بحث ميداني: التغيرات المناخية لها عواقب وخيمة على اليمن
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
تعد اليمن من بين أكثر دول العالم عرضة لتغير المناخ، ومن بين أقل البلدان استعدادًا للتخفيف من آثاره أو التكيف معه.
وعلى الرغم من كونه أحد أقل البلدان المساهمة في انبعاثات الغازات الدفيئة، إلا أن اليمن معرض بشدة للآثار المرتبطة بتغير المناخ مثل الجفاف والفيضانات والعواصف والآفات وتفشي الأمراض وارتفاع مستوى سطح البحر.
وكشف بحث ميداني أعدت إحدى المنظمات المدنية، أن التغيرات المناخية التي تشهدها اليمن لها آثار خطيرة على جميع القطاعات والموارد والمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.
وقال البحث، الذي حمل عنوان "آثار تغير المناخ على اليمن واستراتيجيات التكيف"، إن الوضع في اليمن بمثابة تحذير لبقية العالم بشأن ما يمكن أن يحدث إذا لم تتم معالجة تغير المناخ بشكل فعال وسريع.
البحث، الذي أعدته جمعية رعاية الأسرة اليمنية -إحدى منظمات المجتمع المدني- ونشره مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الاوتشا) خلال الأيام الماضية كأحد المراجع الهامة.. سلط الضوء على المخاطر المرتبطة بالمناخ وتأثيراتها على قطاعات المياه والزراعة والمناطق الساحلية وسبل العيش والأمن الغذائي. إضافة إلى تأثيراتها على الفئات الضعيفة مثل النساء والفتيات والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.
كما سلط الضوء على الصراعات المتعلقة بالمناخ، وحلول التخفيف والتكيف التي يمكن تنفيذها للتخفيف من آثار تغير المناخ على البلاد.
تهديد خطير
وتحتل اليمن بالنسبة لقابلية التأثر بالمناخ، المرتبة 171 من بين 181 دولة في مؤشر ND-GAIN (2022). كما أنها الدولة رقم 22 الأكثر ضعفًا والمرتبة 12 الأقل استعدادًا.
ويشكل تأثير تغير المناخ على المستوى العالمي تهديدا كبيرا للأمن الغذائي في اليمن، الأمر الذي يمكن أن يزيد من تفاقم انعدام الأمن الغذائي ونقص التغذية والاعتماد على المساعدات الخارجية. وهذا يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على آفاق اليمن. في الوقت الحالي، تشير التقديرات إلى أن حوالي 19 مليون يمني (حوالي 62% من السكان) يواجهون انعدام الأمن الغذائي، ويعيش 161,000 شخص في ظروف شبيهة بالمجاعة (التصنيف الدولي للبراءات 5). وفي مؤشر الجوع العالمي لعام 2022، يحتل اليمن المرتبة 121 من بين 121 دولة بدرجة 45.1، مما يشير إلى أن اليمن يعاني من مستوى جوع ينذر بالخطر.
عدن أكثر المدن تضرراً
وتعتبر اليمن واحدة من أكثر خمس دول منخفضة الدخل عرضة لارتفاع مستوى سطح البحر، ومن المتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر في اليمن بمقدار 0.3 إلى 0.54 متر بحلول عام 2100. وسيؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر أيضًا إلى تسرب المياه المالحة، مما يجعل طبقات المياه الجوفية الساحلية مالحة وغير صالحة للشرب، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلات ندرة المياه الخطيرة بالفعل في البلاد، لافتا إلى أن مدينة عدن هي سادس أكثر المدن عرضة في العالم لارتفاع مستوى سطح البحر والعواصف.
وأشار البحث الميداني إلى أن الأعاصير والفيضانات تفاقمت في السنوات الأخيرة باليمن، كانت نتيجة لتغير المناخ والاحتباس الحراري، مضيفاً إن هطول الأمطار في اليمن أصبح مصحوبا بعواصف تؤدي في كثير من الأحيان إلى فيضانات مفاجئة مع ما يترتب على ذلك من انهيارات أرضية وتآكل التربة واقتلاع النباتات وتدهور المدرجات الزراعية. وفي بعض الأحيان، تسببت هذه الفيضانات في أضرار اقتصادية كبيرة وخسائر في المحاصيل والأرواح.
وأوضح البحث أن ظروف الجفاف في اليمن ترافقت مع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة مما أثر على جميع المناطق الزراعية في البلاد، ونتيجة لذلك ارتفعت نسبة التصحر وإزالة الغابات من 90% في عام 2014 إلى 97% في عام 2022.
