موقع 24:
2024-12-25@21:49:38 GMT

غوتيريش وزمن «الكسر الكبير»

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

غوتيريش وزمن «الكسر الكبير»

كثيراً ما تندرت الأقلام على موقع الأمين العام للأمم المتحدة، انطلاقاً من أنه رجل مهمته «الإعراب عن قلقه» وليس أكثر من ذلك.

غير أن في خطاب السيد غوتيريش أمام الجمعية العمومية هذا العام، بدا أن للرجل في الحق ألف حق، حين يعبّر عن قلقه المتحول مخاوف جذرية تتهدد مستقبل البشرية، من غير استثناء.
ليس لدى السيد غوتيريش قوات مسلحة ذات طبيعة خارقة، يمكنه من خلالها أن يغير حال العالم إلى الأفضل؛ ذلك أن المؤسسة الأممية في أول الأمر وآخره، شأنها شأن أي تنظيم دولي، لا قيمة له إلا بمقدار ما يتنازل له الأعضاء الكبار فيه عن جزء من سيادتهم، وعن بعض من قوتهم، لتكون من ذلك مشيئة لها قدرة ونفوذ على فرض الحقائق المتسقة مع مقتضيات العدل، والذي يجب أن يكون أساساً للشرعية الدولية.


ما يملكه غوتيريش هو «صوت صارخ» في «برية العولمة»، والتي تكاد تتفكك وتتفسخ؛ ولهذا استخدم تعبيرات موجعة جداً حين وجّه خطابه للرؤساء، ورؤساء الوزارات، والملوك والوزراء ممثلي دول العالم، في كلمته.
«استيقظوا واتخذوا الإجراءات اللازمة الآن... قبل أن تصل الإنسانية إلى مرحلة الكسر الكبير».
هل كان سيد «البيت الزجاجي» واقعياً أم مغالياً في تقديراته التي سلطت الأضواء على عالم معتل ومختل؟
واقعي مائة في المائة، من غير تهوين أو تهويل؛ ولهذا السبب يمكن القطع بأن هناك فترة انتقالية مدتها عام، تبدأ من نهاية أعمال هذه الدورة، وتنتهي بحلول الدورة القادمة للجمعية العمومية، 2024، والتي ستحمل عنوان «قمة المستقبل».
خلال هذا العام، سوف يتوجب على أصحاب العقول الراجحة، والضمائر الصالحة، التفكر والتدبر في عالم يموج بالصراعات على مختلف الصعد، عسكرياً واقتصادياً، اجتماعياً وتكنولوجياً.
يكاد الراوي أن يحدثنا عن رؤيته لـ«مارس إله الحرب»، وهو يضحك بملء شدقيه، من حروب عبثية تنتقل من موضع إلى آخر مجاور، وخلف الباب شهوة آثمة تتطلع للتسيد على العالم؛ ما يعني أن شبح الحرب، بات يهدد أجواء السلام.
كم هي رقيقة وراقية، كلمة السلام، تبعث في النفس الطمأنينة، وتستجلب للروح السكينة، لكن من أسف، يحتاج السلام إلأى قوة تحققه، ولا تكفي لإدراكه، الرغبات أو البيانات والخطب الرنانة، كما لا تفلح معه الرايات الفاقعة، ولا تجدي تجاهه الأصوات الزاعقة، ولطالما تحكمت البراغماتية الاقتصادية، والنرجسية غير المستنيرة، في مسارات العالم المالية، ومساقاته الاقتصادية، فإن أغصان الزيتون لن تظهر في فم «حمامة نوح» من جديد.
غوتيريش محق إلى أبعد حد، لا سيما بعد أن أظهرت الأوبئة القاتلة، كما في حال «كوفيد - 19»، حالة الازدواج الأخلاقي التي تعمّ الكوكب الأزرق، لا سيما بعد أن حصلت الدول الغنية أولاً على اللقاحات لمواجهة الجائحة، في حين تُركت الدول الفقيرة على طرقات الوباء تنتظر من يتعطف ويحنو عليها.
تظهر هشاشة عالمنا في مواجهة ثورة الطبيعة مؤخراً، والتي فضحتها الكوارث المناخية من زلازل وأعاصير، وبينما الخليقة «تئن وتتمخض»، وعلى عتبات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب 28»، لا يبدو أن هناك من يفكر بعزم أو يعمل بحزم، لمجابهة تحديات المناخ.
كما أن الوفرة والرفاهية، ناهيك عن الثراء الذي توافر للكثير من الدول الغنية، جميعها مهددة بالزوال والاضمحلال من وراء التضخم والديون العالمية، لا سيما التي تراكمت فوق أعناق الدول الفقيرة والنامية، وبخاصة في ظل عدم مقدرة الأخيرتين على السداد.
هل عالمنا بالفعل معرّض للخطر الساحق الماحق، بعد أن بات الشلل قريباً منه، ومعالم الطريق المسدودة تتجلى في الأفق، ضمن خلل عالمي هائل؟
هذا ما يبدو في الانتظار، كمقدمة للكسر الكبير القادم لا محالة، بعد أن باتت شعوب وأمم الكرة الأرضية غير قادرة على الاتفاق، ومغلبة مجاهل الافتراق.
فلينظر القارئ إلى التفاوت المتزايد بين الشمال الأكثر ثراءً، والجنوب الأعمق فقراً، وما بينهما لا تتسع فقط الفجوة الحياتية من منطلقات اقتصادية، بل تتعمق الهوة الحضارية والثقافية، والأمر عينه يكاد ينسحب على العلاقات بين الشرق والغرب؛ ما يفتح أبواباً واسعة تتدفق منها مشاعر الكراهية ورفض الآخر.
تبدو مهلة العام المقبل، والتي تستبق «قمة المستقبل» فرصة ذهبية للتفكير العميق في النوازل الكفيلة بإحداث قفزات في تاريخ البشرية، ومن آياتها، عالم الذكاء الاصطناعي التقليدي منه، ثم الفائق الوصف القادم لا محالة، ضمن عصر الميتافيريس وابتكارات ما أنزل الله بها من سلطان.
هذه القفزة ستضحى وبلا شك سردية غير مضمونة العواقب، بأوجهها الإيجابية الخلاقة من ناحية، ومثالبها المرعبة على الجانب الآخر من شاطئ المخترعات.
والشاهد، أنه وإن لم يتعرض غوتيريش لحديث التهديدات النووية، تلك التي أفرد لها خطابه من المنبر نفسه عام 2017، إلا أن هذا الخطر الداهم، لا يزال يمثل كابوساً جاثماً على صدر العالم، وبخاصة في ظل حالة «اللايقين» التي تلف الحرب الروسية - الأوكرانية.
لم يوفر الأمين العام للأمم المتحدة التساؤل حول مستقبل المنظمة الأممية؛ إذ وصفها بأن الوقت لا يسير في صالحها، في حين أن الحقيقة المؤكدة هي أن العالم الآن في حاجة إلى تفعيل مقدراتها أكثر من أي وقت مضى.
الكسر الكبير قراءة للتاريخ وليس قراءة في فنجان.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني غوتيريش بعد أن

