التغييرات الجذرية واليوم المشهود الذي نترقب غداً
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
يمانيون/ بقلم/ عبدالرحمن الأهنومي|*
غدا سنكون مع مشهد لا مثيل له في الدنيا ، أولا لناحية المناسبة العظيمة مناسبة مولد خير البشرية وأفضل الخلق أجمعين حبيب قلوبنا وربيع أرواحنا رسول الله وحبيبه محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وسلم ، وأي مناسبة أعظم من مناسبة مولد صاحب الخلق العظيم ، مولد المنقذ للبشرية ، والهادي إلى سبل النجاة والنجاح ، من أرسله الله وبعثه رسولا خاتما للبشرية ، وأنزل معه الكتاب ليخرج الناس من الظلمات النور ، والذي جعله الله نورا وهدى ومنهاجا وشريعة لخلقه فيه كل شؤون الحياة وسبل النجاة والفلاح والسيادة والسعادة.
وثانيا للمشهد العظيم الذي يتشكل في اليمن احتفاء واحتفالا بمولد النور والهدى رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله وسلم ، في صورة تجسد العلاقة العميقة التي تربط هذا الشعب العظيم ، بالرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأي علاقة أعظم وأجذر وأعمق من علاقة اليمنيين الذين كانوا الأنصار حين آووا ونصروا وحملوا راية الدين والرسالة ، وكانوا أصل الإيمان ومنبعه ، بشهادة رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم ، حين قال “الإيمان يمان ، والحكمة يمانية” ، ولا أدل على أن الإيمان يمان من هذا المشهد الذي يتشكل في مدننا وقرانا وأريافنا ومنازلنا وشوارعنا وساحاتنا ومياديننا، احتفاء واحتفالا بمولد رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم.
وثالثا ، يترقب الناس غدا بكل لهفة التغييرات الجذرية التي سيعلنها السيد القائد حفظه الله غدا في خطابه التاريخي بمناسبة المولد النبوي الشريف ، ويلقيه على الجموع الملايينية المحتشدة في أكثر من 20 ساحة وميدانا يحتضن الاحتفالات العظمى بالمولد النبوي الشريف ، على أن اختيار هذه المناسبة لإعلان المرحلة الأولى من التغييرات الجذرية لها صلة بدلالة المناسبة ذاتها ، ورسالتها التي عبرت عنها الآية الكريمة التي تم اختيارها لشعار مناسبة المولد هذا العام من سورة إبراهيم عليه السلام ، وهي قوله تعالى “كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور”.
اختيار هذه المناسبة للإعلان عن التغييرات الجذرية جاء لكونها محطة مباركة لتغيير وتصحيح واقعنا ، وتحصين ساحاتنا والانطلاق منها على نحو إيماني ، لبناء الدولة ، ملتمسين من نور المناسبة وصاحبها الهدى والبصيرة والنور.
وقد وضع قائد الثورة المباركة أسس التغييرات الجذرية ، وأبعادها ، ودوافعها في خطابه بمناسبة العيد التاسع لثورة 21 سبتمبر ، وقد اقتبست في هذا المقال جزئيات من الخطاب وعلى النحو التالي:
أولا- هدف أساسي من أهداف الثورة المباركة
قال قائد الثورة حفظه الله :
شعبنا العزيز: لقد كان من الطبيعي أن تكون الأولوية الأولى والكبرى هي التصدي للعدوان؛ إذ هي أولويةٌ بكل الاعتبارات: الإنسانيَّة، والأخلاقية، والدينية، والوطنية، ولا تزال أولوية، حتى يتم إنهاء العدوان والحصار والاحتلال، ولكننا لن نتجاهل الأولوية الأخرى، في تصحيح الوضع في مؤسسات الدولة، كهدفٍ أساسيٍ من أهداف ثورتنا المباركة، ومطلبٍ شعبيٍ نعمل على تلبيته.
