وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة المولد النبوي الشريف لهذا العام، من مكتبه في دار الافتاء الجعفري، وجاء في نصها: "كان النبي (ص) صريحا وواضحا بأن حماية الإنسان وتأمين حاجاته وتكريس دوره الأخلاقي والوجودي ضرورة مطلقة في عالم الخلق. ولذلك دعا (ص) الأديان لأن تتلاقى لتقرأ الله ربها، وتبني على المشترك، وتقود المصالح البشرية في سياق اللقاء التاريخي للأديان، والضرورة المحتومة لحضارة الإنسان.

 
 
وهذا ما نريده لهذا البلد المصلوب فوق خشبة الخرائط الدولية الإقليمية، بخلفية تأكيد أخوتنا بالله والوطن، خاصة أن روح الدين تجمع ولا تفرق، كما أن الرسالات السماوية تتفق على الرحمة والمحبة والنزاهة والخير، وإدانة الظلم والفساد والطغيان والشر.  
 
وبلدنا لبنان يعاني اليوم بشدة ومصيره مهدد، وسط إنهاك دولي وإقليمي لدوره ووظيفته. وهنا بالذات يجب ألا نكون طوباويين، لأننا ضمن واقع وتيارات محلية ودولية وإقليمية هي الأكثر تعقيدا وخصومة، واللعبة الدولية لا تعرف لغة الأديان والطيبة الإنسانية. 

أيها اللبنانيون، بلدكم يعاني من أسوأ قطيعة سياسية تتهدد كيانه ككل، والمطلوب حماية عائلتنا اللبنانية وشراكتنا الإسلامية - المسيحية، وإنقاذ مشروع الدولة، والانتهاء من أسوأ فراغ رئاسي، وهذا الأمر لا يحتاج إلى "توسكانا" أو "فيينا"، بل إلى تسوية وطنية في المجلس النيابي كمؤسسة تمثيلية عليا للبنانيين. 

ولا أبالغ إن قلت: إن الرئيس نبيه بري في هذا المجال فرصة تاريخية، وعدم تلبية الحوار الانتخابي الذي دعا إليه نحر للبلد، وإغلاق لفرصة الإنقاذ، والوقت ينفد، والقضية قضية وطن لا قضية بازار. 
 
وكموقف لصالح العائلة اللبنانية أقول: لبنان شراكة ميثاقية، وعائلة وطنية، واللعب بميثاقية لبنان ليس بصالح أحد، لذلك فإن مستقبل لبنان من مستقبل الحوار، والكارثة التي تهدد البلد توجب علينا التضامن الوطني، بعيدا عن سيناريو قلب الطاولة وغلق الأبواب. 
 
ولأننا أمام لحظة تاريخ وضمير ومصير، أتوجه للقيادات السياسية والروحية وأقول: الحوار الإنقاذي أوجب من الصلاة والصوم، والتلاقي الوطني أوجب الواجبات، والقطيعة كارثة وحرام وخيانة، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر عليه أن يلبي واجب الحوار الإنقاذي؛ والإنقاذ الرئاسي بالمقاييس الوطنية يساوي إنقاذ لبنان، خاصة أن البلد يرزح تحت أسوأ حصار تقوده واشنطن، والساتر الإسرائيلي وسواتر الإقليم والعالم موجودة ومختلطة بزخم، كما أن مفوضية اللاجئين وأوروبا وواشنطن تتعامل مع لبنان كمخيم للنازحين، فيما التمويل الأوروبي الأميركي الأممي لجيوش الجمعيات الملونة يهدد صميم مصالح لبنان وتركيبته الوطنية. وحذار من الهروب، لأن الإصرار على خنق لبنان ماليا واقتصاديا حرب لا حرب بعدها، كما أن رائحة الأحلام القديمة للصهيوني كارثة، والأخطر أن بعض الإعلام الداخلي يقود فتنة طائفية سياسية، يريدها اللاعب الدولي على طريقة الخرائط والمراحل.  
 