تأثير على الزراعة والمياه
وأشار البحث إلى أن تغير المناخ في اليمن له تأثيرات محددة على موارد المياه والزراعة والأمن الغذائي والمناطق الساحلية والصحة والمجتمعات الضعيفة. أما بالنسبة للموارد المائية، فقد كانت آثار تغير المناخ واضحة، حيث يؤدي ارتفاع درجة حرارة الهواء إلى زيادة التبخر، وانخفاض هطول الأمطار، وتغير أنماط الطقس التي تساهم في ندرة المياه.
وأكد البحث أن الفيضانات المستمرة في اليمن تسببت في تلوث المياه السطحية والجوفية لأنها تحمل ملوثات مختلفة مثل مياه الصرف الصحي والنفايات الكيميائية إلى موارد المياه النقية مشيراً إلى أن التغير المناخي يؤثر على إعادة تغذية طبقات المياه الجوفية بسبب التغير في هطول الأمطار من حيث الكمية والتوزيع، موضحا أن كل هذه التأثيرات جعلت اليمن سابع أكثر دولة ندرة المياه في العالم مع تضاؤل منسوب المياه الجوفية الذي يتراوح بين 3 إلى 8 أمتار سنويا في الأحواض الحرجة.
وفقاً للبحث، تأثر قطاع الزراعة في اليمن بالفيضانات والجفاف والآفات، مما ساهم في انخفاض إنتاجية المحاصيل. وقد أدى التصحر الناجم عن الجفاف إلى خسارة سنوية تتراوح بين 3 و5% من الأراضي الصالحة للزراعة. علاوة على ذلك، تظل ندرة المياه أكبر عائق أمام تحسين الإنتاجية الزراعية في اليمن، وقد يؤدي استنزاف الموارد المائية إلى انخفاض الإنتاجية الزراعية بنسبة 40%.
كما أدت الفيضانات إلى تآكل التربة وفقدان الأراضي الزراعية، مما أدى إلى انخفاض الأراضي الزراعية من 1.6 مليون هكتار في عام 2010 إلى 1.2 مليون هكتار في عام 2020. وتوقع البحث أن تتفاقم تأثيرات تغير المناخ على الزراعة اليمنية في المستقبل، خاصة مع هطول أمطار أكثر كثافة وجفاف أطول.
انتشار الأمراض
وفيما يتعلق بالقطاع الصحي، كشف البحث الميداني أن العديد من الأمراض المتوطنة والوبائية في اليمن تتأثر بالأحداث المناخية. على سبيل المثال، يتأثر انتشار الكوليرا بالأمطار الغزيرة وأحداث الجفاف، مشيرا إلى أن تزايد العواصف والفيضانات أدى إلى نزوح وإصابات وخسائر في الأرواح. بالإضافة إلى ذلك، يرتبط الجفاف والفيضانات بزيادة خطر سوء التغذية والأمراض المنقولة بالنواقل والأمراض المنقولة بالمياه.
وأضاف، إن الحرارة الشديدة قد تؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة بالأمراض والوفيات لدى الفئات الأكثر ضعفا مثل كبار السن، وخاصة أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما؛ الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية موجودة مسبقًا، مثل أمراض القلب وأمراض الجهاز التنفسي والسكري.
تأثير على المجتمعات
تغير المناخ له آثار محددة على المجتمعات الضعيفة، بما في ذلك النساء والنازحون واللاجئون والأطفال وكبار السن. وفقاً لما ذكره البحث الميداني، موضحا أن النساء تتأثر بشكل خاص بندرة المياه كونها المهتمة بجلبها، حتى لو كانت على بعد كيلومترات. وبالإضافة إلى التحديات التي تواجهها المرأة بسبب مسؤوليتها في جلب المياه، فقد تزايدت حالات الزواج المبكر.
وأوضح أن استمرار تغير المناخ ساهم في التدهور البطيئ لقدرات المجتمعات الريفية على الإنتاج، مؤكدا أن المرأة اليمنية تتحمل عبء انعدام الأمن الغذائي ورعاية الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية بينما تواجه نفسها سوء التغذية المتزايد.
وقال البحث، إن تغير المناخ أدى إلى زيادة عدد الأسر التي ترأسها النساء والعنف القائم على نوع الجنس. كما أن تغير المناخ ينتج عنه المزيد من النازحين واللاجئين حيث يؤدي تدهور مصادر الأراضي والمياه إلى نزوح الناس بحثًا عن الموارد الحيوية، لافتا إلى أن النازحين يكونون أكثر عرضة لتغير المناخ والظواهر الجوية المتطرفة بما في ذلك الفيضانات التي يمكن أن تدمر بسرعة البنية التحتية المحدودة في المخيمات وكذلك موجات الحر التي لا تترك للناس سوى خيارات قليلة للتبريد والمأوى.
