هل تؤخر العقبات السياسية والأمنية والدبلوماسية والشروط الاتفاق السعودي الإسرائيلي؟
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
أوحت تصريحات مسؤولين سعوديين وإسرائيليين بأن اتفاق التطبيع بين بلديهما أصبح وشيكا، لكن عقبات سياسية وأمنية ودبلوماسية لا تزال تشكّل حاجزا أمام هذه الخطوة التاريخية في الشرق الاوسط.
وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، في مقابلة الأسبوع الماضي مع شبكة “فوكس نيوز”، إن المحادثات تقترب كل يوم من تحقيق نتائج يمكن أن تعيد ترتيب الأوراق في المنطقة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن الدولتين أصبحتا على أعتاب “سلام تاريخي”. كما يتطلّع الرئيس الأميركي جو بايدن للتوصل إلى اتفاق قبل أن ينشغل بانتخابات الرئاسة العام المقبل، وفقًا لمسؤولين مطّلعين على المحادثات.
في الآتي أسئلة وأجوبة تتناول احتمالات التوصل لاتفاق:
ما هو تأثير الاتفاق المحتمل؟
في لقاء مع بايدن في نيويورك الأسبوع الماضي، قال نتانياهو إن “مثل هذا السلام سيقطع شوطا طويلا نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي”. سيمثّل ذلك أيضا انتصارا سياسيا كبيرا لرئيس وزراء يواجه في الداخل اتهامات بالفساد واحتجاجات على خطط الإصلاح القضائي.
ولطالما ربطت الرياض مسألة تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بالقضية الفلسطينية. وأُبرمت في العام 2020، برعاية أميركية، اتفاقات تطبيع بين إسرائيل والمغرب والإمارات والبحرين اعتبرها الفلسطينيون “خيانة”.
وعرض المسؤولون السعوديون على واشنطن العام الماضي شروطهم لاتخاذ خطوة مماثلة، وتشمل ضمانات أمنية ومساعدة في بناء برنامج نووي مدني وقدرة على تخصيب اليورانيوم.
ويبدو أن بايدن متحمّس إلى احتمال تحقيق إنجاز كبير في السياسة الخارجية يمكن أن يساعد في استقرار الشرق الأوسط والحدّ من التهديد الذي تشكّله إيران، وذلك قبل الانتخابات الأميركية المقبلة.
ويرى الدبلوماسي الأميركي السابق دينيس روس إن فريق بايدن مدفوع أيضا بالرغبة في إعادة تأكيد نفوذ واشنطن في المنطقة التي حقّقت فيها الصين تقدّما.
ويقول روس، وهو مبعوث سابق للسلام في الشرق الأوسط ويعمل حاليا باحثا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى “المطالب السعودية من الإدارة (الأميركية) كبيرة، لكن من الواضح أن الإدارة (…) مستعدة لمحاولة التوصل إلى نتيجة”.
هل التطبيع ممكن التحقيق؟
ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأسبوع الماضي أن المسؤولين الأميركيين يبحثون في “معاهدة دفاع مشترك” مع السعودية على غرار الاتفاقات القائمة مع اليابان وكوريا الجنوبية، لكنها أشارت إلى أن هذا “سيثير بالتأكيد اعتراضات قوية في الكونغرس”.
ولا يزال من غير الواضح الشكل الذي سيتخذه الاتفاق الأمني المحتمل بين واشنطن والرياض.
وترى “مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات” للأبحاث أن على واشنطن أن تفكّر في تصنيف الرياض “شريكا دفاعيا رئيسيا” أو “حليفا رئيسيا من خارج (حلف) ناتو”، بحيث لا تُفرض عليها الالتزامات ذاتها تجاه حلفائها في حلف شمال الأطلسي.
ومن شأن المساعدة في بناء برنامج نووي أن تثير كذلك أسئلة لدى المشرعين الاميركيين، علما أن تقارير صحافية تؤكد رفض إسرائيل لهذا الطلب.
وتقول الرياض إن برنامجها سيكون سلميا، رغم أن الأمير محمد بن سلمان كرّر في مقابلته مع “فوكس نيوز” موقف المملكة بأنه إذا حصلت إيران على سلاح نووي، فعلى الرياض أن تحصل عليه أيضا.
ونظرا للانتقادات الكثيرة لسجل حقوق الإنسان في المملكة، فإن أي صفقة تعمّق العلاقات الأميركية مع السعودية قد تلقى اعتراضات داخل الولايات المتحدة.
