كيف شوهت الجماعات الدينية المتطرفة الرسالة المحمدية العظيمة؟.. فن قراءة الموالد يعود إلى ما قبل القرن السادس الهجري.. وكتب فيه علماء كبار أمثال ابن كثير والسيوطي وابن دحية والعراقي
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
كتابات إسلامية عدة، لعبت على توظيف وقائع السيرة النبوية لصالح الجماعات الدينية المتطرفة، ما يمثل انتهاكًا صارخًا للقيم النبيلة التي جاء بها النبي الكريم، حيث قامت هذه الكتابات بتزييفها، وإعادة تفسيرها لصالح التطرف الديني.
من التناقضات الحادة التي تقع فيها مؤلفات السيرة النبوية، المكتوبة من قبل السلفيين مثلا، بوصفهم تيارا دينيا متشددا يهاجم الاحتفالات السنوية بالمولد النبوي الشريف، أنها تصر على مرويات تعطي دلالة على أن النبي الكريم عندما أنجبته السيدة آمنة بنت وهب ظهرت علامات كونية توحي بأن الأرض والكون والوجود بكامله احتفل لقدومه صلى الله عليه وسلم، وأن ذهابه طفلا مع السيدة حليمة من أجل الرضاعة كان بشرة خير وبركة على أهل بيتها، إذ لاحظت تغيرات لافتة مثل اخضرار العشب والمرعى أمام غنماتها، والسؤال المنطقي هنا: إذا كان قدوم النبي منذ صغره لأي مكان كان علامة خير وابتهاج، فلماذا يتحول هذا الابتهاج الكوني إلى بدعة، وإصرار على تبديع العادات الشعبية المُبهجة التي تنحاز للفرح والسعادة في أيام مولده الشريف.
تجاهل للموروث التاريخي في الاحتفال بالمولد
معنى الفرح المتأصل في العادات الشعبية المصرية، أكدت عليه دار الإفتاء المصرية في خطابها المعتدل والناصع أمام خطابات سلفية متشددة، حيث قالت الدار في بيان لها على صفحتها بفيسبوك: "من فوائد الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الفرح به، إظهار محبته، إدخال السرور على الأسرة".
في كتابه "المدائح النبوية في الأدب العربي" نقل زكي مبارك عن المصادر التراثية واقعة تشير إلى التوافق الذي وقع بين ممارسة شعبية ودعم سياسي ومساندة علمية من جانب الحافظ بن دحية الأندلسي الذي مرَّ بمدينة "أربيل" العراقية، عام ٦٠٤ه، وكان يحكمها مظهر (أو مظفر) الدين كوكبري، فلاحظ ابن دحية اهتماما من كوكبرى بعمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول من كل عام فألف له كتابا بعنوان "التنوير في مولد السراج المنير" ختمه بقصيدة طويلة. وقد حظى هذا الكتاب باهتمام في الموالد المتتالية إذ عكف عليه الصوفية يقرءونه في حلقات احتفالا بمولد النبي الكريم. وقال "مبارك" في كتابه المشار إليه أنه لم يستطع "الوصول إلى معرفة أول من ألف في الموالد، فليكتف القارئ بأن يعرف أن من أقدم ما عرفنا من هذا النوع كتاب "العروس" وهو مولد ألفه ابن الجوزي المتوفي سنة ٥٩٧ه، ورسالة ابن جابر الأندلسي المتوفي سنة ٧٨٠ه، ورسالة الرعيني الغرناطي المتوفي سنة ٧٧٩ه، وفي دار الكتب المصرية نحو أربعين مولدا ألفت في عصور مختلفة. هذه الموالد التي عكفت على تأليفها الأدباء والعلماء احتفالا بمولد النبي الكريم، جاءت عبارة عن منظومات نثرية غنائية تصلح للترتيل والإنشاد، لتُقرأ في حلقات احتفالا وابتهاجا، وكتب فيها ابن كثير، وابن ناصر الدمشقي، وجلال الدين السيوطي. وتجاهلت الرؤية السلفية ومن وراءها الجماعات الدينية المتطرفة كل الموروث المنفتح على الاحتفال والابتهاج بذكرى المولد النبوي، بما فيها من منجز علمي وأدبي لعلماء كبار، أو رسوخ لعادة شعبية فيها انحياز للفرح وتأكيد على الانتماء للمجتمع والوطن، أيضا تجاهل لتغير الزمن، فقديما كان المجتمع عبارة عن قبائل وحاليا تحول المجتمع إلى نظام حديث من الدول التي تتعامل مع المناسبة الدينية بوصفها يوما مشهودا مثل المناسبات الوطنية، تقدرها وتعطيها حقها في الاحتفال، وتجعلها مناسبة لتقديم الكلمات من المسئولين يجددون فيها الالتزام بأخلاق النبي الكريم والعمل على مصالح الناس بما يتلاءم مع روح الرسالات الدينية وسماحتها وانحيازها لمصالح الناس.