لبنان الآن أمام لحظة مصير، والحل بالتضامن الوطني والإنقاذ الحواري. وكمفتاح للدفاع الوطني عن المصالح الوطنية، أقول للحكومة اللبنانية: لا بد من فعل استراتيجي لأن البلد بخطر استراتيجي، ومصير الكيان اللبناني على المحك، وفي هذا السياق فإن الإنقاذ الحكومي لليد اللبنانية والأسواق والقطاع التعليمي والصحي والمعيشي وتأمين مالية الدولة وإنعاش القطاع الاجتماعي وتأكيد الأمن الوطني كل ذلك ضرورة وطنية عليا، كما أن حماية البلد من النزوح بموجتيه الأولى والثانية ضرورة وجودية للبنان، وواجب الحكومة في هذا المجال يكمن بتحويل النزوح إلى عبء على أوروبا، بل إن فتح البحر أمام النزوح هو سلاح سيادي لا يعادله سلاح. 
 
ولمن يهمه الأمر، رغم كل الكوارث التي تم العمل عليها وتنفيذها، فإن لبنان ما زال قويا بإذن الله، وإمكاناته الوطنية كبيرة، وسيادته الكيانية معززة، وزمن التهويد وتوطين المصالح الدولية انتهى؛ وتضحياتنا من أجل الشراكة الوطنية والسلم الأهلي ومشروع الدولة لا نهاية لها. والذي لا يقبل الجدل في سجل تاريخنا الوطني لهذا البلد: لا توطين، ولا تطبيع، ولا سكوت عن خرائط النزوح، ولا تقسيم، ولا فوضى، ولا عداوة طائفية، ولا فراغ للأبد؛ وما يصلح للمسيحي وطنيا يصلح للمسلم وطنيا. ولن نقبل بأي طرح لا شراكة إسلامية - مسيحية فيه. 
 
وفي هذا المجال، المطلوب من الإخوة العرب، أخذ موقف داعم للبنان، بعيدا عن خرائط الإنهاك الأميركي؛ ومن الجيد أن يفهم البعض أن سلم المنطقة من سلم لبنان، ولبنان ركن وثيق بتوازنات المنطقة، واللعب بسلمه سيكون كارثة على المنطقة كلها، وجداول التطبيع ستكون محرقة للمنطقة، وحلم تل أبيب بدور عابر للمنطقة ليس أكثر من حلم إبليس بالجنة، وإسرائيل عدو مطلق وغدة سرطانية والحل باستئصالها وليس بالتطبيع معها؛ والأزمة اللبنانية حلها بيد اللبنانيين، وكما تعانق المسيح ومحمد بمشكاة الرب وكلمة السماء، كذا المسيحية والإسلام، ولا كرامة للبنان إلا بشراكته الوطنية، وسلمه الأهلي، ودولته الجامعة، ونهضته السياسية، وعائلته اللبنانية... وكل عام وأنتم بخير، عشتم وعاش لبنان".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: فی هذا کما أن

إقرأ أيضاً:

السيدة عون: سنفّعل قرار جعل 4 تشرين الثاني يوم المرأة اللبنانية

أقامت السيدة اللبنانية الأولى نعمة عون في قصر بعبدا، لقاء بمناسبة يوم المرأة العالمي تحت عنوان "أنتن قلب المواطنية"، جمع 31 سيدة وشابة لبنانية تميزن في عطائهن ومواجهتهن للتحديات من خلال قيامهن بمبادرات فردية انطلاقا من حسهن الوطني وضرورة الوقوف الى جانب إخوتهن اللبنانيين في مجالات مختلفة.   وفي كلمة له، أكدت عون "عزمها على العمل لتفعيل القرار بجعل يوم 4 تشرين الثاني من كل عام يوم المرأة اللبنانية، لأن لبنان لا يستمر من دونها ولا ينهض إلا بها".   اللقاء الذي جاء عرفانا بشجاعة والتزام النساء اللبنانيات خلال الازمات ودورهن في تعزيز المواطنية، ضم السيدات والشابات: باميلا زينون، ريتا زاهر، هانية زعتري، ياسمين غمراوي زيادة، ماريا طوق، تامار توفنكجيان، ملك ياقوت، غنى صنديد، زهراء سويد، دنيا طوق، حياة الناظر، سندرا سلامة، رشا سنكري، ربى مكارم، رين متلج، سهى منيمنة، اسمهان خليل، مارينا الخوند، سيلفيا ليباريديان، جنان حايك، كارولين حبيش، دانا قيدوح، وحيدة غلاييني، ميرا الهبر، كوثر حرب، كريستينا عاصي، هلا دحروج، ندى افرام حجيلي، ناديا عبد الساتر، ليتيسيا عون، إيمان عساف.     وفي كلمةٍ لها، تحدثت السيدة عون، فشكرت المدعوات على حضورهن للاحتفال في "يوم المرأة العالمي"  وشاركتهن تجربتها بعد انفجار 4 آب من خلال حضورها الى موقع الحدث ومساهمتها وابنتها في جمع المساعدات مع الجمعيات هناك، وقالت: "لقد شاهدت إصرار النساء اللواتي رفضن الاستسلام و بادرن للمساعدة بكل ما اوتين من قوة وإمكانية، وبت على ثقة اننا لا يمكن ان نتكل على المساعدات بل نحن من نصنع المساعدات، ولا تخيفنا الازمات بل نحن من يواجه الازمات، و لبنان سيعود بارادتكن اجمل مما كان".     أضافت: "اليوم، بكل كلمة قلتنها، وبكل قصة شاركتنها، أكدتن لي إن لبنان ليس وطنا فحسب، بل روح صامدة تحيا بكل واحدة منكن. اليوم، لا نكرّم أدواراً، ولا نحتفل بإنجازات فردية، اليوم نعترف بالحقيقة التي يجب ان تقال لبنان بقي صامداً لأنكن أنتن من حملتنه".   وتوجهت للحاضرات بالقول: "أعرف ماذا يعني ان تحمل المرأة وطنا على كتفيها عندما لا يكون احد حاميها. اعرف ما يعني الخوف الذي لا يمكنك ان تظهريه، والمسؤولية التي لا يمكنك الهروب منها. لكني أعرف أيضاً، مثلكن، إن المرأة تصمد عندما تكون وحدها، لكن عندما تكون الى جانب اختها تقوى وتحقق المستحيل".   وختمت: "إذا سيكون هناك غد في لبنان، فسيكون لأن هناك نساء مثلكن يبنينه. وبهذه الروح، وبناء على قرار مجلس الوزراء، سنعمل لتفعيل العمل بجعل  يوم 4 تشرين الثاني من كل عام يوم المرأة اللبنانية، يوما نقف فيه، لنكرّم كل واحدة ناضلت، تعبت، وقدّمت من قلبها لهذا البلد. لأن لبنان لا يستمر من دون المرأة اللبنانية، ولا ينهض إلا بها. لبنان صامد بكن وبفضلكن، وبإيمانكن، وسيظل صامدا لأن قلب المواطنية ينبض فيكن".   وفي ختام اللقاء، التقطت الصور لكل سيدة وشابة من المحتفى بهن مع السيدة عون قبل ان تلتقط الصورة التذكارية الجامعة.                  

مقالات مشابهة

  • سلام: هناك مرحلة جديدة أمام البلد وعلى الحكومة المحافظة على الثقة
  • عون بحث وسفير لبنان في الامارات اوضاع الجالية اللبنانية
  • ملف داهم أمام وزارة العدل.. حل وحيد للموقوفين السوريين في السجون اللبنانية!
  • بعد معارك الساحل السوري.. موجة نزوح جديدة إلى لبنان
  • حكومة سلام غائبة عن أزمة النزوح الجديدة إنها سياسة النعامة
  • قبلان: نريد سلطة تحكم باسم المصالح الوطنية لا مصالح الآخرين
  • رسالة شكر من سماحة المفتي إلى اليمن.. ومناشدة لذوي الضمائر الإنسانية حول العالم
  • رسالة شكر من سماحة المفتي إلى اليمن.. ويناشد ذوي الضمائر الإنسانية حول العالم
  • ضغط ميداني جنوباً وشرقاً على العهد والحكومة والقوى العسكرية
  • السيدة عون: سنفّعل قرار جعل 4 تشرين الثاني يوم المرأة اللبنانية