نجاة المختار.. أول امرأة بمنصب نائب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
نجاة المختار، عالمة وباحثة مغربية في العلوم النووية، تعد من أكبر المشجعين على الاستعمال السلمي للطاقة والتكنولوجيا والتطبيقات النووية لتحقيق الأهداف التنموية وجعل الذرة في خدمة السلام والتنمية.
من مسقط رأسها في الرباط انطلقت في مسيرة علمية متميزة في فرنسا وكندا والولايات المتحدة الأميركية. وبدأ مسارها المهني أستاذة جامعية ومديرة للبحوث في المغرب لأكثر من 20 عاما، ثم تقلدت مسؤوليات مهمة داخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمدة 13 عاما.
وفي عام 2019، أخذتها مسيرتها المهنية إلى واحد من أعلى المناصب في مجال الطاقة الذرية في العالم، وأصبحت أول امرأة عربية وأفريقية تشغل منصب نائب المدير العام للوكالة الأممية الدولية.
المولد والنشأةولدت نجاة المختار عام 1957، في حي العكاري الشعبي وسط العاصمة الرباط، لأسرة متوسطة الدخل ترجع أصولها إلى قرية "با محمد" بنواحي تاونات شمال المملكة المغربية.
توفي والدها وهي صغيرة، فاشتغلت والدتها في نسج الزرابي التقليدية وبيعها لتعيل الأسرة، بينما عهدت بتربيتها إلى جدتها التي اتسمت بالصرامة، وكانت صاحبة الدور الجوهري في تنشئة الطفلة نجاة على حب التعلم والحرص على الاجتهاد والتميز في التحصيل العلمي.
كانت هي الابنة الكبرى بين 4 إخوة لم تكن تلعب إلا معهم وبرفقتهم. وتحكي نجاة أن طفولتها لم تكن سهلة، وقد دفعت بها والدتها إلى تعلم نسج الزرابي لتكون لها حرفة، في سياق اجتماعي وثقافي كان سائدا آنذاك، ويمنح الأولوية في التعليم للذكور، ويعتبر زواج البنات هو الأهم.
تربت الصبية "نجاة" ونشأت في وسط حي شعبيّ ينسب إلى العالم علي العكاري الذي يقال إنه أول من أسس العلم بالرباط وشيّد مبانيه، خلال القرنين الـ18 والـ19.
وتشرّبت خصائص الريف الاجتماعية والثقافية، في مرتفعات جبال تاونات التي كانت تقصدها صيف كل عام منذ سنوات طفولتها الأولى. ثم في قلب سلسلة جبال الأطلس الصغير في بلدة تافراوت جنوب المغرب، موطن أسرة زوجها.
كان لتأثير المجال الذي نشأت فيه نجاة المختار وهي طفلة، وعاشت فيه وهي زوجة رجل ألّف بينهما اتفاق التخصص المهني وتشابه المزاج العلمي؛ دور بارز في بلورة شخصيتها المتسمة بالجدية والعصامية في العمل. إذ كان زوجها داعما لها طوال مسارها الأكاديمي والمهني.
الدراسة والتكوين العلميتلقت نجاة دروسها الأولى في مدارس حكومية، وكانت لا تمتاز فيها بشيء بين زملائها الصغار سوى بحب التعلم، إذ كانت تلميذة متوسطة المستوى.
تحكي الباحثة المغربية، أنها لم تكن في مرحلة التعليم الابتدائي والإعدادي من المتفوقين، وهو الأمر الذي كان يزعج والدتها، حيث استعانت بأستاذ ليدرسها بالبيت.
لكن كل شيء تغير في المرحلة الثانوية عندما اكتشفت شغفها بالعلوم واللغات، وبرعت في الرياضيات والفيزياء والكيمياء، وكان جو التنافس في الصف الدراسي حافزا لتطوير مستواها لتكون ضمن الأوائل.
عندما حصلت على شهادة البكالوريا، طلبت والدتها أن تتوقف عن الدراسة لتبحث عن عمل لمساعدتها، وبعد إلحاح شديد منها، وافقت والدتها في النهاية على أن تكمل دراستها في الجامعة.
