ندوة تبحث تأثير الحضارة الإسلامية على الإنسانية
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
مريم ياسين الحمادي: نسعى لاستكشاف معوقات المساهمة في «النهضة الإنسانية»
د. عائشة المناعي: الحضارة الإسلامية تعترف بالآخر وتؤمن بحرية الاختلاف
د. نزار شقرون: الخزانة الإسلامية اتسعت لوظائف لم تعرفها «الأمم السابقة»
عقدت وزارة الثقافة، مساء أمس، ندوة فكرية بعنوان «تأثير الحضارة الإسلامية على الإنسانية»، بالتزامن مع استضافة قطر لأعمال المؤتمر الثاني عشر لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي، الذي تنظمه منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة «الإيسيسكو» على مدى يومين.
شارك في الندوة كل من سعادة الدكتورة عائشة بنت يوسف المناعي مديرة مركز محمد بن حمد آل ثاني لإسهامات المسلمين في الحضارة بجامعة حمد بن خليفة، والكاتب والأكاديمي التونسي الدكتور نزار شقرون.
وأوضحت السيدة مريم ياسين الحمادي، مدير إدارة الثقافة والفنون بوزارة الثقافة، خلال تقديمها للندوة أنها تسعى إلى تقديم مقاربة فكرية عميقة للأسباب الكامنة وراء الريادة الحضارية التي حققتها ثقافتنا الإسلامية في الماضي، واستكشاف المعوقات التي عطلت الثقافة الإسلامية عن المساهمة الفاعلة في حركة النهضة الإنسانية، والتجديد الحضاري الكوني الذي نشهده منذ أقل من قرنين من الزمن.
ومن جانبها، أكدت سعادة الدكتورة عائشة المناعي أن الحضارة الإسلامية، قد نظرت للإنسان على أنه يرجع إلى أصل واحد، وهذا منطوق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي ذكرت هذا المبدأ، ومن ذلك قول الله تعالى في سورة الحجرات: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الناس لآدم، وآدم من تراب...».
وأشارت إلى أن الحضارة الإسلامية تؤمن بالاهتمام بالمحافظة على الإنسان جسدا وعقلا وروحا، في حين تهتم الحضارة الغربية بالجسد والعقل دون الروح.
وأضافت أن الحضارة الإسلامية نجحت في الإشراق في مختلف الأماكن على اختلاف البيئات انطلاقا من مبدأ التوحيد، حيث اكتسحت العالم من شرقه إلى غربه في غضون 80 عاما فقط، كونها ترتكز على المساواة بين البشر جميعا وبين المخاطبين بالشريعة الإسلامية، فلا فرق بين الناس إلا بالتقوى، منوهة بأن الحضارة الإسلامية إنسانية في ثقافتها وتقوم على العدالة والحرية التي لا تصطدم بالحق أو بالمصلحة العامة.
وأضافت أن الحضارة الإسلامية تعترف بالآخر وثقافته فيما ترفضه حضارات أخرى، وتؤمن بالتعددية وحرية الاختلاف، وترك الأمر لعلاقة الإنسان الآخر بربه، الذي أمر بالدعوة إلى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة، مؤكدة أنها الهوية الوحيدة القادرة على فتح المجال للإبداع والحركة والعمل، ومجاهدة النفس ضد المنكر.
وتحدثت الدكتورة عائشة المناعي عن إسهامات الحضارة الإسلامية في الفكر والعلوم الإنسانية، مشددة على أن الإسلام دعا إلى الأخذ بأسباب العلم في إطار الأخلاق والقيم، مشيرة في هذا الصدد إلى كثير من النماذج الإسلامية التي كان لها إسهام وإبداعات حضارية على الحضارة الإنسانية.
كما تناولت مديرة مركز محمد بن حمد آل ثاني لإسهامات المسلمين في الحضارة بجامعة حمد بن خليفة، جهود المركز في التعريف بالإسهامات الحضارية لعلماء المسلمين من خلال الطباعة والترجمة وغيرها.
