تَعِبَ الغرب وزيلينسكي لم يتعب
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
لا ينفك الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، وأينما حط رحاله، في أوروبا أو الولايات المتحدة أو كندا، في المطالبة بالمزيد من الأسلحة لقواته التي تقاتل القوات الروسية منذ فبراير/شباط 2022، رغم أنها شنت هجوماً مضاداً فاشلاً في يونيو/حزيران الماضي، لم يحقق أهدافه في استرجاع الأراضي التي احتلتها القوات الروسية.
هذا يعني أن الجيش الأوكراني يعاني قلة الذخائر من جهة، وعدم القدرة على تجديد إمدادات الأسلحة الضرورية من جهة أخرى. وكلما ازداد النقص في الذخائر والعتاد، أصبح الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للقوات الأوكرانية.
وبما أن هذا هو وضع القوات الأوكرانية، وهذا هو وضع الحلف بالنسبة لمخزون الأسلحة لديه، فإن مطالبة زيلينسكي بالمزيد من الأسلحة تصبح مطالبة هزلية، لأن دول الحلف قدمت كل ما تستطيع من دون أن تتمكن القوات الأوكرانية من اختراق الخطوط الروسية، وما حققته من مكاسب ضئيلة لا يوازي حجم الدعم الأطلسي، ولا تضحيات الجيش الأوكراني الذي فقد مئات الآلاف من أفراده.
إضافة إلى ذلك، فإن ما قدمته دول الحلف من دبابات متطورة مثل «شالينجر» و«ليوبارد» و«إبرامز»، وصواريخ «هيمارس» و«ستورم شادو»، و«باتريوت» وغيرها، لم تتمكن من تغيير قواعد اللعبة، ولا أحدثت تغييراً يذكر في ميدان القتال؛ ما أصاب الدول الغربية بالإحباط والخذلان إلى درجة أن بعضها أعلن عدم قدرته على تزويد أوكرانيا بالمزيد من الأسلحة.
ومع ذلك، لا يكف الرئيس الأوكراني عن المطالبة بالمزيد من الأسلحة، بذريعة أن بلاده تدافع عن أمن الدول الغربية والديمقراطية، في حين أن روسيا تعلن استعدادها للمفاوضات، ووقف الحرب على قاعدة حياد أوكرانيا والأمن المتبادل في أوروبا.
وبما أن الحرب الأوكرانية تحولت إلى حرب استنزاف، مادامت القوات الأوكرانية عاجزة عن تحقيق الانتصار، ومادام لدى روسيا القدرة على الصمود لأجل طويل المدى في وجه مخطط هزيمتها، فلعل الأجدى أن يقتنع زيلينسكي ومعه الولايات المتحدة بأن المفاوضات هي الطريق الأقصر، لوضع حد لحرب باتت تشكل عبئاً على المشاركين فيها وعلى العالم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني القوات الأوکرانیة من جهة
إقرأ أيضاً:
سيناريوهات الصراع الروسي الأوكراني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
شهدت الساحة الدبلوماسية توترا واضحًا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، انعكس ذلك في اللقاء الذي انتهى مبكرًا في البيت الأبيض.. تصريحات ترامب الحادة، التي تضمنت تحذيرًا من إشعال حرب عالمية ثالثة، تعكس تغيرا جذريا في موقف واشنطن تجاه كييف، خاصة مع عدم توقيع اتفاق المعادن وإلغاء المؤتمر الصحفي المشترك.
يبدو أن إدارة ترامب تسعى لإجبار زيلينسكي على تقديم تنازلات للروس، سواء فيما يتعلق بالحد من المطالب الأوكرانية أو القبول بتسوية جغرافية تشمل انسحابًا جزئيًا من بعض المناطق المتنازع عليها، كما أن نهج ترامب يختلف عن سياسة إدارة بايدن، حيث يميل إلى خفض الدعم العسكري لكييف والتركيز على "صفقة" مع موسكو بدلًا من التصعيد المستمر.
في المقابل، موسكو قد تكون أكثر انفتاحًا على التفاوض مع إدارة ترامب مقارنة بإدارة بايدن، خاصة إذا تضمنت التسوية ضمانات أمنية تلزم أوكرانيا بعدم الانضمام إلى الناتو.
على الرغم من إشارات ترامب إلى وجود "تقدم" في محادثات السلام، فإن التحديات التي تواجه أي اتفاق تظل كبيرة، فمن جهة، تبدو أوكرانيا غير مستعدة لتقديم تنازلات كبرى، خاصة في ظل موقف زيلينسكي الرافض لأي تسوية تعني خسارة أراضٍ لصالح روسيا، ومن جهة أخرى، يواجه ترامب معارضة داخلية من الكونجرس، الذي يضم أصواتًا قوية تؤيد استمرار الدعم لكييف.
