تكثيف أوكرانيا هجومها على القرم.. هل يحقق أهدافه ويدفع موسكو لخيارات مختلفة؟
تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT
اعتبر المحلل السياسي والأمني الأوكراني سيرغي شابوفالوف أن تكثيف قوات بلاده هجومها على شبه جزيرة القرم يعكس تطورا ملحوظا في أدائها، متوقعا أن يؤثر ذلك على مسار الحرب مع روسيا، فيما اتفق معه الخبير الأمني والسياسي الروسي غريغوري تروفيمتشوك في أن تهديدات موسكو بالمواجهة المباشرة مع حلف الناتو "فارغة" وغير جدية.
وأوضح شابوفالوف أن أوكرانيا تقوم بتصعيد قدراتها وانتصاراتها عبر ضربات في العمق الروسي والأراضي المحتلة، بما فيها شبه جزيرة القرم، على حد تعبيره، مشيرا إلى أن كييف لم تكن في بداية الحرب تستخدم المسيّرات أو المدافع، فيما باتت تستخدمها الآن بفاعلية، وهو ما يعكس تطور أدائها القتالي.
يأتي ذلك في سياق حلقة برنامج "ما وراء الخبر" بتاريخ (2023/9/26)، والتي خصصتها لاستمرار تكثيف أوكرانيا هجماتها على شبه جزيرة القرم مستخدمة المسيّرات والصواريخ والهجمات الإلكترونية، وتحذيرات روسية من احتمال اندلاع مواجهة شاملة مع حلف الناتو على خلفية مد الغرب كييف بالأسلحة المتقدمة، وآخرها دبابات "أبرامز إم 1" الأميركية المتطورة.
وتساءلت الحلقة عن الأهداف التي تسعى كييف إلى تحقيقها بالاتجاه لتكثيف هجماتها على شبه جزيرة القرم مؤخرا، وفرص نجاحها في تحقيق هذه الأهداف، وخيارات موسكو في مقابل ذلك، ومدى انعكاس هذا التطور على مسار الحرب.
أهداف التكثيفويوضح شابوفالوف في حديثه لـ"ما وراء الخبر" أن شبه جزيرة القرم هي قاعدة عسكرية روسية كبيرة تحتفظ فيها بالذخيرة والجنود، وهدف هذه العمليات منع الاستفادة مما في القرم، وكذلك الحد من استخدام القوات الجوية طائرتها لإيقاف الهجوم الأوكراني المضاد.
وأكد الخبير الأوكراني على أنه خلال الضربات على مركز أسطول البحر الأسود استُخدمت صواريخ قادمة من بريطانيا وفرنسا، معتبرا عدم صدور ردود فعل سلبية من تلك الدول أمر مهم ويعكس اقتناعها بحق أوكرانيا في ذلك، حيث كانت سابقا تخشى التصعيد في حال استخدمت أسلحتها في استهداف ما تعتبرها موسكو أراضيها.
واعتبر أن تهديد ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي بالمواجهة المباشرة مع الناتو ليس أكثر من تصعيد كلامي، وهو في تقديره "أمر مضحك للجميع"، متسائلا: كيف تستطيع روسيا مواجهة الناتو وهي تخسر في معركتها مع أوكرانيا؟
تهديدات "فارغة"واتفق مع شابوفالوف ضيف الحلقة الروسي الخبير الروسي المتخصص في السياسة الخارجية والدفاع والأمن غريغوري تروفيمتشوك في اعتبار تلك التهديدات غير جدية، واصفا إياها بـ"الحديث الفارغ" الذي يؤدي لقيام الطرف الآخر (أوكرانيا) بأعمال أكثر حدة عبر استخدام المزيد من الأسلحة المتطورة التي ترفع درجة النزاع.
ولفت إلى تزايد التساؤلات الاستنكارية لدى المراسلين العسكريين والمؤثرين الروس مؤخرا، بسبب عدم قيام موسكو بردود قوية وصارمة تجاه كثافة الهجمات الأوكرانية على جزيرة القرم، وأن الجميع يتطلع لتلك الردود حتى لا تتكرر مثل هذه الهجمات وتستمر.
ويرى تروفيمتشوك أنه في ظل هذه الظروف من الأفضل التركيز على العمل أكثر من الكلام بخلاف ما يحدث، حيث إن مثل هذه التهديدات من شأنها تقليل تأثير أي حديث لاحق يمكن أن يستهدف التأثير على نفسية الخصم، لافتا إلى أنه رغم تلك التهديدات فإن الدعم الغربي لكييف يتحرر أكثر من أي موانع أو مخاوف.