وتحت عنوان «محركات التجديد في التاريخ الثقافي الإسلامي.. سردية الخزانة والمفتاح»، جاءت كلمة الدكتور نزار شقرون التي تساءل فيها حول لماذا نفكر في التجديد؟ وهل السير في اتجاهه يعني بالضرورة إقرارا بوجود أزمة في خطابنا الثقافي وقبله في فكرنا وممارستنا؟، مشيرا إلى أن مختلف الحضارات على مر العصور واجهت مسألة التجديد بقدر ما واجهت التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وليست تلك المواجهة مؤشرا على وقوعها في أزمات متتالية فحسب، وإنما هي علامة على أن الحضارات مجبولة على التحولات، وهي في سبيل بقائها وديمومتها تقبل بتلك التحولات.
وأضاف أن تاريخنا الثقافي العربي الإسلامي شهد أزمات كثيرة، ولا يزال حتى الآن يعتصر فيها بأشكال مختلفة، كما أن سؤال «التجديد» رافق ذلك التاريخ ليسطر منعطفاته ومفاصله التي تحتاج إلى مزيد من التدبر والاستقراء والدراسة بالتحليل والتفكيك، مؤكدا أن ما يهمنا في العودة إلى التاريخ هو الوقوف عند تلك المحركات التي شكلت بنية العقل على مدى قرون، وأكسبت ثقافتنا العربية الإسلامية القدرة على التجدد.
واستعرض شقرون خلال مشاركته جهود الحضارة الإسلامية وإسهاماتها عبر مختلف العصور الإسلامية في مجالات العلوم والفنون والآداب، حيث كانت الخزانة في العالم الإسلامي هي مستودع العلوم، وكان الحرص على «الخزانة» نوعا من إعلاء مكانة «الكتاب» في حضارتنا، ولم تكن «الخزانة» لدى المسلمين مجرد مستودع يحفظ تراث معارف الأمم الأخرى فحسب، مؤكدا أن الفضل الكبير للخزانة الإسلامية أنها اتسعت لوظائف لم تعرفها خزائن الأمم السابقة، فعلاوة على تنشيط حركة الترجمة، تحولت «الخزانة» إلى حاضنة للنقاشات العلمية.
وشدد على أن التجديد لا يكون إلا بالحث على استعادة «فكر الخزانة» بأشكاله الأكثر تطورا اليوم، ومن ذلك استعادة المكتبات الوطنية والمكتبات العامة والخاصة لدورها في أن تكون مراكز إشعاع علمي وحاضنة للمفكرين والعلماء في مختلف المجالات.
وشهدت الندوة، التي حضرها جمع من المثقفين، مناقشات كثيرة حول الموضوع، كان أبرزها مداخلة الشاعر الدكتور حسن النعمة التي أكد فيها أن الحضارة الإسلامية الزاهرة تحتاج اليوم إلى مواصلة البناء على ما قدمه السابقون، مؤكدا أن استضافة الدوحة لمؤتمر وزراء الثقافة في العالم الإسلامي يشكل جزءا من هذا التحرك الفعال، حيث يبحث في تجديد الفكر الثقافي الذي يعيد حضارتنا إلى النهضة والصدارة.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر وزارة الثقافة الحضارة الإسلامية مؤتمر وزراء الثقافة العالم الإسلامی على أن حمد بن
إقرأ أيضاً:
مفهوم التجديد بين التقليد والتبديد.. مشاتل التغيير (14)
تقوم فكرة مشاتل التغيير على ساقين لا تستغني إحداهما عن الأخرى في عمليات الإصلاح والنهوض؛ ويتأكد ذلك في مسارات ومسالك؛ وأساليب وطرائق؛ وأدوات ووسائل؛ أحدها يتعلق ببناء وصناعة وترشيد الوعي؛ وثانيها مفاتح ومعابر تسديد السعي. ومن ثم لا يحسبن أحد أن هذه المداخل مجرد مداخل نظرية؛ بل هي في حقيقتها مسارات جامعة ودافعة ورافعة للعلم والوعي والحركة والسعي. ومن ثم يُعد مفهوم التجديد كغيره من الأركان المهمة في عمليات التغيير؛ بل هو من أكثر المفاهيم التي تنازعتها التيارات الثقافية والفكرية المختلفة، وقد انعكس هذا التنازع على المفهوم ذاته من حيث معناه ودلالاته، وواقعيا يصل الباحثون لمُسلَّمة هي أن التجديد -على المستوى النظامي والحركي- قد تُخفق أهم جهوده نظرا لعدم وضوح التأصيل الفكري والمنهجي لعملية التجديد، في تأكيد واضح على أهمية الربط بين النظرية والفاعلية في مجال التجديد الحضاري.
