عين الحلوة- توقف إطلاق النار، وبدأ سكان مخيم عين الحلوة يعودون على استيحاء إلى ملاذهم الأخير، قلوبهم تخفق بسرعة وعيونهم شاخصة نحو الدشم العسكرية، وأزكمت أنوفهم رائحة النفايات التي تنتشر بين منازلهم وفي السوق الرئيسي للمخيم.

الحركة خفيفة في السوق، والناس يشعلون سجائرهم وينفخون فيها همومهم التي انعكست على وجوههم، ينظرون إلينا بحسرة، ويرتفع صوت من آخر السوق ليقول لنا "انظروا ما فعل بنا أبناء جلدتنا".

خلال وجودنا في المخيم كانت هناك مبادرات فردية وجماعية لإزالة الركام ورفع النفايات وتنظيف الشوارع بالماء، ولكن الأهم من كل ذلك -بحسب سكان المخيم- الأمن والأمان وألا تكون مجرد استراحة محارب تتبعها جولة أخرى قد يفجرها صاعق أحد شروط التسوية، وأبرزها تسليم المتهمين من تجمع "الشباب المسلم" بقتل القيادي في حركة فتح اللواء أبو فراس العرموشي ورفاقه.

نتابع سيرنا في مخيم عين الحلوة الذي كان السير فيه صعبا بسبب زحمة الناس، وكان المتسوقون يأتون من كل أرجاء المخيم وحتى من خارجه ولكن الحياة في عين الحلوة "خلال الاشتباكات وبعدها تدمرت" بحسب إبراهيم المقدح، وهو بائع خضار في السوق.

النفايات تغزو سوق الخضار الرئيسي في مخيم عين الحلوة (الجزيرة) نكبة جديدة

وتابع المقدح أنه "رغم صعوبة الظروف والمعيشة فإن الناس كانوا يسترزقون ويبيعون ويشترون، والسوق لم تستعد عافيتها بعد، والسكان لم يعودوا يمكثون فترات طويلة في السوق كما في السابق، بل يتبضعون بسرعة ويعودون لمنازلهم، ناهيك عن آلاف النازحين جراء الاشتباكات والذين يخافون العودة، والناس متروكون لمصائرهم، والأعمال متوقفة بشكل كلي بسبب هذه الاشتباكات التي لا يستفيد منها سوى العدو الصهيوني".

وأشار إلى أننا "جميعا خاسرون، وإن لم نحافظ على المخيم بكل ما أوتينا من قوة فسنندم، أتمنى من العقلاء والحكماء الطلب من حاملي السلاح التوقف لأننا لم نعد نتحمل نكبة جديدة، ما يحصل الآن دمار لشعب منكوب أصلا ولا يملك حتى قوت يومه".

نلمس كلام إبراهيم بأعيننا وقلوبنا، ونعاين خوفه على مستقبله ومستقبل مخيمه بعيون الناس وكأن هذه الجولة الأخيرة من الاشتباكات شكلت درسا قاسيا للجميع جعلت الحاجة مريم علي تقول إن الاشتباكات "أعادت الشعب الفلسطيني 100 عام للخلف بسبب نشر المتاريس بين أبناء الشعب الواحد".

وتابعت المسنة البالغة من العمر 86 عاما -والتي خرجت من قريتها الفلسطينية "منشية عكا" وكانت تبلغ من العمر وقتها 12 عاما- أنها "لن تغادر منزلها في المخيم حتى لو دمر فوق رأسها، ذليتونا وبهدلتونا".

وطالبت بأن يتحالف الجميع وأن يحاولوا التخفيف عن الشعب وتحقيق آماله، مؤكدة أن "يدا واحدة لا تصفق".

سكان مخيم عين الحلوة يريدون عودة الحياة كما كانت قبل الاشتباكات (الجزيرة) الشعور بالأمان

ولفت صلاح عوض -وهو أحد سكان المخيم- إلى أن 60% من سكان المخيم نزحوا خارجه ويعانون الأمرّين، وزادت معاناتهم بعد الأزمة الاقتصادية".

