كيف نجمع تريليونات الدولارات لمكافحة أزمة المناخ؟
تاريخ النشر: 26th, September 2023 GMT
بعد صيف اتسم بالفيضانات القاتلة، والجفاف، والحرائق المصحوبة بالعواصف، انعقدت قمتان في الخريف، قمة مجموعة العشرين وقمة الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم تنجح كلتاهما في تنفيذ الخطة العالمية الموعودة لتمويل جهود التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف مع هذه الآثار. ولكن، وفي الوقت الذي يصدر فيه الزعماء السياسيون بيانات غير ملزمة، فإن حلّّا محتملّا يتمثل جليّا أمام أعيننا، وهو حل قد ينهي أخيرا سلسلة الوعود التي لم يتم الوفاء بها لجنوب الكرة الأرضية وينقذ القمة المقبلة، الدورة الثامنة والعشرون لمؤتمر الأطراف حول المناخ «كوب 28» في نوفمبر وديسمبر.
في العام الماضي، حققت صناعة النفط والغاز في جميع أنحاء العالم حوالي 4 تريليونات دولار، وفقًا لرئيس وكالة الطاقة الدولية. وتعد هذه واحدة من أكبر عمليات إعادة توزيع الثروة من فقراء العالم إلى أغنى الدول النفطية. إن أسعار الطاقة القياسية التي أنتجت هذه المعدلات غير المكتسبة لم تتسبب في ارتفاع معدلات الفقر والدين بشكل كبير في الجنوب العالمي من الكرة الأرضية فحسب، بل إنها أعاقت أيضا عقودا من التقدم في توصيل الطاقة إلى المنازل والقرى والبلدات التي كانت في السابق بدون كهرباء.
دعونا نضع هذا في منظوره الصحيح: أربعة تريليونات دولار هو مبلغ أكبر من اقتصاد المملكة المتحدة بأكمله، ويعادل حوالي 20 ضعفا جميع مخصصات المساعدات الدولية في العالم، ويعادل 40 ضعفا هدف الـ100 مليار دولار سنويًا للجنوب العالمي من الكرة الأرضية الذي تم التعهد به في عام 2009 لعام 2020 ولكن لم يحقق أبدا.
لقد منحت هذه المكاسب غير المتوقعة مصدري الطاقة، بما في ذلك دول الخليج والنرويج، ما يقرب من تريليون دولار من الأرباح من مبيعاتهم الخارجية وحدها، ويُعَد العجز عن إعادة تدوير جزء صغير من هذه المكاسب إلى دول العالم الأشد فقرًا إحدى الفضائح الكبرى في عصرنا.
إن هذه الثروة المفاجئة، التي جمعتها الدول النفطية، يجب أن تكون مثار نقاش رئيسي في قمة المناخ «كوب 28» في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي سيترأسها سلطان الجابر، رئيس شركة بترول أبوظبي الوطنية، التي تعد واحدة من أكبر المستفيدين من هذه المكاسب.
الجابر دعا أغنى البلدان إلى «إظهار الأموال» للوفاء بتعهدات التمويل «التي طال انتظارها»، ولكن بما أنّ المؤتمر يتجه في طريق عدم النجاح بسبب نقص التمويل، فإن الدولة المضيفة لديها الآن المسؤولية والفرصة لتكون المحرّك الأول في تقديم الخدمات لدول جنوب الكرة الأرضية.
إن فرض ضريبة عالمية غير متوقعة بقيمة 25 مليار دولار على أرباح النفط والغاز، والتي تدفعها أغنى الدول النفطية، قد يعادل أقل من 1% من عائدات النفط والغاز العالمية و3% فقط من عائدات التصدير لهؤلاء المنتجين الرئيسيين، وهذه نسبة يمكن لأغنى الدول النفطية أن تتحمل دفعها بسهولة. لقد شهدت الإمارات العربية المتحدة ارتفاع عائدات صادراتها من 76 مليار دولار إلى 119 مليار دولار؛ فهي قادرة على تحمل المساهمة بمبلغ 3 مليارات دولار دون أي تأثير على أسعار الطاقة التي يتكبدها المستهلكون المحليون. وهي ليست وحدها، فمع ارتفاع عائدات صادرات قطر، خاصة من الغاز، من 53 مليار دولار إلى 86 مليار دولار، يمكنها أيضًا أن تتحمل بسهولة 3 مليارات دولار، كما يمكن للكويت أن تفعل ذلك مع زيادة عائدات صادراتها من 63 مليار دولار إلى 98 مليار دولار.واستفادت النرويج كثيرا، حيث ارتفعت عائدات صادراتها بشكل كبير إلى نحو 174 مليار دولار، ويمكنها تحمل ضريبة بقيمة 5.2 مليار دولار. لكن المساهم الأكبر على الإطلاق هو المملكة العربية السعودية، التي حققت مكاسب غير متوقعة بلغت 120 مليار دولار مع ارتفاع عائدات التصدير إلى 311 مليار دولار، والمبلغ الذي ينبغي أن يُطلب منها المساهمة به هو 10.35 مليار دولار.
