كتابات إسلامية عدة، لعبت على توظيف وقائع السيرة النبوية لصالح الجماعات الدينية المتطرفة، ما يمثل انتهاكًا صارخًا للقيم النبيلة التي جاء بها النبي الكريم، حيث قامت هذه الكتابات بتزييفها، وإعادة تفسيرها لصالح التطرف الديني.


من التناقضات الحادة التي تقع فيها مؤلفات السيرة النبوية، المكتوبة من قبل السلفيين مثلا، بوصفهم تيارا دينيا متشددا يهاجم الاحتفالات السنوية بالمولد النبوي الشريف، أنها تصر على مرويات تعطي دلالة على أن النبي الكريم عندما أنجبته السيدة آمنة بنت وهب ظهرت علامات كونية توحي بأن الأرض والكون والوجود بكامله احتفل لقدومه صلى الله عليه وسلم، وأن ذهابه طفلا مع السيدة حليمة من أجل الرضاعة كان بشرة خير وبركة على أهل بيتها، إذ لاحظت تغيرات لافتة مثل اخضرار العشب والمرعى أمام غنماتها، والسؤال المنطقي هنا: إذا كان قدوم النبي منذ صغره لأي مكان كان علامة خير وابتهاج، فلماذا يتحول هذا الابتهاج الكوني إلى بدعة، وإصرار على تبديع العادات الشعبية المُبهجة التي تنحاز للفرح والسعادة في أيام مولده الشريف.

ذهب طفلا مع السيدة حليمة من أجل الرضاعة كان بشرة خير وبركة على أهل بيتها، إذ لاحظت تغيرات لافتة مثل اخضرار العشب والمرعى أمام غنماتها

تجاهل للموروث التاريخي في الاحتفال بالمولد
معنى الفرح المتأصل في العادات الشعبية المصرية، أكدت عليه دار الإفتاء المصرية في خطابها المعتدل والناصع أمام خطابات سلفية متشددة، حيث قالت الدار في بيان لها على صفحتها بفيسبوك: "من فوائد الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الفرح به، إظهار محبته، إدخال السرور على الأسرة". 


في كتابه "المدائح النبوية في الأدب العربي" نقل زكي مبارك عن المصادر التراثية واقعة تشير إلى التوافق الذي وقع بين ممارسة شعبية ودعم سياسي ومساندة علمية من جانب الحافظ بن دحية الأندلسي الذي مرَّ بمدينة "أربيل" العراقية، عام ٦٠٤ه، وكان يحكمها مظهر (أو مظفر) الدين كوكبري، فلاحظ ابن دحية اهتماما من كوكبرى بعمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول من كل عام فألف له كتابا بعنوان "التنوير في مولد السراج المنير" ختمه بقصيدة طويلة. وقد حظى هذا الكتاب باهتمام في الموالد المتتالية إذ عكف عليه الصوفية يقرءونه في حلقات احتفالا بمولد النبي الكريم. وقال "مبارك" في كتابه المشار إليه أنه لم يستطع "الوصول إلى معرفة أول من ألف في الموالد، فليكتف القارئ بأن يعرف أن من أقدم ما عرفنا من هذا النوع كتاب "العروس" وهو مولد ألفه ابن الجوزي المتوفي سنة ٥٩٧ه، ورسالة ابن جابر الأندلسي المتوفي سنة ٧٨٠ه، ورسالة الرعيني الغرناطي المتوفي سنة ٧٧٩ه، وفي دار الكتب المصرية نحو أربعين مولدا ألفت في عصور مختلفة. هذه الموالد التي عكفت على تأليفها الأدباء والعلماء احتفالا بمولد النبي الكريم، جاءت عبارة عن منظومات نثرية غنائية تصلح للترتيل والإنشاد، لتُقرأ في حلقات احتفالا وابتهاجا، وكتب فيها ابن كثير، وابن ناصر الدمشقي، وجلال الدين السيوطي. وتجاهلت الرؤية السلفية ومن وراءها الجماعات الدينية المتطرفة كل الموروث المنفتح على الاحتفال والابتهاج بذكرى المولد النبوي، بما فيها من منجز علمي وأدبي لعلماء كبار، أو رسوخ لعادة شعبية فيها انحياز للفرح وتأكيد على الانتماء للمجتمع والوطن، أيضا تجاهل لتغير الزمن، فقديما كان المجتمع عبارة عن قبائل وحاليا تحول المجتمع إلى نظام حديث من الدول التي تتعامل مع المناسبة الدينية بوصفها يوما مشهودا مثل المناسبات الوطنية، تقدرها وتعطيها حقها في الاحتفال، وتجعلها مناسبة لتقديم الكلمات من المسئولين يجددون فيها الالتزام بأخلاق النبي الكريم والعمل على مصالح الناس بما يتلاءم مع روح الرسالات الدينية وسماحتها وانحيازها لمصالح الناس.


