ناقش الاجتماع الدوري لائتلاف إدارة الدولة في العراق، العلاقات العراقية الكويتية في ضوء التطورات المتعلقة بملف الحدود البحرية بين البلدين.

إقرأ المزيد العراق.. المحكمة الاتحادية تقر بعدم دستورية قانون التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله

وأفادت رئاسة الوزراء العراقية في بيان، بأن المجتمعين الذي استضافهم رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في القصر الحكومي يوم الثلاثاء، أكدوا أن العراق يحكمه دستور يرتكز على مبدأ الفصل بين السلطات، مشددين في الوقت ذاته على رفض الأساليب التي استخدمها النظام السابق في التعامل مع دول الجوار وملف العلاقات الدولية، التي كلفت العراق أثمانا باهضة.

وقالت في البيان إن المجتمعين اتفقوا في هذا الصدد على أن العراق يحترم سيادة ووحدة أراضي دولة الكويت وملتزم بجميع اتفاقاته الثنائية مع الدول وبقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بما فيها القرار رقم 833 الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي في جلسته 3224 المنعقدة بتاريخ 27 مايو 1993، الذي أقره ووقعت عليه بغداد في القرار رقم 200 الموتفق لـ10 أكتوبر 1994، وصادق عليه المجلس الوطني آنذاك بالتاريخ نفسه.

وأكد المجتمعون حل المشاكل كافة بالوسائل السلمية ونبذ استخدام العنف في العلاقات مع دول الجوار العراقي، وسائر الدول، واستخدام المفاوضات والحوار وسيلة للحلول بعيدا عن التصريحات المتشنجة.

إقرأ المزيد الكويت تسلم العراق مذكرة احتجاج على ما جاء في حكم المحكمة الاتحادية العليا

وأعلن المجتمعون مؤازرتهم للحكومة في جهودها بمواصلة المفاوضات لحل بعض المشكلات العالقة بين العراق والكويت، بما يحفظ للبلدين حقوقهم المشروعة.

وتفاقم التوتر بين الكويت والعراق بعد أن قضت المحكمة الاتحادية العليا العراقية في وقت سابق من هذا الشهر بعدم دستورية اتفاق ينظم الملاحة في ممر خور عبد الله الملاحي.

وقالت المحكمة إن القانون الذي تمت بموجبه المصادقة على الاتفاق كان يجب أن يحظى بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان.

جدير بالذكر أن مجلس الوزارء الخليجي دعا العراق إلى معالجة "الآثار السلبية" المترتبة عن إعلان المحكمة الاتحادية العراقية العليا عدم دستورية قانون التصديق على اتفاقية تنظيم الملاحة بخور عبد الله.

المصدر: RT

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا السلطة القضائية بغداد محمد شياع السوداني أخبار العراق المحکمة الاتحادیة عبد الله

إقرأ أيضاً:

“تأملات في طمأنينة لا تُشبه الخرائط… عن العراق الذي يكتبه الغريب كما يُكتب الحنين”

توطئة:
كتبتُ هذا النص لا من باب التوثيق، ولا لارتداء هوية ليست هويتي، بل لأنني اقتربت من العراق من خلال أهله، وفتحت بيتي لهم كما فتحوا بيوتهم لي. وكنت، وأنا أستمع لهم، أشعر أني أستعيد شيئًا من نفسي.
هذا ليس مقالًا، ولا سيرة. إنه قطعة من ذاكرة مشتركة، كُتبت على مهل، في أحد مساءات الغربة.

في المقهى العراقي الذي يديرُه رجلٌ من الكرادة ويحفظ أشعار الجواهري، سمعت للمرة الأولى كيف يمكن للحرب أن تُروى كشأن منزلي، كما تُروى وصفة الشاي أو طريقة طبخ الدولمة. لم يكن سردًا بطوليًا بل اعترافًا، صادقًا، هشًا، يليق بالبشر حين تتساقط عنهم أقنعة التاريخ. رجلٌ لم يكن يرفع صوته، ولم يكن يُخفضه، يتكلم كما يُسكب الشاي: متوازنًا، دافئًا، مسكونًا بما يكفي من الحكمة لئلا يغرق في الرثاء، وما يكفي من السخرية لئلا يستسلم.
على الجدار خلفه صورة للجواهري، لا تشبه الصورة المألوفة في الكتب، بل صورة يبتسم فيها الشاعر، كما لو كان يبارك لهذا المقهى المتواضع قدرته على أن يُبقي الشعر حيًا، وسط فناجين الشاي وقطرات المطر. وكان المقهى كله، رغم صغره، يبدو كأنه بقعة من الرصافة سقطت سهواً في هذا المنفى البعيد.

“أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي” قالها المتنبي ذات نشوة، لكنّي شهدت هناك كيف يطأ الشعرُ الطينَ، وكيف يتوهج في نبرة امرأة تبكي ابنها ولا تجد ما تكتبه سوى صمتها. لم تكن القصائد تُكتب بالحبر بل بالدخان المتصاعد من غليون يتيم، أو بمرارة ضحكةٍ عراقية وهي تُخبرك أن بغداد مدينة لا تُحكى، بل تُشمّ.
شمّ المدن لا يحتاج إلى خرائط، بل إلى أنف القلب، إلى خيال يتدرب على التقاط ما لا يُرى.
بغداد، كما قالتها تلك المرأة، ليست مدينة تشرحها النشرات، بل رائحة قهوة محروقة قليلًا في بيت قديم، عِبارة تُقال على استحياء، حنجرة تتهدج عند سماع أم كلثوم، ثم تصمت. الشعر هناك لا يُدرّس، ولا يُلقى في المنابر، بل يتجلى في هيئة أمهات يرتّبن شَعر الغياب ويُطعمنه من فتات الذاكرة.

لا شيء يُعيد للإنسان قدره كالخسارة. ربما لذلك كان الاشتراكيون في العالم أكثر شعورًا بالعدل، لأنهم فقدوا كل شيء. يقول أنطونيو غرامشي: “إن تشاؤم العقل لا يُنافي تفاؤل الإرادة”. وأظن أن العراقي حين يُحسن القَصّ، لا يفعل ذلك لأنه متفائل، بل لأنه تعب من الهروب، فصار يروّي ما لا يمكن النجاة منه. هذه الإرادة التي تُشبه الجلد العراقي – لا تتشقق إلا لتُبرهن أنها لا تموت. فهي ليست مقاومة ضجيج، بل صبرُ جمال، وليست تحديًا أجوف، بل تأملٌ نَبيل في المعنى.
أحيانًا كنت أشعر أن القصة عندهم ليست وسيلة تواصل، بل طقسٌ للنجاة، أو محاولة مستترة لترميم الزمن. كأنهم يقولون للغد: نحن لم ننكسر، نحن فقط تعلمنا أن نُطيل الحكاية كي لا ننتهي بسرعة. والعراق في حكاياتهم ليس دولة بحدود، بل مزيج من الشِعر والماء، من الطين والزيتون، من الأغنية التي تُغنّى حتى لو لم يبقَ من الوطن سوى اسم يُوشك أن يُنسى.

وفي مساءات المنفى، حين نُطفئ أنوار الغربة، لا نعود نحن فقط، بل يعود معنا ذلك الحنين المُجهض، حنين لا يُكتب، لأنه لا يشبه شيئًا سوى النشيد الأخير في عرس تأخّر كثيرًا.
أحدهم قال لي إن قصيدة بدر شاكر السياب: “أنشودة المطر”، كُتبت لتُقرأ في المنافي فقط. وأنا أصدق ذلك. فـ”عيناك غابتا نخيلٍ ساعةَ السحر” لا تُقال لعاشقة، بل لوطنٍ يسكن امرأةً تحمل في ملامحها أعمارنا المُنْهَكة. امرأة لا تقول الكثير، ولكنها حين تسند رأسها إلى حافة الليل، تُصغي لنداء لا يسمعه سواها.
قصائد السياب هناك ليست ذخيرة ثقافية، بل جزء من الدورة الدموية اليومية. مثل الملح، مثل الحبّ الصامت، مثل العتاب الذي لا يُقال.