والتجديد -في اللغة العربية- من أصل الفعل "تجدد" أي صار جديدا، و"جدده" أي صيّره جديدا وكذلك أجدّه واستجده، وكذلك سُمِّي كل شيء لم تأت عليه الأيام جديدا، ومن خلال هذه المعاني اللغوية يمكن القول: إن التجديد في أصل معناه اللغوي يبعث في الذهن تصورا تجتمع فيه ثلاثة معانٍ متصلة:
أ- أن الشيء المجدد قد كان في أول الأمر موجودا وقائما وللناس به عهد.
ب- أن هذا الشيء أتت عليه الأيام فأصابه البلى وصار قديما.
جـ- أن ذلك الشيء قد أعيد إلى مثل الحالة التي كان عليها قبل أن يبلى ويَخْلق.
ولقد استُخدمت كلمة جديد -وليس لفظ التجديد- في القرآن الكريم بمعنى البعث والإحياء والإعادة -غالبا للخلق- حيث كثر تساؤل الكفار إنكارا: "أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ" (الرعد: 5)، وكذلك في موضعين في سورة الإسراء "أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقا جَدِيدا" (49 و98).
يعد التجديد مفهوما مناقضا لمفهوم التقليد، ويقصد بالتقليد محاكاة الماضي بكل أشكاله وشكلياته، ولقد أدى التقليد إلى انفصال بين الوحي والعقل، وكأنهما متضادان لا يمكن الجمع بينهما، وبناء على ذلك فإن عملية التجديد تعتبر ضرورة لإعادة ضبط العلاقة بين الوحي والعقل حتى لا تضطرب الأمور فيصير التجديد نابعا من الخارج (التقليد الغربي) أو مرتدا نحو الماضي لمحاولة إعادته
وكذلك أشارت السنة النبوية لمفهوم "التجديد" من خلال المعاني السابقة المتصلة من مثل: الخلق -الضعف أو الموت- الإعادة والإحياء. ويعتبر حديث التجديد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد دينها" (رواه أبو داود)، من أهم الإشارات إلى مفهوم التجديد في السنة النبوية، وقد تعلقت بهذا الحديث مجموعة من الأفكار أهمها:
1- تجديد الدين: هو في حقيقته تجديد وإحياء وإصلاح لعلاقة المسلمين بالدين والتفاعل مع أصوله والاهتداء بهديه؛ لتحقيق العمارة الحضارية وتجديد حال المسلمين، ولا يعني إطلاقا تبديلا في الدين أو الشرع ذاته.
2- زمن التجديد: اعتبر بعض الباحثين أن الإشارة الواردة في الحديث عن زمن التجديد على رأس كل مئة إنما هي دلالة على حقيقة استمرارية عملية التجديد، وتقارب زمانه بحيث يصبح عملية تواصل وتوريث.
3- المجدِّد: اجتهد العلماء في توصيف وتحديد "المجدِّد" على رأس كل مئة سنة، لكن البعض يرى أن المجدد يقصد به الفرد، أو الجماعة التي تحمل لواء التجديد في هذا العصر أو ذاك، ويجوز تفرقهم في البلاد، ويعرفهم ابن كثير بأنهم حمَلة العلم في كل عصر.
