ممارسات «الحوثي» تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
أحمد مراد (عدن، القاهرة)
أخبار ذات صلة تغير المناخ يضع ملايين اليمنيين على حافة الهاوية 2.5 مليون نازح يمني يعانون في مخيمات مأربتسببت ممارسات جماعة الحوثي في تعطيل فاعلية وقدرة الاقتصاد اليمني في ظل إصرارها على سياسة التجريف المتعمد الذي تمارسه ضد القطاعات الاقتصادية والتجارية، وبحسب إحصائيات رسمية صادرة عن الاتحاد العام للغرف التجارية في اليمن، فإن ممارسات الحوثي تسببت في تراجع الناتج الإجمالي للقطاع الخاص، والمحلي بشكل عام.
وفقد القطاع الصناعي خلال الفترة بين عامي 2015 و2020 نحو 73% من ناتجه، وبلغ معـدل التشغيل في القطـاع 12% من قدرته الإنتاجية، بينما بلغ معـدل التشغيل في القطاع الخاص 64% من قدرته الإنتاجية.
وأوضح المحلل الاقتصادي اليمني، ماجد الداعري، أن القطاع الاقتصادي أكثر قطاعات اليمن تضرراً من ممارسات جماعة الحوثي على مدى السنوات الـ9 الماضية، ما أسفر عن تداعيات إنسانية واقتصادية كارثية وخطيرة جداً، أبرزها ارتفاع معدلات الفقر بشكل غير مسبوق، وشل حركة المؤسسات الاقتصادية، وتراجع دورها الحيوي في الحفاظ على مقدرات الشعب، وتحويل اليمن إلى سوق سوداء تعاني فوضى عارمة.
وفي يونيو الماضي، حذر بيان صادر عن وزارة الصناعة في الحكومة الشرعية اليمنية من خطورة التداعيات الكارثية لمساعي جماعة الحوثي الرامية إلى إقرار تعديلات في التشريعات القانونية المنظمة للقطاع الاقتصادي وموارد الدولة، واستهدافها وتجريفها الممنهج للقطاع التجاري ومؤسساته لخدمة مصالحها الخاصة.
وأكدت وزارة الصناعة أن تعديلات الحوثي على قوانين ضرائب الدخل والجمارك والبنوك تفرض مزيداً من القيود على حركة التجارة والاستثمار وتدفق السلع والبضائع، ما يودي إلى عواقب كارثية على ركائز الاقتصاد وأوضاع الشعب المعيشية.
وقال الداعري في تصريحات لـ«الاتحاد»: «إن جماعة الحوثي لا تهتم باستقرار الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للشعب اليمني، ولا يشغلها إلا تحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال والموارد لتمويل ما يُعرف بالمجهود الحربي»، مشيراً إلى أنها تحقق موارد هائلة من وراء الأسواق السوداء التي تُديرها، إضافة إلى الجبايات والضرائب والرسوم الجمركية التي تفرضها بين الحين والآخر على التجار وشركات القطاع الخاص.
وفرضت جماعة الحوثي، خلال سبتمبر الحالي، المزيد من الرسوم الضريبية والجمركية الجديدة على التجار والقطاع الخاص، وتوسيع فئة كبار المكلفين بالضرائب من الشركات الصغيرة والمحال التجارية، في مقابل منح إعفاءات للتجار الموالين لها، ما شكل تهديداً صريحاً للاقتصاد اليمني عبر إنهاك القطاع الخاص.
ومن جانبه، أوضح المحلل السياسي اليمني، عيضة بن لعسم، أن هناك إصراراً حوثياً على خنق الشعب اليمني عبر ممارسات اقتصادية أدت إلى تفاقم أزمات الفقر وانعدام الأمن الغذائي، وهو ما جعل شبح المجاعة يطارد الملايين من أبناء الشعب اليمني.
وقال بن لعسم في تصريحات لـ«الاتحاد»، إن جماعة الحوثي تمارس مخططاً ممنهجاً لتعطيل فاعلية الاقتصاد الوطني، وفي هذا الإطار تأتي محاولاتها الدائمة لفرض العديد من القيود أمام حركة تصدير المشتقات النفطية التي تمثل مصدراً رئيسياً لإيرادات الدولة اليمنية.
