لجريدة عمان:
2025-02-07@08:47:48 GMT

إضراب عمال صناعة السيارات وتغير المناخ

تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT

يؤكد أول إضراب ينظمه اتحاد عمال صناعة السيارات على الإطلاق ضد ما يسمى «الثلاثة الكبار» (جنرال موتورز، وفورد، وستيلانتس الشركة المالِـكة لكرايسلر) على ضرورة المواءمة بين العمل المناخي، والنمو الاقتصادي، وحقوق العمال. الواقع أن السياسات العامة الرامية إلى زيادة إنتاج ومبيعات المركبات الكهربائية قادرة على تحفيز الإبداع والاستثمار من جانب القطاع الخاص على النحو الذي يعود بالنفع على العمال، لكن تحقيق هذه الإمكانية يتطلب فهمًا جديدًا للدور الذي تضطلع به الحكومة من جانب والعمال من الجانب الآخر في دفع عجلة التغيير الاقتصادي الإيجابي على نطاق واسع.

وفي حين أوضح اتحاد عمال صناعة السيارات أنه لا يعارض التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، فإنه يصر على أن هذا التحول يجب أن يشمل إيجاد فرص عمل جيدة أو الحفاظ على الفرص القائمة.

يتمثل المغزى الأشمل هنا في أن «التحول الأخضر» سيفتقر إلى الدعم السياسي اللازم للخروج من مرحلة البدء ما لم يجلب عدالة أماكن العمل والعدالة الاقتصادية بشكل كامل. من دون ريب، الحكومات وحدها تملك القدرة على دفع عجلة هذا التحول الاقتصادي وضمان عمله على تحسين حياة الطبقة العاملة. وإليكم ماذا يتوجب على الحكومات أن تفعل. أولا: تستطيع الدول، بل ينبغي عليها، أن تبذل مزيدا من الجهد لتحديد الاتجاه العام للاستثمار، والإبداع، والنمو. فمن خلال صياغة غايات أو «مهمات» مناخية جريئة تنطوي على أهداف طموحة قابلة للقياس، يصبح بوسعها حشد الاستثمارات العامة والخاصة وتحفيز الإبداع عبر مختلف القطاعات. بطبيعة الحال، سوف تعمل المهمات المرتبطة بالمناخ -مثل التخلص التدريجي من محركات الاحتراق الداخلي، أو إزالة الكربون من شبكة الطاقة، أو تقليل المحتوى المادي من الصلب (كما فعلت ألمانيا)- على تعزيز الكفاح ضد تغير المناخ وإيجاد فرص هائلة للشركات التي توائم أعمالها بما يتماشى مع الأهداف ذاتها. ولكن لكي ينجح هذا النهج في الإطار الزمني الذي أعطانا إياه علماء المناخ، فإن الشركات تحتاج إلى ذلك القدر من التركيز والاضطرار المعهود في عمليات التعبئة في زمن الحرب. كثيرا ما حفّزت مثل هذه المناسبات من قَـبل الإبداع وساعدت في حشد الاستثمارات الخاصة على نطاق واسع. الواقع أنها، في لحظات جوهرية في التاريخ، عملت على تعزيز تقدير العاملين العاديين الكادحين على نطاق أوسع انتشارا. من الأمثلة البارزة في هذا الصدد المساهمة التي قدمها والتر روثر، مؤسس اتحاد عمال صناعة السيارات (ذات النقابة العمالية المضربة اليوم) أثناء الحرب العالمية الثانية.

كان روثر يمقت الفاشية ويرى فرصة للعمال. في عام 1940، وتحت قيادته، نجح اتحاد عمال صناعة السيارات في المطالبة بأن تتحول شركات صناعة السيارات الأمريكية إلى حالة الإنتاج في زمن الحرب وفقًا لجدول زمني أسرع كثيرا مما اقترحته الإدارة. لو لم يتخذ الاتحاد ذلك الموقف الاستباقي، فربما كانت التعبئة الأمريكية للحرب لتستغرق وقتًا أطول كثيرا -أو لعلها كانت لتفشل تماما.

ثانيا: الحكومات قادرة على تحديد شروط الوصول إلى التمويل العام لإلزام الشركات المتلقية بتنفيذ سياسات عمل عادلة، والحد من عمليات إعادة الشراء من جانب المساهمين، ومواءمة عملياتها مع الأهداف المناخية، وإعادة استثمار الأرباح في العمال ومشروعات البحث والتطوير. وقد يشمل هذا إعادة تخصيص إعانات الدعم القائمة على تحفيز قطاع السيارات والقطاعات المرتبطة به على التحول بما يتماشى مع التحول الأخضر. وتشكل الشروط المفروضة على المنح العامة، والاستدانة أو الاستثمارات في الأسهم، والمزايا الضريبية، وغير ذلك من الحوافز، أدوات قوية لتعظيم خلق القيمة العامة.على سبيل المثال، يشتمل قانون الرقائق الإلكترونية والعلوم وقانون خفض التضخم في الولايات المتحدة على بعض فقرات «حواجز الحماية» التي تحد من عمليات إعادة شراء الأسهم من جانب المساهمين وتحدد المتطلبات في ما يتعلق بتقاسم الأرباح، وظروف العمل، والأجور، وتدريب العمال والتلمذة. ولكن على الرغم من أهمية هذه الخطوات، لم تفعل الاستراتيجية الصناعية الحالية في الولايات المتحدة ما يكفي حتى الآن لضمان حصول العمال على القوة الاقتصادية الكافية. ويُـعَـد القيام بهذا ضرورة أساسية لبناء الدعم واسع النطاق المطلوب للإبحار عبر عملية التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون.

