صراع النفط يفخخ جهود التسوية في اليمن
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
يعيش اليمن على وقع صراع طاحن يتركز في المورد الاقتصادي الوحيد في البلاد، وهو ما يهدد بنسف العملية السياسية وجهود التسوية التي تستهدف التوصل إلى اتفاق حول هدنة مفتوحة تمهد لمفاوضات شاملة لإحلال السلام بعد نحو ثماني سنوات من الصراع الدائر.
وارتبط مصير مختلف الملفات المعقدة التي يتركز حولها الصراع خلال الفترة الماضية، بحل أزمة النفط وتصديره والاتفاق على عائداته لصرف رواتب موظفي الخدمة المدنية في عموم اليمن، كذلك يتوقف مصير الموازنة العامة للدولة على هذا المورد الذي يهدد بنسف كل الجهود المبذولة لاحتواء أكبر أزمة إنسانية تعيشها البلاد وفق تصنيف الأمم المتحدة.
وفي الوقت الذي عاد فيه وفد الحوثيين من الرياض بعد مفاوضات مع الحكومة الشرعية بوساطة عُمانية دون الإفصاح عن أي اتفاق بشأن أزمة المورد الأول لليمن، برزت مواقف لافتة في الطرف الآخر حملتها تصريحات بعض المسؤولين، منهم نائب رئيس المجلس القيادي الرئاسي عيدروس الزبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أكد صعوبة تقاسم عائدات النفط التي قال إنها لا تكفي لصرف مرتبات الموظفين في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً، فيما أكد البنك المركزي اليمني في عدن أن الإيرادات كافة لا تغطي سوى 40% من رواتب الموظفين.
وحسب خبراء اقتصاد، فإن الأزمة الحقيقية في اليمن تتمثل بالخلافات حول موردها الاقتصادي الرئيسي، وهو النفط الذي يغطي نفقات الموازنة العامة للدولة، بما فيها رواتب الموظفين.
الباحث الاقتصادي رشيد الحداد، يرى في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "إيرادات النفط والغاز هي التي يمكن ضبطها وتوجيه عائداتها لصرف المرتبات بشكل مستدام، يضاف إلى أن الاتفاق على تحييد القطاع النفطي عن الصراع الدائر سيسهم في رفع معدلات الإنتاج من الخام، وكذلك عودة الشركات الإنتاجية للعمل، لكون الاتفاق سيهيئ أجواءً إيجابية للشركات الأجنبية العاملة في القطاع النفطي اليمني".
لكن اتفاقاً كهذا، وفق الحداد، "لن يستمر طويلاً في حال التوصل إلى سلام شامل والانتقال إلى مرحلة إعادة الإعمار، فوضع السلام له أوليات أخرى، إلا أنه سيكون باكورة لتحييد أهم القطاعات الإنتاجية الوطنية، وسيقود نحو تحييد البنك المركزي وإنهاء الانقسام النقدي والمالي".
ويشير الباحث الاقتصادي إلى أن موضوع الإيرادات يحتاج إلى دولة قوية، خصوصاً في المحافظات الجنوبية من اليمن، لأن الحكومة الحالية باعتقاده شكلية ولا وجود لها على أرض الواقع ولا توفر أي ضمانات لإدارة واستخدام هذه الإيرادات التي تحولت إلى مصادر مالية لجماعات مسلحة تمتلك القوة والنفوذ أكثر من الحكومة.
كذلك إن عودة القنوات الإيرادية للبنك المركزي اليمني في عدن لا تزال معقدة للغاية، خصوصاً في ظل فشل الحكومة في استعادة مواردها العامة الأخرى من الضرائب والجمارك وغيرها، كذلك تواجه صعوبات بالغة في بسط نفوذها على جميع المحافظات المفترض وقوعها تحت سيطرتها، حسب الحداد.
وتشير التقديرات الرسمية للحكومة المعترف بها دولياً إلى أن اليمن حصل على نحو 479 مليون دولار من صادرات النفط في عام 2021، وهو ما يمثل حوالى 27% من إجمالي الإيرادات الحكومية التي بلغت 1.7 مليار دولار في العام نفسه، وفقاً للأرقام الرسمية.
لا تشمل هذه الأرقام الإيرادات التي حققها الحوثيون من تحصيلهم للجمارك والضرائب، حيث لا توجد تقديرات موثوقة لتلك الأرقام، على الرغم من أن التقارير غير الرسمية تشير إلى أن إيرادات الحوثيين قد تتجاوز إيرادات الحكومة المعترف بها دولياً.
التقرير الصادر عن لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة لعام 2021 قدّر استناداً إلى وثائق داخلية للحوثيين إيراداتهم الرسمية في عام 2019 بمبلغ 1.8 مليار دولار، كذلك تقوم السلطات المحلية في مأرب وحضرموت بجمع وإعادة توزيع إيراداتها الخاصة، التي يجري تضمينها في الحسابات الوطنية.
ويذكر البنك الدولي أن الرقابة المالية على الموانئ وحقول النفط اليمنية غير متساوية، وقد تكون الإيرادات الفعلية أعلى بكثير مما تقوله هذه التقديرات.
الباحث الاقتصادي جمال حسن العديني، يبدي استغرابه في حديثه لـ"العربي الجديد"، من الوضع الذي وصل إليه اليمن، حيث لم يعد مشكلة المتصارعين في الحرب وما تنتهجه من سياسات تضاعف الفقر والجوع والبطالة، بل أصبح الراتب هو المشكلة الرئيسية التي يبحثون عن حل لها وكل طرف يلقي باللوم على الآخر.
ويقول العديني إن هناك أطرافاً تنصلت من مسؤوليتها وتتسول رواتب الموظفين، في الوقت الذي تحول فيه اليمن إلى ما يشبه الاقطاعيات موزعة على جماعات مسلحة تضع عينها على ما بقي من فتات إنتاج النفط للسطو على ما تعتبره حصتها من عائداته المتهاوية، بينما يتضور أغلب اليمنيين من الفقر.
ويثقل الدعم الرسمي للخدمات كاهل الموارد المالية للحكومة المعترف بها دولياً، ما يؤدي إلى زيادة المتأخرات وتوسع الفجوات في الميزانية، بالرغم من أن الحكومة لم تدعم الوقود المبيع في السوق المفتوحة منذ عام 2017، لكنها بالمقابل تدعم الوقود المستخدم لإنتاج الكهرباء، حيث أنفقت الحكومة عام 2021 ما يقدر بنحو 400 مليون دولار على الدعم، وهو ما يمثل حوالى ثلث إجمالي النفقات وحصة الأسد من عائدات تصدير النفط.
ويعتبر المحلل الاقتصادي إبراهيم عبيد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن أزمة تصدير النفط وإدارة عائداته أخطر مشكلة يواجهها اليمن عقب توقف المعارك العسكرية مطلع العام الماضي 2022، في ظل تضخم تبعات هذه الأزمة وتأثيرها في مستقبل اليمن.
وتعرّض إنتاج النفط للانهيار في عام 2015، ولم تستأنف صادرات النفط حتى أغسطس/آب 2016، وظلت معدلات الإنتاج والصادرات بعد ذلك دون مستويات ما قبل الصراع، فيما هددت هجمات الحوثيين على البنية التحتية للنفط التابع للحكومة اليمنية في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2022، عمليات الإنتاج والتصدير.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اقتصاد النفط حرب الأزمة اليمنية إلى أن
إقرأ أيضاً:
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها خلال حكم ترامب الثاني المرتقب؟
دونالد ترامب في طريقه إلى البيت الأبيض، ويشكل حكومته ويعين وزراءه يوما بعد يوم. وكان ماسك من أبرز الأسماء فهو رجل أعمال كبير ومن أغنى أثرياء العالم، وقد بات الآن جزءا من السلطة. يسعى صاحب منصة إكس لتقليل الإنفاق الحكومي الأمريكي، الأمر الذي قد يؤثر على الكونغرس وعلى عامة الناس، فماذا هو فاعل؟
اعلانيبدو أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لم يأخذ الأمر بجدية عندما قدم إيلون ماسك مقترحا بتقليص حجم الحكومة. لكن الاقتراح الذي أخذ على أنه مزحة، قد يصبح حقيقة من الممكن أن تؤدي إلى حصول صراع دستوري حول توازن القوى في واشنطن.
هناك لجنة استشارية خارجية ستعمل مع أشخاص داخل الحكومة لتقليل الإنفاق وتخفيف اللوائح. هذه اللجنة صممت لتصبح وزارة تدعى "كفاءة الحكومة"، ووضع ترامب على رأسها ماسك أغنى رجل في العالم، وفيفيك راماسوامي، رجل الأعمال والمرشح الرئاسي الجمهوري السابق.
بدأت التصريحات تنتشر، وقال ماسك وراماسوامي هذا الأسبوع إنهما سيشجعان ترامب على إجراء تخفيضات، وذلك من خلال رفض إنفاق الأموال المخصصة من قبل الكونغرس، وهي العملية المعروفة باسم الحجز.
يأتي ذلك بالرغم من أن الاقتراح يتعارض مع قانون صدر عام 1974 بهدف منع الرؤساء المستقبليين من السير على خطى ريتشارد نيكسون- الرئيس الأمريكي السابع والثلاثين-، الذي امتنع عن تقديم كل تمويل لا يعجبه.
دونالد ترامب وإيلون ماسك في بنسلفانيا 5 تشرين الأول أكتوبر 2024Alex Brandon/APكتب ماسك ورامسوامي في مقال رأي بصحيفة وول ستريت جورنال: "نحن جاهزون لتلقي هجمات من الكيانات القوية ذات المصالح في واشنطن. نتوقع أن ننتصر. إن الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات حاسمة هو الآن".
وكان ترامب قد اقترح فعلا اتخاذ خطوة كبيرة كهذه، وقال العام الماضي إنه "سيستخدم سلطة الحجز المعترف بها منذ فترة طويلة للرئيس من أجل الضغط على البيروقراطية الفيدرالية المتضخمة لتحقيق مدخرات هائلة".