لم تكتف الرؤية المتشددة في تبديع الاحتفال بالمولد النبوي، بل عملت على تحريف معاني أحداث ومواقف خاصة بسيرة النبي الكريم بصورة تتناسب مع التطرف والإرهاب، فهي حينما حرَّمت الاحتفال بمولد النبي وجعلته بدعة، وتجاهلت ما في الاحتفال من جمال إنساني رائع يربط ما بين الأطفال وما بين شخص النبي الكريم عن طريق الإحساس بالسرور والبهجة وتوزيع الحلوى، بينما هم يعملون على ربط الأطفال بالقتل والعنف وتحريف معاني سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
الجاهلية وتكفير المجتمع
عادة ما تتم دراسة عصر ما قبل الإسلام المعروف بالعصر الجاهلي وبيان مدى التردي الذي وصلت إليه قبائل العرب قبل بعثة النبي الكريم، لكن الكتابات الإسلاموية ركزت بصورة كبيرة على نقل صفات ذلك العصر الماضي وإسقاطها على العصر الحالي، وفضلت أن تطلق على عصرنا مصطلح "الجاهلية"، وهو مصطلح يضمن في جوهره "التكفير"، اعتمد عليه الداعية الباكستاني أبو الأعلى المودودي وحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية ومن بعدهما سيد قطب في كتابه الشهير "معالم في الطريق"، وأخوه محمد قطب في كتابه "جاهلية القرن العشرين".
في ذات الإطار، قال المودودي: "وأما جاهلية الشرك فوثبت على عامة الناس وعدلت بهم عن جادة التوحيد إلى ملاوي الضلال المتشعبة، وأن المسلمين وإن لم يرجعوا إلى الوثنية الصريحة إلا أنه لم تبق صورة من صور الشرك لم ترج في مجتمعاتهم رواجًا"؛ وفقا لما ذكره في كتابه "موجز تجديد الدين وإحياؤه"، وفي الاقتباس قصد المودودي إطلاق لفظ الجاهلية على المجتمعات الحديثة، وبين نوعها أنها "جاهلية الشرك"، وهو تكفير يطلقه في العموم دون حذر أو خجل.
يفضل فكر الجماعات الإسلامية أن يحيا في الأزمنة غير المستقرة، أزمنة حرجة، يشيع في أنصاره أنه لابد من وجود مخاطر وحروب ومجازفة بالنفس، أي أنه فكر يفتعل الأزمات إن لم تكن موجودة، وعلى هذا النحو يتم تفسير السيرة النبوية بشيء من المغالاة، ومثال ذلك الداعية الهندي أبو الحسن الندوي في كتابه "السيرة النبوية"، حينما قال: "كان الطريق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الإسلام مفروشا بالأشواك، محفوفا بالمخاوف والأخطار، لا يهتدي إليه الباحث عن الحقّ إلا إذا خاطر بنفسه، وجازف بحياته"، وأن هذه المخاطر التي عاشها أصحاب النبي من أجل الهداية لابد أن تكون موجودة في المسلمين اليوم.
تحريف معاني الهجرة والجهاد
المخاطر اكتملت بالهجرة النبوية التي أثبتت "أن الدعوة والعقيدة يتنازل لهما عن كل حبيب وعزيز وأليف وأنيس وعن كل ما جلبت الطبائع السليمة على حبه وإيثاره"؛ وفقا لما ذكره الندوي، وهو ما قامت به الجماعات حيث طلبت من أنصارها التخلي عن الحياة والهروب معها إلى الكهوف والجبال، واعتبرت اعتزال المجتمع نوعًا من الهجرة، والدخول في حروب شرسة مع الأنظمة الأمنية، بحجة أنها كافرة، نوعًا من الجهاد، فانحرفت بمعاني الهجرة النبوية والجهاد عن معانيهما إلى ممارسات متطرفة تناسب التوجهات الحركية للجماعات الإرهابية.
كتب السيرة النبوية التي دونت بأقلام جماعة من المنتمين إلى الفكر الديني المتطرف، تأتي ممتلئة بالحض على العنف والتكفير والانفصال عن الناس، تستخدم لفظ "الجاهلية" كي تشير به إلى العصر الحالي، وتسقطه على زمن غير الزمن الذي سبق البعثة النبوية، وأيضا تستخدم المصاعب التي تحملها الصحابة من أجل الزج بأنصارها في حروب لإسقاط الدول وتدميرها، وفي سبيل ذلك اعتبرت نفسها تتحمل نفس الصعاب التي تحملها الصحابة من أجل الدفاع عن الإسلام، وتستخدم الهجرة لتعزيز الانفصال عن الأهل والوطن والمجتمع والخروج إلى الجبال للعيش وسط منظمات سرية مسلحة تستهدف ضرب استقرار الدول.