ثانيا- فيما يتعلق بالاختلالات
قال قائد الثورة حفظه الله:
وبالرغم مما يبذله الأحرار الصابرون المخلصون من مسؤولي الدولة، من جهدٍ في كل المجالات، في ظل الظروف الصعبة جدًّا، والاستهداف العدائي من التحالف، فإنَّ كثيرًا من الإشكالات الموروثة من الماضي، في: الأنظمة، والسياسات، والقوانين، والإجراءات، مع وجود بعضٍ من المدسوسين في مرافق المؤسسات، الذين بقيت لهم ارتباطاتهم بالأعداء، ووجود البعض من المسؤولين المقصِّرين، والبعض من منعدمي الكفاءة؛ كل ذلك كان له تأثيره السلبي في أداء مؤسسات الدولة، سواءً في المجال الاقتصادي، وتنمية الموارد، وإنجاز المعاملات، وتهيئة بيئةٍ ملائمةٍ للاستثمار، وفي العلاقة مع القطاع الخاص، وتشغيل اليد العاملة، والحركة في الإنتاج الداخلي، وتحقيق النهضة الزراعية بالقدر المطلوب، وتعزيز التعاون مع الشعب بالقدر اللازم في التوجه نحو الإنتاج، فالمؤسسات الرسمية مع وجود مسؤولين مخلصين وجادّين، وصبر الآلاف من الموظفين على انعدام الراتب، ومحدوديَّة النفقات التشغيلية، تعاني أيضًا من تلك الاختلالات والأمراض المزمنة، من: وجود أسلوب الابتزاز المالي من بعض المسؤولين، والروتين الرسمي البطيء جدًّا في إنجاز المعاملات، كما كان لتلك الإشكالات تأثيرها السلبي على القضاء، بالرغم من الجهود المضنية للمخلصين الصادقين من كوادره الأوفياء، لكنَّ حجم الاختراق، والظواهر السلبية، والأنظمة الفاشلة الموروثة من الماضي، أثَّرت على أدائه تأثيرًا مؤسفًا.
ثالثا: الوضع المزري وأسبابه
قال قائد الثورة حفظه الله:
وخلاصة الكلام: أنَّ حجم العدوان، والحصار، والمؤامرات العدائية، يأخذ حيزًا أكبر في الوضع المزري لبعض مؤسسات الدولة، ومحدودية الإمكانات، وهو السبب الرئيسي في توقف الراتب، الذي كان مصدره الأساسي هو عائدات النفط والغاز، وإضافةً إليه: موروث الماضي، في الاختلالات السلبية المعتادة في أداء بعض الموظفين، وفي الأنظمة والقوانين التي تحتاج إلى إصلاح، ومضافًا إليه: من لا يمتلكون الرؤية الصحيحة، أو الكفاءة بحجم المسؤولية، وبناءً على ذلك: فالعمل على إصلاح وضع مؤسسات الدولة هو ضرورةٌ وطنية، ومطلبٌ شعبي، وأساسٌ مهمٌ لصمود البلد في وجه الأعداء ومؤامراتهم، وتحويل التحدي إلى فرصة، والعمل وفق رؤيةٍ صحيحة، تؤدِّي فيها مؤسسات الدولة دورها في توفير البيئة، والظروف المناسبة لنهضة الشعب، وحركته الاقتصادية، وإدارة وتنمية الموارد؛ بحيث تكون السياسة الاقتصادية معتمدةً على تنمية الموارد؛ لتنمية الإيرادات، بدلًا عن الاعتماد كليًا على الجباية المالية المرهقة للمواطنين.
