محافظ الغربية يشهد الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
شهد الدكتور طارق رحمي محافظ الغربية، عقب صلاة المغرب، احتفال مديرية الأوقاف بمناسبة الذكرى العطرة للمولد النبوي الشريف مولد النبي الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من داخل رحاب المسجد الأحمدي بطنطا، وذلك بحضور الدكتور أحمد عطا نائب محافظ الغربية، العميد هاني عامر المستشار العسكري، العقيد أحمد عز الأمن الوطني، المهندس علي عبد الستار السكرتير المساعد، فضيلة الشيخ خالد خضر وكيل وزارة الأوقاف، فضيلة الشيخ عبد اللطيف طلحة رئيس المنطقة الأزهرية بالغربية، ولفيف من القيادات الدينية والتنفيذية والشعبية وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ بالمحافظة.
بدء الاحتفال بتلاوة قرآنية تلاها الشيخ محمد يحيى الشرقاوي، ثم ألقى وكيل وزارة الأوقاف الشيخ خالد خضر كلمة تحدث فيها عن مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وسيرته العطرة والدروس المستفادة منها، وضرورة التأسي بخلقه الكريم في تعامل الناس مع بعضهم البعض، واتباع منهج النبي محمد في الوسطية والاعتدال والرحمة والتواضع.
وفي ختام كلمته، دعا وكيل وزارة الأوقاف المولى عز وجل، أن يعيد علينا هذه الأيام بالخير واليمن والبركات، وأن يحفظ مصر وأهلها، وأن يديم علينا الأمن والأمان، واختتمت الاحتفالية بتقديم ابتهالات دينية ومدائح نبوية قدمها الشيخ محمد جاد.
ووجه المحافظ التهنئة لأهالي الغربية بهذه المناسبة العطرة، داعيا المولى عز وجل أن يحفظ مصرنا الحبيبة، قيادة وشعبا من كل مكروه وسوء، وأن يديم الفرح والسرور على الجميع.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: محافظ الغربية صلاة المغرب
إقرأ أيضاً:
فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
الصيام، كما هو معلوم، ليس امتناعًا عن الطعام والشراب فقط، إنما هو تهذيب للنفس وتقريب لها إلى الله سبحانه وتعالى، فكيف يمكن للمسلم، من خلال الصيام، أن يحقق المقصد الروحي والأخلاقي؟
فريضة الصيام اختصها الله تبارك وتعالى بفضائل ولطائف، وأودع فيها من الأسرار والحكم ما لا يوجد في غيرها، ولذلك قال: «الصوم لي وأنا أجزي به»، وقد بين ربنا تبارك وتعالى عظيم منزلة الصيام حينما قال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»، واختصّه بأفضل الشهور وأعظم المناسبات، وهو الشهر الذي حصل فيه أعظم حدث في تاريخ البعثة المحمدية والرسالة الخاتمة، وهو إنزال القرآن الكريم، ولذلك، لما عرّف به، قال: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ».
فكيفما نظرنا إلى شهر الصيام وإلى هذه الفريضة، فإننا سنجد أنها تورث العبد تزكية لا تحققها له أي وسيلة أخرى؛ لأن الصيام عبادة تَزكية، فهو كفّ وامتناع وإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس، أما سائر الشعائر التعبدية، فهي أعمال وأفعال تُؤدَّى، فقد تكون أعمالًا بدنيةً، أو ماليةً، أو بدنيةً وماليةً معًا، وهكذا تتفاوت هذه العبادات في تزكية نفس المكلَّف والارتقاء بطبعه وتهذيبه، وسموّه ليكون من عباد الله الصالحين.
أما الصيام، فلأنه عبادة تركية، يحمل معنى الكفّ والامتناع، فإن رياضة النفس فيه أبلغ، إذ يمنع الإنسان نفسه عما هو في أصله مباح، في هذا الوقت المحدد، لا لشيء إلا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدم من ذنبه»، فالمكلَّف يفعل ذلك ابتغاء رضوان الله تبارك وتعالى، إيمانًا وطاعةً وانقيادًا، واحتسابًا للأجر منه جل وعلا وحده.
وحينما يوجّه قصده إلى الله تبارك وتعالى، فإنه يتمكن بفريضة الصيام من أن يأخذ بهذه النفس إلى ما فيه رضا الله تبارك وتعالى، بعيدًا عن أهوائه وشهواته ورغباته، وبعيدًا عن زخارف الحياة الدنيا وما يمكن أن يصرفه عن طاعة الله تبارك وتعالى، ليثبت أنه قادر على أن يأخذ بها إلى الصراط المستقيم، وأن يترك عادات ألفها، وجملةً من المباحات التي كان يظن أنه لا يستطيع أن يتخلى عنها، فيسمو فوق ذلك كله، فيمسك نفسه عن شهواتها، ويمسك بصره ولسانه ويده عن كل ما يسخط الله تبارك وتعالى.
هذا من حيث ماهية الصيام، أما من حيث الظرف الزمني، فإنه سبيلٌ آخر تحقق للصائم ما لا يخفى من التزكية والتهذيب والرياضة للنفس، ذلك أن شهر رمضان هو شهر الرحمة والمغفرة، وهو الشهر الذي أنزل الله تبارك وتعالى فيه القرآن، وهذا أعظم حادثة، إلى درجة أنه لما عرّفنا بشهر الصيام، لم يُعرّف إلا بهذا الوصف، فقال: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ».
