عدن الغد:
2025-01-05@17:51:04 GMT

التعايش.. ثقافة مجتمعية لم تلوثها الحرب في عدن

تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT

التعايش.. ثقافة مجتمعية لم تلوثها الحرب في عدن

عدن (عدن الغد) خاص:

تقرير/ دينا المدني

 

على الرغم من التحديات والضغوطات التي شكلها النزوح والتدفق الكبير للناس بمختلف الأجناس والألوان إلى مدينة عدن جنوبي البلاد خلال سنوات الصراع الدائر، إلا أن المجتمع هناك ما يزال متمسكًا ومحافظًا على ثقافة التعايش مع المجتمعات النازحة والأقليات العرقية رغم سوء الأحوال والظروف الاقتصادية.

إذ يعتبر المجتمع العدني واحدًا من أكثر المجتمعات التي تتميز بالتنوع الثقافي على مستوى البلاد بشكل لافت، وتتأثر ثقافة المدينة بتباينات المجتمعات وتنوعها العرقي والديني واللغوي، حيث يعيش فيها اليمنيون من مختلف الأعراق والأديان والثقافات.

 

التعايش "مبدأ"

تحكي الثلاثينية من أبناء المدينة، بشرى الهاشمي، موقفها الذي تخلله مبدأ التعايش والسلام مع إحدى الأسر النازحة من فئة ذوي البشرة السوداء التي كانت تسكن في المدرسة المجاورة لمنزلهم، بعيدًا عن "العنف والعنصرية"، حيث تقول بأنها عندما تشاجرت شقيقتها مع طفلة تنتمي لتلك الأسرة، ذهبت إلى والدتها وأخبرتهم بالأمر.

وتوضح بأنها لم تتعامل مع الأمر بنظرة "التمييز والعنصرية واستخدام القوة أو العنف"، بل حلت المشكلة بالتفاهم والحوار مع أسرة الطفلة ومنذ ذلك الحين بدأ التقارب أكثر بين الأسرتين الجارتين بعيدًا عن الفوارق التي اعتاد أن يضعها المجتمع خاصة بالنسبة لأقلية ذوي البشرة السوداء.

تضيف بشرى، "بعد أن ذهبت للتحدث مع والدة الطفلة، بدأت تتكون علاقة جيدة وتعرفنا على بعضنا أكثر، وكنت اعزمها عندنا تجي تغير جو ونتبادل الأحاديث وكل شيء كأي جيران بشكل طبيعي".

 وتتابع: " حقيقة ما قد شفت زي كرمهم وطيبتهم وكنت وما زلت أتعامل أني وأسرتي معهم ومع النازحين كلهم خصوصا من هذه الأقلية كبقية الناس بدون أي عنصرية"، مؤكدةً بأنها وأسرتها لا يضعون أي فوارق مجتمعية وعرقية للتعامل مع الناس والبيئة المحيطة.

 

مساحة آمنة

وجدت الكثير من الأسر النازحة وخاصة أبناء أقلية ذوي البشرة السوداء في مدينة عدن المساحة الآمنة لممارسة الحياة الطبيعية ومختلف الأشغال بعدما شردتهم الحرب من قراهم ومناطقهم، ويعود ذلك إلى تماسك المجتمع الذي عجزت الحرب عن التأثير في هيكله وباكورة المبادئ والقيم الاجتماعية.

وفي هذا الصدد يقول أستاذ علم الاجتماع، الدكتور جلال عبدالله فارع، إن المجتمع في عدن عرف بتعايشيه منذ أكثر من مائة وتسعة وعشرون عاما ومجتمع المدينة أساسا متكون من كل الأجناس العربية والأعجمية والتاريخ خير شاهدا على ذلك.

ولتأكيد قوله، يستشهد فارع بنص للكاتب والمؤرخ الفرنسي "بول نيزان" الذي زار المدينة في أوائل القرن العشرين وكتب في مؤلفاته حول جمال عدن وطيبة أهلها وكرم الضيافة، قائلا: "إنها مدينة ساحرة، تفتح أبوابها لجميع من ينشدها، ومجتمعها متسامح".

ويتابع حديثه: "نجد عدن دومًا تحتضن الجميع دون قيود ودون فوارق أو تمييز أو عنصرية، وهي المدينة التي لم تنتظر الجميل من أحد بقدر ما تبحث عن السلام من الجميع وتتعايش مع الكل".

وبحسب تقارير أممية، بلغ عدد النازحين الوافدين إلى محافظة عدن نحو 52275 نازحًا ونازحة داخل المخيمات وخارجها، فيما بلغت عدد المخيمات بلغت 27 مخيمًا وعدد النازحين داخلها فقط 13697 نازحًا ونازحة.

 

الإيواء الحقيقي

يحتفظ المجتمع العدني بقيم قوية تؤكد على التعايش والتسامح ويشجع على مبدأ القبول بالآخر واحترام تنوع الثقافات والمعتقدات، وقد تكون هذه القيم أكثر أهمية في ظل الحرب خصوصا وأن بعض المجتمعات بالبلاد تواجه حالة من العدائية والانقسامات المحتملة. 