رابعا: الغاية من التغييرات الجذرية إعادة الأمل للشعب والانتعاش
قال قائد الثورة المباركة:
إنَّ حجم الاختلالات في الوضع الرسمي يتطلب تغييرًا جذريًّا، يُعيد للشعب الأمل والانتعاش، ويؤسس لمرحلةٍ جديدة، تؤدِّي فيها مؤسسات الدولة دورها في خدمة الشعب، بمسؤولية، وأخلاق، وقيم، ورقابةٍ صارمة، وبسياساتٍ صحيحةٍ وسليمةٍ ومثمرة، وتستفيد أيضًا من التقنيات الحديثة، في اختصار الإجراءات، وسرعة إنجاز المعاملات، وتحديث الإدارة، وتنطلق من رؤيةٍ صحيحة في البناء الحضاري والاقتصادي، تحوِّل بلدنا إلى مُنْتِج، وليس معتمدًا كليًا على الاستيراد لكل شيء، حتى لأبسط متطلباته.
خامسا: الأسس والمنطلقات للتغييرات الجذرية ، ومرحلتها الأولى
قال قائد الثورة المباركة
إنَّ الأسس والمنطلقات التي سوف نعتمد عليها في التغيير الجذري هي: الهُوية الإيمانية لشعبنا يمن الإيمان والحكمة، وبرؤيةٍ جامعة، في إطار القواسم المشتركة، وكذلك الشراكة الوطنية التي نسعى لتعزيزها وترسيخها، وتحقيق الاستقلال والحرية لبلدنا، واستعادة اللحمة الوطنية، والبناء الحضاري.
وإنَّ المرحلة الأولى للتغيير الجذري، والتي سوف توفِّر أرضيةً صلبةً، ورؤيةً صحيحة، ومنطلقًا ثابتًا وسليمًا، سنعلن عنها- إن شاء الله تعالى- في مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.
وإنَّني في ختام هذه الكلمة أتوجه إلى شعبنا العزيز بالشكر والإشادة والتقدير، على تفاعله الكبير مع مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، بما يعبِّر عن هويته الإيمانية، وأرجو أن يكون حضور جماهير الشعب في يوم المناسبة، حضورًا مليونيًا وعظيمًا وغير مسبوق.
نسأل الله أن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، وأن يفرِّج عن أسرانا، وأن ينصرنا بنصره، إنه سميع الدعاء.
وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
من خلال ما تقدم يتضح لنا جميعا ، أن التغييرات الجذرية باتت ضرورة وطنية قصوى ، وأنها مطلب شعبي ملح وأولوية بعد أولوية مواجهة العدوان ، ونذكر في هذا المقام بخطاب سابق لقائد الثورة تحدث فيه عن الأولويات الثلاث ، مواجهة العدوان ، تصحيح الوضع الرسمي ، تعزيز الجبهة الداخلية” ، ولربما تساءل الكثير حينها ، عن كيفية تصحيح وضع الواقع الرسمي المزري، وإجابة التساؤلات تلك باتت أسسها وركائزها واضحة ، وأما خطواتها ففي خطاب القائد غدا ستعلن المرحلة الأولى منها.
كلنا جميعا ثقة بحكمة السيد القائد حفظه الله ، وكلنا مسلمين تسليما مطلقا لقائد الثورة المباركة حفظه الله ، فلنكن غدا جميعا كبارا وصغارا ، رجالا ونساء ، في ساحات الاحتفالات بمناسبة المولد النبوي الشريف ، محتفلين بالمناسبة العظيمة ، ومفوضين لقراراتها المباركة إن شاء الله.
تهانينا ومباركتنا للجميع بهذه المناسبة ، وكل عام والجميع بخير.
*رئيس تحرير صحيفة الثورة.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: المولد النبوی الشریف الله علیه وآله وسلم التغییرات الجذریة مؤسسات الدولة رسول الله حفظه الله
إقرأ أيضاً:
التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
في الحروب، لا تُطلق النيران فقط من فوهات البنادق والمدافع، بل تنطلق أيضاً من وراء الشاشات وصفحات التواصل، عبر رسائل مشبوهة وأحاديث مثبطة، في إطار ما يُعرف بالحرب النفسية. ومن بين أبرز أدوات هذه الحرب وأكثرها خبثاً: “التشكيك”. هذا السلاح الناعم تُديره غرف إلكترونية متخصصة تابعة للمليشيات، تهدف إلى زعزعة الثقة، وتفتيت الجبهة الداخلية، وبث الهزيمة النفسية في قلوب الناس، حتى وإن انتصروا في الميدان.