لم تكتف الرؤية المتشددة في تبديع الاحتفال بالمولد النبوي، بل عملت على تحريف معاني أحداث ومواقف خاصة بسيرة النبي الكريم بصورة تتناسب مع التطرف والإرهاب، فهي حينما حرَّمت الاحتفال بمولد النبي وجعلته بدعة، وتجاهلت ما في الاحتفال من جمال إنساني رائع يربط ما بين الأطفال وما بين شخص النبي الكريم عن طريق الإحساس بالسرور والبهجة وتوزيع الحلوى، بينما هم يعملون على ربط الأطفال بالقتل والعنف وتحريف معاني سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.

الجاهلية مصطلح يضمن في جوهره "التكفير" اعتمد عليه المودودي وحسن البنا ومن بعدهما سيد قطب في كتابه الشهير "معالم في الطريق" وأخوه محمد قطب في كتابه "جاهلية القرن العشرين".

الجاهلية وتكفير المجتمع
عادة ما تتم دراسة عصر ما قبل الإسلام المعروف بالعصر الجاهلي وبيان مدى التردي الذي وصلت إليه قبائل العرب قبل بعثة النبي الكريم، لكن الكتابات الإسلاموية ركزت بصورة كبيرة على نقل صفات ذلك العصر الماضي وإسقاطها على العصر الحالي، وفضلت أن تطلق على عصرنا مصطلح "الجاهلية"، وهو مصطلح يضمن في جوهره "التكفير"، اعتمد عليه الداعية الباكستاني أبو الأعلى المودودي وحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية ومن بعدهما سيد قطب في كتابه الشهير "معالم في الطريق"، وأخوه محمد قطب في كتابه "جاهلية القرن العشرين".


في ذات الإطار، قال المودودي: "وأما جاهلية الشرك فوثبت على عامة الناس وعدلت بهم عن جادة التوحيد إلى ملاوي الضلال المتشعبة، وأن المسلمين وإن لم يرجعوا إلى الوثنية الصريحة إلا أنه لم تبق صورة من صور الشرك لم ترج في مجتمعاتهم رواجًا"؛ وفقا لما ذكره في كتابه "موجز تجديد الدين وإحياؤه"، وفي الاقتباس قصد المودودي إطلاق لفظ الجاهلية على المجتمعات الحديثة، وبين نوعها أنها "جاهلية الشرك"، وهو تكفير يطلقه في العموم دون حذر أو خجل.


يفضل فكر الجماعات الإسلامية أن يحيا في الأزمنة غير المستقرة، أزمنة حرجة، يشيع في أنصاره أنه لابد من وجود مخاطر وحروب ومجازفة بالنفس، أي أنه فكر يفتعل الأزمات إن لم تكن موجودة، وعلى هذا النحو يتم تفسير السيرة النبوية بشيء من المغالاة، ومثال ذلك الداعية الهندي أبو الحسن الندوي في كتابه "السيرة النبوية"، حينما قال: "كان الطريق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الإسلام مفروشا بالأشواك، محفوفا بالمخاوف والأخطار، لا يهتدي إليه الباحث عن الحقّ إلا إذا خاطر بنفسه، وجازف بحياته"، وأن هذه المخاطر التي عاشها أصحاب النبي من أجل الهداية لابد أن تكون موجودة في المسلمين اليوم.