وحذر تريتا بارسي من معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول من “تزايد الالتزامات الأمنية الأميركية” في المنطقة بينما تسعى دول أخرى للحصول على ضمانات أمنية مماثلة.
وقال في مؤتمر صحافي عبر الانترنت الثلاثاء “إذا مضى الرئيس بايدن قدما في إبرام مثل هذا الاتفاق مع المملكة العربية السعودية، فسيكون هذا أبعد ما التزمت به الولايات المتحدة على الإطلاق بالدفاع عن دول المنطقة، ومن المرجح ألا ينتهي الأمر عند هذا الحد”.
اقرأ أيضاً
إيكونوميست: صفقة التطبيع السعودية الإسرائيلية ستقلب الشرق الأوسط رأسا على عقب
ويقول عبدالله العودة، المدير السعودي لمؤسسة “مبادرة الحرية” التي تتخذ من واشنطن مقرا، “على المشرعين في الولايات المتحدة ألا يسمحوا أبدًا باتفاقية أمنية تلزم الجيش الأميركي بإراقة الدماء من أجل حماية دكتاتورية وحشية”.
ماذا عن القضية الفلسطينية؟
قالت السعودية منذ فترة طويلة إنها لن تقيم علاقات مع إسرائيل من دون حلّ الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وعيّنت المملكة في آب/أغسطس أول سفير غير مقيم لها في الأراضي الفلسطينية. وهو اليوم في زيارة الى الأراضي الفلسطينية.
وفي حديثه إلى “فوكس نيوز”، أكّد الأمير محمد بن سلمان أنّ القضية الفلسطينية “مهمة” بالنسبة للرياض، مضيفا “نأمل أن تؤدّي إلى نتيجة تجعل الحياة أسهل للفلسطينيين وتسمح لإسرائيل بأن تلعب دوراً في الشرق الأوسط”.
ومن غير الواضح ما إذا كان نتانياهو يستطيع تقديم تنازلات مؤثرة أثناء ترأسه حكومة وصفها بايدن بأنها “متطرفة”.
واعتبر مات داس من مركز السياسة الدولية ومقره واشنطن أن “من الواضح أن هذه الحكومة الإسرائيلية تعارض بشدة قيام دولة فلسطينية. لقد قالوا ذلك بوضوح”.
وأضاف “سبق أن قال نتانياهو علانية إن أي التزامات سيقدمها للفلسطينيين لن يكون لها معنى. وأعتقد أننا يجب أن نأخذ كلامه على محمل الجد”.
كيف ستكون ردود الفعل؟
إقناع السعودية بإقامة علاقات مع إسرائيل من شأنه أن يوفّر غطاء للدول التي انضمت إلى اتفاقات التطبيع أو التي تفكر في مثل هذه الخطوة. ومع ذلك، فإنّ العداء تجاه إسرائيل متأصّل في دول المنطقة.
فقد أثارت التقارير الشهر الماضي عن لقاء وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الإسرائيلي احتجاجات أدت إلى إقالتها.
واعتبر الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي الذي تملك بلاده نفوذا في دول عربية عدة، في نيويورك أنّ تطبيع السعودية علاقاتها مع إسرائيل سيشكّل خيانة للقضية الفلسطينية.
وكتب المحلل هشام الغنام هذا الشهر في مجلة “المجلة” السعودية أن لا شك أن كل الاعتبارات المتعلقة بالفلسطينيين ماثلة في أذهان القادة السعوديين.
واعتبر أن “إقامة علاقات دبلوماسية بين المملكة وإسرائيل قبل التزام (هذه الأخيرة) بتنازلات كبيرة للفلسطينيين، لا يوفّر قيمة مضافة للأمن والمصالح الوطنية السعودية”.