التشكيك في الانتصارات العسكرية، أحد أكثر الأساليب استخداماً هو تصوير الانتصارات المتحققة على الأرض من قِبل القوات المسلحة السودانية على أنها “انسحابات تكتيكية” من قبل المليشيات، أو أنها “اتفاقات غير معلنة”. يُروّج لذلك عبر رسائل تحمل طابعاً تحليلياً هادئاً، يلبسونها لبوس المنطق والرصانة، لكنها في الحقيقة مدفوعة الأجر وتُدار بخبث بالغ. الهدف منها بسيط: أن يفقد الناس ثقتهم في جيشهم، وأن تتآكل روحهم المعنوية.
التشكيك في قدرة الدولة على إعادة الإعمار، لا يكاد يمر يوم دون أن نقرأ رسالة أو منشوراً يسخر من فكرة إعادة الإعمار، خصوصاً في مجالات الكهرباء والمياه وإصلاح البنى التحتية المدمرة. هذه الرسائل تهدف إلى زرع الإحباط وجعل الناس يشعرون أن لا جدوى من الصمود، وأن الدولة عاجزة تماماً. لكن الواقع أثبت أن إرادة الشعوب، حين تتسلح بالإيمان والثقة، أقوى من أي دمار، وقد بدأت بالفعل ملامح إعادة الحياة تظهر في أكثر من مكان، رغم ضيق الموارد وشدة الظروف.
التشكيك في جرائم النهب المنظمة، مؤخراً، لاحظنا حملة تشكيك واسعة، تُحاول التغطية على جرائم النهب والسلب والانتهاكات التي ارتكبتها المليشيات طوال عامين. الحملة لا تنكر تلك الجرائم بشكل مباشر، بل تثير أسئلة مغلّفة بعبارات تبدو عقلانية، لكنها في جوهرها مصممة بعناية لإثارة دخان كثيف ونقل التركيز نحو جهات أخرى.
كيف نُساهم – دون قصد – في نشر التشكيك؟ المؤسف أن الكثير منا يتداول مثل هذه الرسائل بعفوية، وأحياناً بدافع الحزن أو القلق على الوطن، دون أن يتوقف ليتساءل: من كتب هذه الرسالة؟ ولماذا الآن؟ وما الذي تهدف إليه؟ وبهذا نُصبح – دون أن ندري – أدوات في ماكينة التشكيك التي تخدم أجندة المليشيات وتطعن في ظهر الوطن.
كيف نواجه هذه الحرب النفسية؟
الرد لا يكون بصمتنا أو بتكرار الرسائل المشككة، بل بـ:
وقف تداول أي رسالة مجهولة المصدر أو الكاتب.
عدم إعادة نشر أي محتوى يحمل ظنوناً أو يشكك أو يُحبط أو يثير اليأس.
نشر الإيجابيات، وبث الأمل، وتعزيز الثقة بالله أولاً، ثم بمؤسسات الدولة مهما كانت لدينا من ملاحظات أو انتقادات.
في الختام، التشكيك لا يبني وطناً، بل يهدمه حجراً حجراً. فلنكن على وعي، ولنُفشل هذا السلاح الخفي، بمناعة داخلية قائمة على الإيمان، والعقل، والأمل، والثقة بأن الوطن سيعود أقوى، ما دام فينا من يرفض الانكسار ويؤمن بأن النصر لا يبدأ من الجبهة، بل من القلب والعقل.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
٢١ أبريل ٢٠٢٥م