وفي هذا الشأن، يقول رئيس المجلس الوطني للأقليات في اليمن، نعمان الحذيفي، إن عدن دائما كانت تمثل فكرة التعايش الحقيقي الذي نأمله ونتطلع اليه وبكل تأكيد عدن منذ اندلاع الحرب لجأ إليها الكثير من أبناء اليمن من مناطق الشمال ومناطق الصراع بمن فيهم المهمشين من المحافظات الشمالية.

ويتابع :" هناك مهمشين من عام 1990 في عدن ما يعني أنه على مر التاريخ وعدن تشكل الأيواء الحقيقي لكل القادمين إليها، وفي الحقيقة عدن ضربت نموذج في التعايش وتعايش المجتمع الجنوبي والمجتمع العدني بشكل عام مع الاقليات وخاصة فئة المهمشين".

وكانت قد برزت في الفترة الأخيرة دعاوي بأن النازحين يهددون السلم الاجتماعي للمدينة والجنوب، وهنا، يشير الحذيفي إلى أن هذه الكتابات هي كتابات فردية لا تعبر عن أبناء عدن ولا تعبر عن ثقافة المواطن الجنوبي وثقافة أبناء عدن خاصة.

ومنذ زمن بعيد وعدن تحتضن الجميع خاصة في أوقات الأزمات ويعايش المجتمع في المدينة مع أقليات كثيرة عوضًا عن المهمشين والنازحين، مثل الطائفة البهائية والطائفة المسيحية، مُجسدًا بذلك أبهى صور التعايش والتنوع الاجتماعي والسلم المجتمعي.

 

 

أنتجت هذه المادة ضمن مشروع "تقاطعات" الذي تنفذه مؤسسة نسيج للإعلام الاجتماعي بدعم من مركز الحوار العالمي (كايسيد).

 

المصدر: عدن الغد

إقرأ أيضاً:

في أكثر محافظات سوريا..الدفاع المدني يكشف 117 حقل ألغام

قال الدفاع المدني السوري، الخوذ البيضاء، إنه أتلف 822 ذخيرة لم تنفجر أغلبها قنابل عنقودية من 1 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إلى يوم الجمعة الماضي.

وكشف الدفاع  المدني السوري، في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني ليل السبت الأحد، أكثر من 80 نقطة ملوثة بالذخائر غير المنفجرة في سوريا. 

القنابل العنقودية تشكل الوجه الأبشع لمخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة التي تركتها حملات القصف لقوات النظام وحلفائه على المدنيين طيلة السنوات الماضية. #إتلاف فرقنا لعدد من القنابل العنقودية في مدينة سلمية في ريف #حماة #الخوذ_البيضاء #سوريا pic.twitter.com/mqc3IeWCpp

— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) January 5, 2025

وقال إنه خلال عمل فرق إزالة مخلفات الحرب من 27  نوفمبر  (تشرين الثاني) الماضي، ويوم الجمعة حددت الفرق 117 حقل ألغام، ونقطة فيها ألغام في حلب، وإدلب، وحماه، واللاذقية، ودير الزور، مشيراً إلى أن الفرق حددت أماكن هذه الحقول بعلامات تحذير حولها لتحذير المدنيين منها بأساليب مختلفة لأن الفرق غير متخصصة  في زالة الألغام.
ولفت الدفاع المدني أنه وثق بين  27  من الشهر قبل الماضي وأول  أمس، مقتل 27 مدنياً بينهم 8 أطفال وامرأة، وإصابة 43 مدنياً بينهم 19 طفلاً بجروح منها بليغة، في انفجار مخلفات الحرب والألغام في سوريا.
وأشار إلى 3 انفجارات ألغام من مخلفات الحرب في سوريا أمس السبت في ريف إدلب ما أدى إلى مقتل 5  مدنيين.

مقالات مشابهة

  • أبناء الجالية المصرية بفرنسا يحررون توكيلات لتأسيس حزب الجبهة.. صور
  • في أكثر محافظات سوريا..الدفاع المدني يكشف 117 حقل ألغام
  • العائلات المالكة الأوروبية التي أنفقت أكثر على الملابس في 2024
  • كان حريصاً أكثر من نصرالله.. من هو الشبح الذي تراقبه إسرائيل؟
  • حماس تحذر من تسارع مخططات العدو التهويدية بالقدس
  • لا طرف سوداني يستطيع تسويق فكرة التعايش مع الجنجويد وقحت
  • ما الذي يخطط له حزب الله؟
  • صناعة الآلهة!
  • "صورة البطل في الأدب الشعبي".. لقاء لقصور ثقافة المنيا
  • أوقاف الفيوم تُطلق أكثر من 150 ندوة لترسيخ ثقافة الفتوى المعتبرة