حين تتحدث العراقيات في الغربة، لا تتكلم نساء فقط، بل تتحدث مدن مهدّمة، ومكتبات محروقة، وبيوت تُبنى بالذاكرة. يقُلن لك ما لا يقوله الرجال: أن النصر كذبة صغيرة إذا لم يشبه دفء البيت. في كلامهن فسحةُ ظل لا توفّرها السياسة، ووضوحٌ لا تُجيده المؤتمرات. يحملن العراق كما تُحمل القوارير في البحر، لا ليطفو فقط، بل لئلا ينكسر. ليس فيهن استجداء، ولا ثقل الماضي المجلجل، بل خفة من يعرف أن المعنى الحقيقي لا يُقال، بل يُمنح، في طريقة تقديم الشاي، في لُقمة خُبز مشروحة بحنو، في عِبارة تُقال على الماشي: “تفضل، البيت بيتك”.

وأنا أراقب أحد أصدقائي العراقيين، وهو يشرح لابنه الصغير، باللهجة الجنوبية: “يمه، العراق مو خراب، العراق أحلى من الخيال، بس الكَلبان لعبوا بيه”. أدركت أن اللغة، حتى حين تنكسر، تظل تحاول الإنقاذ. أدركت أن ما نحمله من لهجات، ليس زينة لهوياتنا، بل أدوات بقاء. في جملته تلك، كان يُعيد تشكيل وطنٍ كامل، لا على هيئة علمٍ أو شعار، بل على هيئة حكاية تُروى للطفل كي لا ينسى. لأنهم يعرفون، بذكاءٍ بسيطٍ ومُرهف، أن ما لا يُحكى، يُمحى. وقد رأيتُ في نظراته أن العراق ما زال قائمًا، لا كمؤسسة، بل كنبض حيّ في ذاكرة عائلة تُصرّ على أن تنقل خريطتها الخاصة للأجيال القادمة.

أنا سوداني، وأعرف أن الكتابة عن العراق لا تُمنح لمن يتفرّج، بل تُمنح لمن يدخل البيوت ويُؤتمن على الحكاية. ولذلك أكتب الآن، لا من خارج الدائرة، بل من داخل حميميتها، كمن سُمح له أن يجلس في زاوية المجلس ويُصغي.

الغربة تصنعك كما تصنع النار المعدن. تُنقّي دواخلك من الزيف، تدفعك لأن تُعيد التفكير في كلمة الانتماء، تلك الكلمة التي كانت تبدو قدريّة، فإذا بها تُخاض. وأنا أخوضها معهم. أصدقاء لا يشبهون الصور، بل يشبهون الكتب المفتوحة التي لا تُغلق، يروُون لك “المنفى” كما يروون “العراق”، ويُشبهونك وأنت تحاول أن تتذكّر لماذا خرجت من وطنك ولماذا لم تعد. ليسوا شخوصًا عابرة، بل مرايا نادرة ترى فيها وجهك المُفترض، الوجه الذي نسيت أنك كنت تحمله، وكنت تسعى إليه.

وفي هذا التمرين الدائم على الانتماء، يبدو لي أن الغربة ليست فقدًا، بل اختراعًا لمعنى جديد، أكثر صدقًا، للوجود معًا. ليست جسرًا بين ضفتين بل هي الضفة الثالثة، تلك التي لا يراها العابرون ولا تقيسها الخرائط. ضفة لا تُسجَّل في العقارات، بل في دفاتر القلب، في الأمكنة التي نختلقها مع من نحب، حين نُقرّر أن نصير وطنًا لبعضنا البعض، دون أن نُعلن ذلك، ودون أن نطلب أوراقًا ثبوتية.

قال المفكر الاشتراكي بول نيزان قبل أن يقتل في الحرب: “لم أكن أعرف أنني أملك هذا القدر من الحب إلا عندما فقدته”. وأنا أعرف أنني لم أكن أعرف العراق، إلا حين عرفت العراقيين عن قرب. عن قُربٍ لا تصنعه الأوطان بل تصنعه القلوب التي حين تهزمها الحروب، تتحوّل إلى أوطانٍ تمشي، تنام، وتفتح لك باب البيت. بيت لا يحتاج إلى سقف، بل إلى كلمة، إلى إيماءة، إلى ثقة بسيطة تنمو على نارٍ هادئة، كما تنمو جذور النعناع.