ولذلك، فإن الصائم يحيا بالقرآن الكريم؛ لأن المسلم في حقيقته إنما روحه القرآن الكريم، والقرآن روح هذه الحياة، ولذلك، فإن اجتهاد المسلم في الحياة مع القرآن وبالقرآن، حفظًا وتلاوةً وتدبرًا وسماعًا، يزداد في شهر رمضان، ومن لم يزده رمضان إقبالًا على القرآن، فإنه محروم، إذ لا تتحقق له معاني الصيام من التزكية والتهذيب وتقوى الله تبارك وتعالى.
ومعايشته لكتاب الله تبارك وتعالى في رمضان، ليلًا وأطراف النهار، تورثه مزيدًا من القرب من ربه جل وعلا، وتنعش نفسه، وتجدّد له إيمانه، وتوقظ فيه مراقبته لله تبارك وتعالى، فيتَبَصّر بحقائق هذه الحياة والمنقلب الذي سيؤول إليه، وتبيّن له حقوق الله تبارك وتعالى عليه، ثم حقوق نفسه، ثم حقوق الناس عليه بمختلف مراتبهم.
أما أثر ذلك على نفسه، أي الآثار المعنوية، فهو صقل لهذه النفس، وإزالة للشوائب التي تراكمت طيلة العام، فإذا به في رمضان، حينما يقف في محرابه قيامًا لليل أو تلاوةً لكتاب الله عز وجل في أي ساعة من ليل أو نهار، يزيل عن نفسه هذا الغبار المتراكم، ويصفي قلبه ونفسه، ويشرح صدره لهدايات القرآن، فيعيش في نور القرآن، ويعيش مع القرآن وبالقرآن لفظًا ومعنى، ليستمدّ منه ما يعينه في حياته كلها، ليراجع به ماضيه، وليتهيّأ به لمستقبله وقادم أيامه.
قد تكون لدى الإنسان وعورة في الأخلاق، سواء كان رجلًا أو امرأةً، ويتصرف معها تصرفًا نفعيًا، لكن إذا جاء شهر رمضان، وجد نفسه مضطرًا إلى اعتبارها أخلاقًا مطلقةً، ويتعبد بها لله سبحانه وتعالى، فهل يمكن أن يكون هذا نوعًا من المراجعة لمسالك الأخلاق؟ خاصة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الإثم ما حاك في الصدر، وكرهت أن يطلع عليه الناس»؟
إن لم يكن رمضان محققًا لهذا المعنى الجليل الذي تسألون عنه، فمتى يمكن لهذا العبد أن يصحح تصوره عن الأخلاق؟ ذلك أن الأخلاق في هذا الدين الحنيف ليست من الفواضل، وليست مما يمكن أن يجعله المسلم -كما يقال- في هامش حياته، بل هي منهج حياة، والأخلاق هي جوهر العبادات التي يؤديها المسلم لربه تبارك وتعالى، فيروض نفسه على الخلق الحسن، ويبتعد عن الفحش وعن مقابلة السيئة بمثلها، ليذكر نفسه ويذكر غيره، إن سابه أو شاتمه أو قاتله، بقوله: «إني صائم».
فهو يبتعد عن كل أنواع الفحش والبذاءة، وكما يبتعد في المقابل عن الخنا وما يسخط الله تبارك وتعالى من السفاهة ولهو الحديث، كل ذلك يتحقق له إن كان صائمًا حقًّا، ولا يعدل رمضان شيء في تزكية أخلاقه وصفاء نفسه، لكن هذا لا يعني أن ذلك يحصل له دون عناء منه؛ لأن هذه النفس قد تجتمع فيها نوازع الشر، ويمكن أن تستبدّ بها الشهوات، وقد يغلبه حب السيطرة والأثرة والانتصار للنفس، وما يوسوس به إليه الشيطان من عدم قبول الضيم، فإذا به يخوض مع الخائضين في بذاءة القول، وفي الإغلاظ على الآخرين في غير موجب شرعي أو الإساءة إليهم.
فهذه مداخل للشيطان يفسد بها عليه أخلاقه، فعلى الصائم أن يكون مراقبًا لنفسه، مراقبًا للسانه، مراقبًا لجوارحه، آخذًا بجوارح نفسه إلى ما يرضي الله تبارك وتعالى من القول الحسن، والخلق الجميل، والأدب الرفيع.
وأنا هنا أذكر إخواني من أهل عُمان؛ نظرًا لأن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قلدهم شهادة عظيمة، حينما أرسل أحد أصحابه إلى حي من أحياء العرب فسبّوه وشتموه، فرجع إليه، فقال له عليه الصلاة والسلام: «لو أن أهل عُمان أتيت، ما سبّوك وما ضربوك»، هذا تاج توّجنا به رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فيجب علينا أن نحافظ عليه، وأن نزداد خُلقًا وأدبًا، وأن نحسن أخلاقنا، وأن نرتقي بها، وأن ننتبه لما يمكن أن يؤثر على قيمنا وأخلاقنا وآدابنا الحسنة الجميلة من مؤثرات معاصرة.
وأن نغرس هذه الأخلاق والآداب والقيم لدى ناشئتنا، نعلمهم إياها، ونعرفهم بها، وأن نكون لهم قدوة فيها، وأن ننبههم عليها حينما يخطئون، وأن نريهم هذه الأخلاق والقيم في واقع حياتنا، هذا كله يسهل علينا في رمضان؛ لأن شهر الصيام فيه كسر لكل الشهوات.
وحينما يصفي المرء نيته وقصده لله تبارك وتعالى، فإذا ارتاضت هذه النفس على الأخلاق الجميلة الحميدة، وعلى الآداب الطيبة والقيم الرفيعة، فإنه يسهل عليها بعد ذلك أن تكون على خُلق قويم وآداب رفيعة في كل أحوالها، فرمضان وهذا المعنى الذي ذكرتموه هو مدرسة عالية ورفيعة للأخلاق والقيم والآداب الإسلامية السامية.