إضافة إلى ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي قد يعارض أي اتفاق يرى أنه يأتي على حساب المصالح الأوكرانية ويؤدي إلى ترسيخ النفوذ الروسي في المنطقة، وبذلك، تصبح فرص نجاح وساطة ترامب مرهونة بمدى قدرة واشنطن على إقناع كييف وحلفائها الأوروبيين بقبول حل وسط.
وفي ظل التحالف الأمريكي-الروسي الحالي المفترض، سيكون للدور الأوكراني تأثير محدود على المسار النهائي للصراع، لكنه لن يكون غائبًا تمامًا، يمكن تصور عدة سيناريوهات لموقف أوكرانيا ضمن التوازنات الجديدة، وذلك بناء على كيفية تعامل القيادة الأوكرانية مع التحولات الدولية.
في حال تحقق السيناريو الأول، الذي يقوم على تسوية سياسية برعاية أمريكية-روسية، ستجد أوكرانيا نفسها أمام ضغوط هائلة للقبول بالواقع الجديد، قد يتم استبعادها من الانضمام إلى الناتو كجزء من الاتفاق، لكنها قد تحصل على ضمانات أمنية من القوى الكبرى لحمايتها من أي هجوم مستقبلي، كذلك، قد تمنح المناطق المتنازع عليها حكمًا ذاتيًا، وهو ما قد ترفضه أوكرانيا في البداية، لكنها قد تضطر إلى القبول به إذا فقدت الدعم العسكري والمالي الأوروبي، بعد أن فقدت الدعم الأمريكي، في المقابل، يمكن أن تلعب كييف دورا جديدًا كدولة محايدة تحافظ على علاقات متوازنة بين الشرق والغرب، دون الانحياز الكامل لأي طرف.
أما في السيناريو الثاني، الذي يقوم على تقسيم أوكرانيا وتحويلها إلى منطقة عازلة، فستكون كييف الطرف الأكثر تضررًا، ستفقد الحكومة الأوكرانية السيطرة على شرق البلاد، مما يعني تغييرًا دائمًا في خريطة الدولة، ورغم احتمال مقاومة كييف لهذا السيناريو دبلوماسيًا وعسكريًا، إلا أن فقدان الدعم الأمريكي بسبب التفاهم مع روسيا قد يجبرها على قبوله، في هذه الحالة، يمكن أن تتحول أوكرانيا الغربية إلى دولة تابعة للاتحاد الأوروبي، لكن دون انضمام رسمي إلى الناتو، بهدف الحفاظ على توازن القوى في المنطقة.
أما في السيناريو الثالث، الذي يقوم على انسحاب تدريجي وتجميد الصراع، فستحافظ أوكرانيا على سيادتها، لكنها لن تستعيد الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، قد يؤدي ذلك إلى استياء داخلي ومعارضة شعبية ضد أي حكومة توافق على هذا الوضع، لكن في المقابل، قد تحصل كييف على حوافز اقتصادية ودعم لإعادة الإعمار مقابل القبول بالأمر الواقع، في هذه الحالة، قد تتغير القيادة الأوكرانية إذا رفضت الحكومة الحالية هذا الاتفاق، حيث قد يتم دفع قوى سياسية جديدة إلى السلطة تكون أكثر استعدادًا للتفاوض مع روسيا.
بشكل عام، تجد أوكرانيا نفسها أمام خيارين رئيسيين: إما القبول بالواقع الجديد وتقديم تنازلات لضمان بقائها كدولة مستقرة، أو الاستمرار في المقاومة، مما قد يؤدي إلى فقدان الدعم الدولي وعزلها سياسيًا واقتصاديًا. ومع تغير أولويات الولايات المتحدة وحلفائها، قد تجد كييف نفسها مضطرة للتكيف مع معطيات جديدة، حيث لن تكون قادرة على فرض إرادتها بشكل منفرد، بل ستظل رهينة للتفاهمات الدولية بين القوى الكبرى.
وساطة ترامب تمثل تحولا حاسما في مسار الحرب الأوكرانية، لكنها تواجه عراقيل كبيرة، التصعيد مع زيلينسكي يوحي بأن أوكرانيا قد تجد نفسها في موقف صعب مع قرار واشنطن بوقف الدعم العسكري والمالي، ما قد يجبرها على تقديم تنازلات لموسكو، في المقابل، قد تستغل روسيا هذا الوضع لصالحها، فيما يظل موقف أوروبا عاملًا حاسمًا في تحديد مستقبل الصراع.