الجماعات طلبت من أنصارها التخلي عن الحياة والهروب معها إلى الكهوف والجبال، واعتبرت اعتزال المجتمع نوعًا من الهجرة، والدخول في حروب شرسة مع الأنظمة الأمنية، بحجة أنها كافرة، نوعًا من الجهاد

تحريف معاني الهجرة والجهاد
المخاطر اكتملت بالهجرة النبوية التي أثبتت "أن الدعوة والعقيدة يتنازل لهما عن كل حبيب وعزيز وأليف وأنيس وعن كل ما جلبت الطبائع السليمة على حبه وإيثاره"؛ وفقا لما ذكره الندوي، وهو ما قامت به الجماعات حيث طلبت من أنصارها التخلي عن الحياة والهروب معها إلى الكهوف والجبال، واعتبرت اعتزال المجتمع نوعًا من الهجرة، والدخول في حروب شرسة مع الأنظمة الأمنية، بحجة أنها كافرة، نوعًا من الجهاد، فانحرفت بمعاني الهجرة النبوية والجهاد عن معانيهما إلى ممارسات متطرفة تناسب التوجهات الحركية للجماعات الإرهابية.


كتب السيرة النبوية التي دونت بأقلام جماعة من المنتمين إلى الفكر الديني المتطرف، تأتي ممتلئة بالحض على العنف والتكفير والانفصال عن الناس، تستخدم لفظ "الجاهلية" كي تشير به إلى العصر الحالي، وتسقطه على زمن غير الزمن الذي سبق البعثة النبوية، وأيضا تستخدم المصاعب التي تحملها الصحابة من أجل الزج بأنصارها في حروب لإسقاط الدول وتدميرها، وفي سبيل ذلك اعتبرت نفسها تتحمل نفس الصعاب التي تحملها الصحابة من أجل الدفاع عن الإسلام، وتستخدم الهجرة لتعزيز الانفصال عن الأهل والوطن والمجتمع والخروج إلى الجبال للعيش وسط منظمات سرية مسلحة تستهدف ضرب استقرار الدول. 


يرفع كتاب "السيرة النبوية" للندوي من مكانة الشقاق العائلي والخصام بين الإخوة، بحجة أن الدين يعزز هذا الخصام ويدعو له، مرددين القصص التي تشير إلى اعتماد أخوة العقيدة بدلا من أخوة الدم والرحم، تمهيدا للانفصال عن الأسرة، ثم عن المجتمع والأوطان ككل، وفي هذا الصدد قال الداعية الإخواني علي الصلابي، والمدرج على قوائم الإرهاب العربية، في كتابه "السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث": "وقد حصر الإسلام الأخوة والموالاة بين المؤمنين فقط". وللندوي كتاب سماه "قصص النبيين" أشاد به سيد قطب، قائلا: "احتوى من توجيهات رقيقة وإيضاحات كاشفة لمرامى القصة وحوادثها ومواقفها ومن تعليقات داخله في ثنايا القصة، ولكنها توحي بحقائق إيمانية ذات خطر، حين تستقر في قلوب الصغار أو الكبار". ولا يأتي هذا التقريظ والمدح إلا لأن الكتاب احتوى على دلالات خطيرة لها مردود يعزز التطرف إذا ما استقرت في قلوب الصغار والكبار بالفعل.