تابعت تعليمها العالي في كلية العلوم بجامعة محمد الخامس في الرباط، وكانت طالبة نشيطة وذكية، وتفوقت في تخصص "علم التغذية".
انتقلت بعدها إلى فرنسا في إطار منحة تعليمية وتابعت دراستها في جامعة ديجون، حيث حازت على شهادة الدكتوراه في علوم التغذية، ثم انتقلت إلى كندا بجامعة لافال ونالت دكتوراه في التغذية وعلم الغدد الصماء. وذكرت أنها كانت تعطي والدتها المنحة الجامعية لتستعين بها على نفقات الأسرة.
مدفوعة بشغف العلوم، انطلقت نجاة في تجربة دراسية جديدة بالولايات المتحدة، حيث أكملت تدريب ما بعد الدكتوراه في إطار برنامج "فول برايت" بجامعة جون هوبكنز.
وخلال أول عامين من ولادة توأميها أوقفت نجاة المختار نشاطاتها العلمية، لكنها علّمت نفسها آنذاك اللغة الإنجليزية في البيت، بعد أن كانت تتقن اللغتين الفرنسية والعربية فقط.
الحياة المهنيةاشتغلت بعدة مهن بالموازاة مع دراستها في فرنسا وكندا وأميركا، وعندما عادت إلى بلدها تم تعيينها أستاذة في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة. وخلال هذه الفترة عملت مديرة لمختبر الأبحاث في التغذية، كما أشرفت على تكوين وتأطير الطلبة في مجال التغذية والصحة العامة.
عام 2001، ولجت لأول مرة عالم الوكالة الدولية للطاقة الذرية خبيرة في التغذية، وعملت مسؤولة تقنية لمدة قاربت 6 سنوات. وقالت إن زوجها كان قد اطلع صدفة على إعلان هذا المنصب الشاغر، وبتشجيع منه تمكّنت من النجاح في الحصول عليه، وحينها لم تكن لها دراية كبيرة عن المؤسسة.
لكن هذه الوظيفة الأممية، كانت فرصة حقيقية مكنتها من اكتشاف مجال العلوم والتقنيات النووية، وتحديا مهنيا لتعلم الكثير خارج مجال تخصصها الأصلي، كما تذكر.
عادت نجاة المختار إلى المغرب مرة أخرى عام 2007، وشغلت منصب مديرة قسم العلوم والتقنيات في أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتكنولوجيا، وشاركت خلال هذه التجربة مع وزارة التربية الوطنية والبحث العلمي وتكوين الأطر (وزارة التعليم) في إعداد الإستراتيجية الوطنية للبحث العلمي مع العديد من الفاعلين المحليين والدوليين. كما ساهمت مع وزارة الصحة في الإستراتيجية الوطنية للتغذية.
وبعدها في عام 2011 رجعت من جديد إلى الوكالة الأممية، وشغلت منصب مسؤولة قسم الدراسات البيئية المتعلقة بالتغذية والصحة، حيث استطاعت دعم ومواكبة عدد كبير من الدول في مجال الصحة والتغذية.
وشغلت منصب رئيسة قسم آسيا والمحيط الهادي في إدارة التعاون التقني بالوكالة عام 2014، وهي التجربة التي مكنت من توفير الدعم الفني لـ37 دولة هناك في قطاعات مختلفة.
وفي الأول من يناير/كانون الثاني 2019، عيّنت نائبة للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورئيسة لقسم العلوم والتطبيقات النووية، ويشكل هذا التعيين اعترافا بكفاءتها العلمية والمهنية، مما يجعل منها أول امرأة تشغل هذا المنصب الرفيع منذ إحداث الوكالة الأممية.
تحديات ومشاريعتدير العالمة والباحثة المغربية، 12 مختبرا يشتغل بها حوالي 400 خبير في استخدام الطاقة الذرية لأهداف سلمية للتنمية المستدامة وتطوير البحث العلمي وتشجيعه في الدول النامية بشكل خاص.
ويشكل تغيير النظرة السلبية السائدة عن الطاقة النووية ومخاطرها، أحد أبرز التحديات على رأس عملها، حيث تسعى إلى تغيير الفكرة النمطية لكلمة "نووي" التي ترتبط بالخوف بسبب أحداث تاريخية كارثية، وترسيخ قناعة تبرز سلامة التقنيات النووية خارج الاستخدامات العسكرية.
تقدم نجاة المختار من خلال الوكالة الأممية، مبادرات في التطبيقات السلمية والآمنة للطاقة النووية في مجال البيئة الجيدة والغذاء والزراعة والصحة والمياه النظيفة والصحية وتعزيز السلامة والأمن وتعزيز العلم والتكنولوجيا.
وعلى مدار سنوات عملها بالوكالة رئيسة لقسم العلوم النووية، طوّرت نجاة المختار عددا من البرامج والمشاريع البحثية التي تعتمد على الطاقة النووية في الإنتاج الزراعي وتوليد طفرات وجينات نباتية مقاومة للأمراض بالاعتماد على التقنيات النووية.
وأكدت أن الوكالة قدمت مبادرة تدعى "أشعة أمل" لمكافحة السرطان؛ لمواجهة التزايد في أعداد المصابين بهذا المرض، مع أهمية توفير العلاج للجميع. وكذلك إطلاق مشروع يسمى "زودياك"، يهدف إلى العمل بشكل سريع وحاسم على منع تفشي الأمراض المعدية ومنعها من التحول إلى أوبئة. إضافة لمشروع بيئي يسعى لمكافحة الآثار الضارة للبلاستيك في المحيطات باستخدام التكنولوجيا النووية.
التكريماتحازت نجاة المختار على جوائز هي:
تكريم بعثة جامعة الدول العربية في فيينا بالنمسا، بمناسبة "يوم المغترب العربي بالنمسا"، عرفانا بمسارها المهني "الحافل" داخل المنظومة الأممية، عام 2019. درع التألق، ضمن النسخة الثانية من برنامج "ليلة الوفاء بنساء متألقات من بلادي"، بدعم من وزارة الثقافة والشباب والرياضة ومسرح محمد الخامس بالرباط، عام 2021. صنفتها مجلة "تشالنج" الأسبوعية الاقتصادية المغربية الناطقة بالفرنسية، ضمن 50 من الكفاءات النسائية المغربية بصمت على مسار مهني متميز في ميادين ومجالات مختلفة، عام 2021.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الدولیة للطاقة الذریة فی مجال لم تکن
إقرأ أيضاً:
جامعة القاهرة تعلن الترشيحات لجوائز الدولة بأنواعها لعام 2024
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أقر مجلس جامعة القاهرة برئاسة الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس الجامعة، ترشيحات كليات ومعاهد الجامعة لجوائز الدولة لعام 2024 سواء التي تمنحها أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا أو المجلس الأعلى للثقافة، بأنواعها، والتي تتضمن "النيل والتقديرية في مجالات العلوم والعلوم التكنولوجية المتقدمة والفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وكذلك جوائز الرواد وجائزة المرأة التقديرية"، وبلغ عدد المرشحين 25 مرشحا لمختلف الجوائز.
وفي جائزة النيل، أقر مجلس جامعة القاهرة ترشيح كل من: الدكتور تيمور مصطفي ابراهيم ابوهنيدي الأستاذ بكلية الطب للجائزة في مجال العلوم، والدكتور يوسف فوزي راشد ابوالخير الأستاذ بكلية الهندسة للجائزة في مجال العلوم التكنولوجية المتقدمة.
وبالنسبة لجوائز الدولة التقديرية في العلوم، أقر مجلس الجامعة ترشيح كل من: الدكتور أحمد جلال حلمي عبده الأستاذ بكلية العلوم في مجال العلوم الأساسية، والدكتور حسني عوض حسن البنا الأستاذ بكلية الطب البيطري في مجال العلوم الزراعية، والدكتور مصيلحي رجب مصيلحي زايد الأستاذ بكلية الصيدلة في مجال العلوم الطبية، والدكتورة إيمان صلاح الدين عثمان المحلاوي الأستاذ بكلية الهندسة في مجال العلوم الهندسية.
