تمكّن فريق بحثي دولي بقيادة علماء برازيليين من الكشف عن حفرية جديدة لكائن عاش قبل أكثر من 265 مليون سنة، أي قبل عصر الديناصورات بأكثر من 40 مليون سنة، وكان على رأس السلسلة الغذائية في أميركا الجنوبية بالكامل.

وللتوصل إلى تلك النتائج، التي نشرت في دورية "زولوجيكال جورنال" التابعة للجمعية اللينيانية اللندنية -وهي جمعية علمية مكرسة لدراسة ونشر البيانات المتعلقة بالتاريخ الطبيعي تأسست في 1788- فقد قام الباحثون بدراسة متفحصة لحفريات وجدت في منطقة ساو غابرييل الريفية، جنوب البرازيل، تمثلت في جمجمة كاملة بطول 40 سنتيمترا، وبعض العظام الهيكلية؛ مثل: الأضلاع.

وحش أميركا الجنوبية

وقد تبين للفريق البحثي أن هذا الحيوان، الذي سُمي "بمبافونوس بيكاي" (Pampaphoneus biccai) كان وحشا غريب الشكل أثار الخوف لدى كل ما مر بطريقه من كائنات، وكانت له أنياب كبيرة وحادة يمكن أن تمسك الفريسة بقوة شديدة، بل وتشير الدراسة إلى أن أسنانه كانت قوية بما يكفي لمضغ العظام نفسها.

طول بمبافونوس بيكاي وصل إلى أكثر من 3 أمتار مع وزن يساوي نصف طن تقريبا (يوريك ألرت)

وقد وصل طول بمبافونوس بيكاي إلى أكثر من 3 أمتار مع وزن يساوي نصف طن تقريبا، وحسب الدراسة فقد كان أكبر حيوان مفترس بري في العصر البرمي، وهو العصر الذي امتد بين 298.9 و47 مليون سنة في الماضي.

وقد انضم بمبافونوس إلى عائلة سُميت الدينوسيفاليا (أو أصحاب الرؤوس الرهيبة)، وكانت مجموعة من الكائنات ذات أجسام متوسطة إلى كبيرة، ورؤوس قوية سميكة مع نتوءات عظمية بارزة كثيرة، تنوعت في نمط طعامها بين اللاحم والعاشب.

وقد رُصدت حفريات هذه الكائنات في كلٍّ من: روسيا والصين والبرازيل وجنوب أفريقيا، وتبين أنها عاشت قبل انقراض العصر البرمي، وهو أكبر انقراض معروف في تاريخ الأرض، حيث اختفت 9 من كل 10 كائنات حية، ويعتقد العلماء أنه حصل على مراحل عدة، اشتملت على ثوران براكين، وتغيرات مناخية، واصطدام نيزكي.

بحسب بيان صحفي رسمي نشرته جامعة هارفارد المشارِكة في الدراسة، فإن هذه هي العينة الثانية التي يكتشفها العلماء لـ "بمبافونوس"، حيث أعلن عن الأولى في دراسة نُشرت بدورية وقائع الأكاديمية الوطنية (الأميركية) للعلوم، المعروفة اختصارا باسم "بناس"، لكن رغم ذلك فإن العينات الأخيرة أكبر من الأولى، وكانت محفوظة بشكل جيد، الأمر الذي قدّم معلومات قيمة حول نمط حياة هذا الكائن.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

فوكوزاوا يوكيتشي.. رائدُ الحداثة اليابانية

 

 

 

أحمد الرحبي

 

شكَّل العصر الحديث بمفهومه الحضاري والعلمي وبما حققه من نقله في المجتمعات في العالم من النشاط الزراعي إلى النشاط الصناعي والمعتمد على العلم، وما شكَّله بعد ذلك من انقطاع ما بين هذا العصر والعصور السابقة في فهم الحياة وكُنه مفاهيمها وأسرارها والتصدي للأسئلة وصياغة الاستنتاجات حول المسائل الجدلية للحياة، فهمًا وكُنهًا نابعًا من منطلق العلم وخاصة العلم التجريبي، لا الخرافة.

هذا الأمر وسَّع مدارك الإنسان في العصر الحديث، مُعزِّزًا ثقته بالمنهج العلمي، الذي أتاح له فك مغاليق الطبيعة وأسرارها، مما قاده إلى تحقيق فتوحاته العلمية وتسجيل براءة اختراعاته واكتشافاته التي سهلت حياة الملايين في العالم، وحققت رفاهة العيش لإنسان العصر الحديث، لقد شكل العصر الحديث بالنقلة العلمية والحضارية التي استطاع أن يحققها العالم الغربي بالمفهوم العلمي المجرد، تحديا لبعض الشعوب في العالم، ومن ضمنهم العرب.