يرفع كتاب "السيرة النبوية" للندوي من مكانة الشقاق العائلي والخصام بين الإخوة، بحجة أن الدين يعزز هذا الخصام ويدعو له، مرددين القصص التي تشير إلى اعتماد أخوة العقيدة بدلا من أخوة الدم والرحم، تمهيدا للانفصال عن الأسرة، ثم عن المجتمع والأوطان ككل، وفي هذا الصدد قال الداعية الإخواني علي الصلابي، والمدرج على قوائم الإرهاب العربية، في كتابه "السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث": "وقد حصر الإسلام الأخوة والموالاة بين المؤمنين فقط". وللندوي كتاب سماه "قصص النبيين" أشاد به سيد قطب، قائلا: "احتوى من توجيهات رقيقة وإيضاحات كاشفة لمرامى القصة وحوادثها ومواقفها ومن تعليقات داخله في ثنايا القصة، ولكنها توحي بحقائق إيمانية ذات خطر، حين تستقر في قلوب الصغار أو الكبار". ولا يأتي هذا التقريظ والمدح إلا لأن الكتاب احتوى على دلالات خطيرة لها مردود يعزز التطرف إذا ما استقرت في قلوب الصغار والكبار بالفعل.
تجنيد الأطفال في الحروب
خلافا لما استقرت عليه مواثيق حقوق الطفل، التي تنادي بحمايته وضمان نشأته في بيئة آمنة، وتحث عليه المبادئ الإسلامية النبيلة، تتجه مؤلفات المتطرفين إشاعة صورة مغلوطة عن النبي الكريم وكأنه يحفز الأطفال على المشاركة في الغزوات والحروب متجاهلين تمامًا أن النبي رفض بوضوح مشاركة الأطفال في الحرب، بل وحث الصحابة على عدم قتل الصبية الصغار، لكن هذه المؤلفات تعمد دائما إلى المرويات التي تخبر بتسلل بعض الفتية إلى الحرب للمشاركة بدافع الحماسة التي تسيطر عليهم في مقتبل العمر، فيصنفونها تحت عناوين براقة تشير إلى تجنيد الأطفال وأنه لا ضرر فيه، في حين أن هذه المشاركات كانت خفية وحماسية وليست أصلا في حروب النبي ضد المعتدين، وفي بعض المرويات نجد أمًا تشجع ابنها على اللحاق بجيش المسلمين، فتعمل المؤلفات المضللة على تضخيم هذا الحدث من باب دور المرأة في دفع الأبناء الأطفال للجهاد.
فإذا كان الابن الذي تشجعه الأم، طفلا مثلا، تتجاهل هذه المؤلفات البُعد النفسي لمشاعر مخلصة من امرأة تتعجل رؤية ابنها في موقف الرجال الشجعان يدافع عن أهله ويصمد في الحروب، وهذه المشاعر ليست أصلا أيضا في الحروب، أما القصة المروية عن سعد بن معاذ، وكان رجلا سيدا في قومه، شجعته أمه على اللحاق بالجيش في معركة الخندق، فهي تخص تشجيع أحد المقاتلين الشجعان، وقد عاد من المعركة مرميًا بسهم ظل يتوجع منه حتى مات في غزوة بني قريظة، متأثرا بجرحه. في كتابه "السيرة النبوية" نقل الندوي مرويات تحت عنوان "تنافس الغلمان في الجهاد والشهادة"، منها قصة عُمير بن أبي وقاص، البالغ من العمر ١٦ عاما، لكن النبي رده لصغره، ومن المعلوم أن سمات البلوغ في المجتمع القبائلي الصحراوي آنذاك كانت تظهر في سنوات مبكرة، لكن الأصل في القصة أن النبي رده تحسبا لصغر سنه، لكنه عاد وأذن له بالخروج بعد إصرار عمير وإلحاحه مع البكاء، وهنا ركز الندوي على إجازة النبي وتجاهل القاعدة الأساسية التي انطلق منها النبي وهي منع مشاركة الأطفال في الحرب.
لكن الجماعات الدينية تنحرف عن هذه المعاني إلى التأكيد على إهلاك الأطفال في الحروب، ولا عجب أن نرى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الإرهابي يعمل بدأب على تجنيد الأطفال في حروبه ويحثهم على القتل والعنف بضراوة، مستغلين براءة الأطفال للزج بهم في معارك طاحنة.