داعش الإرهابي عمل بدأب على تجنيد الأطفال في حروبه وحثهم على القتل والعنف بضراوة، مستغلا براءة الأطفال للزج بهم في معارك طاحنة

تجنيد الأطفال في الحروب
خلافا لما استقرت عليه مواثيق حقوق الطفل، التي تنادي بحمايته وضمان نشأته في بيئة آمنة، وتحث عليه المبادئ الإسلامية النبيلة، تتجه مؤلفات المتطرفين إشاعة صورة مغلوطة عن النبي الكريم وكأنه يحفز الأطفال على المشاركة في الغزوات والحروب متجاهلين تمامًا أن النبي رفض بوضوح مشاركة الأطفال في الحرب، بل وحث الصحابة على عدم قتل الصبية الصغار، لكن هذه المؤلفات تعمد دائما إلى المرويات التي تخبر بتسلل بعض الفتية إلى الحرب للمشاركة بدافع الحماسة التي تسيطر عليهم في مقتبل العمر، فيصنفونها تحت عناوين براقة تشير إلى تجنيد الأطفال وأنه لا ضرر فيه، في حين أن هذه المشاركات كانت خفية وحماسية وليست أصلا في حروب النبي ضد المعتدين، وفي بعض المرويات نجد أمًا تشجع ابنها على اللحاق بجيش المسلمين، فتعمل المؤلفات المضللة على تضخيم هذا الحدث من باب دور المرأة في دفع الأبناء الأطفال للجهاد.


فإذا كان الابن الذي تشجعه الأم، طفلا مثلا، تتجاهل هذه المؤلفات البُعد النفسي لمشاعر مخلصة من امرأة تتعجل رؤية ابنها في موقف الرجال الشجعان يدافع عن أهله ويصمد في الحروب، وهذه المشاعر ليست أصلا أيضا في الحروب، أما القصة المروية عن سعد بن معاذ، وكان رجلا سيدا في قومه، شجعته أمه على اللحاق بالجيش في معركة الخندق، فهي تخص تشجيع أحد المقاتلين الشجعان، وقد عاد من المعركة مرميًا بسهم ظل يتوجع منه حتى مات في غزوة بني قريظة، متأثرا بجرحه.  في كتابه "السيرة النبوية" نقل الندوي مرويات تحت عنوان "تنافس الغلمان في الجهاد والشهادة"، منها قصة عُمير بن أبي وقاص، البالغ من العمر ١٦ عاما، لكن النبي رده لصغره، ومن المعلوم أن سمات البلوغ في المجتمع القبائلي الصحراوي آنذاك كانت تظهر في سنوات مبكرة، لكن الأصل في القصة أن النبي رده تحسبا لصغر سنه، لكنه عاد وأذن له بالخروج بعد إصرار عمير وإلحاحه مع البكاء، وهنا ركز الندوي على إجازة النبي وتجاهل القاعدة الأساسية التي انطلق منها النبي وهي منع مشاركة الأطفال في الحرب. 


لكن الجماعات الدينية تنحرف عن هذه المعاني إلى التأكيد على إهلاك الأطفال في الحروب، ولا عجب أن نرى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الإرهابي يعمل بدأب على تجنيد الأطفال في حروبه ويحثهم على القتل والعنف بضراوة، مستغلين براءة الأطفال للزج بهم في معارك طاحنة.


هذا المعنى تمت الإشارة إليه في سياق المدح والرضا، ضمن كتاب "أبو الحسن الندوي دراسات وبحوث"، حيث قال نصر العتوم، أحد المشاركين في أبحاث الكتاب، متحدثا عن كتاب قصص النبيين للندوي، إنه "في كل قصصه عن الأنبياء وحكاياته عن التاريخ الإسلامي دعوة إلى الجهاد وحب الاستشهاد، وترغيب الطفل في الشهادة في سبيل الله، لأن الجهاد في سبيل الله هو المخزون الفعلي للطاقة الإسلامية من أشبال الإسلام الذين هم حراس العقيدة وحماة الديار". وهو ما طبقته وعملت عليه الجماعات الدينية بإصرار شديد.