هل الغربة عدالة؟ لا. لكنها في حالات نادرة، تمنحك امتياز أن تُعيد ترتيب نفسك. أن تُجرّب الأخوّة مع من لا يشبهك تمامًا، ومع ذلك يصبح أقرب إليك من الدم. تمنحك فرصة أن تقول لنفسك، بلا خجل، إن الحياة لا تُقاس بالمكان، بل بنوعية البشر الذين مرّوا بك، ومررت بهم، وقرّرتم معًا أن تجعلوا من اللايقين حكايةً يمكن تصديقها، بلغةٍ لا تُنسى، وصمتٍ يشبه المعنى أكثر من أي كلام.

الغربة، بهذا الشكل، ليست جرحًا، بل خيطًا دقيقًا من الضوء يتسرّب من تحت الأبواب المغلقة. خيط لا ينير الطريق كله، لكنه يكفي لتعرف أنك لست وحدك. وأن دفء الآخر، حين يكون صادقًا، يضاهي دفء الوطن، وربما يتجاوزه. ليس لأن الوطن ناقص، بل لأن القلوب حين تُمنح من غير مصلحة، تكتسب طهارة نادرة.

العراقيون الذين عرفتهم في المنفى لم يكونوا ينتظرون شيئًا من أحد، لم يكونوا ضحايا، ولا دعاة، بل ناسًا يعيشون بكامل أناقتهم في قلب اليوم، يصنعون من الوقت خبزًا ومن القصيدة بابًا ومن المزاح صلاة يومية للنجاة من فجاجة العالم.

منهم تعلّمتُ أن الطمأنينة ليست هدية، بل مهارة. وأن الانتماء ليس وثيقة، بل فعل يومي من الحب. وأن البلاد لا تعني شيئًا إن لم تجد من تشاركهم طريقتها في الغياب.

وأنا الآن، أكتب هذا النص، لا لكي أُحصي ما فُقد، ولا لأرثي ما لا رجعة فيه، بل لأقول ببساطة: بعض الغرباء، حين يدخلون حياتك، يُعيدون ترتيب جغرافيتك كلها. يجعلونك تُفكر في المعنى لا في الحدود. في الجلوس مطوّلًا مع من تُحب، لا في العبور السريع إلى المجهول.

ربما لم أكن أعرف أنني أملك هذا القدر من القرب، إلا عندما التقيت بهم. وربما، ذات يوم، حين تُغلق كل الأبواب، سيبقى باب صغير مفتوح في الذاكرة، كأنك تسمع من بعيد صوتًا يقول لك: “تفضل، البيت بيتك”

zoolsaay@yahoo.com

   

مقالات مشابهة

  • العراق يوجه دعوة لأمير الكويت لحضور القمة العربية في بغداد
  • الكويت تتسلم دعوة حضورها للقمة العربية في بغداد
  • هل ينجح العراق في تجاوز الفساد والضغوط لإحياء صناعته العسكرية؟
  • الكويت: تسهيلات لزوجات المواطنين المسحوبة جنسيتهن لأداء الحج
  • السوداني: الحكومة العراقية تعمل على تحسين بيئة عمل الشركات النفطية وتعزيز الأمن
  • تحالف الفتح :قناة خور عبدالله ضمن السيادة العراقية وبيعه للكويت مقابل رشا خيانة
  • ‏الرئيس اللبناني: القوات المسلحة اللبنانية هي الوحيدة المسؤولة عن سيادة لبنان واستقلاله
  • دار الفتوى: بسط سيادة الدولة مطلب داخلي وخارجي.. والراعي: اختبرنا الرجاء بانتخاب رئيس للجمهورية
  • “تأملات في طمأنينة لا تُشبه الخرائط… عن العراق الذي يكتبه الغريب كما يُكتب الحنين”
  • بعد الخلاف على تربية الكلاب .. مصرع مواطن عقب عودته من الصلاة والقبض على آخر