إنّ ضريبة المكاسب العالمية غير المتوقعة البالغة 25 مليار دولار قد تكون حافزًا للجهات المسببة للانبعاثات التاريخية والحالية للمساهمة بحصتها من التريليون دولار سنويًا المطلوبة الآن لتلبية احتياجات المناخ والتنمية في جنوب الكرة الأرضية من العالم.
ويمكن للبلدان الحاصلة على تصنيف ائتماني ثلاثي AAA أو مزدوج AA+ أن تقدم ضمانات لبنوك التنمية المتعددة الأطراف، والتي يمكنها، بفضل قوة تلك الضمانات، الاقتراض بشروط جذابة من الأسواق المالية. وإذا ما استخدمت بعض الرسوم العالمية غير المتوقعة كضمان، فإن أوروبا وأمريكا الشمالية يمكن أن تقدما 25 مليار دولار من الضمانات التي يمكن للمؤسسات المتعددة الأطراف الاستفادة منها أربع مرات، وبالتالي توفير 100 مليار دولار من الموارد التي يمكن أن تمول التخلص من استعمال الفحم وتوسيع استغلال الطاقة الشمسية، وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة المتوفرة في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ومن الممكن أن يؤدي عرض أكثر طموحا، 100 مليار دولار من الضمانات، إلى توفير 400 مليار دولار من الاستثمارات الجديدة، ساعتها ستتمكن إفريقيا من الحصول على أكثر من نسبة الـ3% الضئيلة من تمويل المناخ المخصص لها.
وبمجرد إضافة الأموال التي أفرجت عنها مبادرة (بريدجتاون) الطموحة، التي اقترحتها رئيسة وزراء بربادوس (ميا موتلي)، وخطة (سامرز-سينغ)، التي من شأنها أن تعيد تمويل بنوك التنمية المتعددة الأطراف بشكل جذري، فإن إجمالي تمويل التنمية، الذي بدأ بفضل المكاسب العالمية غير المتوقعة، يمكن أن يصل إلى تريليون دولار.
ومع بقاء أرباح النفط والغاز مرتفعة، ليس بسبب عرضي، بل بسبب القرار المتعمد الذي اتخذته منظمة أوبك بالاستمرار في تقييد الإنتاج، فليس هناك من الأسباب ما قد يمنع دفع هذه الضريبة على أساس سنوي.
يصادف العام المقبل الذكرى السنوية الثمانين لاتفاقية (بريتون وودز) لعام 1944، وهي الاتفاقية التي أنشئت بموجبها مؤسسة مالية دولية جديدة لإدارة النظام الاقتصادي العالمي، ومع الاستثناء الملحوظ المتمثل في دفع تكاليف عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، لم يتفق أحد آنذاك أو منذ ذلك الحين على كيفية توزيع تحمل تكاليف تمويل الخدمات والعمليات العالمية بين الدول.
ونتيجة لذلك، مرت 14 سنة دون أن يقدم الغرب مبلغ الـ100 مليار دولار سنويًا الذي وعد به للتخفيف من آثار المناخ والتكيف معه، أو إنشاء صندوق الخسائر والأضرار الذي اتفق عليه قبل عام. هناك الآن شكوك حول ما إذا كانت 100 مليار دولار من الأموال الدولية المنفصلة، والمعروفة باسم حقوق السحب الخاصة، سوف تجمع بالكامل. إن المبادرات الناجحة في وقت الأزمات لا تشكل بديلًا لنظام عادل لتقاسم الأعباء، بناء على كمية الانبعاثات القديمة والحديثة وعلى قدرة البلدان على الدفع.
وعلى هذا، إذا كان لمؤتمرات القمة المقبلة أن تتمتع بأي قدر من المصداقية من قبل دول الجنوب العالمي، فلا بد من كسر الجمود الذي أصاب التمويل.
إن تحقيق تقدم كبير في مؤتمر «كوب 28» سوف يكون بعيد المنال دون ممارسة ضغوط مكثفة على الدولة المضيفة لوضع خطة واضحة. ولتسريع هذه المهمة فإن الرئيس البرازيلي (لولا)، الرئيس الجديد لمجموعة العشرين، هو الشخص المناسب لعقد قمة مشتركة بين مجموعة العشرين ومنظمة أوبك لدفع عجلة التغيير. وأخيرا، فإننا نريد أن نقدّم للبلدان التي مزقتها الأزمات «الأمل»، وهو الشيء الذي كان غائبا هذا الصيف ومفقودا من نتائج القمتين الأخيرتين، فالأموال موجودة، ويتعين على زعماء العالم أن يتحلوا بالشجاعة اللازمة لطلبها، عاجلًا غير آجل.
_______________________
جوردون براون: كان رئيسًا لوزراء المملكة المتحدة في الفترة من 2007 إلى 2010. وصدر كتابه الجديد بعنوان «الأزمة الدائمة: خطة لإصلاح عالم ممزق»، الذي شارك في تأليفه محمد العريان ومايكل سبنس، في الثامن والعشرين من سبتمبر.
عن الجارديان البريطانية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ملیار دولار من الدول النفطیة الکرة الأرضیة النفط والغاز غیر المتوقعة
إقرأ أيضاً:
الاتفاق السياسي يُعطل ملف الاستجوابات داخل البرلمان
بغداد اليوم - بغداد
كشف عضو اللجنة القانونية النيابية، محمد عنوز، اليوم الخميس (13 آذار 2025)، عن سبب تعطيل ملف الاستجوابات داخل البرلمان.
وقال عضو اللجنة محمد عنوز، لـ"بغداد اليوم"، ان "هناك ما يقارب (6) طلبات استجواب لوزراء ومسؤولين آخرين لكن هذه الاستجوابات معطلة منذ فترة طويلة بسبب المجاملات والضغوطات السياسية، وهناك شبه اتفاق ما بين بعض الأطراف السياسية المتنفذة على تعطيل هذه الملفات وعدم اكمال الإجراءات فيها".
وأضاف أن "مجلس النواب شبه مشلول بسبب الخلافات السياسية وكذلك الصفقات السياسية، ولهذا الجلسات معطلة منذ اكثر من شهر، ولهذا لا نعتقد ان ملفات الاستجواب سوف ترى النور".
وتابع عنوز ان "عمر الحكومة لم يبقى له إلا أشهر قليلة، خاصة في ظل عدم وجود رغبة سياسية حقيقية لمحاسبة أي من المسؤولين المقصرين".
هذا وكشف عضو لجنة الكهرباء والطاقة البرلمانية، كامل عنيد، يوم الأحد (9 آذار 2025)، عن حراك لاستجواب وزير الكهرباء بسبب الإخفاق في حل أزمة الطاقة.
وقال عنيد، لـ"بغداد اليوم"، إن "وزارة الكهرباء أخفقت وبشكل كبير بحل أزمة الطاقة رغم صرف الأموال الطائلة عليها من عقود واتفاقات وغيرها، ومازالت الأموال تصرف بلا أي حل للازمة وهذا ما يدعو الى مراجعة كل العقود والاتفاقات المبرمة".
واضاف ان "هناك حراك نيابي من قبل نواب من مختلف الكتل والأحزاب من أجل استجواب وزير الكهرباء بسبب استمرار الإخفاق في حل أزمة الطاقة أو تحسين تجهيز المواطنين، خاصة ونحن مقبلين على فصل الصيف، ولغاية الآن الوزارة بلا خطط حقيقية، ولم تنفذ شيء واقعي من المنهاج الحكومي".
وبين النائب ان "اللجان البرلمانية المختصة سوف تعمل على مراجعة كافة العقود والاتفاقات المبرمة من قبل وزارة الكهرباء، وهذا ضمن العمل الرقابي لمجلس النواب العراقي".