منذ مائتى عام أو أكثر، جاء إلى مصر رحّالة وآثارى سويسرى يدعى يوهان لودفيج يوركهارت كان قد قرر أن يكتشف العالم العربى فتعلم اللغة العربية وبدأ رحلته من بلاد الشام ثم العراق وبعدما أتقن اللغة وفهم العادات والثقافة العربية والإسلامية أعلن إسلامه وأطلق على نفسه اسم الشيخ إبراهيم.
قرر «يوركهارت» الذهاب إلى مصر ومن القاهرة انطلق إلى السودان وفى طريق عودته اكتشف وجود معبد أبوسمبل.كان «يوركهارت» قد استعان بصبى من أسوان كدليل ليزور المناطق الأثرية وذهب به الصبى إلى المعبد المهيب فسجل «يوركهارت» مشاهداته وأطلق على المعبد اسم الصبى الذى كان دليله. بعد ذلك جال «يوركهارت» فى العديد من البلدان العربية كمستشرق وآثارى ورحّالة ومات مسموماً فى عام 18017 ودُفن فى مدافن باب النصر بالقاهرة.
بعد أن قررت مصر بناء السد العالى فى خمسينات القرن الماضى، تبين أن غمر المياه فى مساحات شاسعة من خلال بحيرة ناصر سيؤدى إلى غرق العديد من الآثار التى تمثل معالم حضارية غير متكررة فى تاريخ العالم، ومنها معبد أبوسمبل الذى بناه الملك رمسيس الثانى أشهر فراعنة الدولة المصرية الحديثة الذى عاش 90 عاماً -1303 ق م.. 1213 ق م- حكم خلالها لمدة 67 عاماً.
بنى الملك رمسيس معبدأبوسمبل الذى يعد تحفة هندسية معمارية لا مثيل لها منحوتاً فى الصخر، تتصدر واجهته أربعة تماثيل كبيرة له ترتفع إلى 20 متراً، يليها ممر يؤدى إلى داخل المعبد حُفر فى الصخر بعمق 48 متراً وزينت جدرانه مناظر تسجل انتصارات الملك وفتوحاته ومنها معركة قادش التى انتصر فيها على الحيثيين وكذلك مناظر تصور الملك مع المعبودات المصريات القديمات.
وقد صمم المعبد بحيث يسمح لأشعة الشمس بالوصول إلى قدس الأقداس مرتين كل عام فى 22 فبراير و22 أكتوبر وقد استغرق نحت المعبد 20 عاماً.
يحكى ثروت عكاشة، وزير الثقافة الأشهر، فى مذكراته عن إنقاذ آثار النوبة ومنها معبد أبوسمبل، يقول: بعدما توليت وزارة الثقافة فى نوفمبر 1958 زارنى السفير الأمريكى فى مصر مصطحباً مدير متحف متروبوليتان فى نيويورك الذى قال: جئت لكى أشترى معبداً أو اثنين من معابد النوبة المحكوم عليها بالغرق بعد بناء السد العالى.
أصابنى ضيق شديد لأن يكون تراث أجدادنا مما يباع ويشترى، فقلت له فى صيغة لوم: كان يجب أن يبادر متحف متروبوليتان بمد يد العون العلمى لإنقاذ هذا التراث الإنسانى بدلاً من التفكير فى شرائه.
كنت قرأت كتاب «موت فيلة» لكاتب فرنسى مولع بتاريخ مصر الفرعونية وكتب أن حضارة مصر تموت بموت معبد فيلة بعد إقامة خزان أسوان. وتساءلت بينى وبين نفسى فى فزع: كيف لثورة يوليو أن تشترى رخاء المستقبل ببناء السد العالى بالتفريط فى معالم خالدة من الماضى!
بدأت ملحمة إنقاذ أبوسمبل بإطلاق نداء إلى العالم لجمع الأموال ولحشد الخبرات العلمية ومن بين عدة اقتراحات بشأن طريقة إنقاذ المعبد كان الاقتراح المصرى الذى أعده الفنان أحمد عثمان، مؤسس كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، وهو ما تم تنفيذه بتقطيع مكونات المعبد إلى كتل تزن كل منها ما بين 20 إلى 30 طناً بفاصل تقطيع لا يزيد على 6 ملليمترات ولكن العمال المصريين قللوا الفاصل إلى 4 ملليمترات، بحيث يستخدم ناتج التقطيع فى لحام الكتل الحجرية مرة أخرى فلا تظهر فواصل واضحة.
عمل فى نقل المعبد ألفا عامل مصرى وشاركت اليونيسكو ومنظمات دولية ودول العالم فى عملية الإنقاذ الذى تم الانتهاء منها فى 22 سبتمبر 1968. كانت عملية إنقاذ أبوسمبل من أهم وأبرع عمليات إنقاذ الآثار بهذه الطريقة المبدعة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني
إقرأ أيضاً:
إنقاذ مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر
جازان
أنقذت فرق البحث والإنقاذ بحرس الحدود بمنطقة جازان مواطنين تعطلت واسطتهما البحرية في عرض البحر، وقدمت المساعدة لهما.
وأهابت المديرية العامة لحرس الحدود بالالتزام بإرشادات السلامة البحرية والتأكد من سلامة الوسائط البحرية قبل الإبحار.
كما حثت على الاتصال بالرقمين (911) في منطقتي مكة المكرمة والشرقية، و(994) في بقية مناطق المملكة لطلب المساعدة في الحالات الطارئة.