وأشار البحث إلى أن الأطفال في اليمن يتأثرون أيضًا بتغير المناخ حيث تؤثر الأمراض، بما في ذلك أمراض الإسهال وحمى الضنك، على العديد من الأطفال خلال فترات الفيضانات، مضيفا إن كبار السن، من ذوي الإعاقة والنساء الأكبر سناً، من بين الأشخاص الأكثر تضرراً من الأضرار المرتبطة بالمناخ مثل الانتشار المتزايد للأمراض المنقولة بالنواقل، والإجهاد الحراري، وزيادة تواتر وشدة الكوارث المفاجئة والبطيئة الظهور التي يمكن أن تؤثر على صحتهم ورفاهيتهم الجسدية والعقلية.
البحث الميداني دعا الجهات الحكومية والمجتمع المدني وقادة المجتمع والمجتمع الدولي إلى العمل معًا لمعالجة تغير المناخ والقضايا البيئية في اليمن قبل فوات الأوان، مشيرا إلى أن مستقبل اليمن وشعبه يعتمد على هذه الجهود الجماعية للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معها وحماية البيئة.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: آثار تغیر المناخ تغیر المناخ على مستوى سطح البحر ندرة المیاه فی الیمن یمکن أن فی عام إلى أن من بین
إقرأ أيضاً:
دراسة: تغير المناخ يرفع الحرارة خلال الشتاء ويهدد النظم البيئية والاقتصادات والتقاليد بأوروبا
ذكرت دراسة لمركز المناخ نشرت نتائجها، اليوم الثلاثاء، أن التغير المناخي أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة خلال الشتاء في أوروبا مع تسجيل درجات حرارة أعلى من الصفر، مما يؤثر على السياحة والزراعة والصحة.
وذكرت صحيفة «24 ساعة» السويسرية أن معهد الأبحاث الأمريكي يرى أن أكثر من ثلث «44» من أصل 123 وما يقرب من النصف «393» من أصل 901 مدينة تم تحليلها فقدت على الأقل ما يعادل أسبوعا من أيام الصقيع كل عام بسبب ظاهرة الانحباس الحرارى الناجم عن النشاط البشري.
وركز التحليل على درجات الحرارة الصغرى خلال الفترة بين شهري ديسمبر وفبراير، التي تمثل فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالية، على مدى العقد 2014 ـ 2023، ويستند على معطيات تم رصدها ومقارنتها بمحاكاة مناخ لم يتعرض للاحترار جراء الاستخدام الجماعي للفحم والنفط والغاز.
توقعات التغيرات المناخية في الشتاءوتوصلت الدراسة إلى أن التغيير المناخي أسهم في زيادة عدد أيام الشتاء ذات درجات الحرارة «الإيجابية» في أوروبا، ومن بين الدول الأكثر تضررا: الدنمارك ودول البلطيق.
وقالت كريستينا دال، كبيرة العلماء في منظمة المناخ المركزية: «إن الثلوج والجليد والطقس البارد التي كانت رموزا لموسم الشتاء تختفي بسرعة في العديد من الأماكن، مما يهدد النظم البيئية والاقتصادات والتقاليد الثقافية»، مشيرة إلى أن أيام الشتاء الجليدية «مهمة» للغاية للعديد من القطاعات بدءا من رياضات الشتاء إلى إنتاج المياه الصالحة للشرب التي تعتمد على كمية الثلوج.
وأشار معدو الدراسة إلى تداعيات هذه التغييرات على الصحة، حيث إن البرد يتيح التحكم في أعداد الحشرات الحاملة للأمراض مثل البعوض والقراد، في حين تعمل فصول الشتاء الأقصر على تعزيز انتشار حبوب اللقاح، وبالتالي الحساسية.
ويمكن أن تتأثر الزراعة أيضا بهذه الظاهرة، خاصة بالنسبة لنمو بعض الفواكه مثل التفاح أو الخوخ، التي تتطلب فترات تبريد طويلة، وفقا للدراسة.
اقرأ أيضاًمرصد كوبرنيكوس لتغير المناخ: 2024 الأكثر سخونة بالتاريخ
رئيسة وزراء الدنمارك: مصر شريك استراتيجي في مجال تغير المناخ والانتقال للأخضر
الزراعة: حريصون على دعم مربي الدواجن في مواجهة تحديات المناخ وتكاليف الإنتاج