بعيد المنالبدوره، يشير اللواء فايز الدويري الخبير العسكري والإستراتيجي إلى أن تصريحات السياسيين الأوكرانيين تحدثت عن هدف بعيد المنال في المدى المنظور وفقا للمعطيات المتاحة، وهو استعادة السيطرة على شبه جزيرة القرم.
وأضاف الدويري في حديثه لـ"ما وراء الخبر" أن الهدف الأدنى ينطلق من اعتبار جزيرة القرم قاعدة خلفية لروسيا تتزود منها بكل أنواع الإمداد، ومن ثم فإن قطع هذا الشريان الحيوي عبر فرض حالة من عدم الأمن والاستقرار من شأنه أن ينعكس سلبا على القوات الروسية المقاتلة على الجبهة.
وتوقع الدويري نجاحا نسبيا في تحقيق هذا الهدف حتى إن استطاعت روسيا إسقاط 90% من الطائرات الأوكرانية المسيرة، لأن وصول الـ10% سيحقق معادلة عدم الاستقرار، ومن ثم ستكون له تداعياته القوية على الحرب بشكل عام.
واعتبر الخبير العسكري أن استخدام الصاروخي والطائرات المسيرة للإبقاء على الحرب دائرة هو مؤشر خطير جدا وبداية لدخول الطرفين حرب استنزاف مضنية قد تمتد لسنوات، ومن يحقق إنجازات شبه يومية هو من ستكون له مساحة للحديث بعد أشهر عن تغير في مقاربة الحرب، ومن سيطوّل نفَسَه هو من سيكسب المعركة في النهاية، حسب تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: على شبه جزیرة القرم
إقرأ أيضاً:
ألف قناص في السماء.. هذه هي الحرب الجديدة في أوكرانيا
عندما انفجرت قذيفة هاون فوق مركبتهم القتالية المدرعة "برادلي" الأمريكية الصنع، شعر الجنود الأوكرانيون داخلها بالاهتزاز، لكنهم لم يكونوا قلقين كثيراً، إذ اعتادوا على قصف المدفعية على مدار 3 سنوات من الحرب. لكن سرعان ما بدأت الطائرات المسيّرة الصغيرة بالهجوم.
استهدفت هذه الطائرات أضعف نقاط المدرعة "برادلي" بدقة قاتلة تتجاوز ما تمتلكه قذائف الهاون. أصابت إحدى الطائرات الانتحارية المتفجرة الفتحة العلوية فوق مكان جلوس القائد. "مزقت ذراعي"، قال الرقيب تاراس، القائد البالغ من العمر 31 عاماً، الذي فضل استخدام اسمه الأول وفقاً لبروتوكولات الجيش الأوكراني.
أثناء محاولته العثور على عاصبة لإيقاف النزيف، لاحظ أن سائق المركبة أصيب أيضاً، إذ فقئت عينه من الانفجار.
Astonishing and grim statistic: Drones now cause about 70 percent of deaths and injuries in the Ukraine war.
https://t.co/eS0xD2MaX8
نجا كلا الجنديين، لكن الهجوم كشف كيف أصبحت الطائرات المسيّرة، وهي في الغالب تقنيات متاحة تجارياً تُحول إلى آلات قتل، عاملاً يجعل السنة الثالثة من الحرب أكثر دموية من السنتين السابقتين وفقاً للتقديرات الغربية، بحسب تقرير تحليلي في صحيفة "نيويورك تايمز".
هيمنة الطائرات المسيّرةوتقول الصحيفة إن المدفعية الثقيلة لم تعد هي السلاح الأكثر فتكاً في هذه الحرب، إذ إن الطائرات المسيّرة تسبب الآن حوالي 70% من الإصابات بين القوات الروسية والأوكرانية، وفقاً لرومان كوستنكو، رئيس لجنة الدفاع والاستخبارات في البرلمان الأوكراني. في بعض المعارك، تصل النسبة إلى 80%، كما يقول القادة العسكريون.
عندما أرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قواته إلى أوكرانيا قبل 3 سنوات، سارعت الدول الغربية إلى تزويد كييف بأسلحة تقليدية بمليارات الدولارات، مثل المدافع والدبابات، على أمل صد الغزو الروسي. لكن الحاجة الميدانية الهائلة استنفدت مخزون حلف الناتو تقريباً.