اقرأ أيضاً
الطريق لا يزال طويلا.. ماذا قال معهد الأمن القومي الإسرائيلي عن التطبيع مع السعودية؟
المصدر | ا ف بالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: التطبيع السعودي الإسرائيلي تحديات أمنية الشرق الأوسط مع إسرائیل
إقرأ أيضاً:
هل لا يزال نتنياهو يحلم بمشروع إسرائيل الكبرى؟
عادة ما يتلذذ نتنياهو بترديد، ما يشير إلى أنه مبعوث قوة "روحية/ خفية" مؤيدة وداعمة له لإنجاز مشروعه عن "الشرق الأوسط الجديد" ـ وهو المصطلح "الناعم" لمعنى إسرائيل الكبرى ـ وأن "رسالته" إلى العالم، كانت مرهونة بمآلات الحرب على الجبهة اللبنانية، فيما كان واثقًا وكأن "بطاقة ضمان" دسّتها تلك القوةُ الخفية في جيبه، مُرفقًا بها خريطة هذا "الشرق المزعوم" الذي يستخدمه نتنياهو كـ"مرهم" و"مُلطف" للجرح الإسرائيلي النازف منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، فيما يعتقد آخرون من حاضنته السياسية، الأكثر اعتدالًا ورصانةً، بأنه "يوتوبيا" ومثل من يطلب "لبن العصفور" كما يقول المثل الشعبي العربي.
إسرائيل ـ منذ هزيمتها في حرب "أكتوبر/ رمضان" 1973 ـ لم تحقق أي انتصارٍ إلا على المدنيين والمخيمات، وظلت عالقة بعد أكثر من 15 شهرًا من بربريتها في مخيم بحجم "جباليا" وبضعة أمتار في قرى جنوب لبنان، ومع ذلك ما انفكت تتكلم بوقاحة عن عدم رضاها بـ"إسرائيل الصغرى"، وأنها في سبيلها لإنجاز "نسختها الكبرى" تحت لافتة الشرق الأوسط الجديد.
وكما يقولون "الزَّنُّ على الوِدان/الأُذُن" أمرُّ من السحر، تصدَّرَ المشهدَ داخل الكيان، صحفيون ومعلقون، لإسالة هذه الديماغوجية إلى حقيقة متوهّمة، تجري في شرايين اليمين الشعبوي المتطرف مجرى الدم، ويتحدثون في صلف بأنَّ مرحلة ما "بعد حزب الله" ستكون مُدخلًا لتل أبيب، نحو إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وإحالته إلى "منطقة سلمية" قادرة على إدارة المصالح المتضاربة طوعًا أو بعصا إسرائيل الغليظة.
إعلانلم يكن هذا التفكير المتفائل بالأمر الجديد، فبعد حرب الخليج عام 1991، واتفاقات أوسلو عام 1993، والربيع العربي عام 2011، روّج الخبراء الإسرائيليون لسيناريوهات وردية مماثلة، ولعلّ أشهرها كتاب شيمون بيريز صاحب الرؤية الذي ألفه في تسعينيات القرن العشرين حول "الشرق الأوسط الجديد"، وهي النبوءة التي قال عنها المفكر الإسرائيلي إفرايم أنبار: لقد تبين لاحقًا أنها "كلامٌ فارغ".
غاب لفترة ـ ليست بالقليلة ـ هذا الخطاب المتبجح، والمسلح بالحجج الدينية، وبغطرسة القوة على الأرض، ولعله قُمع وأحيل إلى "اللاوعي الإسرائيلي"، بفعل مرحلة الإحماء التدريجي والناعم التي شهدتها المنطقة ـ منذ سبعينيات القرن الماضي ـ تمهيدًا لإدماج إسرائيل كدولة طبيعية في المنطقة، وذلك إلى ما قبل طوفان الأقصى، الذي وضع العصا في عجلة التطبيع، فتعثر كلُّ شيء وتناثر المشروع مع بعثرة جثث الضحايا تحت أنقاض غزة المدمرة.
بيد أن صورةً لجندي إسرائيلي، التقطت له أثناء العمليات في غزة، في يونيو/ حزيران 2024 وهو يرتدي "شارة/ خريطة" إسرائيل الكبرى على زيّه العسكري ـ مطابقة لتصريح ثيودور هرتزل الذي مضى عليه أكثر من قرن من الزمان ـ أثارت غضبًا واسعًا في العالم العربي.
الخريطة ـ كما بدت على ذراع المقاتل الإسرائيلي ـ شملت مناطق من النيل إلى الفرات، ومن المدينة المنورة إلى لبنان، بما في ذلك أراضٍ من سوريا، والأردن بأكمله.