وأوضح عوض أن "حركة سوق الخضار حاليا لا تتجاوز 2% من حركته المعتادة، وبعد أن كنت تحتاج لساعة سيرا على الأقدام لتصل إلى نهايته الآن تأخذ دقائق".

وبدا واضحا أن "الإحساس بالأمان" هو ما يقض مضاجع سكان عين الحلوة، فهم يعتبرونه أهم من الخبز، وهو ما عبر عنه إبراهيم حوراني العامل في فرن بالمخيم، والذي قال إنه "فتح الفرن منذ اللحظة الأولى لإعلان وقف إطلاق النار، لكن الخوف لا يزال يخيم على المخيم، فقط سكان الحي يشترون الفطائر، أما باقي سكان المخيم فلم يأتوا بعد بسبب الشوادر والنفايات، بعد انتشار القوى الأمنية بدأ الوضع يتحسن تدريجيا"، وختم ما نطلبه هو "العيش بأمان".

نغادر المخيم تاركين خلفنا الناس في مرحلة ترقب وانتظار، ترقب للحاضر وانتظار لما يحمله لهم المستقبل: لجوء آخر أم استقرار؟

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مخیم عین الحلوة سکان المخیم فی السوق

إقرأ أيضاً:

معبر رفح يستقبل 41 مصابًا فلسطينيا لتلقي العلاج في مصر

قال عبد المنعم إبراهيم، مراسل " القاهرة الإخبارية"، إن الدولة المصرية مازالت مستمرة في استقبال عدد من الجرحى والمصابين من أبناء الشعب الفلسطيني.

لم يدخل أي شيء منذ 11 عاما| تطورات الوضع في قطاع غزة.. تفاصيلتحالف الأحزاب يرحب بالتراجع الأمريكي عن تهجير الفلسطينيين من غزة.. ويثني على الموقف المصريالصحة الفلسطينية: الاحتلال تعمد تدمير محطات توليد الأكسجين بمستشفيات غزةحزب الإصلاح والنهضة يرحب بتراجع ترامب عن تهجير الفلسطينيين من غزة

وأكد عبد المنعم إبراهيم، خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية “ القاهرة الإخبارية”، أنه تم استقبال اليوم دفعة جديدة من المصابين، وهي الدفعة الحادية والأربعين القادمة من قطاع غزة عبر معبر رفح إلى الأراضي المصرية.

وأضاف في حديثه، أنه بلغ عدد المصابين بهذه الدفعة ٤١ مصابًا وجريحًا، هذا علاوة عن عدد من المرافقين اللذين أتوا مع المصابين، وأشار إلى، أنه تم نقل المصابين الى المستشفيات المصرية من أجل تلقي الخدمة العلاجية بالكامل.


وتابع: الاحتلال منع دخول أي من المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأراضي الفلسطينية لليوم الـ ١٤ على التوالي، حيث أغلقت إسرائيل أبواب المعابر بوجه هذه المساعدات لاستكمال خطة التجويع والحصار.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو.. شاهد هلع وخوف و “جرسة” الفنان السوداني عبد العزيز القلع من “ثعبان” الصحفي “دندش” وكيف كانت ردة فعله عندما طالبه الأخير بلمسه
  • رمضان بطعم الحزن.. اليأس يخيم على الفلسطينيين فى جنين وطولكرم بالضفة الغربية.. عمليات جيش الاحتلال تؤكد قسوة الظروف فى ظل أوامر إخلاء المخيمات
  • موقف حاسم من الزمالك بشأن لجوء الأهلي للجنة الأولمبية
  • إجلاء العشرات من سكان توسكانا الإيطالية بسبب الفيضانات
  • إعلان طرابلسلوأد الفتنة وميقاتي: لبنان ليس بلد لجوء
  • بالفيديو.. إشكال يُشعل مخيم عين الحلوة!
  • معبر رفح يستقبل 41 مصابًا فلسطينيا لتلقي العلاج في مصر
  • مختلفة ولذيذة.. طريقة تحضير السمبوسك الحلوة للشيف سارة عبد السلام
  • سكان غزة يخرجون جثث شهدائهم من ساحة مستشفى الشفاء
  • طلب إحاطة بشأن غلق وهجر المخيم السياحي بحي الكوثر بسوهاج