أخيرا، يجب أن تتخلص الحكومات من عادة الاستعانة بشركات استشارية في الخارج، وأن تستثمر بدلا من ذلك في بناء قدراتها الخاصة. وإلا فإنها لن تتمكن من حشد القيادة الضرورية للمواءمة بين النمو، والعمل، والمناخ.

بالعودة إلى مثال الولايات المتحدة، تعكس التشريعات الأخيرة في ما يتصل بالاستراتيجية الصناعية فهمًا معقولًا لهذه القضية، لكنها قدمت فقرات غير متساوية عندما يتعلق الأمر بالعمل. كانت هذه الفجوة صارخة بشكل خاص في قطاع صناعة السيارات. فعلى الرغم من اعتبار العمال «أساسيين» ومطالبتهم بالعمل في بيئات عالية المخاطر أثناء جائحة كورونا 2019 «كوفيد-19»، لم يكن تقاسم أرباح شركات صناعة السيارات مع قوة العمل عادلا -على الرغم من الدعم الحكومي الكبير الذي تلقته هذه الصناعة في أعقاب الأزمة المالية عام 2008. الآن، تهدد هذه الثغرات التي تعيب تدابير حماية العمال الجدوى السياسية من التحول الأخضر برمته.

في وقت سابق من هذا العام، أعرب رئيس اتحاد عمال صناعة السيارات شون فاين عن مخاوفه من تحول الأموال العامة التي حشدتها إدارة بايدن في نهاية المطاف عن غير قصد إلى دعم تدمير قوة العمل التي تنتمي إلى الطبقة المتوسطة في صناعة السيارات؛ لأن التحول إلى المركبات الكهربائية لا يُـعطي الأولوية لمعايير العمل لصالح عمال خطوط الإنتاج. ولكن كيف؟ إذا ذهبت إلى مكان مثل لوردستاون في ولاية أوهايو، فسوف تجد أن مصانع تجميع السيارات النقابية التابعة لشركة جنرال موتورز تدفع لعمالها 32 دولارًا في الساعة، أما مصانع البطاريات الـمبنية حديثا (المملوكة جزئيا للشركة ذاتها) فإنها تبدأ بأجر لا يتجاوز 16.5 دولار في الساعة. لا عجب إذن أن يشن اتحاد عمال صناعة السيارات حملة تنظيمية ناجحة هناك. إذا كانت الحكومات راغبة في مكافحة تغير المناخ بفعالية، فيتعيّن عليها أن تحدد اتجاها واضحا للنمو، على أن يكون الاقتصاد المستدام والشامل هو الهدف النهائي. ومن الأهمية بمكان هيكلة التمويل العام والشراكات مع قطاع الأعمال على نحو يسمح بتقاسم المكافآت -وليس فقط المخاطر والمجازفات- المترتبة على التحول مع كل من العمال وعامة الناس في عموم الأمر. الواقع أن ما نقترحه ليس بعيدا عن الأهداف السياسية التي أعرب عنها بوضوح قادة سياسيون مثل الرئيس الأمريكي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتز. ولكن يظل لزاما عليهم أن يقطعوا شوطا أطول. عندما يهتف المحتجون من اتحاد عمال صناعة السيارات في توليدو بولاية أوهايو «لا عدالة، لا سيارات جيب»، ينبغي لصناع السياسات أن يدركوا أن المغزى الضمني الحاسم لهذه الرسالة هو «لا عدالة، لا انتقال».

لدفع الإبداع والابتكار على النطاق اللازم وبالسرعة الكافية لتجنب الكارثة المناخية، يتعين على الحكومات أن تعمل على إنشاء عقد اجتماعي جديد مع الشركات والعمال. ما دمنا ننظر إلى الوظائف الجديدة وحقوق العمال باعتبارها إضافات اختيارية في الكفاح ضد تغير المناخ، فإننا بهذا نخوض معركة خاسرة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من جانب

إقرأ أيضاً:

ولي العهد يطلق تسمية مجمع الملك سلمان على منطقة صناعة السيارات

الرياض

أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله -، عن إطلاق تسمية “مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات” على المنطقة المخصّصة لأنشطة تصنيع السيارات، والواقعة في المنطقة الاقتصادية الخاصة بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية.

وسيكون “مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات”، محطة مهمة في تحقيق التنويع الاقتصادي في المملكة، وممكنًا لقطاع صناعة السيارات وحلول النقل المستدام، بما يُسهم في دعم الناتج المحلي غير النفطي وزيادة الصادرات، وتطوير قدرات القطاع، وتوطين القدرات فيه من خلال تسريع نمو الإمكانات المحلية في التصنيع والأبحاث والتطوير المرتبطة به، وتعزيز كفاءة سلاسل الإمداد مع الأسواق الإقليمية والدولية.

وسيشكل “مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات”، مركزًا رئيسًا للشركات المحلية والعالمية في قطاع السيارات، من أبرزها مصنع شركة “سير”، أول علامة تجارية سعودية للسيارات الكهربائية، وشركة “لوسِد موتورز”، التي افتتحت أولَ مصنعٍ دولي لها في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في عام 2023، إلى جانب العديد من المشاريع المشتركة للصندوق مع المصنعين العالميين منها، “هيونداي موتور” لإنشاء مصنع عالي الأتمتة لتصنيع السيارات بالمملكة، واتفاقية المشروع المشترك مع شركة “بيريللي” لتأسيس مصنع للإطارات في المملكة.

يهدف المجمع الى إيجاد فرص استثمارية مثالية للقطاع الخاص والمشاركة في تطوير قطاعات واعدة في المملكة، والتي من شأنها المساهمة بأكثر من 92 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بحلول عام 2035، وتحقيق أثر إيجابي على ميزان المدفوعات، مع استحداث فرص وظيفة مباشرة وغير مباشرة، ودعم الصناعة المحلية، وزيادة صادرات المملكة إقليميًا وعالميًا، بما ينعكس إيجابيًا على ميزان المدفوعات.

ويستفيد “مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات” من البيئة التشريعية الداعمة للاستثمار التي وفرتها رؤية المملكة 2030، والحوافز الاستثمارية التي تقدمها المنطقة الاقتصادية الخاصة بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية وبنيتها التحتية اللوجستية، وارتباطها بميناء متطور في موقع حيوي للتجارة العالمية، من أجل توفير فرص للقطاع الخاص المحلي والشركات العالمية كشريك ومورّد ومستثمر في قطاع السيارات والخدمات المرافقة.

وسيُسهم “مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات” في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، لتنويع الاقتصاد وتحقيق النمو المستدام، كما سيكون داعمًا رئيسًا لتحقيق أهداف برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية الساعية لجعل المملكة قوة صناعية رائدة، ومركزًا لوجستيًا عالميًا عبر تطوير قطاعات عالية النمو محليًا، وجذب الاستثمارات الأجنبية، إلى جانب دعم أهداف الاستراتيجيات الوطنية للصناعة والنقل والخدمات اللوجستية.

كما يُعد قطاع السيارات والنقل، أحد القطاعات الاستراتيجية ذات الأولوية لصندوق الاستثمارات العامة، حيث تضم محفظة الصندوق العديد من الاستثمارات في قطاع السيارات بالشراكة مع القطاع الخاص، لتعزيز البنية التحتية ودعم تطوير قدرات سلاسل الإمداد المحلية، حيث يستهدف من خلالها دعم تطوير الخبرات والتقنيات المحلية من خلال مشاريع مشتركة مع كبرى الشركات العالمية في مجال تصنيع السيارات والصناعات المرتبطة بها.

https://cp.slaati.com//wp-content/uploads/2025/02/ssstwitter.com_1738843669116.mp4

مقالات مشابهة

  • صناعة النواب: مبادرة تحويل السيارات للعمل بالغاز تدعم الصناعات المحلية
  • «تقرير»: درجات الحرارة التي شهدها شهر يناير أعلى عن الرقم القياسي المسجل في 2024
  • ولي العهد يطلق تسمية مجمع الملك سلمان على منطقة صناعة السيارات
  • جامعة حلوان تنظم المؤتمر العلمي الثامن للملكية الفكرية تحت عنوان«الملكية الفكرية وتغير المناخ»
  • «إعادة إعمار الشمال».. كذبة إسرائيلية تهدد بانفجار أزمة في الأراضي المحتلة
  • نائب رئيس اتحاد عمال مصر: أتوقع تطبيق الحزمة الاجتماعية الجديدة قبل رمضان
  • إضراب عام غدًا وثورة غضب عارمة.. ماذا يجري في مدارس الأونروا؟
  • اتحاد عمال مصر: حزمة الحماية الاجتماعية الجديدة ستكون كبيرة
  • اتحاد «عمال مصر»: رفع الحد الأدنى للأجور يساهم في زيادة قدرة العمال على مواجهة التحديات
  • التسجيل في سجل قيد العمال خلال 30 يوما.. تفاصيل جديدة يقرها مشروع قانون العمل