ومن المرجح أن ما أثار الغضب العربي هذه المرة، لم يكن وجود الخطة، بل ظهورها في الفضاء الأوسع لوسائل الإعلام الاجتماعي، إذ في مطلع العام 2024، وفي مقطع صوتي مسجل، قال السياسي الإسرائيلي آفي ليبكين: "… في النهاية، ستمتد حدودنا من لبنان إلى الصحراء الكبرى، ثم من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الفرات. وتساءل:
ومن الذي يقع على الجانب الآخر من الفرات؟ الأكراد! والأكراد أصدقاء. لذا، لدينا البحر الأبيض المتوسط خلفنا، والأكراد أمامنا، ولبنان، الذي يحتاج حقًا إلى مظلة حماية إسرائيل، وبعد ذلك أعتقد أننا سنستولي على مكة والمدينة وجبل سيناء، ونطهر تلك الأماكن " بحسب أوهامه المريضة.
إعلانولم يلقَ هذا المقطع ـ آنذاك ـ ردود أفعال غاضبة، ولعل ذلك يرجع إلى أن الحرب كانت في مراحلها الغضة، بكل تجلياتها "المبهجة" من انهيار الأساطير المؤسسة لـ" الدولة التي لا تقهر"، وتنامي الانطباع المصاحب لـ"النصر الغزي"، بأن ثمة شرقًا أوسطَ، يتشكل في رحم الغيب قد يكون بدون "إسرائيل".
بيدَ أن مشروع "إسرائيل الكبرى/ الشرق الأوسط الجديد"، اكتسب زخمًا أكبر، واهتمامًا متجددًا، مع النجاح التكتيكي الذي حققه نتنياهو، في المراحل الأولى من حربه على حزب الله (تصفية غالبية قياداته السياسية والأمنية والميدانية).
وفي حين ظل التوسع الإقليمي الإسرائيلي، بمسوغاته الدينية/ التاريخية، ومدى موضوعيته، يعيد ـ في العالم العربي ـ إنتاج خطابه الشعبوي كأداة للحشد والتعبئة والتخويف من التطبيع بدرجاته، أو كأداة بيد المعارضة السياسية، تستخدمها في إدانة أنظمة عربية تراها "متسامحة" مع المشروع، فإنه كان يخضع ـ مع كل أزمة ـ لاختبارات قاسية داخل دوائر النخبة الإسرائيلية، أو يُدرج على رأس أجندة مؤسسات بحثية، معنية بمستقبل منطقة الشرق الأوسط، وتبدأ من جذور المشكلة وأصولها، مثل التساؤل بشأن تحديد درجة علمية مطالبات هرتزل بالأرض، وخلص بعضها إلى أن هناك اتفاقًا واسع النطاق بين الباحثين على أن الكتاب المقدس لا يمثل مصدرًا تاريخيًا علميًا، وبالتالي فإن رواية العودة إلى إسرائيل، أو إسرائيل الكبرى يمكن ربطها بخطاب جدلي، وليس تاريخًا مفصلًا للمنطقة أو الحقائق الديمغرافية على الأرض.
لقد أخضعت البروفيسور إيكاترينا ماتوي ـ مديرة برنامج الشراكة مع الشرق الأوسط MEPEI ـ مقولات "هرتزل" والأصول التي أقام عليها بنيانه التوسعي لنقاش أقرب إلى اختبار صحة الأسانيد التي يستقي منها الشرعية التي تملك القدرة على الإقناع أو قياس المسافة التي تفصلها عن المشروع كحتمية تاريخية ومؤجلة.
إعلانوتساءلت: إذا كانت هذه الأرض إسرائيلية، فلماذا يتم شراؤها من ملاك قانونيين قائمين؟ وإذا كانت أطروحة الأرض "القاحلة" التي روجت لها وسائل الإعلام، أو "الأرض الشاغرة" بحسب "هرتزل" فلماذا يشتريها الإسرائيليون؟
ليخلص البرنامج إلى القول: يمكننا أن نؤكد أن طبيعة مطالب هرتزل المتعلقة بالأرض ليست علمية، فبينما كانت هناك أسباب دفعت الحركة الصهيونية إلى التفكير في تأسيس دولة يهودية مستقلة، فإن موقع وطريقة تنفيذ مثل هذا المشروع كانا خاضعين لمفاوضات أطول مع ضامني القوة في تلك الأوقات، أي القوى الاستعمارية السابقة، ألمانيا، ثم الولايات المتحدة في وقت لاحق، وكانت هذه اتفاقات ذاتية.