طه حسين: الموالد تثير العاطفة وترضي الذوق .. لا تحرموا الناس من متعة لا تخالف الدين

المفكرون المصريون والوجه الحضاري للسيرة النبوية
في الوقت الذي اتجهت في الكتابات السلفية أو الكتابات الصادرة عن جماعات دينية متطرفة إلى تحريف معاني ووقائع أحداث كثيرة في السيرة النبوية إلى جانب التطاول على من يقيمون الموالد والاحتفالات بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، فإن عددا كبيرا من المفكرين والأدباء المصريين الكبار اتجهوا إلى بيان أوجه الرحمة والأخلاق النبيلة العالية في سيرته الحميدة، وبيان أوجه الجمال الإنساني والوجه الحضاري المشرق الذي قدمه النبي الكريم إلى البشرية جمعاء، أمثال الدكتور طه حسين صاحب "على هامش السيرة"، ومحمد حسين هيكل مؤلف "حياة محمد"، وكتب مقدمة الكتاب شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر مصطفى المراغي، والأديب الكبير عبدالرحمن الشرقاوي في كتابه "محمد رسول الحرية"، وأستاذ الدراسات الأدبية الدكتور شوقي ضيف في كتابه "خاتم النبيين"، وغيرهم الكثير.


انتبه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين لفاعلية الأسطورة والخيال في تدريب ذائقة الجمهور على قيم جمالية منها الاستراحة بهذه القصص أمام عناء الحياة ومشاقها، فهي مجال لالتماس الراحة والترفيه، من هذه القصص ما وقع تداوله بين العرب قبل بعثة النبي الكريم، سجله مثل هذه القصص في كتابه الشهير "على هامش السيرة"، وهو يرى أن ما أورده في كتابه وإن كان به بعض روايات لم تصح فإنه التزم بها لأنها كانت متداولة ولها وقع وتأثير في نفوس الناس، فهى تعطي طاقات من المتعة والخيال واللذة العقلية المطلوبة.


ومثلما نظر لجانب من المرويات التاريخية لها وقع طريف ومحبب للقارئ العربي، بينما نبه على ضف موقعها التاريخي، فإنه أيضا رفض الدعوة إلى وقف الموالد أو منع قراءة المؤلفات التي تحتوي على قصص خيالية عن مولد النبي ويذهب العامة لقراءتها في مناسبة الاحتفال بالمولد النبوي. ونقلا عن كتاب "المدائح النبوية في الأدب العربي" لزكي مبارك، فإن عميد الأدب العربي، في أول أغسطس من العام ١٩٣٤، كتب مقالة يفسر فيها حياة الموالد في الجماهير الشعبية، وهو يراها تثير العاطفة وترضي الذوق، ويرى من الأصلح ألا يحرم الناس من خيال لا يخالف الدين، ولا يفسد على الناس أمرا من أمور الإيمان، وقال: "أي بأس على المسلمين في أن تتحدث إليهم قصص بهذه الأحاديث الحلوة العِذَاب فتنبئهم بأن أمم الطير والوحش كانت تختصم بعد مولد النبي، كلها يريد أن يكفله ولكنها رُدَّت عن هذا؛ لأن القضاء سبق بأن رضاع النبي سيكون إلى حليمة السعدية؟ وأيُّ بأس على المسلمين في أن يسمعوا أن الجن والإنس والحيوان والنجوم تباشرت بمولد النبي، وأن الشجر أَوْرق لمولده، وأن الروض ازدهى لمَقْدِمه، وأن السماء دنت من الأرض حين مسَّ الأرضَ جسمُهُ الكريم؟ لم تصحَّ الأحاديث بشيء من هذا ولكنَّ الناس يحبون أن يسمعوا هذا، ويرون في التحدُّث به والاستماع إليه تمجيدًا للنبي الكريم لا بأس به ولا جُناح فيه".


