها على أن " عبارة "طالب لجوء" وحيثما وردت في هذه المذكرة، تعني طالب لجوء إلى بلد آخر غير لبنان"، مما يشير إلى أنه لا يمكن إعتبار السوريين في لبنان كلاجئين، كما تنصّ الفقرة الأولى من هذه المذكرة على أنه " لا يجوز لأي شخص دخل لبنان بطريقة غير شرعية أن يتقدم بطلب لجوء لدى مكتب المفوضية بعد انقضاء شهرين على دخوله إلى لبنان."
ووفقاً للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين "يحق للدول بموجب القانون الدولي طرد الأشخاص الذين يتبين أنهم ليسوا بحاجة إلى حماية دولية وأن من واجب بلدان الأصل أن تسترد مواطنيها، وينبغي أن تتم العودة بطريقة إنسانية مع احترام كامل لحقوق الإنسان و كرامة". ويأتي كل ذلك بالتوازي مع عمل اللجنة الثلاثية المشتركة "اللبنانية- السورية- الاممية"، لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم بشكل آمن ومنظم.
وسط ما تقدم يمكن القول، بحسب مرقص، أن لبنان ضحية لكنه ليس ضحية القانون الدولي، إنما ضحية الأزمات المجاورة له التي أدت إلى هذا الدفق الهائل اللاجئين السوريين والفلسطينيين وبسبب تشريع حدوده على غاربها، وصحوة بعض اللبنانيين اليوم هي متأخرة.
وهنا يقول مرقص:إن السلطات اللبنانية ملزمة قانوناً بمنح أي مواطن سوري موضوع قرار الترحيل الوقت الكافي لتقديم الدفاع عن نفسه والاعتراض على قرار ترحيله وتوضيح أسباب عدم رغبته بالعودة إلى سوريا ومراجعة القضاء أو البحث عن بلد آخر للانتقال اليه، ذلك لأنه متعلق بالقواعد الإنسانية العامة والمحمية بموجب القانون الدولي. فالمادة 3 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1948 التي انضم إليها لبنان في العام 2000، تنص على ما يلي:" 1- لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أى شخص أو تعيده("أن ترده") أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب. ولذلك فإن السلطات المختصة تراعي لتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، كل الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، في حالة الانطباق، أو وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: إلى لبنان فی لبنان

إقرأ أيضاً:

مغردون: من يقف وراء مقتل الجنود السوريين على الحدود مع لبنان؟

شهدت منصات التواصل الاجتماعي السورية واللبنانية حالة من الجدل الكبير على خلفية قصف الجيش السوري مواقع داخل الأراضي اللبنانية، وذلك عقب مقتل ثلاثة من جنوده برصاص مسلحين في منطقة غرب حمص على الحدود السورية اللبنانية.

وأفادت وكالة الأنباء السورية عبر حسابها على منصة إكس بأن "مجموعة من مليشيا حزب الله نفذت كمينا وخطفت ثلاثة من عناصر الجيش العربي السوري قرب سد زيتا على الحدود السورية اللبنانية غرب حمص، قبل أن تقتادهم إلى الأراضي اللبنانية وتقوم بتصفيتهم ميدانيا".

في المقابل، نفى حزب الله -في بيان رسمي- بشكل قاطع أي علاقة له بالأحداث التي وقعت على الحدود اللبنانية السورية.

مجموعة من ميليشيا حزب الله تقوم وعبر كمين بخطف ثلاثة من عناصر الجيش العربي السوري على الحدود السورية اللبنانية قرب سد زيتا غرب حمص، قبل أن تقتادهم للأراضي اللبنانية وتقوم بتصفيتهم تصفية ميدانية. pic.twitter.com/I3EQ0DiIQh

— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) March 16, 2025

بالتزامن مع الأخبار المتداولة عن الكمين ومقتل الجنود السوريين، انتشر مقطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي قيل إنه لأحد الجنود السوريين الذين قتلوا وهو يتعرض للرجم حتى الموت على أيدي عناصر من حزب الله.

أحد عناصر حزب الله اللبناني يوثق لحظة ضرب أحد عناصر الجيش السوري رجم بالحجارة حتى الموت بعد وقوعه في كمين غادر على الحدود السورية اللبنانية ..

تقبله الله pic.twitter.com/fe6cRHUH7X

— الكوردستاني???? (@Imaqak) March 16, 2025

إعلان

من جهته، علّق الجيش اللبناني على الحادثة مبينًا أنه "بتاريخ 16 مارس (آذار) 2025، وبعد مقتل سوريَّين وإصابة آخر في محيط منطقة القصر – الهرمل على الحدود اللبنانية السورية، تم نقل المصاب إلى أحد المستشفيات، لكنه فارق الحياة لاحقًا".

وأضاف البيان أنه وعلى إثر ذلك، نفذ الجيش اللبناني تدابير أمنية مشددة، وأجرى اتصالات مكثفة منذ ليل 16 مارس حتى ساعات الصباح الأولى من يوم 17 مارس، حيث تم تسليم الجثامين الثلاثة إلى الجانب السوري".