وإذا كان قد تم تحقيق أهداف الحكم الذاتي والحماية الذاتية التي ذكرها هرتزل، فإن هذه الحماية الذاتية تعتمد بشكل كبير على المساعدات العسكرية الأميركية والأوروبية حتى يومنا هذا، ما يعني أن "إسرائيل الكبرى/ الشرق الأوسط الجديد" يظل قرارًا دوليًا وليس إسرائيليًا محليًا، وهو القرار المستحيل، بسبب المصالح الجيوسياسية للقوى الكبرى في منطقة الشرق الأوسط.
في هذا السياق فإن معهد القدس للإستراتيجية والأمن الذي تأسس عام 2017 ويصر على أهمية القدس الموحدة كأساس لأمن الدولة والهوية الوطنية للشعب الذي يعيش في "صهيون" بحسب زعمه.. تهكم من فكرة "شرق أوسط جديد" ما بعد "حزب الله، وقال في لغة ساخرة: "من السذاجة الاعتقاد بأن حدثًا واحدًا قد يغير المشهد السياسي في منطقة بأكملها، فحتى النهاية الحاسمة للحرب الباردة والنصر الحاسم الذي حققته الولايات المتحدة على صدام حسين ـ وهما حدثان كان لهما تأثير دولي كبير ـ لم يحدثا إلا القليل لتغيير السياسة المحلية أو الدولية في الشرق الأوسط.
ويعتقد المعهد أن الشبكة المعقدة من الديناميكيات المحلية والدولية لا تشجع على التعايش السلمي، وإذا كان السعي إلى تحقيق شرق أوسط أكثر سلامًا يشكل مشروعًا نبيلًا، بحسب زعمه، فإنه يظل مهمة شاقة في الوقت الراهن.
إعلانوينتهي إلى القول: " إن الدرس الذي يجب على إسرائيل أن تتعلمه هو أنها سوف تضطر إلى العيش على سيفها لسنوات عديدة قادمة، ورغم أن فترات انخفاض التوتر، مثل تلك التي تتمتع بها إسرائيل مع مصر والأردن، ممكنة بالتأكيد، فإنها لا تعكس علاقة ثنائية مختلفة نوعيًا، مثل العلاقة بين كندا والولايات المتحدة، وإن الانتقال من علاقة غير عنيفة إلى صراع مسلح قد يحدث بسرعة، ولا بد أن تكون إسرائيل مستعدة لهذا الاحتمال".
لا يوجد ما يشير بوضوح إلى أن إسرائيل قد تتخلى عن هذا الهدف، أو أنها قد تتنازل عن مشروع إسرائيل الكبرى، ومع ذلك، فإن الفكرة الرئيسية التي تظهر في الحجج التي تدافع عن مشروع إسرائيل الكبرى، أي العصر "الجديد" الدائم، قد تمثل بالفعل سببًا للتأمل.
فمع اقتراب العالم من نهاية عصر النفط الكبير، وتضاعف طرق التجارة على المستويين؛ العالمي والإقليمي، سوف تكون هناك حاجة إلى تغييرات نموذجية جديدة بالنسبة للقوى العظمى التقليدية من أجل التنافس سلميًا مع القوى الصناعية والتجارية الناشئة.
وفي حين تتمتع إسرائيل باستقلال نسبي ـ كما تدعي ـ وتزيد من حصتها في حماية نفسها، فإن أهمية الدعم الأجنبي قد تظل تشكل عنصرًا أساسيًا في سياستها الإقليمية، وعند تحليل مشروع إسرائيل الكبرى، يتعين علينا أن نأخذ في الاعتبار ما إذا كانت دولة الحرب الدائمة المحتملة متوافقة مع التطلعات نحو التنمية الاقتصادية في زمن السلم، والتي من المفترض أن تنافس القوى الاقتصادية سريعة النمو في عصر جديد، ما يجعل فكرة "إسرائيل الكبرى/الشرق الأوسط الجديد" خرافة تصطدم مع أية قراءة رصينة وعاقلة، إن لم تكن حلمًا بعيد المنال، وبالتزامن مع تنامي نزعة الثأر من تل أبيب في المنطقة التي "عليها العين"، وبالتوازي أيضًا مع اختمار تيار إسرائيلي استشرافي بات أكثر قناعة بأن الشرق الأوسط الجديد.. قد يتشكل فعلًا على المدى البعيد، ولكن بدون دولة إسرائيل.
إعلانالآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline