حذّر خبير في الجغرافيا السياسية لشرق أفريقيا من أن حالة عدم الاستقرار السياسي في إثيوبيا والسودان تهدد بتصدع منطقة القرن الأفريقي، مما يدفعها نحو مزيد من الاضطرابات.

وقال، إن عدم الاستقرار وانعدام الأمن لطالما ظلتا سمة مصاحبة للأوضاع في القرن الأفريقي لسبب وجيه، فالمنطقة عانت من صراعات عديدة؛ مثل: الحرب الأهلية الصومالية، وحرب الاستقلال الإريترية، وحرب انفصال جنوب السودان، بالإضافة إلى نزاعات متقطعة بين إريتريا وإثيوبيا، والاضطراب الحالي داخل السودان وإثيوبيا.

وأضاف خبير الجغرافيا السياسية في المنطقة دانيال هيلي في مقال بمجلة "ناشونال إنترست" الأميركية، أن إريتريا هي الدولة الوحيدة في القرن الأفريقي التي لم تندلع فيها بعدُ حرب أهلية، بفضل "القبضة الحديدية" لرئيسها أسياس أفورقي، الذي ظل يحكم البلاد لأكثر من 3 عقود.

لكن الكاتب لا يعتقد أن حكمه سيستمر إلى الأبد، ففي هذه المنطقة تعدّ أزمة خلافة الحاكم، التي تتحول إلى حرب أهلية هي القاعدة، وليس الاستثناء.

هايلي: حكم أسياس أفورقي لن يستمر إلى الأبد، وفي هذه المنطقة تعد أزمة خلافة الحاكم التي تتحول إلى حرب أهلية هي القاعدة وليس الاستثناء.

لقد أضحت منطقة القرن الأفريقي بؤرة لانعدام الأمن، حيث تعاني دولتا السودان وإثيوبيا حاليا من اضطراب شديد، وفق المقال، وهناك الصومال التي تصارع جماعات مسلحة، وتفتقر إلى سلطة مركزية.

ويرى هايلي –الذي يعمل حاليا ضابطا في الخدمة الفعلية بالجيش الأميركي في مجال الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية- أن القرن الأفريقي يقف عند مفترق طرق، إذ يهدد احتمال نشوب صراعات عرقية وسياسية وعسكرية داخلية طويلة الأمد في إثيوبيا -بتعداد سكانها البالغ 123 مليون نسمة- والسودان -الذي يصل عدد سكانه إلى 46 مليونا- بإغراق المنطقة في حالة من عدم الاستقرار الدائم.

ولا تحتمل المنطقة دولة مخفقة أخرى مثل: الصومال، وقد تُوقع فكرة انضمام السودان أو إثيوبيا إلى ركب الدول المخفقة، القرن الأفريقي في مستنقع دائم من الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية.

ويبدو أن احتمال التوصل إلى تسوية لوقف إطلاق النار عبر مفاوضات بين رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، الفريق محمد حمدان حميدتي، محصلتها صفر، وفق مقال ناشونال إنترست.

ويقترح خبير الجغرافيا السياسية لشرق أفريقيا في مقاله، أنه في سبيل السلام والاستقرار والأمن، "لا بد أن يحكم الخرطوم أسد نوبي بقبضة من حديد، مبعدا (الأجندات) السياسية المثالية إلى الوراء".

وانتقد هايلي الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، قائلا، إنه تحكّم بالمشهد السياسي من خلال استمالته الأجهزة الأمنية، وممارسة القمع الوحشي، والاستغلال "الإستراتيجي" لمؤسستين متعارضتين؛ هما: القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، وهي "قوة شبه عسكرية أنشأها عمدا لتكون له حصنا ضد التهديدات المحتملة من الجيش السوداني".


مستقبل غامض لإثيوبيا

بدا أن الصراع العرقي والإقليمي في إثيوبيا بين حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد، وجبهة تحرير شعب تيغراي وعرقيتي الأورومو والأمهرا، قد وجد حلا على الورق، بتوقيع اتفاقية نيروبي "الهشة" في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

بيد أن الحل أخفق في جلب الاستقرار للبلاد التي هي في أمس الحاجة إليه، كما يؤكد كاتب المقال الذي يمضي إلى القول، إنه على الرغم من أن آبي أحمد نجح في منع بلقنة إثيوبيا، من خلال وقف الأعمال العدائية ضد جبهة تيغراي، فإن الكراهية العرقية لا تزال تعتمل ببطء.

كما فاقمت مفاوضات السلام المخفقة بين الحكومة وجبهة تحرير أورومو هذا التهديد، علما بأن سكان إقليم أورومو يشكلون 36% من إجمالي سكان إثيوبيا.

ومما يزيد طين الوضع المحفوف بالمخاطر في إثيوبيا بِلّة أنها تجاور 3 دول تتفاوت فيها حالات عدم الاستقرار؛ وهي: السودان والصومال وجنوب السودان.

أضف إلى تلك التحديات -طبقا لهايلي- احتمال قيام الجيش المصري بأعمال عسكرية، في حال تدهور الأوضاع في إثيوبيا، منتهزا الفرصة خاصة بعد إعلان أديس أبابا فراغها من ملء سد النهضة.