في كتابه "محمد رسول الحرية" اتجه الأديب الكبير عبدالرحمن الشرقاوي إلى تصوير الجوانب الإنسانية الفارقة في حياة النبي، حيث يقول: "أردت أن أصور قصة إنسان اتسع قلبه لآلام البشر ومشكلاتهم وأحلامهم وكونت تعاليمه حضارة زاهرة خصبة أغنت وجدان العالم كله لقرون طويلة". وقد فعل ذلك الشرقاوي في إطار دعوته لـ"إننا دائما في حاجة إلى إعادة تقييم تراثنا إلى إحياء ما هو إنساني فيه ونشره على العالم".


أما الأديب والسياسي الكبير محمد حسين هيكل فقد اتجه في كتابه "حياة محمد" إلى مراجعة الكثير من المسائل المهمة، قائلا: "ومن حق المؤرخ أن يسأل عن مبلغ التدقيق والتمحيص في أمر ذلك كله وما يمكن أن يسند منه إلى النبي بسند صحيح وما يمكن أن يكون من خيال المتصوفة وغيرهم"؛ في إشارة منه إلى عدد من الأمور التي تنافي العقل وتنسب إلى النبي الكريم.

في العدد الورقي

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: السيرة النبوية النبي الكريم المولد النبوي الشريف صلى الله علیه وسلم السیرة النبویة النبی الکریم الأدب العربی بمولد النبی الأطفال فی مولد النبی نوع ا من فی حروب من أجل

إقرأ أيضاً:

الصهيونية ومؤامرة تفكيك النسيج المسيحي في المشرق من خلال الجماعات الصهيونية الإرهابية

#الصهيونية و #مؤامرة #تفكيك #النسيج_المسيحي في المشرق من خلال الجماعات الصهيونية #الإرهابية

بقلم : المهندس محمود “محمد خير” عبيد

في مشهدٍ إقليميٍّ معقّد تتداخل فيه الأجندات وتختلط فيه الشعارات بالدوافع الخفية، تكشف قراءة الأحداث عن مشروع متكامل الأركان تقوده الصهيونية العالمية يهدف إلى تفكيك المشرق من الداخل. وهذا المشروع لا يستهدف البنية السياسية أو الاقتصادية فحسب، بل يضرب في عمق الوجود الروحي والحضاري، متخذًا من الجماعات الإرهابية أداةً طيعة لتحقيق أغراضه. وفي قلب هذا المخطط، تقف المجتمعات المسيحية المشرقية هدفًا مباشرًا، لا لكونها خصمًا عسكريًا أو منافسًا سياسيًا، بل لأنها تُجسّد تاريخًا مشتركًا وهوية متجذّرة تقف عائقًا أمام الرواية الصهيونية الزائفة عن المنطقة.

استهداف الأقلية لأنهم لا يشكّلون تهديدًا عالميًا
لم تختر الصهيونية استهداف المسيحيين في الغرب, حيث يشكّلون أغلبية مؤثرة, بل توجهت إلى تفكيك المسيحية في المشرق، حيث الوجود المسيحي أقل وّ يسهل ضربه وشيطنته دون مساءلة. هذا الوجود التاريخي، الذي يُعدّ الامتداد الحي للمسيحية الأولى، يشكل وجدانًا روحيًا مشتركًا بين المسلمين والمسيحيين في الشرق، وهو ما تسعى الصهيونية لمحوه عبر سياسات التفريغ والتهجير والترويع.