وبالنسبة لجوائز الدولة التقديرية في العلوم التكنولوجية المتقدمة، أقر مجلس الجامعة ترشيح كل من: الدكتور أحمد كامل أحمد حجازي الأستاذ بكلية العلوم في مجال العلوم الأساسية، والدكتور جمال سيد علي الباروطي الأستاذ بكلية الزراعة في مجال العلوم الزراعية، والدكتورة سحر محمود ابوسريع شعراوي الأستاذ بكلية الصيدلة في مجال العلوم الطبية، والدكتور نبيل محمود محمود عبد المنعم الأستاذ بكلية الهندسة في مجال العلوم الهندسية.
وفي جوائز الرواد، أقر مجلس الجامعة، ترشيح كل من: الدكتور ممدوح محمد ابراهيم نصار الأستاذ بكلية العلوم في مجال العلوم الأساسية، والدكتور احمد محمود مصطفي ابو العنين الأستاذ بكلية الزراعة في مجال العلوم الزراعية، والدكتور حسام الدين احمد حسنين موافي الأستاذ بكلية الطب في مجال العلوم الطبية، والدكتور معتز محمد حسني خورشيد الأستاذ بكلية الحاسبات والذكاء الإصطناعي في مجال العلوم الهندسية.
وفي جائزة المرأة التقديرية، أقر مجلس الجامعة ترشيح كل من : الدكتورة جاكين كمال عبد الحليم الجاكي الأستاذ بكلية الطب البيطري في مجال الزراعة والعلوم الغذائية، والدكتورة نادية محمد مرسي احمد الأستاذ بكلية الصيدلة في مجال الصحة والعلوم الصيدلية، والدكتورة فاطمة الزهراء حنفي عاشور الأستاذ بكلية الهندسة في مجال المياه والطاقة والعلوم البيئية، والدكتورة مني فؤاد علي عبد الغني الأستاذ بكلية الآثار في مجال العلوم الاجتماعية.
وفي جوائز النيل للمبدعين المصريين، أقر مجلس الجامعة ترشيح كل من: الفنان عبد الرحمن أبو زهرة في مجال الفنون، والدكتور عبد الله عبد الفتاح التطاوي الأستاذ بكلية الآداب في مجال الآداب، واللواء أركان حرب د. سمير سعيد محمود فرج في مجال العلوم الاجتماعية.
وبالنسبة لجوائز النيل للمبدعين العرب، أقر مجلس الجامعة ترشيح المطربة اللبنانية نهاد وديع حداد وشهرتها "فيروز" في مجال الفنون.
وفي الجوائز التقديرية، اقر المجلس ترشيح كل من : الدكتور محمد سامح كمال الدين سامح الأستاذ بكلية الهندسة في مجال الفنون، والدكتور جمال عبد السميع مصطفي الشاذلي الأستاذ بكلية الآداب في مجال الآداب، والدكتورة آمال أحمد حسن العمري الأستاذ بكلية الآثار في مجال العلوم الإجتماعية.
وأكد الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، أن مجلس الجوائز بالجامعة يضع معايير وضوابط محددة وصارمة بشأن الترشيحات المختلفة لجوائز الدولة، وتدقق الجامعة في اختيار مرشحيها للجوائز المختلفة سواء التي تمنحها جهات محلية أو جهات دولية، حيث يخضعون لمعايير صارمة في الاختيار، إلى جانب أن الجامعة تدفع بعض باحثيها للتقدم للجوائز بعد دراسة تاريخهم العلمي وسيرتهم الذاتية حتى لو لم يتقدموا من تلقاء أنفسهم.
وأضاف رئيس جامعة القاهرة، أن اجتماع مجلس الجوائز بالجامعة استعرض السيرة العلمية والعملية لمرشحي كليات الجامعة لنيل جوائز الدولة في ضوء المعايير التي أقرها مجلس الجوائز بالجامعة، وكذلك الضوابط وشروط الترشيح التي أقرتها أكاديمية البحث العلمي للعلوم والتكنولوجيا والمجلس الأعلى للثقافة لنيل جوائزهما.
IMG-20241226-WA0001 IMG-20241226-WA0002 IMG-20241226-WA0003 IMG-20241226-WA0064 IMG-20241226-WA0067