هذا المعنى تمت الإشارة إليه في سياق المدح والرضا، ضمن كتاب "أبو الحسن الندوي دراسات وبحوث"، حيث قال نصر العتوم، أحد المشاركين في أبحاث الكتاب، متحدثا عن كتاب قصص النبيين للندوي، إنه "في كل قصصه عن الأنبياء وحكاياته عن التاريخ الإسلامي دعوة إلى الجهاد وحب الاستشهاد، وترغيب الطفل في الشهادة في سبيل الله، لأن الجهاد في سبيل الله هو المخزون الفعلي للطاقة الإسلامية من أشبال الإسلام الذين هم حراس العقيدة وحماة الديار". وهو ما طبقته وعملت عليه الجماعات الدينية بإصرار شديد.
المفكرون المصريون والوجه الحضاري للسيرة النبوية
في الوقت الذي اتجهت في الكتابات السلفية أو الكتابات الصادرة عن جماعات دينية متطرفة إلى تحريف معاني ووقائع أحداث كثيرة في السيرة النبوية إلى جانب التطاول على من يقيمون الموالد والاحتفالات بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، فإن عددا كبيرا من المفكرين والأدباء المصريين الكبار اتجهوا إلى بيان أوجه الرحمة والأخلاق النبيلة العالية في سيرته الحميدة، وبيان أوجه الجمال الإنساني والوجه الحضاري المشرق الذي قدمه النبي الكريم إلى البشرية جمعاء، أمثال الدكتور طه حسين صاحب "على هامش السيرة"، ومحمد حسين هيكل مؤلف "حياة محمد"، وكتب مقدمة الكتاب شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر مصطفى المراغي، والأديب الكبير عبدالرحمن الشرقاوي في كتابه "محمد رسول الحرية"، وأستاذ الدراسات الأدبية الدكتور شوقي ضيف في كتابه "خاتم النبيين"، وغيرهم الكثير.
انتبه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين لفاعلية الأسطورة والخيال في تدريب ذائقة الجمهور على قيم جمالية منها الاستراحة بهذه القصص أمام عناء الحياة ومشاقها، فهي مجال لالتماس الراحة والترفيه، من هذه القصص ما وقع تداوله بين العرب قبل بعثة النبي الكريم، سجله مثل هذه القصص في كتابه الشهير "على هامش السيرة"، وهو يرى أن ما أورده في كتابه وإن كان به بعض روايات لم تصح فإنه التزم بها لأنها كانت متداولة ولها وقع وتأثير في نفوس الناس، فهى تعطي طاقات من المتعة والخيال واللذة العقلية المطلوبة.
ومثلما نظر لجانب من المرويات التاريخية لها وقع طريف ومحبب للقارئ العربي، بينما نبه على ضف موقعها التاريخي، فإنه أيضا رفض الدعوة إلى وقف الموالد أو منع قراءة المؤلفات التي تحتوي على قصص خيالية عن مولد النبي ويذهب العامة لقراءتها في مناسبة الاحتفال بالمولد النبوي. ونقلا عن كتاب "المدائح النبوية في الأدب العربي" لزكي مبارك، فإن عميد الأدب العربي، في أول أغسطس من العام ١٩٣٤، كتب مقالة يفسر فيها حياة الموالد في الجماهير الشعبية، وهو يراها تثير العاطفة وترضي الذوق، ويرى من الأصلح ألا يحرم الناس من خيال لا يخالف الدين، ولا يفسد على الناس أمرا من أمور الإيمان، وقال: "أي بأس على المسلمين في أن تتحدث إليهم قصص بهذه الأحاديث الحلوة العِذَاب فتنبئهم بأن أمم الطير والوحش كانت تختصم بعد مولد النبي، كلها يريد أن يكفله ولكنها رُدَّت عن هذا؛ لأن القضاء سبق بأن رضاع النبي سيكون إلى حليمة السعدية؟ وأيُّ بأس على المسلمين في أن يسمعوا أن الجن والإنس والحيوان والنجوم تباشرت بمولد النبي، وأن الشجر أَوْرق لمولده، وأن الروض ازدهى لمَقْدِمه، وأن السماء دنت من الأرض حين مسَّ الأرضَ جسمُهُ الكريم؟ لم تصحَّ الأحاديث بشيء من هذا ولكنَّ الناس يحبون أن يسمعوا هذا، ويرون في التحدُّث به والاستماع إليه تمجيدًا للنبي الكريم لا بأس به ولا جُناح فيه".
في كتابه "محمد رسول الحرية" اتجه الأديب الكبير عبدالرحمن الشرقاوي إلى تصوير الجوانب الإنسانية الفارقة في حياة النبي، حيث يقول: "أردت أن أصور قصة إنسان اتسع قلبه لآلام البشر ومشكلاتهم وأحلامهم وكونت تعاليمه حضارة زاهرة خصبة أغنت وجدان العالم كله لقرون طويلة". وقد فعل ذلك الشرقاوي في إطار دعوته لـ"إننا دائما في حاجة إلى إعادة تقييم تراثنا إلى إحياء ما هو إنساني فيه ونشره على العالم".