وتسببت هجمات عدة نفذتها جماعة الحوثي على الموانئ النفطية في محافظتي حضرموت وشبوة جنوب في توقف صادرات اليمن من النفط الخام منذ أكتوبر 2022، ما فاقم الأزمة الاقتصادية التي يشهدها اليمن، إذ إن 70% من تمويل الموازنة العامة يعتمد على صادرات النفط الخام التي تُعد أهم مصدر لإيرادات الحكومة.
من جانبه، يرى الملحق اليمني السابق لشؤون المغتربين في مصر وشمال أفريقيا، إبراهيم الجهمي، أن ممارسات الحوثي أدت إلى إغلاق العديد من شركات القطاع الخاص، إضافة إلى هروب الاستثمارات الأجنبية، ما تسبب في خسائر فادحة للاقتصاد. وتشير بعض الإحصائيات إلى هروب ما يزيد على 90% من الاستثمارات الأجنبية في اليمن، إلى جانب قيام العديد من رجال الأعمال بسحب أموالهم في المصارف المحلية وتحويلها إلى الخارج بحثاً عن بيئة استثمارية آمنة.
وطالب الجهمي، في حديثه لـ«الاتحاد»، المنظمات الدولية، بممارسة ضغوط على الحوثي حتى تتوقف عن ممارساتها الاقتصادية التي خلقت أكبر أزمة إنسانية يعيشها اليمن في تاريخه، لاسيما أن الأزمة مرشحة للتفاقم في ظل إصرار الجماعة على تخريب الاقتصاد اليمني.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الأزمة في اليمن اليمن الأزمة اليمنية جماعة الحوثي الاقتصاد اليمني القطاع الخاص جماعة الحوثی
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية اليمني في حوار لـ عُمان: الحل السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة وقيام يمن جديد ومزدهر
أكد معالي الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين في الجمهورية اليمنية أن التوصل لحل سياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة وتحقيق الامن والاستقرار وقيام "يمن" جديد ومزدهر.
وفي حوار لـ عمان قال الزنداني إن أيادينا ممدودة للسلام، ولا زلنا نؤكد رغبتنا في إيجاد حل سياسي. كما انه ليس لدينا موقف من مشاركة أي طرف في السلطة بمن فيهم الحوثيون كمكون سياسي.
وأوضح ان التطورات الجيوسياسية في المنطقة، كانت لها انعكاسات كبيرة، حيث أدت إلى تجميد خريطة "السلام" في اليمن، ورغم توقف المواجهات في الجانب الميداني، إلا أنه لا يوجد أي تقدم في الجانب السياسي.
وثمن معاليه الدور الكبير لسلطنة عمان والجهود التي تبذلها لتقريب وجهات النظر وانهاء الحرب في اليمن وتحقيق الأمن والاستقرار، مؤكدا أهمية هذا الدور "وحاجتنا له" لتحقيق السلام وإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب اليمني.. مشيرا الى انه في زيارته لمسقط بحث مع المسؤولين العمانيين الوضع السياسي، وقدم رؤية الحكومة اليمنية بشأن التطورات الجارية وجهود تحقيق السلام والاستقرار في اليمن.
ولفت معالي وزير الخارجية وشؤون المغتربين إلى التحديات التي تواجهها اليمن داخليا، في ظل عدم وجود دعم دولي كاف يتناسب مع حجم الأزمة في اليمن. كما تطرق في حواره الى الكثير من الجوانب التي يعيشها اليمن حاليا، فإلى تفاصيل الحوار:ـ
بداية معاليكم هل لكم أن تلقوا الضوء على الوضع الميداني في اليمن الآن.. وهل حالة اللا حرب واللا سلم ما تزال قائمة؟
منذ الاتفاق على الهدنة لا توجد هناك مواجهات رئيسية في الجانب الميداني، لكن أيضا لا يوجد أي تقدم في الجانب السياسي. حالة اللاسلم واللاحرب ما تزال قائمة.. كانت هناك عمليات ضد التصعيد في البحر الاحمر بمهاجمة السفن التجارية وهو ما تسبب في التأثير على الأوضاع المعيشية للسكان في اليمن بسبب ارتفاع تأمين السفن وتكلفة الشحن بشكل عام، ولكن على الأصعدة الأخرى لا يوجد اي تغيير.