بتاريخ ٢٠٢٥/٣/١٦، بعد مقتل سوريَّين وإصابة آخر عند الحدود اللبنانية السورية في محيط منطقة القصر – الهرمل، نُقل الجريح إلى أحد المستشفيات للمعالجة وما لبث أن فارق الحياة. على أثر ذلك، نفذ الجيش تدابير أمنية استثنائية، وأجرى اتصالات مكثفة منذ ليل ١٦-٢٠٢٥/٣/١٧ حتى ساعات الصباح… pic.twitter.com/WktykTRMwx

— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) March 17, 2025

مقطع رجم الجندي السوري أثار استنكارا واسعا بين السوريين، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن هذا العمل.

وانتشرت عبر وسائل التواصل مقاطع فيديو توثق استلام جثامين الجنود السوريين، وسط مطالبات شعبية سورية بمحاسبة المسؤولين عن الحادثة، فيما حمّل ناشطون مسؤولية الجريمة المباشرة لعناصر حزب الله، رغم نفي الحزب تورطه.

pic.twitter.com/BpNK97WezD

— Omar (@hi44391574) March 16, 2025

كما سادت أجواء من الانقسام بين مستخدمي وسائل التواصل اللبنانيين حيث اتهم البعض المهربين بتنفيذ الهجوم، بينما شكك آخرون في رواية حزب الله.

مين قال للتكفيريين ان العشائر اللبنانية مثل الساحل السوري ????

الفرق هناك في الساحل ناس أبرياء عزل .

العشائر اللبنانية مسلحة تسليح أقوى من الجيش اللبناني .

— AHMAD SLMAN (@1ahmadslman) March 16, 2025

وعلق مدونون بأنه "إذا كان حزب الله بريئًا من العملية، فمن الذي استهدف سيارات الجيش السوري بصواريخ مضادة للدروع؟ هل العشائر اللبنانية الشيعية تمتلك هذه الإمكانيات العسكرية؟"

إعلان

ورأى بعض المدونين أن العملية قد تكون اختبارا من حزب الله لرد فعل القيادة السورية ومدى قدرتها على ضبط المنافذ الحدودية، خاصة تلك التي تمر من خلالها الأسلحة الإيرانية، في ظل تغييرات دولية وإقليمية تتطلب إعادة ترتيب الأوضاع الميدانية.

لهذه الأسباب .. ما يجري على حدود لبنان خطير !

ما يفعله حزب الله من تسلل وقتل كان مقرراً له أن يتم في ٦ آذار !
جلب الحزب قواته من جنوب لبنان وحشدها مقابل بلدة القصير بريف #حمص، كان مقرراً لها التدخل لصالح الانقلابيين من بقايا نظام الأسد، لكن فشل الانقلاب أخَّرها.
مؤخراً تلقى…

— أحمد رمضان Ahmed Ramadan (@AhmedRamadan_SY) March 17, 2025

واعتبر البعض الآخر أن هذه التطورات تشير إلى صراع داخلي بين الجيش السوري وفلول النظام السابق بدعم من حزب الله والحشد الشعبي.

من رجم وقتل الجنود السوريين على الحدود اللبنانية السورية أراد ان تحدث مواجهة بين الحكومة السورية والحزب، بالرغم ان الحزب لا مصلحة له بالدخول في حرب الآن، ولكن بعض المقربين منه ممن خسروا نفوذهم على الحدود لا يريدون القبول بالوضع الجديد.
لعن الله من ارتكب هذا الجرم وفتح باب… pic.twitter.com/CogTRcrBIk

— Houssem Hammedi حسام الهمادي (@hammedi_houssem) March 16, 2025

من جهة أخرى، أشار مراقبون إلى أن الأطراف التي نفذت الكمين ضد الجنود السوريين ربما تسعى إلى إشعال مواجهة مباشرة بين الحكومة السورية وحزب الله، مؤكدين أن الحزب لا مصلحة له في خوض حرب في هذه الفترة.

وأضاف ناشطون أن هذه الأحداث قد تكون استمرارًا للصراع على النفوذ في المناطق الحدودية، خاصة بعد تراجع دور بعض الجهات التي كانت تسيطر على خطوط التهريب سابقًا ورفضها للواقع الجديد.

مقالات مشابهة

  • السيد عرضت مع غراندي اهمية الاتفاق على خطّة لعودة النازحين السوريين محدّدة التكلفة
  • رجي من بروكسيل: عودة اللاجئين السوريين ليست ممكنة فحسب بل واجبة
  • بنك القاهرة يحقق صافي أرباح تتجاوز 12 مليار جنيه خلال عام 2022
  • ارتفاع وتيرة عودة اللاجئين السوريين من تركيا مع تحسن الأوضاع الأمنية
  • مغردون: من يقف وراء مقتل الجنود السوريين على الحدود مع لبنان؟
  • بشأن السوريين.. هذا ما فعله الأمن العام
  • استجابة لمطالبة القوات الروسية بدء مغادرة النازحين السوريين لقاعدة حميميم
  • هاشم: الاعتداءات الإسرائيلية تُهدّد السيادة اللبنانية
  • أمين عام الأمم المتحدة يحذر من أزمة إنسانية عميقة تطال اللاجئين الروهينجا
  • كلمة لرئيس الجمهوريّة اليوم وميقاتي يتحرك لحماية أمن الشمال واغاثة النازحين والحكومة منشغلة بالتعيينات