أما الأديب والسياسي الكبير محمد حسين هيكل فقد اتجه في كتابه "حياة محمد" إلى مراجعة الكثير من المسائل المهمة، قائلا: "ومن حق المؤرخ أن يسأل عن مبلغ التدقيق والتمحيص في أمر ذلك كله وما يمكن أن يسند منه إلى النبي بسند صحيح وما يمكن أن يكون من خيال المتصوفة وغيرهم"؛ في إشارة منه إلى عدد من الأمور التي تنافي العقل وتنسب إلى النبي الكريم.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: السيرة النبوية النبي الكريم المولد النبوي الشريف صلى الله علیه وسلم السیرة النبویة النبی الکریم الأدب العربی بمولد النبی الأطفال فی مولد النبی نوع ا من فی حروب من أجل
إقرأ أيضاً:
قراءة في رسائل طبيب بريطاني بالخرطوم لابنته في لندن في منتصف القرن الماضي
د. خالد محمد فرح
نشر البروفيسور بدر الدين الهاشمي مؤخراً، ترجمة الى العربية لنص سردي، هو في الواقع قصة قصيرة جديدة من تاليف الكاتبة الروائية والقاصة ليلى ابو العلا، جاءت في نصها الاصلي بالانجليزية بعنوان؛، Doctor on the Nile ، بينما آثر الدكتور الهاشمي ترجمة العنوان ب " طبيب على ضفاف النيل ".
وقد نوه البروفيسور قبل ان يدلف الى ترجمة ذلك العمل السردي، الى ان هذه القصة القصيرة الجديدة لليلى ابو العلا، سوف تكون من ضمن قصص قصيرة ونصوص أخرى، ستجمع في كتاب من المنتظر ان يصدر في العام القادم ان شاء الله.
يتكون هيكل هذه القصة القصيرة من أربع رسائل خطية، ارسلها في مطلع خمسينيات القرن الماضي، طبيب ومحاضر بمدرسة كتشنر الطبية بالخرطوم، بريطاني الجنسية من اسكتلندا تحديداً ، يسمى " أندرو ماكولوخ "، الى ابنته " ماريون "، الشابة والطالبة بالسنة الاولى بمدرسة الدراسات الشرقية والافريقية بجامعة لندن، يعبر لها فيها عن اشتياقه الشديد اليها، واعتزازه وفخره بها لمًا تتحلى به من الذكاء والفطنة وقوة الشخصية والذوق الفني والادبي الرفيع، ويحكي لها طرفا من ذكريات طفولتها في السودان، ويشكو اليها ما كان يحز في نفسه من الام وتباريح ممضّة ، من جراء وفاة زوجته ووالدة ابنته ماريون قبل فترة قصيرة بالخرطوم نفسها فيما يبدو، ويحكي لها فيها عن طرف من حياته الاجتماعية، والسبل والوسائل التي اهتدى اليها من اجل تزجية اوقات فراغه والهاء نفسه ، حتى يتغلب على آلام حزنه على فقدان زوجته وهو في بلد غريب.
تبدأ القصة مع الرسالة الاولى التي يرسلها الدكتور ماكولوخ الى ابنته ماريون مع شاب سوداني مبتعث للدراسات العليا بانجلترا اسمه " مكاوي إسماعيل "" كان قد التقى به في منزل صديق سوداني مشترك يسمى " محمود ابو زيد "، هو الذي عرفه به، واقترح عليه ان يحمله تلك الرسالة الاولى التي تظهر في القصة لابنته.
جاءت تلك الرسالةً طافحةً بمخايل حزن الدكتور ماكولوخ واساه العميق على فقدانه منذ فترة قصيرة لزوجته أيديث، ومفعمة بمشاعر الشوق والحنين لابنته، ومعبرا عن تلهفه لزيارتها له في الخرطوم لقضاء عطلتي عيد الميلاد ورأس السنة معه، ويقترح عليها في ختام الرسالة، اضمن وسائل السفر واسرعها ، واكثرها امنا لسلامتها الشخصية.
وفي هذه الرسالة كما في الرسالتين التاليتين لها، يعرض هذا الطبيب والاستاذ الجامعي البريطاني عرضاً، لجملة من الوقائع والاحداث، ويدلي يطائفة من الافكار والاراء التي تعكس وتجسد بصورة واقعية مذهلة، كثيرا من مظاهر التاريخ الاجتماعي والثقافي بل والسياسي في نهاية المطاف للسودان في تلك الحقبة التي كانت قد شهدت سلفاً ظهور الاحزاب السياسية منذ منتصف اربعينيات ذات القرن، وانخراطها بداب ونشاط في النضال من اجل ان ينال السودان استقلاله من الاستعمار البريطاني.