هل المزاج العالمي ومزاج الدول المجاورة لليمن يتجه نحو إنهاء الصراع عبر حكومة محاصصة يكون الحوثيون مشكلا أساسيا فيها؟ وهل الحكومة الشرعية تقبل بهذا الأمر؟
ـ نحن هنا نتحدث عن حكومة يمنية، وهي الحكومة الشرعية، وأيادينا ممدودة للسلام منذ عشر سنوات تقريبًا، ولا زلنا نؤكد رغبتنا في إيجاد حل سياسي للأزمة ولا نبحث عن حل عسكري. كما انه ليس لدينا موقف من مشاركة أي طرف في السلطة بمن فيهم الحوثيون كمكون سياسي، هذا هو الاساس وهذا كان موقفنا من البداية. وتبذل جهود منذ سنوات طويلة وكانت هناك مشاورات في جنيف وفي برن وفي الكويت، كما ان هناك جهود وساطة، بما فيها الجهود التي بذلت من قبل الاشقاء في سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية ولا تزال مستمرة.
عودة لاستخدام مصطلح "الحكومة الشرعية" ما هي المساحة التي تمتلكها هذه الحكومة في التأثير الداخلي على الوضع في اليمن؟
ـ نستطيع القول إن الحكومة الشرعية تتواجد على نحو 70% من الأراضي اليمنية، وبالتالي عندما نتحدث عن الحكومة فإنها هي المعنية بكل الاراضي اليمنية وتمتلك حق ممارسة السيادة والسلطة في كل اجزاء اليمن.
كيف تنظرون إلى الدور العماني في الوساطة بين أطراف النزاع في اليمن وما هو تقييمكم لهذا الدور؟
بكل تقدير، نثمن الجهود التي تبذلها سلطنة عمان لتقريب وجهات النظر وانهاء الحرب وتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، ونؤكد أهمية هذا الدور، و"حاجتنا له"، لتحقيق السلام المستدام وإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب اليمني.
في زيارتكم لمسقط ما هي أبرز الملفات التي بحثتموها مع المسؤولين ؟
بطبيعة الحال كان الوضع السياسي في اليمن جانبا رئيسيا في مباحثاتنا، وقدمنا للمسؤولين في سلطنة عمان رؤيتنا، حول التطورات الجارية والجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في الجمهورية اليمنية. كما تناولت المباحثات مع المسؤولين العمانيين سبل تطوير العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، والعمل على تفعيل اللجنة المشتركة.
هل كان من ضمن برنامج زيارتكم لقاء ممثلين للحوثيين؟
ـ هذه الزيارة لسلطنة عمان وتتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.
ما مدى تأثير التطورات الجيوسياسية في المنطقة، وخاصة الحرب في غزة والتوترات في البحر الأحمر، على الأزمة اليمنية؟
ـ كان لهذه الاحداث انعكاسات واضحة.. فالتصعيد في البحر الأحمر تابع جميعنا نتائجه، حيث أدى إلى تجميد خريطة الطريق "السلام" التي كان متفقا عليها، كما انعكس ذلك على معيشة السكان ومستوى الأمن الغذائي في اليمن.
ولكن أحداث البحر الأحمر جعلت جماعة أنصار الله الحوثي يمتلكون "شرعية" في وسط الجماهير العربية وينظرون لهم نظرة مختلفة عن النظرة التي تنظر لهم بها "الحكومة الشرعية" ؟
ـ الجماهير العربية ليست معنية بإعطاء الشرعية للحوثيين لأن الشرعية تأتي من الشعب اليمني هذا أولا. وثانيا قد تكون هذه الأفعال وجدت لها شعبية أو تعاطفا حسب المزاج القومي والعربي الذي يحاول ان يتعاطف مع أي عمل ضد اسرائيل.
كيف تقيمون العلاقات اليمنية ـ الخليجية، وما هي أبرز التحديات التي تواجه عودة اليمن إلى محيطه الخليجي؟
ـ بشكل عام علاقتنا جيدة مع جميع دول الخليج، ونعتقد أن انتهاء الحرب وتحقيق الأمن والاستقرار، سيساعد على عودة اليمن لوضعه الطبيعي ولعب دوره في المنطقة.
ماذا عن "اتفاق الرياض" بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي وهل هناك جهود لاعادة تفعيله؟
ـ اتفاق الرياض نُفذ تقريبًا في معظم اجزائه وتبقت بعض الأشياء البسيطة واعتقد انه يمكن العمل عليها قريبًا.