وكان للعرب رائدهم الذي حاول في بدايات ما سمي بالنهضة العربية، المُجهضة في القرن التاسع عشر، التعرف على هذا الغرب وسط الفورة الحضارية والعلمية التي يقودها، وفهم حياته وسبر مفاهيم الحياة وطرق العيش والإنجاز والعطاء فيها، مثل المهمة التي أنجزها رفاعة الطهطاوي، وهو الأزهري المُغرق في مفاهيمه التقليدية، لكن أُتيحت له فرصة الذهاب إلى فرنسا والعيش والانغماس في المجتمع الباريسي، مُسجلًا بذكاء ملاحظاته التي لا تخلو من إعجاب بهذا المجتمع في طرق عيشه وأسلوب الحياة المنفتح، وهي ما عُدت- هذه الانطباعات التي سجلها الطهطاوي- في حينه تجاوزًا للصدمة الحضارية التي عاشها المشرق العربي، على وقع المدافع الفرنسية التي دكَّت مدينة القاهرة وثلمت أنف أبو الهول، ضمن النتائج الجانبية، أثناء غزو نابليون بونابرت لمصر الذي جاء بقضه وقضيضه من جنود وعلماء؛ جنود يحاولون أن يُخضِعوا الحياة المصرية، وعلماء يدرسون كل تفاصيل هذه الحياة.

ومثل ما كان للعرب رائدهم، فإن للشعوب والأمم الأخرى روادها أيضًا، وحتى صدماتها من الحداثة، لكن ربما الفرق بينهم وبين العرب، أن بعض هذه الشعوب والأمم، تجاوزت المنعطف الصعب للصدمة الحضارية، إلى النجاح في اعتناق المفهوم العلمي والحضاري، الذي جعلهم ينخرطون في ركب الحداثة، ويحققون مساهمات وإضافات علمية، بعكس العرب الذين توقف بهم الحال بعد فشل نهضتهم العلمية وعدم تجاوزهم للصدمة الحضارية، مما جعلهم مجرد مستهلكين بدون إضافة يقدمونها.

ويعد فوكوزاوا يوكيتشي المُعلِّم الياباني الذي دعا الى المعرفة المستمدة من الحضارة الغربية خلال عهد ميجي (1868- 1912) والمؤسس لمدرسة كايو جيجوكو (جامعة كايو الآن)، من ضمن هؤلاء الروَّاد الأفذاذ، الذين أفادوا شعوبهم وأثروها بالعلم والمعرفة المعاصرين، والذي يمكن القول عن سيرته إنها ترجمة لتجربة التحديث اليابانية ونجاحها على الرغم من المعوقات التي واجهتها. لقد قام فوكوزاوا يوكيتشي، وفي فترة كان اليابانيون خلالها يجهلون العالم تقريبًا مثلما يجهلهم العالم بتعليمهم أولًا الوضع العام للعالم، ثم أدى دور رائدهم الأكثر بروزا في دراسة الفنون والعلوم الغربية وبدأ في تعليمهم الخطوط العامة لتاريخ العالم وجغرافيته والمبادي الأولية للفيزياء والكيمياء وعلم الفلك وأساليب مسك الدفاتر وعلم التكتيك العسكري في الحروب الميدانية وحصار القلاع وصنع بندقيات المشاة واستخدامها وقد جمعت كتاباته في سبعة عشر مجلدا من القطع الصغير، تعكس تنوع المجالات التي تناولها واتساع نطاقها وتملكه لناصيتها.

ويعبر هذا الرائد العظيم عن فخره، في مذكراته، بما تقوم به اليابان من سعي حثيث لمعانقة حداثة العصر، والثمار التي جنتها في مجال النقل البحري، على سبيل المثال، والذي كان في ذلك الوقت يقوم اعتماده على الطاقة البخارية، يقول فوكوزاوا يوكيتشي: "فيما أتأمل كل شعوب الشرق الأخرى، على نحو ما هي عليه اليوم، يساورني الشعور بالاقتناع بأنه ليست هناك أمة أخرى لديها المقدرة أو الشجاعة على الإبحار بسفينة بخارية عبر المحيط الهادئ بعد فترة خمس سنوات من الخبرة في الإبحار والهندسة. ولا يقتصر على الشرق بروز هذا الإنجاز كعمل لم يسبق له مثيل من أعمال المهارة والجرأة".

وحتى إمبراطور روسيا بطرس الأكبر، الذي مضى إلى هولندا لدراسة الملاحة، لم يستطع بكل إنجازاته أن يصل إلى ما يعادل هذا الإنجاز الذي حققه اليابانيون في هذه المغامرة الكبرى.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • قريباً.. طماطم وباذنجان بعصارة أكثر وحجم أكبر
  • ‏أَلَّا تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ
  • موعد ومكان عزاء المخرج محمد الشال
  • وزيرة التضامن: الطفل الذي يدخل الحضانة صغيرا يكون تحصيله ووعيه أكبر
  • فوكوزاوا يوكيتشي.. رائدُ الحداثة اليابانية
  • البابا كيرلس السادس.. قديس العصر الذي أسر قلب الزعيم عبدالناصر
  • قريباً..طماطم وباذنجان بعصارة أكثر وحجم أكبر
  • عادات وتقاليد رمضان بالقاهرة في العصر المملوكي
  • المثقف في العصر الرقمي .. بين الضياع والبحث عن دور
  • الطيور تتنفس البلاستيك.. ما الذي يعنيه ذلك للبشر؟