أما الرسالة الرابعة والاخيرة التي يتالف منها هيكل القصة، فهي اقصر تلك الرسائل نصاً اذ انها لا تتجاوز الاربعة اسطر طولاً، كما أنها أكثرهن اثارة وشحناً وتوتراً، اذ يفهم القارئ منها صمناً، ان الشابة ماريون ابنة الطبيب البريطاني، قد ارتبطت بالشاب السوداني المبتعث في علاقة عاطفية دون ان يقال لنا ذلك صراحةً ، مما سبب قلقاً وتوتراً لدى الدكتور ماكولوخ، على الرغم من اننا نعرف من خلال السرد القصصي الذي اتخذ من تلك الرسائل مجرد أوعية او ادوات لنقل التداعي السردي، انه رجل اقرب الى ان يكون علمانيا ، وذا ذهنية متفتحة وغير متعصب دينيا الخ ..
وكانت مؤلفة القصة قد هيأتنا ضمنا من خلال السرد، لتوقع ذلك التطور في العلاقة بين المبتعث السوداني مكاوي اسماعيل، والطالبة البريطانية ماريون ماكولوخ، وذلك عندما جعلت والدها يلاحظ في اكثر من موضع من رسائله لابنته، أنها تكثر الحديث في خطاباته إليه، عن ذلك الشاب السوداني.
لقد استوقفتني في الواقع، ذلك السرد والتناول الذي بدا لي عفويا للاحداث من خلال هذا العمل القصصي والتخييلي في الاساس، وذلك لجهة واقعيته الشديدة وامانته الملحوظة في عكس الصورة العامة لروح تلك الحقبة من تاريخ السودان ومجرياتها عموما. ولذلك فقد أحببت ان ادندن بهذه الكلمة حول مظاهر واقعية هذه القصة القصيرة اللطيفة لليلى ابو العلا، كالعهد بأعمالها الابداعية دائما.
وفي الواقع انني عندما قرات مسودة ترجمة هذا العمل لاول مرة، عندما ارسلها الي المترجم الاخ الصديق بروفيسور الهاشمي، قبل ان يدفع بها للنشر، حسبت لفرط واقعيتها انها رسائل حقيقية ارسلها رجل بريطاني ، كان يقيم ويعمل في السودان في اواخر سني فترة الحكم الثنائي، الى ابنته الوحيدة ويتيمة الأم التي كانت تقيم بعيدا عنه في لندن، حيث كانت تتابع دراستها الجامعية هناك، ولم يخطر ببالي مطلقا انها مجرد قصة قصيرة من وحي الخيال فقط. وقد تولد لدي انطباع بان رسائل الدكتور ماكولوخ لابنته ماريون، شبيهة الى حد ما، على سبيل المثال، بالرسائل التي كان يبعثها الجنرال غوردون باشا الى شقيقته في بريطانيا، وهو محاصر حصاراً محكماً من قبل جحافل قوات الامام المهدي طوال عام 1884م ، ومطلع عام 1885م الذي شهد يوم 26 يناير منه، سقوط الخرطوم في ايدي انصار المهدي، ومصرع غردون نفسه في ذلك اليوم الرهيب.
نلمح بوضوح منذ مطلع القصة، أو في بداية الرسالة الاولى، مظهراً لافتاً من مظاهر قيام ليلى ابو العلاء باستدعاء احدى الشخصيات الاساسية في روايتها " حارة المغنى "، هي شخصية رجل الاعمال والمجتمع " محمود ابو زيد "، الذي هو والد " نور " بطل تلك الرواية، او قناع الشاعر الغنائي " حسن عوض أبو العلا " في الحقيقة، كما وفر عند سائر النقاد وعموم القراء بصفة عامة. وفي هذه القصة، يُجاء بمحمود ابو زيد بوصفه صديقاً للدكتور ماكولوخ ، ومريضا يتعالج تحت اشرافه من داء السكر. وهو الذي اقترح على الدكتور ماكولوخ ان يحمّل رسالته لابنته ببريطانيا، للشاب السوداني مكاوي اسماعيل، الذي تصادف ان كان موجودا في منزل محمود ابو زيد عندما زاره ذلك الطبيب.
فهل نحن على موعد مع احتمال قيام ليلى ابو العلا ، باعادة تدوير شخصيات روايتها " حارة المغنى " في اعمال اخرى لاحقة، على نحو ما صنع الطيب صالح في معظم رواياته مع طائفة من شخصيات قرية ود حامد، وخصوصا جماعة " شلة محجوب " مثلا ؟.
تصادفنا واقعية هذه القصة كذلك، عندما تشير الى ان مبرر تفضيل الدكتور ماكولوخ ارسال خطابه لابنته مع الشاب السوداني مكاوي اسماعيل، عوضا عن ارساله عن طريق البريد، هو خشيته ان يتاخر في الوصول اليها، بسبب اضراب عن العمل، دخل فيه عمال مصلحة السكة حديد في تلك الحقبة.
وفي حقيقة الامر ، شهدت فترة اواخر الاربعينيات ومطلع الخمسينيات من القرن العشرين في السودان، نشاطاً نقابيا جماً، واحتجاجات واضرابات قوية، في اطار النضال الوطني المناهض للاستعمار، شنتها قيادات عمال السكك الحديدية في مدينة عطبرة تحت زعامة شخصيات معروفة مثل قاسم امين، والشفيع احمد الشيخ وغيرهما.
كذلك تشير القصة الى عملية " السودنة " في تلك الفترة من تاريخ السودان المعاصر، الا وهي عملية احلال الكوادر السودانية محل المسؤولين والموظفين البريطانيين والمصريين في مختلف المهن والوظائف.
وبهذه المناسبة، تصور القصة نظرة الدكتور ماكولوخ لطلابه بمدرسة كتشنر الطبية، وما وصفه بتلهفهم بشغف، لكي يشغلوا الوظائف التي ستفرغ بعد مغادرة الانجليز، كما تصور تبرمه مما وصفه بانعدام اللياقة عند اولئك الطلاب السودانيين، وذلك فيما يبدو، لمجرد انهم قد طالبوا بتغيير اسم مؤسستهم الاستعماري الدلالة " مدرسة كتشنر الطبية "، وكذلك تغيير اسم " كلية غوردون التذكارية " نفسها التي سوف تصير جامعة الخرطوم فيما بعد.
الواقع هو انه قد تم لاولئك الطلاب ما ارادوا، بعد احتجاجهم ذاك بفترة وجيزة. ذلك بان كلية غوردون التذكارية صار اسمها هو: كلية الخرطوم الجامعية ابداءً منذ عام 1951م، بينما صارت مدرسة كتشنر الطبية هي كلية الطب.
يعرض الدكتور ماكولوخ في احدى رسائله لابنته، الى موضوع دور الانجليز في نشر الشيوعية في السودان، واجتهاد سلطات الادارة الاستعمارية لمناهضة ذلك الدور. وهذه لعمري هي احد مظاهر واقعية هذه القصة. ذلك بان دور الضباط والعساكر وربما الاساتذة والاداريين الانجليز في التبشير بالعقيدة الشيوعية في السودان، مما اشارت له عدد من المصادر التي تناولت تاريخ الفكر الماركسي والممارسة الشيوعيه في البلاد، وكثيرا ما يشار الى دور موثر قام به جندي او ضابط صف انجليزي يسمى " استوري " في هذا الخصوص، في الادبيات التي تطرقت لهذا الموضوع.
استوقفني في القصة اعجاب البروفيسور روجر استيفنسون رئيس الدكتور ماكولوخ في العمل هو وزوجته بمعمار الخرطوم، وخصوصا بحدائقها ومصفحاتها الخضراء، فقلت في نفسي متحسراً، واين هذه المسطحات الخضراء والحدائق في عاصمة بلادنا ، حتى من قبل اندلاع هذه الحرب التي احالتها الى كومة من الرماد ؟ . وقد كنت اتساءل دائما: لماذا لا يحول ميدان ابو جنزير الذي هو في قلب الحي التجاري بالخرطوم تماما الى حديقة غناء ؟. كان ذلك من شانه ان يصنع فارقاً في المشهد العمراني والحضري والبيئي للمدينة.
من اللفتات الطريفة ذات الصلة بالتاريخ الاجتماعي لمدينة الخرطوم في العهد الاستعماري التي وردت في هذه القصة، ان حي المقرن كان يعرف بين افراد الجاليات الاوروبية بانه حي " البيض الفقراء "، والمقصود بذلك هم صنوف الاغريق والارمن ، وربما بعض اليهود الشرقيين ومسيحيي بلاد الشام الذين يعرفون بالشوام ومن اليهم، في الوقت الذي كان فيه البيض الاغنياء وعلى راسهم الانجليز بالطبع، يسكنون في احياء الخرطوم شرق والخرطوم واحد والخرطوم اثنين الراقية، اذ لم يكن حي العمارات او امتداد الدرجة الاولى قد ظهر بعد، لان قيامه يؤرخ له كما بلغنا، بفترة حكومة الفريق ابراهيم عبود 1958 - 1964م.