في عام 2022، كانت المعارك تعتمد على المدفعية والخنادق والدبابات، لكن بحلول 2025، باتت الطائرات المسيّرة العنصر الحاسم في ساحة المعركة.
وتشمل الأدوات الحربية الحديثة الطائرات الانتحارية، والأنظمة المضادة للطائرات المسيرة، والطائرات المسيرة المجهزة برؤية الشخص الأول (FPV)، والطائرات البرية المسلحة.
وبحسب التقرير، فقد أصبحت المعارك عبارة عن سباق بين روسيا والغرب لتوريد الأسلحة التقليدية، مما حول شرق أوكرانيا إلى ميدان نيران مدفعية. لكن الآن، الطائرات المسيّرة تسيطر على الميدان، متجاوزة الأسلحة التقليدية في فعاليتها القاتلة.
We are grateful to our partners for strengthening Ukraine's defense capabilities. ???????? warriors and western-made weapons are the best combination to drive the enemy out of our land.
????: UA Land Forces pic.twitter.com/uX1Q7HBqLZ
تسببت الحرب في مقتل وإصابة أكثر من مليون جندي، وفقاً للتقديرات الأوكرانية والغربية. لكن الطائرات المسيّرة أصبحت الآن مسؤولة عن قتل عدد أكبر من الجنود وتدمير عدد أكبر من المركبات المدرعة مقارنة بجميع الأسلحة التقليدية الأخرى مجتمعة، بما في ذلك القناصة والدبابات ومدافع الهاوتزر وقذائف الهاون.
كان دوي المدفعية المتواصلة في السابق السمة المميزة للقتال، لكن اليوم أصبح الخطر شخصياً للغاية، حيث تطارد الطائرات المسيّرة الجنود وتستهدف المركبات بسرعة فائقة، مما أجبر القوات على المشي لمسافات طويلة والاختباء من هذه الأجهزة القاتلة. "يمكنك الاختباء من المدفعية"، يقول القائد الميداني الأوكراني بوهدان، "لكن الطائرات المسيّرة كابوس مختلف تماماً".
⚡️ Zelenskyy: F-16s arrived too late, but they are extremely effective.
???? "We have a very little number of F-16s. What they do now? Destroyed 7 ballistic [cruise missiles] missiles two nights ago." pic.twitter.com/gXXfQRhqRZ
ووفقاً للصحيفة، أنتجت أوكرانيا أكثر من مليون طائرة مسيّرة من طراز FPV في عام 2024، بينما تدعي روسيا أنها تصنع 4.000 طائرة يومياً، وتسعى كلتا الدولتين إلى إنتاج ما بين 3 إلى 4 ملايين طائرة في 2025.
ومع زيادة الهجمات بالطائرات المسيرة، تصاعدت أيضاً المواجهات الإلكترونية، حيث تنتشر أنظمة التشويش التي تعطل إشارات التحكم بالطائرات المسيرة، مما يجعل عمليات الاستهداف أكثر صعوبة.
للتعامل مع هذه التطورات، طورت أوكرانيا وروسيا تقنيات مضادة للطائرات المسيّرة، مثل الطائرات المسيّرة المزودة ببنادق لإسقاط الطائرات الأخرى، والليزر المضاد للطائرات منخفضة الارتفاع، والدروع الواقية المصنوعة من الشباك المعدنية لحماية المركبات من الهجمات الجوية.
⚡️BREAKING: Ukraine has stated that it wants 40-50 F-16 fighter jets.
If new F-16’s are provided, it would cost ~$11 Billion USD. If used F-16’s are provided instead, then it would cost ~$2 Billion USD. https://t.co/7rceufZUZF pic.twitter.com/F3AasWNxMJ
وتقول الصحيفة إن ظهور الطائرات المسيّرة كالسلاح الرئيسي في الحرب الأوكرانية يعيد تشكيل الاستراتيجيات العسكرية حول العالم. وتسعى دول مثل إيران وكوريا الشمالية والصين إلى استيعاب الدروس المستفادة من هذه الحرب.
يقول الأدميرال بيير فاندير، قائد التحول العسكري في الناتو: "الحرب في أوكرانيا تمزج بين تكتيكات الحرب العالمية الأولى والثالثة، ما يحدث قد يكون نموذجاً لحروب المستقبل".