إقرأ أيضاً:

قوات الجيش تؤدب مليشيا الإصلاح بتعز والتي انساقت مع تهديد العدو الإسرائيلي ضد اليمن

متابعات:

نفذت قوات الجيش اليمني خلال الساعات الماضية عملية تأديبية خاطفة ضد عدد من مواقع مرتزقة العدوان الأمريكي السعودي التابعة لحزب الإصلاح في محافظة تعز والتي انساقت من أول وهلة مع تهديدات العدو الإسرائيلي للشعب اليمني.

وأكد نائب وزير الخارجية السابق حسين العزي في منشور له على منصة إكس أن عملية التأديب اقتصرت على جماعة الإخوان التي لبّت نداء العدو الإسرائيلي عقب ساعات فقط من تهديد الأخير بتحريك أدواته في اليمن.

وأضاف: طبعا العملية التأديبية أنهت بشكل خاطف شطباً وتحريرا كلياً للمواقع التي نفذت رغبة الكيان البغيض ولا نية لدى القوات اليمنية القيام بما هو أكثر ما لم تتكرر الحالة من مواقع أخرى..

مقالات مشابهة

  • «البقاء للأقوى».. «مباني خشب» ضد الكسر بأيدي طلاب «هندسة المنصورة الأهلية»
  • صندوق النقد العربي: قطاع المالية في الجزائر يتميز بالإنفاق الكبير لدعم الاستقرار الاقتصادي
  • الفجوة الرقمية.. 2.6 مليار شخص ما زالوا خارج عصر الإنترنت
  • قوات الجيش تؤدب مليشيا الإصلاح بتعز والتي انساقت مع تهديد العدو الإسرائيلي ضد اليمن
  • موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم
  • المدير العام لقوات الشرطة يلتقى وفد رابطة الصحافة الألكترونية ويشيد بالدور الكبير للأجهزة الإعلامية فى إبراز خدمات الشرطة تجاه المواطنين
  • غوتيريش ومستشار لترامب يدليان بتصريحات جديدة بشأن سوريا
  • مفيدة شيحة: المتحف المصري الكبير يتصدر قائمة المسافرين في 2024
  • لاعبو كرة القدم: تعبنا من كثرة المباريات.. وبطولة الفيفا الجديدة هي القشة التي قصمت ظهر البعير
  • خلال 8 سنوات فقط.. قصة نجاح شركة العاصمة التي أبهرت العالم بالقصر الرئاسي