ويعد التجديد مفهوما مناقضا لمفهوم التقليد، ويقصد بالتقليد محاكاة الماضي بكل أشكاله وشكلياته، ولقد أدى التقليد إلى انفصال بين الوحي والعقل، وكأنهما متضادان لا يمكن الجمع بينهما، وبناء على ذلك فإن عملية التجديد تعتبر ضرورة لإعادة ضبط العلاقة بين الوحي والعقل حتى لا تضطرب الأمور فيصير التجديد نابعا من الخارج (التقليد الغربي) أو مرتدا نحو الماضي لمحاولة إعادته (تقديس التراث)، ولكنها تعني أن العقل هو آية تكريم الإنسان وأساس تحمله للأمانة وقاعدة التكليف والالتزام بقواعد الاستخلاف.
ويتيح الربط بين فكرة التجديد والخبرة التاريخية الغربية أبعادا جديدة؛ حيث يعتبر مفهوم التجديد لدى الغرب إفرازا لصراع حاد بين الكنيسة من جانب وسلطة المعرفة والعلم والعقل من جانب آخر، مما دفع الأخيرة للاتجاه نحو تجاوز كل النظريات الدينية تحت مسمى التجديد. ويرتكز مفهوم التجديد في الفكر الغربي على أساسين:
أ- لا تُرى عملية التجديد إلا بمنظور التكيف في إطار من نسبية القيم وغياب العلاقة الواضحة بين الثابت والمتغير؛ إذ تعتبر كل قيمة قابلة للإصابة بالتبدل والتحول، وعلى الإنسان أن يستجيب لهذه التغيرات بما أسمته التكيف. ولم يطرح الفكر الغربي قواعد لعملية التجديد، وحدوده، وغاياته، ومقاصده.
ب- يغلب على مفهوم التجديد في الفكر الغربي عملية التجاوز المستمرة للماضي أو حتى الواقع الراهن؛ من خلال مفهوم الثورة والذي يشير إلى التغيير الجذري والانقلاب في وضعية المجتمع.
وتبدو فكرة "التجاوز" مرتبطة بالفكر الغربي الذي يقوم على نفي وجود مصدر معرفي مستقل عن المصدر المعرفي البشري المبني على الواقع المشاهَد أو المحسوس المادي. ومقارنة بالفكر الغربي القائم على تجاوز الماضي وغياب المعايير الثابتة للتجديد، فإن مفهوم التجديد في الفكر الإسلامي يعني العودة إلى الأصول وإحياءها في حياة الإنسان المسلم؛ بما يمكّن من إحياء ما اندرس، وتقويم ما انحرف، ومواجهة الحوادث والوقائع المتجددة، من خلال فهمها وإعادة قراءتها تمثلا للأمر الإلهي المستمر بالقراءة: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" (العلق: 1).
وفي الواقع يرتبط "مفهوم التجديد" بشبكة من المفاهيم النظرية المتعلقة بالتأصيل النظري للمفهوم، والمفاهيم الحركية المتعلقة بالممارسة الفعلية لعملية التجديد. على سبيل المثال: يتشابك مفهوم "التجديد" مع مفهومي "الأصالة" و"التراث"؛ حيث يقصد بالأصالة تأكيد الهوية والوعي بالتراث دون تقليد جامد، وتلك المقاصد جزء من غايات التجديد. كما يشتبك "التجديد" مع مفهوم "التغريب" الذي يعبر عن عملية النقل الفكري من الغرب، وهو ما قد يحدث تحت دعوى التجديد.