ستكون محاولة مثيرة لترامب من أجل توسيع سلطاته، إذا تمتع بدعم الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وكذا المحكمة العليا الأمريكية ذات الأغلبية المحافظة، وقد تصبح هذه، بين عشة وضحاها، واحدة من أكثر المعارك القانونية التي تشهدها إدارته الثانية.
Relatedبعد جدل في الكونغرس.. إدارة بايدن توافق على صفقة أسلحة بقيمة 20 مليار دولار لدعم إسرائيلالكونغرس يفتح أبوابه للمتحولين جنسيا.. سارة ماكبرايد تصبح أول برلماني أمريكي عن هذه الفئةسكان فلوريدا يحصون خسائر الإعصار ميلتون بانتظار إقرار الكونغرس حزمة مساعدات عاجلةيقول ويليام غالستون وهو زميل بارز في دراسات الحوكمة في مؤسسة بروكينغز، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن: "قد ينجو ترامب من العقاب. وسوف تتحول سلطة الكونغرس في الإنفاق إلى رأي استشاري".
خطط مفصلة.. تقليص.. واستعداد للصدقدم ماسك ورامسوامي نظرة أكثر تفصيلاً حول آلية عملهما في وزارة كفاءة الحكومة، فيما أورداه في الصحيفة الأمريكية ذات الانتشار الواسع. وتطال الخطط أهدافا كانت موجودة من أمد بعيد، ومنها قطع مبلغ 535 مليون دولار مخصص لهيئة الإذاعة والتلفزيون العامة.
كما كتب الاثنان أنهما سيعلنان عن "الحد الأدنى لعدد الموظفين المطلوبين في أي وكالة بما يمكنها من أداء عملها حسب الدستور والقانون. وقد يؤدي هذا الأمر إلى "تخفيضات جماعية في عدد الموظفين في جميع أنحاء الحكومة لفيدرالية"، وينظر إلى ذلك على أنه جزء من خطط أخرى تعتبر أكثر طموحًا.
لافتة تشير إلى البحث عن موظفين عند مبنى هيئة البريد الأمريكية في كولورادو 7 تشرين الثاني نوفمبر 2021 David Zalubowski/APوجاء أن بعض الموظفين يمكنهم أن يختاروا أن يحصوا على "مدفوعات نهاية الخدمة الطوعية لتسهيل الخروج السلس". ولكن سيتم تشجيع آخرين على الاستقالة من خلال إلزامهم بالحضور إلى المكتب خمسة أيام في الأسبوع، ما ينهي المرونة التي أتيحت في عصر الوباء بشأن العمل عن بعد.
وقال إيفرت كيلي رئيس الاتحاد الأمريكي لموظفي الحكومة، إن مثل هذه التخفيضات من شأنها أن تضر بالخدمات المقدمة للأمريكيين الذين يعتمدون على الحكومة الفيدرالية.
وقال كيلي إن نقابته التي تمثل 750 ألف موظف في الحكومة الفيدرالية وواشنطن، مستعدة لمحاربة محاولات خفض القوى العاملة. وأضاف "لقد كنا هنا من قبل، وسمعنا هذا النوع من الخطاب، ونحن مستعدون".
المصادر الإضافية • أ ب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية طهران تنفي صحة التقارير المتداولة حول لقاء سري بين إيلون ماسك والسفير الإيراني لدى الأمم المتحدة بعد اتهامات بالتواصل مع بوتين ومسؤولين روس.. ديمقراطيان يطالبان بالتحقيق مع إيلون ماسك إيلون ماسك رسميًا في البيت الأبيض.. ترامب يفي بوعده للملياردير ويختاره لإدارة لجنة استشارية دونالد ترامبالمحكمة العليا الأمريكيةإيلون ماسكالكونغرسميزانية الحزب الجمهورياعلاناخترنا لك يعرض الآن Next زلزال سياسي: المحكمة الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال في حق نتنياهو وغالانت يعرض الآن Next صفقة كواليس البرلمان الأوروبي: هل هي تثبيت المفوضين؟ أم تجاوز للشفافية؟ يعرض الآن Next تجدد القصف الإسرائيلي على غزة وضاحية بيروت الجنوبية.. ودعوات دولية لاعتقال نتنياهو وغالانت يعرض الآن Next روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ بداية الحرب يعرض الآن Next خلافات تعصف بمحادثات "كوب 29".. مسودة غامضة وفجوات تمويلية تعرقل مسار الاتفاق اعلانالاكثر قراءة حدث "هام" في منطقة الأناضول.. العثور على قلادة مرسوم عليها صورة النبي سليمان سحابة من الضباب الدخاني السام تغلف نيودلهي: توقف البناء وإغلاق المدارس أسعار زيت الزيتون ستنخفض إلى النصف في الأسواق العالمية اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29قطاع غزةضحاياإسرائيلروسياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني فرنساالحرب في أوكرانيا بنيامين نتنياهوالذكاء الاصطناعيوفاةصاروخالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024