ويخلص الكاتب إلى أن الانهيار المحتمل للسودان وإثيوبيا يحمل في طياته تبعات عميقة على الممر الاقتصادي الدولي على طول البحر الأحمر، مما سيؤثر في الشرق الأوسط وأوروبا، ويزيد من وتيرة الهجرة غير النظامية في شرق وشمال أفريقيا.

ويختم بالقول، إن الأزمات التي تحدث في السودان وإثيوبيا من القضايا التي لا يمكن للمجتمع الدولي أن يغض الطرف عنها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القرن الأفریقی عدم الاستقرار فی إثیوبیا

إقرأ أيضاً:

السودان.. تاريخ من الانقلابات والحروب والاضطرابات السياسية

دبي- رويترز/ يشهد السودان حرباً مستمرة منذ عامين بين الجيش وقوات الدعم السريع، ويحفل تاريخه بعدد من الحروب الأهلية والانقلابات العسكرية والتمرد، وقال الجيش السوداني، الجمعة، إنه سيطر بالكامل على القصر الرئاسي في وسط الخرطوم، في أحد المكاسب الأكثر رمزية في معركته مع قوات الدعم السريع.

فيما يلي بعض أبرز الاضطرابات السياسية والصراع في البلد الذي يبلغ عدد سكانه 50 مليون نسمة.

أبرز الاضطرابات السياسية في السودان
1985:‬‬ الإطاحة بالرئيس جعفر النميري، الذي استولى على السلطة في انقلاب عام 1969، بعد انتفاضة شعبية. وتولى القائد العسكري عبد الرحمن سوار الذهب السلطة، متعهداً بإجراء انتخابات في غضون عام. وتلى الانتخابات التي أُجريت عام 1986 فترة حكم مدني لمدة ثلاث سنوات.
1989: عمر البشير، وهو قائد في الجيش، يقود انقلاباً ويتولى السلطة لمدة ثلاثة عقود بدعم من ضباط جيش ينتمون لتيار الإسلام السياسي، وفي البداية حظي بدعم من حسن الترابي الذي يعد زعيماً روحياً لهذا التيار في السودان. ونأى الترابي لاحقاً بنفسه عن البشير.
1996: تحت ضغط من الولايات المتحدة، طلبت الحكومة السودانية من أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، مغادرة السودان في مايو 1998 بعد أن أمضى خمس سنوات في البلاد ضيفاً رسمياً.
1998: أطلقت الولايات المتحدة صواريخ على مصنع الشفاء للأدوية بالخرطوم. قال مسؤولون أميركيون إن المنشأة كانت تنتج مكونات أسلحة كيميائية، وإن بن لادن يمتلك جزءاً منها. أما السودان، فقال إنها كانت تنتج أدوية فقط.
2003: اندلع صراع في منطقة دارفور بغرب السودان، بين متمردين والقوات الحكومية المدعومة من ميليشيا تعرف باسم الجنجويد. قُتل نحو 300 ألف شخص وشرد الملايين. واستمر العنف حتى بعد التوصل إلى اتفاق سلام عام 2020.
ووجهت المحكمة الجنائية الدولية للبشير تهم الضلوع في جرائم إبادة جماعية وفظائع أخرى في دارفور.
2005: وقعت حكومة السودان ومتمردون من جنوب السودان اتفاق سلام بعد عقدين من القتال في أطول حرب أهلية في إفريقيا أدت إلى سقوط مليوني ضحية. نص الاتفاق على إجراء استفتاء على انفصال الجنوب. وأعلن جنوب السودان استقلاله في عام 2011.
2019: الإطاحة بالبشير بعد انتفاضة شعبية. وأعقب ذلك فترة من التوتر المتزايد بين الجيش والسياسيين المدنيين بشأن الانتقال إلى الحكم الديمقراطي.
2023: بعد احتجاجات ضد الجيش، اندلع الصراع في 15 أبريل بين الجيش بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، وهو نائب البرهان في مجلس السيادة.
2024: أدى الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع إلى أزمة إنسانية حادة، مع انتشار المجاعة في خمس مناطق واحتمال امتدادها إلى 10 مناطق أخرى.  

مقالات مشابهة

  • تطور جديد بالأزمة السياسية التي تعصف في كوريا الجنوبية
  • الرئيس المصري يناقش الأوضاع في القرن الأفريقي مع وزير خارجية إرتيريا
  • اقرأ غدًا في «البوابة».. مباحثات مصرية إريترية لتعزيز التعاون ودعم الاستقرار في القرن الأفريقي
  • استقرار القرن الأفريقي والصومال والسودان تتصدر مباحثات السيسي ووزير خارجية إريتريا
  • مصر وإريتريا تبحثان السلم والأمن في القرن الأفريقي
  • مصر وإريتريا .. شراكة استراتيجية تتعزز وتنسيق ثلاثي يدعم استقرار القرن الأفريقي
  • وزير الخارجية يحذر من مخاطر الانزلاق لدائرة تصعيد تهدد بعدم الاستقرار في المنطقة
  • خبير : التصعيد بين روسيا وأوكرانيا مرتبط بالمفاوضات والتسوية السياسية
  • خبير عسكري: المكون الشعبي السوداني يدعم الجيش في معركته ضد الدعم السريع
  • السودان.. تاريخ من الانقلابات والحروب والاضطرابات السياسية