مقالات ذات صلة رحيل اجتماع الحكومة إلى السلط …. نتائج دون المأمول 2025/06/30

الجماعات الإرهابية: أدوات صهيونية بثوبٍ ديني
لم يعد خافيًا أن كثيرًا من الجماعات المتطرفة، التي ترفع راية الإسلام وتدّعي الغيرة عليه، تعمل في جوهرها كأدوات صهيونية تخريبية. هذه الجماعات، التي تموَّل وتُدار من غرف استخباراتية غربية وصهيونية، تمارس العنف ضد المسيحيين باسم الدين، لتولّد الكراهية، وتفكك النسيج الاجتماعي المشترك، وتدفع بالمجتمعات نحو التفكك والانفصال.
من خلال مراكز البحث الصهيونية في تل أبيب، لا تُدرَّس العقيدة الإسلامية لفهمها واحترامها، بل لإعادة تشكيلها وفق رؤيةٍ أمنية، يُنتَج من خلالها دعاة مزيفون، يُتقنون الخطاب الشرعي ظاهريًا، لكنهم يحملون أفكارًا هدّامة تخدم أجندات خارجية، وتعمل على إشعال الفتنة بين المسلم والمسيحي في أرضٍ كانت عبر التاريخ مهدًا للتعايش والرسالات السماوية.

الأرقام لا تكذب: نزيفٌ صامت للمسيحية المشرقية

ان الواقع الديمغرافي يروي قصة نزيفٍ منظم, ففي العراق، انخفض عدد المسيحيين من 1.4 مليون قبل الغزو الأمريكي إلى أقل من رُبع مليون اليوم, اما في سوريا، تقلص عددهم من 1.7 مليون إلى أقل من 700 ألف., وفي فلسطين، تراجعت نسبتهم من 8% عام 1948 إلى أقل من 1% اليوم, حتى في لبنان، تقلص الوجود المسيحي من أكثر من نصف السكان إلى قرابة الثلث، وسط تزايد نوايا الهجرة بين شبابهم.
هذه الأرقام ليست عابرة، بل نتيجة تخطيط متعمد لإفراغ الشرق من تنوعه، واستكمال مسار صهيوني طويل يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية من بعدها المسيحي والإسلامي على السواء.
ان المسيحيون كانوا و ما زالوا و سوف يبقون الشاهد التاريخي على كذب المشروع الصهيوني, فوجود المسيحيين في المشرق يعرّي المشروع الصهيوني على أكثر من مستوى من خلال انهم هم الدليل الحيّ على تعدّد المنطقة وتسامحها التاريخي، ما يناقض الصورة التي تسعى الصهيونية لتسويقها عن “منطقة متطرفة وطاردة للأقليات”., اضف الى ذلك انهم هم شركاء أصيلون في الهوية المشرقية و جزء لا يتجزأ من سوريا الكبرى، ما يجعلهم جزءًا من المعادلة الحضارية التي ترفض التقسيم الطائفي والمذهبي الذي تعمل على ترويجه الصهيونية العالمية, كما ان وجود المكون المسيحي ضمن النسيج المشرقي يكشف تناقض ادّعاء الكيان الصهيوني بأنها “ملاذ للأقليات” في وقتٍ تمارس فيه كل الأدوات لتفريغ الشرق من تنوعه الطبيعي.

الكيان الصهيوني: من رفض المسيح إلى محاربة أتباعه
تاريخيًا، رفضت المؤسسة الدينية اليهودية المسيح عليه السلام لأنه خرج من خارج نسقهم الكهنوتي، ولأنه لم يأتِ لتحقيق أطماعهم السياسية. نفس هذا المنطق العدائي يستمر اليوم في استهداف أتباعه، لا سيما أولئك الذين بقوا في المشرق، قريبين من كنائس المهد والقيامة، وحاملين لرسالة السلام رغم العواصف, فالمشروع الصهيوني يدرك أن تفريغ المشرق من مسيحيه يُسقط أي إمكانية لحوار روحي أصيل، ويُسهّل على تل أبيب تقديم نفسها كـ”حامية للأقليات” في محيط “إسلامي متوحّش” صنعته هي بيديها.

