الـكاف لـالجزائر بعد طلب الانسحاب.. دخول الحمام ليس كالخروج منه
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة
بات من الواضح لدى كل المتابعين للشأن الكروي، أن الجزائر، ستعيش هذه الأيام على وقع كابوس مرعب لن ينتهي بإعلان منح "المغرب" شرف تنظيم كأس أمم إفريقيا 2025، كما يعتقد الكابرانات الذين هرولوا إلى الـ"كاف" من أجل سحب ملف ترشحهم خوفا من الفضيحة المرتقبة، بل إن السيناريو الذين ينتظرهم ممنوع تماما على أصحاب القلوب الضعيفة.
بداية هذا السيناريو المرعب، كان عبر بلاغ للاتحاد الإفريقي، الذي رفض طلب الجزائر الرامي إلى الإنسحاب من سباق الترشح من أجل تنظيم أمم إفريقيا 2025، وكأن الـ"الكاف" يريد أن يقول للجارة الشرقية أن "دخول الحمام ليس كخروجه"، وبالتالي وجب انتظار إعلان النتائج النهائية لهذا السباق، حتى يعلم الجميع الوزن الحقيقي لـ"الجزائر" بين دول إفريقيا، وسط احتمال عدم حصولها على أي صوت، بالنظر إلى إجماع الكل على قوة الملف المغربي.
أما ما تبقى من فصول هذا السيناريو، والذي سيشكل صدمة كبرى بالنسبة لكل الجزائريين، حكومة وشعبا، فسيكون مع انطلاقة بطولة أمم إفريقيا التي ستنظم بداية سنة 2025 بالمغرب، التي ستكون مجرد "بروفة" إعدادية لمونديال 2030، حيث ستؤكد المملكة الشريفة للعالم بأسره أنها بلد التحديات الكبرى، وأنها قادرة على تنظيم أي حدث مهما كان حجمه، وأن ما نظم من قبل في "الجزائر" يبقى مجرد فقاعات منفوخة إعلاميا، حيث يرتقب أن تكون دورة 2025 أفضل نسخة من نسخ هذه البطولة على مر التاريخ.
لكل هذه الأسباب، اضطرت الجزائر إلى الانسحاب من هذا السباق خوفا من فضيحة "التصويت"، بعد أن فقدت كل الأمل في اللعب بلغة المال من أجل انتزاع هذا الشرف، بل وحاولت الضحك على ذقون شعبها من خلال تبرير هذا الانسحاب، بالرغبة في تطهير البيت الداخلي، والاهتمام بالشأن الكروي الداخلي.. وحتى إن رفضت الجارة الشرقية الاعتراف بهذه الهزيمة التي تنضاف إلى سلسلة من الهزائم التي تكبدتها سابقا، بفعل قوة الدبلوماسية المغربية، فهي على يقين تام في قرارة نفسها أنها لن تفوز مستقبلا في أي معركة يكون فيها المغرب خصمها المباشر..
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
ترامب وحقبة الشرق الأوسط الجديد
تتردد شائعات حول انسحاب الولايات المتحدة من سوريا منذ سنوات في أجندة الرأي العام الدولي. وفي فبراير الماضي، كشفت تقارير استخباراتية أن واشنطن تعمل هذه المرة على تسريع العملية بشكل جاد. ورغم أن الانسحاب يتم بشكل تدريجي بحجة مخاوف أمنية تتعلق بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إلا أن السبب الحقيقي مرتبط مباشرة بالمخاطر والضغوط التي يمارسها الكيان الصهيوني واللوبي اليهودي في أمريكا. فالكيان الصهيوني يخشى من التزام قسد بالاتفاقيات مع حكومة دمشق، ويشعر بقلق بالغ من تزايد نفوذ تركيا، التي تُعتبر الفاعل الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار في سوريا.
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان على دراية بالخطط القذرة، فقد كان مصمما على عدم الانجراف لهذه اللعبة. فاللوبي الصهيوني يسعى إلى تحريك مسلحي «داعش» والميليشيات الشيعية، وتنظيم وحدات حماية الشعب (YPG) والأقليات الدرزية، أو العلوية في المنطقة، لتحويل سوريا إلى «لبنان جديدة»، ثم جر القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) إلى هذه الفوضى. لكن يبدو أن إدارة ترامب تقاوم هذا السيناريو بقوة.