مفهوم التجديد في كل من النسق المعرفي الإسلامي والنسق المعرفي الغربي يشكل ما يمكن أن نطلق عليه "المفهوم- المنظومة"، إذ أن النظر لمفهوم التجديد تحكم في منظومة كاملة من المفاهيم ترتبط به أو تتداعى له، أو تختلط به، كما أن محورية هذا المفهوم في كلا النسقين المعرفيين (الغربي والإسلامي) جعل من اختلاط المفهوم الأساس؛ التجديد، سواء في اللفظ أم في المعنى، يتبعه بالضرورة اختلال المفاهيم الفرعية التابعة له
وعلى صعيد المفاهيم الحركية، تطرح مفاهيم مثل "التقدم" و"التحديث" و"التطور" و"التقنية" و"النهضة" لتعبر عن رؤية غربية لعملية التجديد نابعة من الخبرة التاريخية الغربية، ومستهدفة لربط عملية التجديد في كل الحضارات بالحضارة الغربية، باعتبارها قمة التقدم وهدفا للدول الساعية نحو التنمية، كما تظهر مفاهيم مثل "الإصلاح" و"الإحياء" وهي نابعة من الرؤية الإسلامية لعملية التجديد، حيث التجديد هو إحياء لنموذج حضاري وجد من قبل.
ويتضح مما سبق مدى الارتباط بين "مفهوم التجديد" فكرا وممارسة، وبين الخبرة التاريخية والمرجعية الكبرى النهائية للمجتمع.
على هذا فإن التجديد في الرؤية الاسلامية لا يتقبل مطلق الجديد أو يرفض مطلق القديم، كما أنه لا يرفض مطلق الجديد أو يتقبل مطلق القديم، إنه دائما يتحرك من نقطة ثابتة يعود إليها ويتفاعل معها لتشيد عمارته الحضارية، يرتبط بأصل ثابت قادر على العطاء المتجدد خلال التفاعل البشري والمطلق والنسبي من خلال تقديمه لعلاقة واضحة بينهما بينة الأسس، مستلهمة المقاصد؛ التجديد ليس بالتجميد أو التقليد أو التبديد.
نستطيع القول إن مفهوم التجديد في كل من النسق المعرفي الإسلامي والنسق المعرفي الغربي يشكل ما يمكن أن نطلق عليه "المفهوم- المنظومة"، إذ أن النظر لمفهوم التجديد تحكم في منظومة كاملة من المفاهيم ترتبط به أو تتداعى له، أو تختلط به، كما أن محورية هذا المفهوم في كلا النسقين المعرفيين (الغربي والإسلامي) جعل من اختلاط المفهوم الأساس؛ التجديد، سواء في اللفظ أم في المعنى، يتبعه بالضرورة اختلال المفاهيم الفرعية التابعة له (الاجتهاد- التغيير- التراث- التنمية- التحديث.. الخ).
وفي سياق متلازم بين النسق المعرفي والغربي والإسلامي؛ كان من الضروري بيان أثر اختلال معاني التجديد في اختلال المنظومات الفكرية والثقافية والحضارية، سواء تعلق الأمر بمفاهيم أقرب إلى النظر (مثل: الاجتهاد- الجِدة- المعاصرة- القدم والأصالة- الحداثة- التقليد- السلفية- الاتباع- التراث- التغريب والعلمانية والعقلانية والتنوير واليسار.. إلخ)، أو تعلق الأمر بمفاهيم أقرب ما تكون إلى الحركة الحضارية والتأثير عليها وفيها (مثل مفاهيم: النهضة- العلاقة بين الحضارات- التواصل الحضاري- الانفتاح الحضاري- اللحاق بالركب الحضاري- الاتجاه الانساني- وحدة الثقافة والحضارة- مفاهيم التقدم والتخلف والتمية والتحديث والتطور- والتبعية والتصنيع- واليقظة والصحوة والنهضة والبعث- التجديد والتغيير والإصلاح والإحياء- التنمية السياسية- التحديث- التطور- التقدم)..
التجديد وفق هذه الرؤية لا بد أن يمتد إلى معاني النهوض الحضاري والقدرة على تحقيق أصول الشهود الحضاري، ويكون عنوان التجديد بذلك واحدا من أهم العناوين الأساسية فيما يمكن تسميته بأصول الفقه الحضاري، وربما قد يشير ذلك إلى ضرورة التوقف عند مصطلح ذاع وشاع وهو الذي يتعلق بتجديد الخطاب الديني.
x.com/Saif_abdelfatah