اما الاغريقية " خريستو " الخياطة، صديقة عائلة الدكتور ماكولوخ، واحدى سكان حي المقرن آنئذ، والتي حزنت وجزعت اشد الجزع عندما اعلمها هذا الاخير بوفاة زوجته، التي يبدو انها كانت احدى زبوناتها الأثيرات، فلعلها تذكر المرء ببيت الخياطة الذي خلده الشاعر احمد محمد الشيخ " الجاغريو ". في اغنيته " سميري المرسوم في ضميري "، وهو قوله الذي صدح به الفنان الكبير العميد احمد المصطفى:
أهاجر ليها حافي وازور بيت الخياطة
هذا، ويبدو ان مسرح غراميات الجاغريو، على الاقل من وحي ما يرد في هذه الاغنية بالذات، قد كان هو الخرطوم عموم بالتحديد.
ومرة أخرى، تأبى ليلى ابو العلا إلا ان تضع بصمة اسكوتلندية الطابع على عملها الابداعي هذا، تأثراً منها بثقافة اسكوتلندا، وولاء منها لذلك الجزء من المملكة المتحدة الذي عاشت فيه طويلا واحبته، وفيه تفتحت عبقريتها، ومنه انطلقت مسيرتها الابداعية.
كنا قد لمسنا ذلك في الواقع في روايتها " روح النهر العتيق ". وهنا في هذه القصة القصيرة، تستوقفنا ملاحظة الدكتور ماكولوخ التي هي ملاحظة الكاتبة نفسها في الواقع، عن الحضور الكبير نسبيا والملحوظ للاسكتلنديين عموما في السودان، وعلى راسهم كل من الجنرال غوردون باشا واللورد كتشنر باشا على التوالي.
وفي ذات الاطار، توقفنا ليلى ابو العلا من احدى رسائل الدكتور ماكولوخ ، على مصطلح وثيق الصلة بالثقافة الاسكتلندية هو مصطلح " الهوقمانيه " Hogmanay الاسكوتلندي الصميم، الذي معناه الليلة الاخيرة من العام المودع، او ليلة رأس السنة.
ذكر صنف الشاي المسمى " أيرل قراى " الذي كان بحبه الدكتور ماكولوخ، وانطلاقاً من ذلك لحقيقة حب الانجليز عموماً لشرب الشاي، لعله يعيد الى اذهاننا تقليدا اجتماعيا وثقافياً تعلمه السودانيون في اجيالهم السابقة منهم، الا وهي حفلات الشاي، التي درج الناس في السابق على اقامتها داخل البيوت والمؤسسات والاندية والمدارس، ولكنها انحسرت كثيرا خلال العقود القليلة الماضية، واقتصرت ربما فقط على حفلات التعارف الاسري السابق للخطوبة التي تتم عادة داخل منزل اهل المخطوبة، ذلك التعارف الذي كثيرا ما يتحول الى خطوبة رسمية، بل احيانا الى عقد قران قولا واحدا.
تطرق الدكتور ماكولوخ في احدى رسائله الى ابنته الى عادة الخفاض الفرعوني الذميمة، وقد ذكر لها حادثة شهدها هو بنفسه، عندما قدم اليهم رجل مستنير بحمل طفلته ذات الست سنوات، وهي في حالة حرجة من جراء عملية ختان بشعة تعرضت لها.
وقد أشار الدكتور ماكولوخ في ذات السياق الى موقف الحزب الجمهوري برئاسة المهندس محمود محمد طه، الذي عارض قرار سلطات الادارة الاستعمارية البريطانية القاضية بحظر ممارسة ختان البنات وتجريمه، بحجة انه لا يحق للبريطانيين التدخل في تقاليد السودانيين وممارساتهم الخاصة كما جاء في الرسالة المغنية. ولكن ادبيات الجمهوريين عموما حول هذا الموضوع، تشير الى ان وجه الاعتراض الحقيقي لرئيس الحزب الجمهوري على قرار منع الخفاض هو انه يظهر السودانيين بمظهر الشعب المتخلف وغير الراشد، الذي لا يستحق الحرية والاستقلال عن الانجليز.
اما الرسالة الرابعة والاخيرة للدكتور ماكولوخ لابنته ماريون، فقد جاءت قصيرة ومقتضبة للغاية ومتوترة كما ذكرنا من قبل، ومن خلالها نستطيع ان نستشف ان الشابة ماريون ابنة الدكتور ماكولوخ قد عقدت العزم على الارتباط بالشاب السوداني " مكاوي اسماعيل "، ويبدو ان موقف ماريون قد فاجأ والدها بل أطار صوابه، فكتب لها ما نصه:
" فرغت للتو من قراءة خطابك. ولا أكاد أصدق ما سطرته فيه. أفقدت عقلك تماما ؟. بالطبع لا تعني عبارة ( أحضري صديقاً ) إحضار رجل. وبالتأكيد ليس رحلاً سودانيا !. ألا تعرفين طباع جدك وجدتك ؟. من قبل لم يوافقا على ارتباطي بوالدتك الراحلة ؟ بل كانا يؤمنان بأنني لست كفؤاً لها".