حصل ترامب على الفرصة لتنفيذ خطته الاستراتيجية للانسحاب ليس كـ»تراجع»، بل كإعادة تموضع
فعندما أراد ترامب الانسحاب من سوريا في 2019 خلال ولايته الرئاسية الأولى، تمت إعاقة هذه الخطوة من قبل المحافظين الجدد الموالين للكيان الصهيوني، واللوبي اليهودي المؤثرين في الدولة العميقة الأمريكية. وشملت الضغوط على ترامب حججا عدة مفادها، أن الانسحاب سيعود بالنفع على إيران وروسيا، ويعرض أمن الكيان الصهيوني للخطر، بالإضافة إلى مخاطر تدخل تركيا، ضد أي «دولة إرهاب» قد تقام في المناطق الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب. في ذلك الوقت، لم يكن ترامب يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة هذه الضغوط، فلم يستطع تنفيذ استراتيجية الانسحاب، لكن اليوم، اختفت معظم المبررات التي حالت دون الانسحاب، فقد تم احتواء تهديد «داعش»، وأقامت تركيا توازنا جديدا على الأرض عبر عملياتها العسكرية، كما أصبحت مكاسب إيران وروسيا في سوريا قابلة للتوقع، ولم يتبق سوى عامل واحد، وهو استراتيجيات الكيان الصهيوني المعطلة. حتى الآن، تشكلت خطة «الخروج من سوريا» لصالح ترامب سياسيا داخليا وخارجيا، وقد أضعف ترامب بشكل كبير نفوذ المحافظين الجدد، واللوبي الصهيوني مقارنة بفترته الأولى. كما أن مطالب الكيان الصهيوني المفرطة، يتم تحييدها بفضل الدور المتوازن الذي يلعبه الرئيس أردوغان.
وهكذا، حصل ترامب على الفرصة لتنفيذ خطته الاستراتيجية للانسحاب ليس كـ»تراجع»، بل كإعادة تموضع تتماشى مع الاستراتيجية العالمية الجديدة للولايات المتحدة. لأن «الاستراتيجية الكبرى» لأمريكا تغيرت: فالشرق الأوسط والكيان الصهيوني فقدا أهميتهما السابقة. يعتمد ترامب في سياسة الشرق الأوسط للعصر الجديد على نهج متعدد الأقطاب، لا يقتصر على الكيان الصهيوني فقط، بل يشمل دولا مثل تركيا والسعودية وقطر والإمارات ومصر وحتى إيران. وهذا النهج يمثل مؤشرا واضحا على تراجع تأثير اللوبي اليهودي، الذي ظل يوجه السياسة الخارجية الأمريكية لسنوات طويلة. وإلا، لكانت الولايات المتحدة قد تخلت عن فكرة الانسحاب من سوريا، وعززت وجودها على الأرض لصالح الكيان الصهيوني، ما كان سيؤدي إلى تقسيم البلاد وتفتيتها إلى خمس دويلات فيدرالية على الأقل. لكن ترامب، خلال الاجتماع الذي عُقد في البيت الأبيض في 7 أبريل بحضور رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو، أعلن للعالم أجمع أن تركيا والرئيس أردوغان هما فقط الطرفان المعتمدان في سوريا. كانت هذه الرسالة الواضحة بمثابة رسم لحدود للكيان الصهيوني واللوبي الصهيوني في أمريكا.
ينبغي عدم الاستهانة بخطوات ترامب، ليس فقط في ما يتعلق بالانسحاب من سوريا، بل أيضا في تحسين العلاقات مع إيران بالتنسيق مع تركيا وروسيا. هذه الخطوات حاسمة، وقد تم اتخاذها، رغم الضغوط الشديدة من اللوبي اليهودي الذي لا يزال مؤثرا في السياسة الأمريكية. ولهذا السبب، يتعرض ترامب اليوم لانتقادات حادة من الأوساط الصهيونية والمحافظين الجدد، سواء داخل أمريكا أو خارجها.
المصدر: القدس العربي