ما هي خطة الحكومة اليمنية لإنعاش الاقتصاد وتحقيق الاستقرار المالي في ظل انهيار العملة وارتفاع التضخم؟
ـ نعمل على الاستفادة من كل المقدرات الاقتصادية، وتنمية الموارد وكذلك ترشيد النفقات ووضع بعض الخطط التنموية لإنعاش الاقتصاد والاستفادة من التمويل الخارجي. ولدى الحكومة برنامج الآن وهناك قرارات لمجلس الوزراء فيما يتعلق بهذه الخطوات.
ـ كيف أثرت الحرب على موارد اليمن، وما هي آليات الحكومة لتعزيز الإيرادات المحلية؟
كما هو معلوم، توقف الآن تصدير النفط والغاز بسبب الهجمات على منشآت النفط، والذي كان يشكل تقريبا 70% من ميزانية الدولة، فيما تشكل الموارد الأخرى نسبة ضئيلة في الميزانية. ونبذل جهودا استثنائية من أجل تنمية هذه الموارد.
ألا توجد بوادر اتفاق بشأن النفط والغاز؟
ـ حتى الآن لا يوجد أي اتفاق ولا يوجد في الأفق أي حديث عن ان هناك اتفاقا.
هل هناك دعم دولي حقيقي لجهود إعادة الإعمار، أم أن الأمر لا يزال في إطار الوعود؟
ـ لا شك ان جهودا كبيرة تُبذل لإعادة الإعمار، وتم تنفيذ مئات المشاريع في اليمن بشكل عام، خصوصا من قبل الاشقاء في دول الخليج.
كيف تواجه الحكومة أزمة النزوح الداخلي وانهيار الخدمات الأساسية؟
ـ بالنسبة لأزمة الخدمات ستظل قائمة لأننا نتعامل مع الممكن.. لدينا مشكلة في الكهرباء نتيجة انعدام الوقود، وبالنسبة للنازحين الحكومة تعمل ما بوسعها من أجل التعامل مع هذه المشكلة، والاستفادة من دعم بعض المنظمات الغير حكومية في اليمن.
هل تعتقدون أن المجتمع الدولي يقدم دعماً كافياً لمعالجة الأزمة الإنسانية في اليمن؟
ـ لا يوجد دعم دولي كاف بما يتناسب مع حجم الأزمة في اليمن. وقد يعود ذلك الى أن هناك الكثير من الأزمات في العالم في السودان وأوكرانيا وأكثر من مكان، فربما هذا أثر على اهتمام المجتمع الدولي ودعمه لليمن.
كيف ترون مستقبل اليمن في حال التوصل إلى اتفاق سياسي شامل؟
ـ بطبيعة الحال إذا تم التوصل إلى حل سياسي فانه سيخلق "يمن " جديدا مزدهرا. ولكننا لا نستطيع ان نتكهن بما يحمله لنا المستقبل في ظل الظروف الحالية، فهناك متغيرات إقليمية ودولية وحالة اللا حرب واللا سلم ما زالت قائمة، وبالتالي نحن نعلق الآمال على وجود حل سياسي وإذا تحقق الحل السياسي سيكون أمامنا طريق طويل لإعادة بناء ما دمرته الحرب.
ما هي رؤية الحكومة لإعادة بناء مؤسسات الدولة بعد سنوات من الصراع؟
ـ هناك بعض مؤسسات وأجهزة الدولة تحت سيطرة الحوثيين، وهناك مؤسسات تابعة للحكومة تعمل من عدن ونبذل جهودنا من أجل إعادة تنظيم وبناء مؤسسات الدولة.
هل هناك وضوح في الرؤية للبناء؟
ـ من الصعب التحدث عن البناء في هذه المرحلة ونحن ما زلنا في هذا الوضع.
كيف يمكن تعزيز الوحدة الوطنية في ظل الانقسامات الحالية بين الشمال والجنوب؟
ـ اعتقد أن هناك قضايا تهم كل اليمنيين والهدف منها أولا انهاء الحرب وتحقيق الاستقرار في البلاد، وبالتالي معالجة كافة القضايا الوطنية لتساعد في تعزيز الوحدة الوطنية.
عندما يتحقق السلام ويوجد الاستقرار ستكون هناك فرصة كافية للحديث عن قضية تنمية وقضية بناء وقضية التغلب على مخلفات الحرب بشكل عام. وأؤكد ان أكبر تحد الآن هو انهاء الحرب واستعادة سلطة الدولة على كافة الاراضي اليمنية.