من هنا نجد ان ما تنشده المنظومة الصهيونية هو إيجاد هجرةٌ قسرية بأدوات الإرهاب الصهيوني المُقنّع بعباءة الأصولية الإسلامية، فما يحدث للمسيحيين في المشرق ليس هجرةً طوعية، ولا مجرد نتيجة طبيعية لحروب عبثية، بل هو تهجيرٌ ممنهج تقوده أذرع صهيونية تُتقن التخفي خلف عباءة الأصولية. فالجماعات المتطرفة التي تمارس القتل والخطف والترويع والإرهاب، والتي تعلن مواقفها من خلال منابر الترهيب و القتل و التكفير الممنهج باسم الدين, ليست إلا أدوات وظيفية في مشروع تفريغ الأرض من أهلها. يُدفع المسيحيون لهجرة أوطانهم تحت التهديد، وسط حملات مدروسة تُمارس فيها كل أشكال الضغط النفسي والمادي، في ظل صمت دولي مريب، وتواطؤ إقليمي واضح.

وهنا، تتجلى الماكينة الصهيونية التي لا تكتفي بسرقة الأرض، بل تسعى أيضًا لسرقة النسيج الحضاري والروحي للمشرق. المسيحيون لم يغادروا وطنهم لأنهم رفضوا العيش فيه، بل لأنهم دُفعوا قسرًا إلى الرحيل، تحت سيف الإرهاب الذي صنعته وتدعمه أجهزة استخباراتية صهيونية وأجنبية، تخطط وتنفّذ وتستثمر في الفوضى الدينية المصطنعة.

من هنا نجد بان تفكيك المسيحية المشرقية بوصفها ضرورة صهيونية، ليست الهجرة المسيحية من المشرق نتاج حروب عشوائية أو مصادفات جغرافية، بل نتيجة سياسة صهيونية مُمنهجة، تعتمد على تفجير الداخل عبر وكلاء مموّهين دينيًا، وتدعم الجماعات المتطرفة كقوة تفكيك اجتماعي وثقافي. الهدف ليس طائفة بعينها، بل تفكيك المشترك الروحي والحضاري الذي كان عبر التاريخ أقوى سلاحٍ في وجه المشروع الاستيطاني.

فحين يُغادر المسيحيون المشرق، لا يغيب فقط أهل كنيسة، بل تُطعن هوية، ويُسقط توازنٌ حضاريٌّ امتد لقرون. وهذا بالضبط ما تريده الصهيونية.

من هنا نناشد كل مسيحي مشرقي التمسك بارضه و حضارته و ثقافته و ارثه الذي حافظت عليها الأجيال السابقة منذ الاف السنين و ان لا يمنحوا للصهاينة فرصة لترويعهم و تهجيرهم من ارضهم فانتم اصل الأرض و أبنائها الأصليون.

مقالات مشابهة

  • عمرو دياب يعود إلى أورنچ.. القصة التي بدأت منذ 1999
  • كبار العلماء يحتفون بختم «علل الترمذي».. أحمد معبد عبد الكريم: هذا العلم صفوة الصفوة
  • هل ورد ذكر يوم عاشوراء في القرآن الكريم؟.. تعرف الآيات التي أشارت له
  • أحمد موسى: النائب محمد أبو العينين ترأس برلمان الاتحاد من أجل المتوسط بدعم ثمار ثورتنا العظيمة
  • تنافس وإثارة في منافسات دوري الهواة بجعلان وعبري
  • كيف تسهم الثقافة المجتمعية في تشكيل هوية الشباب وتعزيز انتمائهم؟
  • الصهيونية ومؤامرة تفكيك النسيج المسيحي في المشرق من خلال الجماعات الصهيونية الإرهابية
  • تفاصيل جديدة.. هكذا قتلت إسرائيل كبار علماء النووي في إيران
  • انطلاق مقرأة كبار القراء برواية البزي عن ابن كثير في مسجد السيدة زينب غدًا
  • الأونروا: كبار السن الأكثر عرضة للخطر بسبب انهيار الرعاية الصحية في غزة